منهج الفكر الإصلاحي عند الشيخ رشيد رضا (ت 1354 هـ)

السيد علي السيد عبدالعال;

Abstract


وإن موضوع هذه الدراسة هو منهج الفكر الإصلاحي عند مفكر وعلم من أعلام المسلمين يأتي في إطار ما اصطُلح عليه باسم : (الفكر الإسلامي المعاصر) فقد تكشف لعديد من المفكرين ورواد النهضة العربية والإسلامية ما أصبحت عليه الأمة الإسلامية من ضعف وجمود .

فجاء رشيد رضا يريد الْإِصْلَاح الْعَامّ بِقَدْرِ الِاسْتِطَاعَةِ ، ووضع نظريته السياسية الإصلاحية شمولية وعمومية في الهدف ، كي يقيم نظامًا متكاملاً يشمل ويجمع بين السياسة الدينية الشرعية والتوجيهية الإدارية ، ويرى أنه مَا شَرَعَ اللهُ الدِّينَ لِلْبَشَرِ إِلَّا لِيَكُونُوا صَالِحِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ مُصْلِحِينَ فِي أَعْمَالِهِمْ ، كما بَيَّنَ ذَلِكَ شُعَيْبٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِصِيغَةِ الْحَصْرِ فِي َقولِهِ تعَالَىَ :{ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ } وَهُوَ أَبْلَغُ الْبَيَانِ وَأَعَمُّهُ وَأَتَمُّهُ ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ .

وهذا مبدأ ونظام قد استقر عند رشيد رضا حيث يتسع إصلاحه السياسي والفكري ليشمل كل جوانب المجتمع وهو ما يعرف بالعموم والشمول في القاعدة .


ويشمل الإصلاح عنده جانب التعليم ؛ لأنه يطبع المتعلم بالطابع الذي يكون عليه في ما يأتي من حياته ، وأنَّ التعليم لن يصلح إلا إذا رجعنا للتعليم النبوي في شكله وموضوعه ومادته وصورته على مثل ما كان عليه النبي محمد ﷺ .

وبهذا يكون الشيخ رشيد رضا جمع بين إصلاح الدين وضرورة تجديد وتحديث مفاهيمه التي ينبغي أن تنفك من الجمود والتعصب والتقليد بل يجب أن تكون مسايرة لنوازل المسلمين تبعًا لتغير الزمان والمكان ، والغاية منه هي إصلاح المجتمع بعيدًا عن التقليد الوراثي الذي أدخل على الإسلام بدعًا اعتقادية وعملية أو ما يُعرف " بالفكرالوراثي " الذي بنُي على الجمود والتقليد ، والذي يغفل محاسن الإسلام في فكره ومبادئه وأخلاقه وآدابه .
وقد اختلفت الآراء حول إعطاء تفسير واضح لفكر رشيد رضا ، فبعضهم عدَّ رشيد رضا مُصلحًا سلفيًا ( ) ، وبعضهم اعتبره فيلسوفًا صحفيًا يرفض محاكاة الغرب ( ) ، وبعضهم وصفه بالعقلانية ( ) .

ومن أجل توضيح هذه الإشكاليات المتعلقة برشيد رضا ، حاولتُ دراسة منهجه وفكره الإصلاحي ، حيث قلَّت الكتابات العربية والإسلامية ، والغربية والاستشراقية ( ) التي تناولت الفكر الإصلاحي للشيخ رشيد رضا ، وحاولت إبراز المكانة الفكرية والسياسية التي تمتَّع بها رشيد رضا . حيث لم ينل الاهتمام الكافي والمطلوب ( ). كما أنَّ الكتابات التي تناولت العالم الإسلامي والفكر الإسلامي ، أو تلك التي تناولت مواضيع النهضات الإسلامية والإصلاحية لم تُعطه الأهمية الكافية .
• أولاً : أهداف الدراسة .
- يسعى الباحث في هذه الدراسة إلى تحقيق جملة من الأهداف يمكن تلخيصها بالنقاط التالية :
1- إلقاء الضوء على واحد من أبرز رواد اليقظة الإسلامية الحديثة ، وأبرز رموز الصحوة الإسلامية ، وأهم مجددي الفكر الإسلامي الحديث .
2- توضيح طبيعة الحياة السياسية التي عاصرها رشيد رضا في الدولة العثمانية ، وفي الشام ، والحياة السياسية في مصر .
3- بيان الأثر الذي خلَّفه رشيد رضا في من تبعه من مصلحي الفكر الإسلامي المعاصر .
4- توضيح المؤثرات والعوامل المختلفة التي أسهمت بالتأثير في المواقف والآراء التي اتخذها رشيد رضا في كل مسألة من المسائل .
5- بيان طبيعة الحياة الثقافية والعلمية التي عاصرها رشيد رضا في مصر والشام .
6- توضيح المصادر الدينية والفلسفية التي أفاد منها رشيد رضا في منهجه وفكره الإصلاحي .
7- الكشف عن موقف رشيد رضا من علم الكلام .
8- توضيح المناهج الإصلاحية عند رشيد رضا ومنهجه في الإصلاح التربوي والفلسفي وفي الإصلاح الاجتماعي والسياسي وغيرها من المناهج .




