المنطق والمعرفة عند أبي حامد الغزالي (450هـ- 505هـ / 1058م- 1111م)

Abstract

تهدف هذه الدراسة إلي محاولة إلقاء الضوء علي مفهوم المنطق عند الغزالي وإيضاح الآلية التي استطاع من خلالها أن يرفع ذلك الفهم الخاطئ عن المنطق، ويزيل التعارض الذي أقامه بعض المتزمتين من الفقهاء بين المنطق والدين، وكيف استطاع بذلك أن يحصن المنطق داخل قلاع الدراسات الدينية نفسها. علاوة علي ايضاح أثر منطق الغزالي علي الثقافة الاسلامية وموقف المسلمين منه، وكيف استطاع أن ينفذ إلي المعرفة من خلال المنطق. وقد أثبتت الدراسة على أهمية المنطق باعتباره الآلة أو الميزان الذي يقاس بها فاسد الدليل وقويمه، وصحيحه وسقيمه، وقد قال في ذلك: "فكل نظر لا يتزن بهذا الميزان، ولا يعاير بهذا المعيار، فاعلم أنه فاسد العيار، غير مأمون الغوائل والأغوار". وهذا يعني أن الغزالي قد اتخذ المنطق منهجا عاما له في كافة عمليات الفكر، باعتباره منهجا يوصل إلى اليقين في شتى مجالات العلوم النظرية العقلية منها أو الفقهية. إذ يرى أن النظر في الأمور العقلية لا يختلف عن النظر في الأمور الفقهية من حيث الصورة والتركيب، وإنما الاختلاف في المادة أو المحتوى (المقدمات) فقط، ولهذا كان للمنطق فائدة على العلوم الفقهية والعلوم العقلية . توصل الغزالي خلال تناوله لأهم طرق الاستدلال: القياس والاستقراء والتمثيل، ومحاولة الكشف عن أي تلك الطرق نستطيع من خلالها الوصول إلى المعرفة اليقينية أو الحقيقية، إلى حصر طريق المعرفة اليقينية في الأقيسة المنطقية أو موازين المعرفة، بشرط أن تتكون تلك الأقيسة من مقدمات تكون يقينية صادقة لا شك فيها البته، مع مراعاة شروط تأليف تلك الأقيسة. وقد أطلق الغزالي على مثل تلك الأقيسة اسم "الأقيسة البرهانية". وقد حدد الغزالي مدارك اليقين الخمسة (الأوليات، المشاهدات الباطنة، المحسوسات الظاهرة، التجريبيات، والتواترات) باعتبارها مدارك العلوم اليقينية الحقيقية الصالحة لمقدمات البراهين