القرارات الإدارية السلبية (دراسة مقارنة بين النظامين الوضعي والإسلامي)
ماهر إبراهيم محمد دسوقي;
Abstract
تعتبر القرارات الإدارية السلبية هي المنعطف الحقيقي الكاشف عن الجانب السلبي لنشاط جهة الإدارة وهي بطبيعتها قرارت معيبة لمخالفتها لمبدأ المشروعية سواء في النظامين الوضعي أو الإسلامي. وتتلخص أحكامها في هذين النظامين في النقاط الآتية:
(أولا): في النظام الوضعي :
ـ لقد عرفها المشرع المصري في عجز (م10) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 72 " تعتبر في حكم القرارات الإدارية، رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح " وفي هذا التعريف قصر المشرع مصادر التشريع التي تتحقق بمخالفتها فكرة القرارات الإدارية السلبية على مصدرين هما القوانين واللوائح.
ـ إلا أن القضاء الإداري بما له من دور إنشائي قد توسع في تبيان تلك المصادر. فقد اعتبرت محكمة القضاء الإداري ان القرار المطعون عليه قرارا سلبيا إذا ما ثبت لديها رفض او امتناع جهة الإدارة عن إصداره، وذلك بالمخالفة لأحكام الدستور او القانون العادي او اللوائح أو حتى قرار اداري صادر من جهة إدارية أعلى أو تعليمات عامة أو نظم وقوانين أجنبية أو أحكام قضائية نهائية. اما المحكمة الإدارية العليا فكان شاغلها هـو البحث عن وجود الزام تشريعي أيا كان مصدره. فإذا ما ثبت لديها ذلك وقوبل برفض او امتناع من جهة الإدارة، تحققت لديها فكرة القرارات السلبية.
ـ وترتبط القرارات السلبية بالسلطة المقيدة لنشاط جهة الإدارة وجودا وعدما حيث لا توجد قرارات سلبية إذا كان النشاط مما تترخص فيه جهة الإدارة. وهذا ما أجمعت عليه أحكام القضاء.
ـ وتتميز القرارات السلبية بعدة أحكام خاصة منها:
(1): أنها تنشأ عن سلطة مقيدة ـ على نحو ما تقدم.
(2): أنها قرارات مستمرة. لأنها مرتبطة بحالة معينة هي حالة السلبية التي تكتنفها جهة الإدارة، وباب الطعن عليها مفتوح أمام القضاء في أي وقت ما دامت حالة السلبية هذه قائمة. فإذا ما خرجت جهة الإدارة عن حالة الصمت والسكون وأصدرت قرارا ما لأصبحنا أمام شكل آخر من اشكال القرارات الإدارية مقيد الطعن عليه بالمدة القانونية.
(3): تتميز عن القرارات الإدارية الضمنية في أن الأخيرة تنشأ عن سلطة تقديرية.
(4): تستطيع جهة الإدارة سحبها في أي وقت لأنها قرارات معيبة والعيب لازمها منذ ولادتها. ويتحقق بالسحب الإداري انعدام تلك القرارات ليس بالنسبة للمستقبل فحسب ولكن أيضا بالنسبة للماضي ولكن الإدارة تكون مقيدة هنا بألا يكون قد صدر حكم قضائي بإلغائها.
ـ وان الطعن على القرارت السلبية أمام القضاء يخضع لما يخضع له الطعن على سائر القرارات من شرطى الصفة والمصلحة وقيدى التظلم واللجوء للجان التوفيق والتحكيم. والقيدان الأخيران تطلبهما النظام الوضعي قبل ولوج سبيل التقاضي ومخاصمة القرار الادارى، وإن تفاوتا في أثرهما. فالأول قاطع لمدة الطعن والثاني موقف لها إلا أن هذا بالطبع لا يتفق مع فكرة القرارات السلبية حيث لا تتقيد أصلا بمدة معينة للطعن. وعلى أثر ذلك فإن التظلم منها أو اللجوء للجان التوفيق والتحكيم بشأنها يكون في أي وقت. وما دامت حالة السلبية التي تكتنفها جهة الإدارة مازالت قائمة.
ـ وتتميز أحكام الإلغاء بالحجية المطلقة، إن سلطة القاضي تقف عند حد إصدار حكم الإلغاء دون أن يحل محل الإدارة في إصدار القرارات الإدارية المنشئة للمراكز القانونية على مقتضى ما قضت به المحكمة.
(ثانيا): في النظام الإسلامي :
تتحقق فكرة القرارات السلبية في النظام الإسلامي إذا امتنعت السلطات الإدارية عن اتخاذ أمر أوجبته عليها أحكام الشريعة الإسلامية، وما تتضمنه من قوانين سماوية تجسد إرادة إلهية تعلو إرادة البشر.
