الاختصاص القانونى والقضائى للمشروعات متعددة الفوميات

صقاء حسين احمد;

Abstract


تعد المشروعات متعددة القوميات إحدى السمات المميزة للتجارة الدولية خلال السنوات الماضية، وهي المشروعات التي تتجاوز نطاق الإقليم الذي تتكون فيه، وان كان التبادل التجاري الدولي قد اتخذ في الماضي شكل التصدير والاستيراد لمختلف السلع التي تنتج في كل دولة فان هذا الشكل التقليدي يمثل الآن خطوة إلى الوراء، إذ أن المشروعات متعددة القوميات تجاوز أهدافها نطاق الأهداف التي يرمي إليها التبادل التجاري بين مختلف الدول وذلك لقدرة هذه المشروعات على تحقيق أرباح وفيرة تؤمنها من خلال زيادة نشاطها بالتمويل الذاتي، وخبرتها الفائقة في الأداء والتنظيم مما يحقق وفورات تستخدم بدورها في تكثيف الإنتاج. ثم أن قوة مركز الشركة الأم المالي يساعدها على إدخال الأساليب التكنولوجية الحديثة في الإنتاج وعلى استخدام العقول المبدعة لاستنباط أساليب جديدة لخفض تكلفته وتحسينه وهي نتيجة طبيعية للتطور الهائل في الفن الصناعي في الدول المتقدمة، إذ تشكل المشروعات متعددة القوميات في الوقت الحاضر سلطة اقتصادية ضخمة.
وقد انصرفت الدراسات القانونية الحديثة في مختلف الدول إلى بحث هذه الظاهرة القانونية، نظراً للأهمية العلمية والعملية لهذا النوع من المشروعات في الوقت الحاضر.
ووفقاً للطبيعة الخاصة التي تتسم بها هذه التجارة من حيث انعدام الحدود الجغرافية، والوجود المادي لمركزية النشاط التجاري لذا سعت المنظمات والمؤسسات إلى أن توجه قدراً من اهتمامها إليها، وكان مؤتمر التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة في مقدمة المنظمات التي اهتمت بهذا النوع من المشروعات.
ولعل التناقض بين دولية النشاط من ناحية ومركزية السيطرة من ناحية أخرى هو المصدر الأساسي لجميع المشكلات القانونية التي تثيرها المشروعات متعددة القوميات وهي على جانب كبير من الاهمية، مثل جنسية الشركة وشخصيتها الاعتبارية. إذ يضع المشرع عادة في كل دولة قواعد إسناد خاصة لتحديد القانون الواجب التطبيق على العلاقات التي تتضمن عنصراً أجنبياً، حيث ان وجود العنصر الاجنبي سوف يثير تنازعاً بين المحاكم والقوانين، فيكون من الاهمية معرفة أي من هذه المحاكم والقوانين هي المختصة للنظر في حل المنازعات؟
ولأن من صور النشاط الاستثماري للمشروعات متعددة القوميات هي العقود التي تبرمها هذه المشروعات فانها تخضع لنصوص القوانين المعنية في تلك الدول، نظراً لغياب الحلول الخاصة لتحديد القانون الواجب التطبيق عليها.
ولنشاط المشروعات متعددة القوميات اهمية كبيرة فيما يتصل بمسائل العمل فإذا ثار نزاع وتضمن النزاع عنصراً اجنبياً كما اذا كان العامل اجنبياً او كان تنفيذ عقد العمل يجري في دولة غير الدولة التي يوجد فيها الوحدة الفرعية التي ابرمت العقد، فان الامر يقتضي عندئذ تعيين المحكمة والقانون الواجب التطبيق.
ويتصل بنشاط المشروعات متعددة القوميات موضوع التحكيم الذي اصبح في الوقت الحاضر اهم وسيلة يرغب المتعاملون في التجارة الدولية اللجوء اليها لحسم خلافاتهم الناتجة عن تعاملهم فلا يكاد يخلو عقد من عقود التجارة الدولية، من شرط يصار بموجبه إلى اتباع التحكيم عند حدوث نزاع أو خلاف يتعلق بتفسير أو تنفيذ العقد المذكور فلابد من معرفة القانون الواجب التطبيق على العقود التجارية المتضمنة شرط التحكيم، والامر ليس بهذه السهولة فقد تعالت الاصوات الفقهية مؤيدة بصورة أو بأخرى باتجاهات في قضاء التحكيم، وابرز هذه الاتجاهات او الآراء الفقهية هي ما يدعو إلى تطبيق ما يسمى قانون عبر الدول، او تطبيق القانون الدولي على العقود، او الاتجاه الذي يدعو إلى الاكتفاء الذاتي للعقد او العقد الطليق الامر الذي يدعو الى تحديد هذه الاتجاهات والتعرف عليها، ومن هنا تكمن اهمية الدارسة .
من الطبيعي أن يصاحب نمو التجارة الدولية وازدهارها في العصر الحاضر اتساع في نشاط المشروعات متعددة القوميات باعتبار هذه الأخيرة خادمة للأولى وسمة من سماتها. لذا فإن اصطلاح " المشروعات متعددة القوميات " في مجال بحثنا هذا يشمل النشاط وتكوين من يقوم بالنشاط الذي يتنوع بتنوع تلك المشروعات، اذ أن هناك أدوات وأساليب لتكوين هذا النوع من الشركات العالمية والمميز لهذه السبل هو الشركة القابضة او الاندماج بوصفهما وسيلة لتكوين هذه المشروعات.
تكون الشركة الأم في القمة، تتبعها شركات أخرى عديدة تابعة اقتصادياً لها، وتنتشر الشركات التابعة في دول عديدة بعيدة جغرافياً عن الشركة ألام ولكنها تدور في فلكها وتعمل على تطبيق خطة اقتصادية استراتيجية تضعها هذه الشركة الأم ، أما الأسلوب الآخر لتكوين الشركات متعددة الجنسية من خلال الاندماج الدولي والاندماج بطريقة المزج فهو الأكثر شيوعاً لقلة تكاليفه، أما الصورة الأخرى للاندماج فهي الاكتساب أو الاستيلاء.
أما بشان القانون الواجب التطبيق على المشروعات متعددة القوميات فيما يختص بأنشائها او نشاطها فإن هناك مسائل تثار بشأنها القوانين المتنازعة المتصلة بالعقود التي تبرمها، نظرا للخصوصية التي تتميز بها، ومدى ملائمة قواعد الإسناد الموضوعية لهذا النوع من العقود.
فإن للأطراف الحرية في اختيار القانون الواجب التطبيق عند انشاء تلك المشروعات او عند ممارسة نشاطها، وهذا الاختيار قد يكون صريحاً أو ضمنياً تستنتجه المحكمة من الظروف المحيطة بعملية التعاقد، وفي حالة عدم توافر اختيار صريح أو ضمني تطبق المحكمة قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً، وإذا اختلفا يسري قانون الدولة التي ابرم فيها العقد.


Other data

Title الاختصاص القانونى والقضائى للمشروعات متعددة الفوميات
Authors صقاء حسين احمد
Issue Date 2015

Attached Files

File SizeFormat
G9003.pdf312.2 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 9 in Shams Scholar
downloads 5 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.