" صيغ المبالغة في اللغتين الصينية و العربية – دراسة تقابلية " (و تطبيقها علي قصص الأطفال الصينية و العربية فى المرحلة العمرية الثالثة )
إنجي عادل صلاح الدين محمد;
Abstract
المقدمة :
وهي تتناول ظاهرة من أهم ظواهر اللغة و هي المبالغة . فالمبالغة ظاهرة لغوية يكثر استخدامنا لها في أحاديث الحياة اليومية منها المقبول و منها غير المقبول الذي يستفز المتلقي ، لذلك فهي ليست مجرد أداة للزينة و التحسين ، إنما هي من أصول القول كما قال الشريف المرتضى (أحد البلاغيين العرب و المتوفي عام 436هـ) بل أسلوب من أساليب التعبير لتحقيق وظيفة الكلام في إيصال المعنى .
يجرى هذا البحث على عمل دراسة تقابلية بين صيغ المبالغة و أساليبها فى اللغة العربية من ناحية ، وأساليب التعبير عن المبالغة فى اللغة الصينية من ناحية آخرى ، من خلال التطبيق على القصص المؤلفة للأطفال الذين ينتمون للمرحلة العمرية الثالثة .. و تتناول الدراسة في الجزء التطبيقي السلسلة القصصية " فرسان الحرم الجامعي الثلاثة " للكاتب الصيني "يانغ بينغ " ( yang peng ) و السلسلة القصصية " أساطير ما وراء الطبيعة " للكاتب المصري الدكتور " أحمد خالد توفيق " و هي عبارة عن روايات خيال علمي منفصلة للأطفال يجمعها نفس البطل .
أسباب اختيار الباحثة لمادة الدراسة تتلخص فيما يلى :
- يقول العالم الكبير ألبرت أينشتاين: "الخيال أهم من المعرفة ، بالخيال نستطيع رؤية المستقبل".. و لذلك ترى الباحثة أن هذا النوع من القراءات له فائدة كبيرة بالنسبة للأطفال فى هذه المرحلة العمرية ، فهى تساعدهم على توسيع أفقهم و مداركهم .و لأن الخيال هو العنصر الأهم لتكوين المبالغة ، فقد وقع اختيارها على هذه السلسلة القصصية لأنها غنية بشتى أنواع المبالغة ، و التي ترى الباحثة أنها عنصر أساسي في هذا النوع من القراءات لأنها تجذب انتباه القارئ الصغير وتثير خياله و تجعله يعيش أحداث الرواية .
- كذلك وقع اختيارها على مادة التطبيق في اللغتين حيث توافرت بهما معايير المقابلة و التي تتلخص فيما يلي؛
أ- كلاهما كاتب معاصر ، كما يتوافر لديهما الكثير من الخصائص المشتركة في إسلوب الكتابة و كذلك في استخدام أساليب التعبير عن المبالغة سواء المباشرة أو غير المباشرة .
ب- المادة التطبيقية عبارة عن سلسلة قصصية في كلتا اللغتين و قد ظهرتا في نفس المرحلة الزمنية تقريبًا .
أهم المشكلات التى قابلت الباحثة أثناء الدراسة تتلخص في عدم توافر المراجع و المصادر الحديثة التي تهتم بموضوع الدراسة في اللغتين .
أهداف الدراسة تتلخص في النقاط التالية :
1- يهدف البحث إلى توضيح الأسس العامة التي يجب مراعاتها عند استخدام المبالغة حتى يصل المعنى بوضوح لأن سوء استخدامها سوف يؤدي إلى الخلط و الإلتباس عند المتلقي .
2- التوصل إلى نقاط التشابه و الاختلاف الظاهرة في اللغتين الصينية و العربية من خلال الدراسة و التحليل ، مما يترتب عليه إلقاء الضوء و توضيح الخصائص التي تنفرد بها كلًتا اللغتين الصينية و العربية .
