الإفادة من برنامج لدراسة الملامح التعبيرية للوجه الآدمي من خلال الكمبيوتر كمدخل لتدريس التشكيل النحتي لطلاب التربية الفنية

Abstract

يختلف العصر الحالي كثيرا عما قبله من عصور السابقة، وهذا الاختلاف من شأنه أن يؤثر على كل شيء في الحياة وبخاصة على الفن التشكيلي بفروعه المختلفة: التصويرية والتطبيقية، فأهم شيء يوصف به هذا العصر أنه علمي حيث أستند على ركيزتين أساسيتين هما البحث العلمي والتجريب، وأصبح لا يسلم بكثير من الحقائق إلا إذا اجتازت الاختبار، وصدقتها البراهين، وصارت من القضايا المسلمة التي يؤمن بها سائر البشر، وأصبح من سمات العصور ذلك التصارع الغريب في تطبيق مداخل البحث العلمي في كل شيء. ونتيجة ذلك الصراع ظهر التطور التكنولوجي في جميع المجالات خاصة المجالات المرئية كالكمبيوتر والتليفزيون ووسائل الطباعة الحديثة، فقد أحدث التقدم التكنولوجي طفرة في هذه المجالات كان لها أكبر الأثر في حياتنا سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، وقد تأثر الفن بتلك التطورات الفكرية التي أحدثتها التكنولوجيا بشكل ملحوظ. ( ) حيث يعتبر الفن أيضاً نتاجا للتفاعل بين الإنسان والمجتمع، وتسجيلا للثقافة الإنسانية فالعلاقة مستمرة بين الفن والثقافة والتقدم العلمي والتكنولوجي، حيث أن لكل عصر حضاري أدواته التكنولوجية والوسائط الملائمة لتنفيذ رسائله، بسبب المقومات العلمية والثقافية والأيديولوجية المواكبة.( ) وللكمبيوتر اثر فعال في مختلف مجالات الفن التشكيلي حيث أصبح لغة العصر وقد تغير الفن تغيرا ملحوظا تبعا لتطور العصر ومستجداته الحديثة فاستفاد الفنانين المعاصرين من إمكاناته المتاحة واختاروا منه ما يناسب تفكيرهم الإبداعي. "ونتيجة للتقدم التكنولوجي الهائل في مجال استخدام الكمبيوتر تطورت بالتبعية على أثرها عملية التشكيل الفني خلال القرن العشرين وبدأ النظر بطريقة جديدة إلى علاقة تلك التقنيات المتطورة بمجال استخدام الكمبيوتر في التشكيل الفني ومما يترتب عليه ليتناسب مع المنتج الفني".( ) وقد بدت علاقة الفنان بالتكنولوجيا في بدايات استخدامها غريبة الأطوار، تبطن الوفاق وتتراوح ما بين الريبة، الرهبة والحماس الشديد إلى حد الهوس، وأصبحت أكثر نجاحا وعمقا عندما استوعب الفنان جوهر التكنولوجيا، ووضع يديه على مواضع التقائها مع مجال فنه، واهتدى إلى الكيفية التي يقيم بها علاقات متوازنة، فتكشف أمامه موضوعات تحثه على مزيد من الإبداع والاكتشاف، فتحرر من قيود الزمان والمكان، وأصبح يرسم أشكاله في فراغ غير محدود الأبعاد، وتحرر النحات من صلابة مادته وإستاتيكية الكتلة باستخدام آليات التحريك وتكنولوجيا توليد الأشكال المجسمة إلكترونيا.( ) ومما سبق يتضح أن تنمية التفكير الإبداعي باستخدام التكنولوجيا الحديثة يعد هدفا أساسيا لمواكبة تطورات العصر، وهذا ما يسعى إليه البحث الحالي من أجل تحقيق التفاعل الواعي مع مستجدات العصر وذلك من خلال استخدام الكمبيوتر في مجال النحت. ويعـــد النحت أحد فروع الفن التشكيلي ومظهر من مظاهره، يعتمد على إبراز حجوم الأشكال خاصة، ويركز عموماً على الهيئة الإنسانية، وعلى هيئات الحيوانات بدرجة أقل، وتندر في النحت المناظر الطبيعية والطبيعة الصامتة، ومن أهم الموضوعات التي يحاكيها فن النحت الوجه الآدمي (البورتريه). "وفن نحت الوجوه الآدمية أو فن البورتريه في أوسع معانيه هو التمثيل لفرد ما حيا كان أو ميتا حقيقيا أو متخيلا في النحت بواسطة التمثيل لسماته الشخصية المادية أو المعنوية أو كليهما".( ) ويمكننا أن نجد نماذج نحت الوجه الآدمي في الحضارات القديمة باختلاف أشكاله، حيث نجده في الحضارات الفرعونية والرومانية واليونانية، وكذلك في عصر النهضة الذي نجد فيه فن نحت الوجه الآدمي من أكثر الفنون انتشاراً وتعبيراً.