دور التعليم الفني في التنمية الاجتماعية بالمجتمع الليبي "دراسة ميدانية بمدينة طرابلس"

Abstract

يعد التعليم بشكل عام، والتعليم الفني بشكل خاص الركيزة الأساسية للتنمية الاجتماعية في الدول المتقدمة فضلا عن الدول النامية، ولا تقتصر أهمية التعليم من منظور التنمية الاجتماعية على كونه يؤدي إلى تحسين نوعية عنصر العمل وزيادة إنتاجيته فقط بل يتعدى ذلك بكثير، فالتعليم وسيلة وغاية في ذاته وإشباع يحتاج إليه البشر لتمكينهم من ممارسة حياتهم وأدوارهم الإنسانية المختلفة على نحو أفضل، والتعليم كذلك من العوامل المهمة لإزالة الفقر ومكافحته عن طريق منح الناس مهارات تزيد من قدرتهم على الكسب والحصول على فرص عمل أفضل، ويزود التعليم الإنسان بالقدرة على التواصل والانتماء الفعال للمجتمع ومقاومة التهميش والعزل ويوفر له الثقافة الحقوقية التي تمكنه من المطالبة بحقوقه كاملة، كما أن الاستثمار في التعليم يمثل أحد مظاهر تكوين وتراكم رأس المال البشري الذي يعتبر من ركائز الاستدامة في التنمية الاجتماعية. يحتل التعليم الفني مكاناً بارزاً في التنمية الاجتماعية، و قد لا نتجاوز الحقيقة حين نذكر أن التنمية حتى عند الذين يتصوّرون مفهومها تصوّراً جزئياً اقتصادية واجتماعية لا يغفلون دور التعليم الفني ويجعلونه في مقدمة الركائز الأساسية التي تقوم عليها التنمية، باعتبار الإنسان هو العنصر الأساس في كل مشروعات التنمية، ولا يمكن صياغة الإنسان وإعداده إلا من خلال برامج وخطط تعليمية وتربوية تتناسب مع متطلبات التنمية علمياً وفكرياً ومهنياً بحيث يكون الإنسان مهيّئاً للقيام بالدور المطلوب منه في استخدام التكنولوجيا الحديثة والتطور والتقدم العلمي في مجالات الإنتاج والخدمات. يواجه التعليم الفني في الكثير من بلدان العالم النامي ومنها ليبيا مشكلات تتعلق بقياس الكفاءة والفاعلية في مؤسساته، إذ تتعلق الكفاءة في المراكز والمعاهد الفنية بالعملية التعليمية ومدى القدرة على ضبطها وتطويرها، أما الفاعلية فتتعلق بنوع المخرجات التي تؤثر على العالم الخارجي، وينظر إلى الفاعلية بأنها مدى إدراك المؤسسات التعليمية لطبيعة العمليات والأنشطة الداخلية التي تحدد أداءها وعلاقتها مع بيئتها المحيطة وكذلك قدرتها على السيطرة على العمليات وتوجيهها حسب المتغيرات الداخلية والخارجية لتحقيق أهدافها. وبما أن الإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها فلا بد من الاهتمام بهذا المورد الأساسي عن طريق الوقوف على الدور الذي يقوم به التعليم الفني في إعداد مخرجاته رأسيا وأفقيا والعمل على تحسين كفاءة تلك المخرجات لتحقيق التوازن بين عرض مخرجات التعليم الفني من القوى العاملة وبين طلب المجتمع من تلك المخرجات من حيث الأعداد والتخصصات الخدمية والإنتاجية الأمر الذي يتطلب تدخل التنمية الاجتماعية لتوجيه مدخلات هذا النوع من التعليم لتوائم مخرجاته احتياجات المجتمع من القوى العاملة اللازمة رأسيا وأفقيا.