3- عمل دراسة شاملة وافية على كل ما يدور حول المبالغة من حيث تعريفها و أنواعها و تاريخ تطورها و كذلك الأساليب المستخدمة للتعبير عنها في كلتا اللغتين الصينية و العربية من خلال دراسة تقابلية سوف تساعد دارسي اللغة الصينية لغير الناطقين بها ، و دارسي اللغة العربية من الصينين من خلال العرض المبسط للنظرية و الأمثلة المبسطة بالإضافة إلى النتائج التي توصلت إليها الدراسة من نقاط تشابه و اختلاف للاستفادة منها في الترجمة ، معرفة المصطلحات اللغوية في كلتا اللغتين ، أهم أساليب التعبير المباشر و غير المباشر عن المبالغة ، تعبيرات تحمل ثقافة اللغتين ، ما يساعد على اتقان اللغة و ثقافتها بشكل كبير .
ينقسم البحث إلى ستة مباحث : المبحث الأول يهتم بتعريف المبالغة و تطورها و أنواعها في اللغتين الصينية و العربية ، يهتم المبحث الثاني بأساليب التعبير عن المبالغة في اللغة الصينية ، و المبحث الثالث يهتم بدراسة صيغ المبالغة و أساليبها في اللغة العربية ، أما المبحث الرابع و الخامس فهما تحليل للمادة التطبيقية في اللغتين ، ثم يأتي المبحث السادس ليعرض أهم نقاط التشابه و الاختلاف بين أساليب التعبير عن المبالغة في اللغتين ، ثم خلاصة البحث و عرض أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة ثم قائمة المراجع و المصادر .
المبحث الأول : المفهوم اللغوي لمصطلح المبالغة و أنواعها في اللغتين الصينية و العربية
و هو ينقسم إلي جزئين :
الجزء الأول : يتناول نشأة البلاغة و تاريخها و مفهومها بشكل عام ، و تاريخ مصطلح "المبالغة " و مفهومها بشكل خاص في اللغة الصينية ، كما يتضمن الأسس العامة لكيفية استخدام المبالغة ثم الأنواع .
في اللغة الصينية سبقت البلاغة ظهور النحو . ففي كتاب ( اي جين ) ( yi jin )في فصل الحديث عن الأخلاق و الدراسة كان هناك حديث عن البلاغة . و على الرغم من أن البلاغة التي تحدث عنها ( اي جين ) تختلف عن البلاغة في هذا العصر و كذلك مفهومها و لكنها تتفق مع البلاغة في الوقت الحالي من حيث الممارسة اللغوية ، و هذا ما اتفق عليه الباحثون .
لقد خلق علم البلاغة من ضلع النقد الأدبي ، و قد كانت بدائية و غير واضحة المعالم ثم أصبحت تدريجيًا علمًا مستقلًا بذاته .
ينقسم تاريخ البلاغة إلى مرحلتين :
• قديما ( من قبل عصر أسرة تشين - 1905 م) و كانت تعني " تعديل الكلمات "
• حديثا ( من 1905 م – وقتنا هذا ) و هي تعني "طرق و تقنيات التكوين "و "طرق وتقنيات استخدام الكلمة "و "طرق و تقنيات تعديل الأسلوب ".
المبالغة في اللغة الصينية هي التجاوز فى صفة من صفات الشيء عمدًاً بالزيادة أو النقصان – دون الخروج عن دائرة طباع الشيء - للكشف عن جوهره وذلك لتوضيح المعنى و تعميقه عند المتلقي . ترتكز المبالغة على المجاز و تسجيل المشاعر ، وليس الغرض منها تسجيل الوقائع . وقد تعددت مسمياتها على مدار التاريخ و لكن اتفق الأغلبية على مسميين هم “夸饰” و “夸张” تفضل الدراسة ثانيهما "夸张" بعد البحث في أصل الرموز المكونة له ، و معناهم و هذا ما نستقر عليه الآن .
