التفاعل الاتصالى للفتاة المصرية فى بيئة الإعلام الجديد

Abstract

انعكست نتائج ومخرجات المستحدثات التكنولوجية على العادات الإتصالية للأفراد فى المجتمع , وعلى ثقافة المجتمع التواصلية بشكل عام. وقد اتخذ هذا التطور التكنولوجى عدة أشكال, منها ما هومادى متمثلاً فى انتشار استخدام الهواتف المحمولة Mobiles والألواح الإلكترونية Tablets والحواسب المحمولة Laptops , ومنها ما هوتطبيقى ويشمل انتشار استخدام برمجيات التواصل الاجتماعى مثل الواتس آب Whatsapp , وفايبرViber , وتويترTwitter والفيسبوك Facebook ؛ حيث غيرت هذه المفردات التكنولوجية كماً وكيفاً من العلاقات الاجتماعية بين الأفراد. وساعد انتشارها وقبول استخدامها وإدماجها فى الحياة اليومية للأفراد على خلق نوع من الثقافة المجتمعية الجديدة , بل وخلق مجتمعات افتراضية تؤثر آرائها وقوتها فى مجرى الأحداث والسياسات والقرارات المحلية والدولية. ولعل من أشهر مظاهر أشكال هذا التطور الاتصالى والإعلامى ظهور منصة التواصل الاجتماعى الإلكترونية " الفيسبوك " ؛ إذ تعد هذه الشبكة الاجتماعية الأكثر انتشاراً واستخداماً فى مصر بل وفى العالم أجمع. وأصبح التعامل معها وقوة تأثيرها واقعاً ملموساً فى المجتمعات المختلفة ؛ حيث أتاحت للأفراد نفوذاً وقوة لم تكن متاحة من قبل , ومكنتهم من إنتاج الماده الخبرية والإعلامية ونشرها للآخرين , فلم تعد الرسالة الاتصالية ذات اتجاه أحادى من الحكومات إلى الجمهور, بل أصبحت الرسالة من الجمهور إلى الجمهور, وأصبح هناك إمكانية للأفراد فى الانتقاء والاختيار لما يتعرضون له من مضمون وأصبح لديهم القدرة أيضاً على التجاوب معه أونقده , وهكذا صارت هناك فرص متساوية ومتاحة للجميع للظهور والتعبير عن آرائهم وأفكارهم ومشاكلهم وآمالهم وطموحاتهم وأحلامهم, فلا مجال للتهميش والإبعاد. ولم تقف الفتاة المصرية بعيدة عن هذا التطور والتحول السريع فى المجتمع , فكانت جزءاً منه تشارك فيه وتتفاعل معه وتؤثر وتتأثر بإمكاناته ونتائجه . وقد انعكس هذا على حياتها على كافة المستويات الأسرية والتعليمية والعملية والمهنية. فقد تتيح هذه التغيرات التكنولوجية الحادثة فرصاً للفتاة للتغلب على العوائق المختلفة التى تواجهها فى المجتمع والتى تحول دون استفادة المجتمع بطاقاتها المختلفة. حيث كان التعرف على نماذج مشاركات المرأة والتعرف على قضاياها عموماً مقصوراً على ما يعرضه الصفوة المجتمعية على وسائل الإعلام التقليدية , وغالباً ما كان التركيز على قضايا المرأة متوسطة العمر من الطبقة المتوسطة سواء ربات البيوت أوالمرأة العاملة. أما الشابات حديثات السن فلا يتاح لهن المساحة الكافية والمجال للتعبير عن أنفسهن أوتقديم مهاراتهن ,أوطرح مشاكلهن , أوالإفصاح عن أحلامهن . ومع ظهور وسائل التواصل الإجتماعى أتيحت للفتيات الفرصة وأكتسبن الجرأة والشجاعة للظهور والتميز وتقديم أنفسهن . وتسعى الدراسة الحالية إلى رصد هذا السلوك الاتصالى والتعرف على كيفية تفاعل الفتاة المصرية الجامعية مع الفيسبوك كمظهر من مظاهر التواصل والإعلام الجديدة , وهل يمكن اعتبار تلك الأدوات الحديثة أداة تساعد الفتاة فى تنمية ذاتها وخطوة فى طريق تمكينها وإثبات قدراتها, وكذلك تسعى الدراسة إلى التعرف على ماهية ومكونات شبكتها الاجتماعية الإلكترونية على الفيسبوك, للوصول لمعرفة عن العناصر الفاعلة فى تلك الشبكة , وآلية تكوُّن العلاقات الجديدة , بالإضافة إلى التعرف على مدى تأثير شبكة الفيسبوك على تحقيق رأس مال إجتماعى مرضٍ للفتاة تستطيع أن تعتمد عليه فى حياتها العملية والاجتماعية, فضلاً عن التعرف على ما يتيحه لها الفيسبوك من إمكانيات مختلفة تشبع الدوافع والرغبات المتنوعة لديها . وأخيراً التعرف على مدى قدرة الفيسبوك على مساعدتها فى التغلب على المعوقات الاجتماعية التى تحول دون مشاركتها الفعالة المتوقعة فى المجتمع . وقد ركزت الدراسة على الفتاة الجامعية فى السنوات الأخيرة من الدراسة وذلك للتعرف بشكل مركز على قدرتها ووعيها على حشد المصادر والأفراد للاستفادة منها فى المجال العملى الذى ينتظرها بعد اتمام مرحلة التعليم الجامعى, وفى المقابل التعرف على قدرة الفيسبوك على توفير الفرصة لها فى تلبية هذه الرغبات و الدوافع. وتعتمد الدراسة على مدخل تحليل الشبكات الإلكترونية , وهومدخل حديث الاستخدام فى الدراسات الإعلامية العربية , حيث تساعد تصورات وفروض هذا المدخل فى فهم تركيب الشبكة الإلكترونية للفتيات والتعرف على القيمة العائدة من تلك العلاقات المختلفة , وكذلك فهم آلية تكون العلاقات الجديدة . ومن أبرز التصورات النظرية لهذا المدخل تصور قوة الروابط الضعيفة , وتصور رأس المال الاجتماعى. وتستعين الباحثة بتكنيك الاسم المتولد فى المقابلات الشخصية لجمع معلومات منظمة عن رأس المال الاجتماعى المتكون لدى الفتيات بمساعدة برنامج تحليل الشبكات NodeXL , والذى يتيح رؤية مكونات الشبكة فى صورة رسم توضيحى وتصنيفها وفقاً لمجموعات تربطها صفة مشتركة, وهوما يتيح فرصة للباحثة لمناقشة مكونات تلك الشبكة مع المبحوثات أثناء المقابلة الشخصية. وقد اعتمدت الدراسة أيضاً فى جمع البيانات على استمارة الاستبيان , والتى تضمنت مجموعة من الأسئلة تخدم أهداف الدراسة وعدداً من المقاييس التى تصب فى اختبار فروض الدراسة المختلفة. ولفهم أعمق عن تفاعل الفتيات على الفيسبوك اهتمت الدراسة بمحاولة الإجابة على تساؤل : من يفعل ماذا على الفيسبوك ؟ حيث اهتمت الدراسة بمحاولة التعرف على تأثير نمط الشخصية على استخدام الفيسبوك, والتفضيلات التى يُقبل على استخدامها الفتيات متأثرات بخصائصهن النفسية. كذلك اهتمت الدراسة بالتعرف على كيفية تقديم الفتاة لذاتها على الفيسبوك وكيف تفصح عن ذاتها للآخرين . وبفهم كيفية تعامل الأنماط الشخصية المختلفة للفتيات مع الفيسبوك يمكن تقديم معلومات مفيدة تفيد العاملين فى مجال التسويق الاجتماعى للأفكار, وكذلك تفيد العاملين فى التسويق الإعلانى للسلع والخدمات الخاصة بالمرأة والقائمين على السياسات الخاصة بقضايا المرأة , وكذلك تخدم العاملين فى مجال التكنولوجيا وتصميم المواقع , بحيث تساعدهم هذه المعلومات فى وضع الخطط المناسبة والتى يستطيعون من خلالها وضع الإستراتيجيات المناسبة واختيار الأدوات الاتصالية المناسبة , للوصول لتحقيق أهدافهم بالطريقة الملائمة شكلاً ومضموناً وبما يتناسب مع طبيعة الشخصيات المختلفة. وتهتم الدراسة بفهم آلية تكون العلاقات على مواقع التواصل الاجتماعى, لاختبار مدى إمكانية الاعتماد على التصورات النظرية القائمة والتى تنظم فهم كيفية تكون المجتمعات والجماعات, واختبار مدى قدرة هذه التصورات فى التطبيق على المجتمعات الافتراضية. وذلك فى إطار محاولة تطوير التصورات النظرية لتتماشى مع التطورات الاتصالية والتكنولوجية التى اصبحت جزءاً لا يتجزء من ثقافة المجتمعات.