• ثانيًا : أسباب اختيار الموضوع .

1ـ تتبين أهمية هذا البحث فى القدرة على كشف معلم جديد من معالم شخصية الشيخ رشيد رضا والوقوف على حقيقة جديدة ؛ هل كان للشيخ رشيد رضا فكر جديد ، وهل تحمل كتبه فكرًا إصلاحيًا .

2ـ عدم إعطاء قضية تجديد الفكر الإصلاحى العناية التى تستحقها فى الدراسات الحديثة ، لاسيما ما يتعلق بأفكار رواد النهضة ومناهجهم فى تجديد الفكر الإسلامي ، حيث تتجدد الرغبة الملحة فى دراسة الفكر الإسلامى الحديث لاسيما وأن رشيد رضا من زعماء مدرسة الإصلاح والتجديد فى العصر الحديث فى العالم الإسلامي لاسيما فى مصر ودمشق ، حيث يُعدُّ رشيد رضا زعيم حركة إصلاحية وقائد نضال وكفاح ، فتحت الأذهان والعقول .


3ـ كانت الفترة التي عاشها رشيد رضا واكبت ضعف الخلافة الإسلامية وإلغاءها فكانت له اجتهادات ومحاولات للإصلاح ، وقد امتلأت هذه الفترة بالتيارات الفكرية والسياسية المتنوعة والمختلفة ، ووجد فيها عدد من المصلحين ( ) .
ويعد كتابه "الخلافة" من أول المؤلفات في "السياسة الشرعية" ( ) وقد وَاكَبَ هذا الكتاب تلك الفترة .


4ـ تميز رشيد رضا فى تناوله للخطاب الأخلاقي والاجتماعي والتربوي حيث يعتمد على القرآن والسنة كمصدر أول وهو الأوثق لديه دائمًا ، ولذا فقد جاء تناوله للنصوص واضحًا بعيدًا عن الغموض والتأويل الذى لا يتقبله النص .

5ـ يُعد رشيد رضا مفكرًا ومجتهدًا من العاملين بالكتاب والسُّنة ، ومصلحًا تربويًا واجتماعيًا ، وسياسيًا كبيرًا ، له وزنه فى الأمة الإسلامية والعربية ، فهو من زعماء حركة الإصلاح والتجديد فى الفكر الإسلامى الحديث ومن الذين يمثلون تاريخ الأمة فى حقبة من أهم فترتها ، ومن الذين يرون ضرورة اتباع مناهج وآراء جديدة ملائمة للعصر ، تعتنى بنهوض العلوم الإسلامية وبالأمة بوجه عام ، فقد كان لرشيد رضا أسلوب متميز فى التفكير ، وقدرة فائقة على اسقراء مناهج الأقدمين وآرائهم ، ثم تمحيصها وتدقيقها ونقدها إن لزم الأمر .

6ـ كما تنبع أهمية هذه الدراسة من الحاجة إلى وقفة تأمل لأعمال هذا العَلَم ، ليكون مثلاً يُحتذى أمام الأجيال ، وأنه من الواجب أن نبين ونوضح أهم إسهامات هذا المصلح فى المجتمعات الإسلامية .


7ـ كان للشيخ رشيد رضا موقفه فى مجالات الفكر والإصلاح والفلسفة والتصوف؛ حيث التزم مبدأ إصلاح فهم العقيدة الإسلامية ، وجعلها أساسًا لكل إصلاح وتجديد فى فكره .

8ـ محاولة ربط الفكر الإصلاحى لدى الشيخ رشيد رضا بحركته الإصلاحية ، وما ترتب على ذلك من إصلاح فى البلاد التى دعا فيها ، ومدى خروج هذا الفكر من حَيِّز النظرية إلى التطبيق ، وكيف تبين له أن النظر والعمل لايفترقان ، وكيف استطاع أيضًا أن يخرج من الآراء والأفكار إلى واقع المسلمين فى حياتهم .

9ـ ندرة الدراسات التي تعرضت لأقوال رشيد رضا ومسائله الإصلاحية ـ حسب ما اطلعت ـ رغم وجود دراسات سابقة تناولت رشيد رضا فى جوانب فردية أخرى من فكره وحياته .

10ـ إبراز وتناول الموضوعات التى اتفق واختلف فيها رشيد رضا مع معاصريه ومحاولة التوفيق والتقريب بين عددٍ من المسائل المختلف عليها ، بالإضافة إلى استدراكاته على بعض الفرق الإسلامية .

11ـ الرغبة في إحياء الجانب الإصلاحي والتربوي الذي تركه الشيخ رشيد رضا فهو واحد ممن صدقت نياتهم وعزائمهم ، ويسر الله لمنهجهم وفكره البقاء .
وقد دفعني هذا للوقوف على أكبر عدد من الرسائل الجامعية والأبحاث العلمية للتنقيب والتفتيش عن كل ما كُتِب حول الشيخ رشيد رضا .






