المسئولية المدنية والجنائية لمقدمي بعض خدمات الإنترنت

Abstract

مع نهايات القرن العشرين شهد العالم، وبشكلٍ لم يسبق له مثيل، تطوراً هائلاً ومتسارعاً في عالم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ونتيجة لهذه التطورات التكنولوجية وما صاحبها من تقدم في صناعة الحواسيب، بدا العالم كقرية صغيرة اهتزت فيه الحواجز، فتداخل سكانه وتشابكوا وارتبطوا بشبكة إنترنت عالمية يسبح فيها الجميع بحريَّة، فإذا بها ثورة معلوماتية، وثقافية، واقتصادية...، عزَّ أن يوجد لها نظير. وأمام هذا التقدم العلمي والتكنولوجي، وفي ظلِّ غزوِ شبكة الإنترنت لكافة مناحي الحياة، بزغت بوادر الخير لفتحِ آفاقٍ جديدة لتقدم البشريَّة ولجني ثمار التواصل والمعرفة، إلاَّ أنه، وللأسف، ظهرت في نفس الوقت نوازع الشر لاستغلال هذا التقدم لتحقيق أغراضٍ شخصية رخيصة على حساب قيم المجتمع، وحقوق الأفراد والجماعة وأمنهم. فما كان من أصحاب النفوس الضعيفة إلاَّ أن تجرَّؤوا على تحويل شبكة الإنترنت إلى مسرحٍ يرتكبون فيه العديد من الجرائم والمخالفات: فقاموا بنشر الأخبار المزيَّفة، وبثوا الأفكار والممارسات المناهضة للشرائع السماوية وللإنسانية، ونشروا الصور الفاضحة للصغار قبل الكبار، وانتهكوا حرمة الحياة الخاصة لأفراد المجتمع، وسبُّوا الأشخاص وقذفوهم، وتعدَّوْا على حقوق الملكية الفكرية... وما هذه إلاَّ نماذج من سلسلة مخالفات تُرتكب عبر الإنترنت يصعب حصرها( ).