إن أول ظهور للمبالغة في اللغة الصينية يرجع لفترة الخريف و الربيع من عام ( 770ق م – 476 ق م ) على لسان المفكر الصيني العظيم كونفوشيوس في كتابه الشهير (( الشعائر ))
جاء بعد ذلك ( مانغز) ( meng zi ) تلميذ المدرسة الكونفوشية و طور المعرفة بالمبالغة بوصفها أسلوبا في التعبير . وقد أكد على أثر استخدام المبالغة في التعبير و كان لكلامه الأثر الكبير على الأجيال اللاحقة.
على مر التاريخ ظهر كثير من العلماء الذين رفضوا المبالغة ؛ منهم " وانغ تشونغ " ( wang chong )من عصر أسرة خان الشرقية و كانت له آراء سلبية تجاه المبالغة من حيث كونها أسلوبًا في التعبير بشكل عام ، فهو لم يستطع الفصل بين المبالغة و الادعاء أو الكذب ، و منهم من يعترف بالظاهرة مثل" ليوشوي" فهو يري أن المبالغة توظف في التعبير منذ بدء الخليقة و أنه يجب كسر القواعد حتي يمكننا الحصول علي لآلىء المبالغة المكنونة على حد قوله ، و أكد على أهمية استخدام المبالغة في التعبير، لكنه أكد كذلك على ضرورة ارتباطها بالواقع و أهمية الفصل بين المبالغة و فقدان المصداقية.
في العصر الحديث ظهرت بعض المراجع التي كان لها الأثر الكبير على تاريخ المبالغة منها كتاب " تانغ يو( tang yu )" (( البلاغة ))عرف فيه المبالغة و كيفية التفرقة بينها وبين الكذب و كذلك أهمية اقتراب المبالغة من الواقع حتي لا تتسبب في نفور المتلقي .. و كتاب " تشنغ وانج داو ( chengwangdao الذي أصبح من أهم مراجع العصر الحديث التى تحدثت عن البلاغة .. و قد وضح فيه تعريف المبالغة و حدد أنواعها التي تتلخص عنده في المبالغة البسيطة و الغلو .. و قد صنفت المبالغة عند وانغ تشونغ ( wang chong ) و ليوشوى ( liuxue)تحت المبالغة البسيطة ..
بعد البحث و الدراسة لأنواع المبالغة في المراجع الصينية و تحليل مادة التطبيق الصينية توصلت الدراسة إلي أنه يمكن تقسيم أنواع المبالغة إلي النقاط الآتية :
1. المبالغة من حيث الشكل : ( انظر ص 10 )
أ- المبالغة المباشرة
ب- المبالغة غير المباشرة
2. المبالغة من حيث المضمون : ( انظر ص 10 )
أ- المبالغة في الزيادة
ب- المبالغة في النقصان
ت- الغلو
3. المبالغة من حيث الهدف : ( انظر ص 11 )
أ- المبالغة للذم
ب- المبالغة للمدح
ت- المبالغة للإقناع
ث- المبالغة للتفاخر بالذات
الجزءالثاني من المبحث الأول يهتم بشرح و تحليل بعض المفاهيم الأساسية حول المبالغة في اللغة العربية و علاقتها بعلمى البلاغة و البديع ، و يهتم أيضا بتفسير مفهوم المبالغة عند القدماء و اختلاط هذا المفهوم ببعض المفاهيم و المصطلحات اللغوية الاخري عند بعضهم مرورًا بتعريف المبالغة في بعض المصادر الحديثة و المعاجم العربية ، حيث تندرج المبالغة تحت ما يسمي بعلم البديع ، و هو أحد فروع علم البلاغة التابع للقسم الأدبي و أحد علوم اللغة العربية ....
البلاغة في اللغة العربية هي "كل ما تبلغ به المعني لقلب السامع "كما قال " أبو هلال العسكري" ( ت بعد 359 هـ ) في كتابه "كتاب الصناعتين ". و كما قال " الرماني" (ت 384هـ ) صاحب كتاب ( النكت في القران الكريم )"إنما البلاغة إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ ".
إن علوم البلاغة لم توجد كاملة كما نراها الآن وإنما مرت بالأطوار التي مر بها كل علم وسنوجز هنا المراحل التي مرت بها.
