الدفوع في قضاء الإلغاء

Abstract

يعد قضاء الإلغاء باستهدافه قرارات الإدارة غير المشروعة الوسيله لحماية مبدأ المشروعية إذ يلزمها باحترام حدود القانون والخضوع لأحكامه فتبتعد أجهزتها عن الفوضى والتخبط أو الهوى والتحكم وبذلك فى أداء واجباتها ولا يتأتي ذلك إلا بحسن إختيار الدفوع المناسبة لحالة الدعوي. وتجدر الإشارة إلى إباحة استعمال الدفوع فى قضاء الإلغاء سواء للأفراد، أو للموظفين العموميين كوسيلة قانونية تهدف إلى إلغاء القرار الإدارى إذا ما أصيب بعيب فى أحد أركانه, وذلك فضلا عن الإدارة نفسها التي تحظى بحزمة من الدفوع فى قضاء الإلغاء لتتمكن من تحقيق الصالح العام كالدفع بعدم الاختصاص، أو بطلان انعقاد الخصومة، أو انتفاء المصلحة أو الصفة، أو انتفاء شرط الميعاد فى دعوى الإلغاء أو الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سلوك طريق التظلم الوجوبى لجهة الإدارة، أو الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها... وغيرها من الدفوع. والواقع – وكما هو معلوم – أن الدفوع الإدارية متنوعة، فإذا كانت تهدف إلى اعتراض الخصم على الإجراءات عن طريق تأكيد واقعة تؤثر فى وجودها أو صحتها أو سيرها أُطلق عليها " الدفوع الإجرائية أو الشكلية " وترمى هذه الدفوع إلى استصدار حكم يُنهى الخصومة دون الفصل فى موضوعها، أو يؤخر الفصل فيه. وإذا كان الهدف من الدعوى هو الحصول على حكم فى موضوعها، وأن الإجراء والشكل ليس إلا الطريق الذى يرسمه القانون للتوصل إلى هذا الحكم، فإن حقيقة الصراع يدور حول هذا الحق إقراراً أو إنكاراً، إثباتاً أو نفياً، وينصب دفاع كل خصم فى هذا المجال على محل الدعوى أو " موضوع الدعوى "، وهو ما يطلق عليه الدفع الموضوعى. بيد أن هناك نوعاً ثالثاً من الدفوع يُنكر فيها الخصم على خصمه حقه فى تحريك الدعوى، أو يقر له بحقه فى تحريك الدعوى، ولكنه لم يستوف الشروط التى يقررها القانون لقبول دعواه، بهدف منع المحكمة من المضى نحو النظر فى موضوع الدعوى وهو ما أُطلق عليه " الدفع بعدم القبول ". إلا أن أهم ما يُلاحظ فى هذا الصدد هو عدم اتفاق الفقه بصددها لا كماً ولا كيفاً مما دفعنى إلى محاولة الإسهام فى بسط هذا الموضوع. وقد إستهدفت هذه الدراسة محاولة لوضع أسس لنظرية الدفوع فى قضاء الإلغاء مُستقاة من آراء الفقهاء والأحكام العديدة التى أصدرتها المحاكم الإدارية سواء فى مصر أو فرنسا بُغية بيان المقصود بالفكرة ذاتها وأصلها القانونى، وتقسيمات هذه الدفوع وتحليل كل منها فى ضوء مبادئ عامة تحكم الدراسة بأكملها، لنصل إلى بيان الحكم الصادر فى هذه الدفوع وطبيعتها والآثار المترتبة عليها.