وتتميز القرارات السلبية في النظام الإسلامي بعدة أحكام خاصة تتلخص في :
(1): ان الشريعة الإسلامية كان لها السبق في عدم تحصين أى قرار ادارى مخالف لأحكامها من الطعن عليه امام القضاء. فهي لا تعترف بنظرية أعمال السيادة المسلم بها في النظام الوضعي فالكل يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية حكاما ومحكومين وأن العمل غير المشروع جائز الطعن عليه في أي وقت ودون التقيد بمدة معينة.
(2): تأخذ الإدارة الإسلامية بفكرة العدول عن قراراتها متى تبين لها مخالفتها لأحاكم الشريعة الإسلامية حيث كان الحاكم إذا قضي أمرا ثم تراءى له مخالفته لأحكام الشرع عدل عنه. وهذا ما حدث عندما أراد عمر بن الخطاب ألا يزيد في مهور النساء واعترضته امرأة وذكرته بمخالفة ذلك لأحكم الشرع فرجع عمرعن قراره بمقولة (أصابت أمرأة وأخطا عمر).
(3): الصفة والمصلحة ليسا شرطا في قبول دعوى الإلغاء في النظام الإسلامي حيث تبين ان هذا النظام لم يتطلب فيمن يتقدم بشكاية أن يكون هو الذي وقع عليه الظلم سواء وقع عليه هو أم وقع على شخص آخر ولو لم تربطه به أي صلة.
(4) كانت الدعوى ترفع أمام محكمة موطن المدعي عليه ولا توجد محكمة مخصصة لنظر الدعاوى الإدارية.
(5): ترفع الدعاوى أمام القضاء في النظام الإسلامي دون رسم فالقاضي يقضي بين الناس بالحق وهو شرع الله ويرد الظالم عن ظلمه وكان نظام القضاء كتعليم القرآن الكريم والفقه ونحوهما ولا يجوز أخذ أجر عن هذه الأعمال.
(6): لم يعترف النظام الإسلامي بأي عقبة تحول دون الشاكي وتقديم مظلمته او شكايته فالطريق مفتوح أمامه لرفع دعواه أمام القضاء وفي أي وقت ولا يمنع من ذلك أي إجراء سابق.
(7): القاضي إذا ما انتهى إلى ثبوت المخالفة كان قضاؤه ليس فقط بإلغائها واعتبارها كأن لم تكن، بل قد يتطور الأمر لمحاسبة المخالف والقصاص منه ومشاطرته في أمواله.
(8): القاضي يتابع تنفيذ حكمه بنفسه ويتدخل في عمل الإدارة ويحل محل الادارة في اتخاذ التصرفات الإدارية التي كان من الواجب عليها اتخاذها وله ان يعدل فيها ويغير في مضمونها بما يتفق مع أحكام الشرع.
(أولا): في النظام الوضعي :
ـ لقد عرفها المشرع المصري في عجز (م10) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 72 " تعتبر في حكم القرارات الإدارية، رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح " وفي هذا التعريف قصر المشرع مصادر التشريع التي تتحقق بمخالفتها فكرة القرارات الإدارية السلبية على مصدرين هما القوانين واللوائح.
ـ إلا أن القضاء الإداري بما له من دور إنشائي قد توسع في تبيان تلك المصادر. فقد اعتبرت محكمة القضاء الإداري ان القرار المطعون عليه قرارا سلبيا إذا ما ثبت لديها رفض او امتناع جهة الإدارة عن إصداره، وذلك بالمخالفة لأحكام الدستور او القانون العادي او اللوائح أو حتى قرار اداري صادر من جهة إدارية أعلى أو تعليمات عامة أو نظم وقوانين أجنبية أو أحكام قضائية نهائية. اما المحكمة الإدارية العليا فكان شاغلها هـو البحث عن وجود الزام تشريعي أيا كان مصدره. فإذا ما ثبت لديها ذلك وقوبل برفض او امتناع من جهة الإدارة، تحققت لديها فكرة القرارات السلبية.
ـ وترتبط القرارات السلبية بالسلطة المقيدة لنشاط جهة الإدارة وجودا وعدما حيث لا توجد قرارات سلبية إذا كان النشاط مما تترخص فيه جهة الإدارة. وهذا ما أجمعت عليه أحكام القضاء.
ـ وتتميز القرارات السلبية بعدة أحكام خاصة منها:
(1): أنها تنشأ عن سلطة مقيدة ـ على نحو ما تقدم.
(2): أنها قرارات مستمرة. لأنها مرتبطة بحالة معينة هي حالة السلبية التي تكتنفها جهة الإدارة، وباب الطعن عليها مفتوح أمام القضاء في أي وقت ما دامت حالة السلبية هذه قائمة. فإذا ما خرجت جهة الإدارة عن حالة الصمت والسكون وأصدرت قرارا ما لأصبحنا أمام شكل آخر من اشكال القرارات الإدارية مقيد الطعن عليه بالمدة القانونية.
(3): تتميز عن القرارات الإدارية الضمنية في أن الأخيرة تنشأ عن سلطة تقديرية.