• ثالثًا : أهمية الدراسة .

- تبرز أهمية الدراسة من أهمية الشخصية التي تهدف الدراسة الحالية إلى محاولة تغطية كافة الجوانب المرتبطة بها ، حيث يُعتبر رشيد رضا أحد رموز الإصلاح في الفكر الإسلامي في القرن العشرين ، فقد كان من عمالقة الفكر والحركة الإسلامية .
وفي هذه الدراسة الحالية سيتم التركيز على واحد من أبرز المؤثرين في فكر الحركات الإسلامية المعاصرة ( ) ، وأبرز رواد الصحوة الإسلامية الحديثة .

- ويُعد رشيد رضا من الذين تأثروا بأفكار الأفغاني ومحمد عبده ، فكان واحدًا من أبرز رواد الإصلاح الذين علتْ أصواتهم بالإصلاح ، وبذلوا الجهد من أجل إنقاذ الأمة الإسلامية ومساعدتها على استعادة وَعْيِهَا وبصيرتها ومجدها الغابر .

فجاء رشيد رضا بصحوة إسلامية تتمثل في العودة إلى الأصول النقية للدين الإسلامي ، والتحلي بالمبادئ الإسلامية التي وردت في المصادرالأصلية للدين الإسلامي (القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة) ؛ أو ما كما يذكرها رشيد رضا " بالأصولية الإسلامية ( ) " ( ) .
• رابعًا : خطة الدراسة .
حاول الباحث قدر الإمكان انتهاج الموضوعية من خلال إلقاء الضوء على الإيجابيات وعدم إنكار السلبيات (إن وجدت) من أجل إضافة علمية لدراسة هذا الموضوع .
- وقد قسمتُ خطة الدراسة إلى مقدمة وتمهيد وأربعة أبواب ، ثم خاتمة تحتوي على أهم النتائج والتوصيات ، ثم قائمة بأهم المصادر والمراجع التى اعتمدتُ عليها فى البحث .
- واشتملت المقدمة على : ( أهداف الدراسة ، وأهمية الدراسة ، وخطتها ومنهجها ومصطلحاتها ، وأسباب اختيار الموضوع ، ومشكلة الدراسة ، والفروض العلمية ثم الصعوبات ، والدراسات السابقة ) .
واشتمل التمهيد على : ( التعريف بالشيخ رشيد رضا ، بالإضافة إلى تأسيس مجلة المنار ، وحال الدين الإسلامي قبيل ظهور المنار ، وما تميز به تفسير رشيد رضا ، ومذهبه وآراؤه الفقهية ، ومؤلفاته ، ووفاته ، ثم عرض للحياة السياسية والعلمية التي عاصرها رشيد رضا وموقفه منها والجانب الفكري والعلمي في مصر) .

- الباب الأول : مصادر وأصول الفكر الإصلاحى عند رشيد رضا .
- وفيه تمهيد وثلاثة فصول :
• الفصل الأول : المصادر الدينية للفكر الإصلاحي عند رشيد رضا.
• الفصل الثاني : المصادر الفلسفية .
• الفصل الثالث : رشيد رضا والتصوف .

• الباب الثاني : المنهج الإصلاحي عند رشيد رضا ومجالاته المتنوعة .
وفيه تمهيد وثلاثة فصول :
• الفصل الأول : قواعد المنهج الإصلاحي العام عند رشيد رضا .

• الفصل الثاني : منهج رشيد رضا في إصلاح التعليم وتأصيل التربية .

• الفصل الثالث : منهج رشيد رضا في الإصلاح الاجتماعي .

• الباب الثالث : المنهج الإصلاحي عند رشيد رضا في توجهاته في الفلسفية وموقفه من بعض الأفكار والتيارات . وفيه ثلاثة فصول :

• الفصل الأول : منهج رشيد رضا في الإصلاح الديني .

• الفصل الثاني : منهج رشيد رضا في الإصلاح السياسي .

• الفصل الثالث : منهج رشيد رضا الإصلاحي في رؤيته الفلسفية .

• الباب الرابع : سمات المنهج الإصلاحي عند رشيد رضا .
وفيه تمهيد وثلاثة فصول :


• الفصل الأول: معالم الاجتهاد عند رشيد رضا في منطلقاته الإصلاحية.

• الفصل الثاني: الدعوة للانفتاح والتصدي للمحاكاة والتقليد المذهبي .

• الفصل الثالث : اهتمامه بالعلوم الطبيعية والسنن الكونية.




- ثم الخاتمة وتشمل أهم النتائج والتوصيات ، ثم قائمة بأهم المصادر والمراجع .


Other data

Title منهج الفكر الإصلاحي عند الشيخ رشيد رضا (ت 1354 هـ)
Other Titles Curriculum reform ideas with Sheikh Rashid Rida {1354}
Authors السيد علي السيد عبدالعال
Issue Date 2017

Attached Files

File SizeFormat
V82.pdf620.5 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 79 in Shams Scholar
downloads 37 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.