برنامج إثرائي قائم على نظرية الذكاءات المتعددة لتدريس التاريخ وأثره على تنمية بعض مهارات التفكير الناقد لدى التلاميذ الفائقين بالصف الثالث الإعدادي

Abstract

يواجه الإنسان في القرن الحادي والعشرين العديد من التحديات والاتجاهات الفكرية الحديثة، وذلك بالإضافة إلى الثورة المعرفية الهائلة في جميع المجالات، وتُعد التربية أحد أهم القنوات الشرعية التي يمكن من خلالها التأثير الإيجابي في الأفراد لمواجهة هذه التغيرات المتسارعة. حيث تسعى التربية دائماً إلى تنمية جميع جوانب وأبعاد شخصية الناشيء إلى أقصى درجة تسمح بها قدراته واستعداداته، ليكون مواطناً صالحاً قادراً على تحمل المسئولية، حيث تعتبر دول العالم أن قضية التعليم ومتطلباته قضية محورية استراتيجية لإحداث التنمية الشاملة. فإن المتغيرات المتسارعة التي يفرضها عصر المعلومات تحتم علينا التعامل مع التربية والتعليم كعملية لا يحدها زمان ولا مكان، وتستمر مع الإنسان كحاجة وضرورة لتسهيل تكيفه مع المستحدثات المحيطة به، ومن هنا تكتسب شعارات (تعليم التلميذ كيف يتعلم) و( تعليم التلميذ كيف يفكر) أهمية خاصة لأنها تحمل مدلولات مستقبلية غاية في الأهمية. ( ) وقد يُؤخذ على النظم التعليمية في بعض الدول حالياً أنها تقوم بإعداد مخرجات القرن الحالي بمتطلبات القرن الماضي مما يفقدها فاعليتها، وحيث أن التعليم يعتبر بصفة عامة هو الأداة الفعالة لتنمية القوى البشرية فمن الضروري أن يواجه تحديات واتجاهات العصر. ( ) وقد أكد العلماء أنه عند التعامل مع عقل الإنسان فإننا نجد أنه لا يتمتع بنوع واحد من الذكاء، بل أن العقل البشري يمتلك قدرات وملكات لانهائية، ويجب أن نتعامل معها جميعاً ونعمل على تنميتها. ومن هنا تظهر أهمية الأخذ بتطبيقات النظريات التربوية الحديثة، ومن أهمها نظرية الذكاءات المتعددة التي ظهرت عام 1983م على يد عالم النفس الأمريكي (هوارد جاردنر Gardner)، الذي ألَّفَ كتاباً عنوانه أطر العقل (Frames of mind)، وما زالت الأبحاث تعمل فيها بشكل متواصل لمحاولة إخضاعها في مجال المناهج وطرق التدريس، وتحويلها من مجرد فكر نظري إلى ممارسات داخل الفصول، فقد توصل من خلال أبحاثه إلى وجود أنواع مختلفة من القدرات العقلية تشكل انماطاً مختلفة من الذكاء. ( ) وقد قدم (جاردنر) قائمة بمكونات الذكاء تتضمن الذكاء (اللغوي – المنطقي / الرياضي – الموسيقي - الجسمي الحركي – المكاني البصري – الشخصي – الاجتماعي)، وهذه هي القائمة الأولى التي ظهرت للذكاءات المتعددة، فقد قدم جاردنر ورفاقه عام 2000م قائمة جديدة احتوت على أكثر من ذلك بكثير، ونجد أن بعض هذه الذكاءات واستراتيجيات التدريس الخاصة بها ذات علاقة وثيقة بتدريس التاريخ، ومازالت الدراسة حول هذه النظرية قائمة ومستمرة للوصول إلى أنواع أخرى من الذكاء يمتلكها العقل البشري. ( ) وقد أخذت هذه النظرية طابعاً مغايراً ومختلفاً لما كان سائداً أو متعارفاً عليه بخصوص الذكاء واختباراته التقليدية، وجاءت ملبية للحاجات التعليمية الراهنة ومعبرة عن قدرات الفرد وإمكاناته وتطلعاته المستقبلية. ( ) فهي من النظريات التي أخذت في التخلي عن القدرة العقلية العامة والذكاء الواحد، وعملت على الاتجاه نحو فكرة التنوع والتعدد في الذكاء. وحيث أن التلاميذ بطبيعة حالهم يمتلكون قدراً من الذكاءات المتعددة ولكن بنسب متفاوتة، فمن المؤكد أنه عند تنشيط تلك الذكاءات تتم عملية التعلم بطريقة أفضل، حيث تفتح تلك الذكاءات المجال أمام التلميذ للتفكير، وتكشف عن القدرات الكامنة لديه وتسمح باكتشاف الموهوبين والفائقين. فقد جاءت نظرية الذكاءات المتعددة استجابة لمراعاة الفروق الفردية والقدرات وأنماط التعلم المختلفة بين المتعلمين، ودعوة ونداء واضح للمعلمين لتنويع وسائلهم التعليمية وأساليب عرضهم للمحتوى، وأن يوفروا مواد تعلم ونشاطات جديدة، والسعي للقيام بتنويع الأساليب والطرق التربوية بقصد إيقاظ عقول المتعلمين وإثارة تفكيرهم. حيث أن التدريس بالاعتماد على نظرية الذكاءات المتعددة لا ينصب على مضمون التعلم، وإنما على طريقة تعليم مضمون التعلم، لذلك فهي رؤية أو طريقة في العمل يمكن استخدامها في كل المواد التعليمية. ( ) وقد أوضح بعض التربويين الأهمية التربوية لنظرية الذكاءات المتعددة في: - تنمية المهارات التي تتطلبها الأدوار الاجتماعية. - تقرب المواد والمجالات المعرفية المنظمة بطرق متنوعة. - تفريد التعليم، حيث أن التعليم يصبح فعالاً إذا ما أخذنا في الاعتبار الفروق في التفكير والقدرات بدلاً من إنكارها وتجاهلها. ( ) ونجد أن نظرية الذكاءات