(4): تستطيع جهة الإدارة سحبها في أي وقت لأنها قرارات معيبة والعيب لازمها منذ ولادتها. ويتحقق بالسحب الإداري انعدام تلك القرارات ليس بالنسبة للمستقبل فحسب ولكن أيضا بالنسبة للماضي ولكن الإدارة تكون مقيدة هنا بألا يكون قد صدر حكم قضائي بإلغائها.
ـ وان الطعن على القرارت السلبية أمام القضاء يخضع لما يخضع له الطعن على سائر القرارات من شرطى الصفة والمصلحة وقيدى التظلم واللجوء للجان التوفيق والتحكيم. والقيدان الأخيران تطلبهما النظام الوضعي قبل ولوج سبيل التقاضي ومخاصمة القرار الادارى، وإن تفاوتا في أثرهما. فالأول قاطع لمدة الطعن والثاني موقف لها إلا أن هذا بالطبع لا يتفق مع فكرة القرارات السلبية حيث لا تتقيد أصلا بمدة معينة للطعن. وعلى أثر ذلك فإن التظلم منها أو اللجوء للجان التوفيق والتحكيم بشأنها يكون في أي وقت. وما دامت حالة السلبية التي تكتنفها جهة الإدارة مازالت قائمة.
ـ وتتميز أحكام الإلغاء بالحجية المطلقة، إن سلطة القاضي تقف عند حد إصدار حكم الإلغاء دون أن يحل محل الإدارة في إصدار القرارات الإدارية المنشئة للمراكز القانونية على مقتضى ما قضت به المحكمة.
(ثانيا): في النظام الإسلامي :
تتحقق فكرة القرارات السلبية في النظام الإسلامي إذا امتنعت السلطات الإدارية عن اتخاذ أمر أوجبته عليها أحكام الشريعة الإسلامية، وما تتضمنه من قوانين سماوية تجسد إرادة إلهية تعلو إرادة البشر.
وتتميز القرارات السلبية في النظام الإسلامي بعدة أحكام خاصة تتلخص في :
(1): ان الشريعة الإسلامية كان لها السبق في عدم تحصين أى قرار ادارى مخالف لأحكامها من الطعن عليه امام القضاء. فهي لا تعترف بنظرية أعمال السيادة المسلم بها في النظام الوضعي فالكل يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية حكاما ومحكومين وأن العمل غير المشروع جائز الطعن عليه في أي وقت ودون التقيد بمدة معينة.
(2): تأخذ الإدارة الإسلامية بفكرة العدول عن قراراتها متى تبين لها مخالفتها لأحاكم الشريعة الإسلامية حيث كان الحاكم إذا قضي أمرا ثم تراءى له مخالفته لأحكام الشرع عدل عنه. وهذا ما حدث عندما أراد عمر بن الخطاب ألا يزيد في مهور النساء واعترضته امرأة وذكرته بمخالفة ذلك لأحكم الشرع فرجع عمرعن قراره بمقولة (أصابت أمرأة وأخطا عمر).
(3): الصفة والمصلحة ليسا شرطا في قبول دعوى الإلغاء في النظام الإسلامي حيث تبين ان هذا النظام لم يتطلب فيمن يتقدم بشكاية أن يكون هو الذي وقع عليه الظلم سواء وقع عليه هو أم وقع على شخص آخر ولو لم تربطه به أي صلة.
(4) كانت الدعوى ترفع أمام محكمة موطن المدعي عليه ولا توجد محكمة مخصصة لنظر الدعاوى الإدارية.
(5): ترفع الدعاوى أمام القضاء في النظام الإسلامي دون رسم فالقاضي يقضي بين الناس بالحق وهو شرع الله ويرد الظالم عن ظلمه وكان نظام القضاء كتعليم القرآن الكريم والفقه ونحوهما ولا يجوز أخذ أجر عن هذه الأعمال.
(6): لم يعترف النظام الإسلامي بأي عقبة تحول دون الشاكي وتقديم مظلمته او شكايته فالطريق مفتوح أمامه لرفع دعواه أمام القضاء وفي أي وقت ولا يمنع من ذلك أي إجراء سابق.
(7): القاضي إذا ما انتهى إلى ثبوت المخالفة كان قضاؤه ليس فقط بإلغائها واعتبارها كأن لم تكن، بل قد يتطور الأمر لمحاسبة المخالف والقصاص منه ومشاطرته في أمواله.
(8): القاضي يتابع تنفيذ حكمه بنفسه ويتدخل في عمل الإدارة ويحل محل الادارة في اتخاذ التصرفات الإدارية التي كان من الواجب عليها اتخاذها وله ان يعدل فيها ويغير في مضمونها بما يتفق مع أحكام الشرع.
Other data
| Title | القرارات الإدارية السلبية (دراسة مقارنة بين النظامين الوضعي والإسلامي) | Authors | ماهر إبراهيم محمد دسوقي | Issue Date | 2015 |
Recommend this item
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.