الشعراء الفرسان في العصر الجاهلي دراسة سيميائية

عبد الحميد مصطفى مرتجى;

Abstract


الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه ، وأصلي وأسلم على سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، أمَّا بعد.
فلقد كان ومازال الشعر ديوان العرب ، وسجل مفاخرهم وكتاب مآثرهم كما كان علم قوم لا علم لهم غيره ، أو قل لا علم يدانيه ، فالشعر "ديوان علمهم ومنتهى حكمهم، به يأخذون وإليه يصيرون"( )، وقد عبر الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن قيمة الشعر وأهميته عند العرب بقوله: "كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه "( )، وقد كان الشعراء في الجاهلية بمنزلة الحكَّام يقولون فيسمع لقولهم ، ويحكمون فيُرضى بحكمهم ، وسار فيهم ذلك سنة يحتكم بها ، كما كان الشاعر مرهوب الجانب إذا أغار قوم على قبيلة وغنموا منها ردوا ما للشاعر وربما ردوا ما لغيره إكرامًا له، أو خوفًا منه( ) وقد رفع الشعر مكانة الشعراء في العصر الجاهلي فكانوا بمنزلة الزعماء والشيوخ الأجلاء، وكانوا مقربين من الملوك والأمراء، كما هو معروف من قصة الحارث بن حلزة ومكانته لدى عمرو بن هند، الذي كان ملكًا شريرًا، وكان لا ينظر إلى أحد من الشعراء به سوء يقبل عليه الشعراء فينشدونه من وراء حجاب، فلما أنشد الحارث معلقته وأعجب به أدناه من مجلسه وصار من خلصائه برغم كونه به "وضح" أي به برص( ).
ولقد كان النظام القبلي قبل الإسلام عماد الحياة العربية، وقد نشبت الكثير من الحروب والمنازعات بين القبائل العربية المختلفة، ومن ثَمَّ كان على القبائل العربية أن تكون على استعداد دائم بأقوى أسلحتها؛ الخيل والفرسان، والرجال الشجعان الذين يحمون ويدافعون عن الديار، وكان الشعر من بين أهم أسلحة القبيلة؛ حيث كان الشعراء يشيدون بمناقب قبائلهم ومثالب أعدائهم، ويسجلون انتصارات القبيلة ويتوعدون الأعداء والخصوم ويثيرون الحمية ويؤججون المشاعر قبل المعركة وكان سلاح اللسان والبيان يسبق السنان ويحفز الفرسان، وكانت القبائل تعتبر الشعر أمضى أسلحتها في الحرب والسلم، فهم يرهبون الأعداء، ويخوفون الجيران، ولم تكن القبيلة تسعد بشيء سعادتها "بغلام يولد أو شاعر ينبغ، أو فرس تنتج"( ).
اشتهرت مجموعة من الشعراء الفرسان الذين أظهروا بطولة نادرة في قبائلهم وفي حروبهم، فقد كان لكل قبيلة فارسها أو فرسانها ، التي تلقانا دائما أسماؤهم وتتحدث الكتب والأشعار عن بطولاتهم ولا سيما في حروبهم الطويلة مثل حرب البسوس وفارسها المهلهل التغلبي، وحرب داحس والغبراء وغيرهاـ وقد كان لكل قبيلة من القبائل العربية في العصر الجاهلي شاعر يكون لسانها الناطق وسجل وقائعها ومدون أيامها وعقلها المفكر وسجل أنسابها ومكمن مفاخرها ورصيدها التاريخي والتفاخري العريق ، والمشير بالحق والناهي عن الباطل، فكيف إذا اجتمعت له أعنة البلاغة وجاءه شيطان الشعر و وحقق سمات الفروسية فكان صورة صادقة لتلك الحياة البدوية ، حيث كان يتدرب على ركوب الخيل، ويشهر سيفه، ويلوح برمحه .
كما تجلت في حياة هؤلاء الفرسان معالم محددة صنعتها عوامل مختلفة ، فقد اجتمعت ثلاثية ، البيئة ، ومعادن الرجال ، والنفوس الكبيرة ، لتتضح في شخصية الفارس ومن خلالها تتضح معالم ثقافته وطبيعة منطقه وتفكيره الذي حملته النصوص وجادت به القريحة.
وقد تمحور مصطلح الفروسية في كتب النقد حول ذلك المعنى الذي انتهى إليه في اللغة، فكانت الفروسية مجالاً ثريا للحديث عنها في مجال الشعر الجاهلي وارتبط لفظ الفروسية بالخيل، وذكر ابن قيم الجوزية فضل سبق الخيل من وجوه كثيرة، أولها: (أنه أصل الفروسية وقاعدتها.. وأن الركوب يعلم الفارس والفرس معاً، فهو يؤثر القوة في المركوب وراكبه) ( ).كما ذكر ابن قيم الجوزية في كتاب الفروسية " .


Other data

Title الشعراء الفرسان في العصر الجاهلي دراسة سيميائية
Other Titles Knights poets in the pre – Islamic era Semiotic study
Authors عبد الحميد مصطفى مرتجى
Issue Date 2017

Attached Files

File SizeFormat
J2276.pdf230.38 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 2,549 in Shams Scholar
downloads 3,575 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.