لقد كانت البلاغة في العصور القديمة لا تخرج عن كونها مجرد مهارات للإبانة و الإفصاح عما يجيش في نفس المتكلم من معانٍ بحيث يتم توصيلها إلى نفس السامع على نحو محكم يبرهن على ذكاء المتكلم و إدراكه لمتطلبات الموقف بالإضافة إلى مؤثرات شخصية أخرى تتعلق بشمائل المتكلم .
عندما نزل القرآن الكريم عكف العلماء على دراسته و بيان اسراره و إعجازه ، و لا شك أنه كان له دور عظيم في نشأة البلاغة و تطورها.
في العصر الأموي بدأت الحياة الأدبية تزدهر مما أدى إلى ظهور دروس في البلاغة .
وفي العصر العباسي تطور النثر و الشعر تطورًا كبيرًا فبدأت الملاحظات البلاغية تزدهر بدورها إزدهارًا عظيمًا و بدأت تأخذ الصبغة العلمية . و ظهر العديد من العلماء الذين كان لهم دورهام في تطور هذا العلم منهم " سيبويه " (ت 180 هـ). كما ظهرت الكثير من المؤلفات الهامة مثل ( كتاب الفصاحة ) "لأبي حاتم السجستاني" (ت 200هـ).
ثم أخذت بعد ذلك المؤلفات تميل إلي التخصص فوضع "عبد الله بن المعتز" (ت 296هـ) كتابه ( البديع ) و كان لهذا الكتاب قيمة كبيرة في تاريخ البلاغة و خاصة في علم البديع فقد استقل بذكر ثمانية عشر لونًا من البديع مثل الاستعارة و الكناية و التشبيه و المطابقة و الجناس.
ثم تلاه طائفة من النقاد الذين أثاروا الكثير من بحوث البلاغة مثل "قدامة بن جعفر" (ت 337هـ) الذي ألف كتاب ( نقد الشعر) الذي تحدث فيه عن المبالغة بشكل مفصل و وضع لها تعريفًا بلاغيًا .
تهتم هذه الدراسة بتعريف المبالغة عند القدماء و عند المحدثين ، و كذلك في بعض المعجمات .. يقول المعجم الوسيط فى مادة "بلغ" : بلغ الشىء بلوغا : وصل إليه / بَلُغَ بلاغة : فصح و حسن بيانه فهو بليغ / بَالَغَ فيه مبالغة و بِلاغا : اجتهد فيه و استقصى و غالى فى الشىء / تَبَالَغَ فيه المرض و الهم : تناهى / تَبَلَّغَ بكذا : اكتفى به / المَبٌلَغُ : المنتهى .
كذلك تطرق بعض النقاد و البلاغيين و اللغويين إلى دراسة المبالغة ، فقد عنوا بالمصطلح واهتموا بمدلوله أمثال "سيبويه "(180هـ) و" ابن قتيبة "( 276هـ) و "المبرد "( 286هـ ) و "قدامة بن جعفر" ( 337هـ ) و القاضي "الجرجاني" ( 392هـ ) و" ابن رشيق القيرواني" ( 456هـ) و غيرهم الذين تناولوا معنى المبالغة و تحدثوا عنه على أنه الإفراط و تجاوز المقدار و تكثير المعنى والزيادة فيه .فقد كان الإفراط و المبالغة مذهبا عاما في المحدثين و الأوائل و الناس فيه مختلفون ؛ فمنهم من يفضلها و يراها الغاية القصوى فى الجودة و منهم من ينكرها و يراها عيبا فى الكلام لأنها ربما تتسبب فى التباس المعنى على السامع ، فليست لذلك من أفضل أساليب التعبير .
و قد جاء السيد / أحمد الهاشمي (ت 1362 هـ) للتعبير عن رأي المحدثين في المبالغة ، و وضع تعريفا لها و لكنه لم يختلف عمن سبقوه فقد قال أن المبالغة : " أن يدعي المتكلم لوصف بلوغه فى الشدة أو الضعف حدا مستحيلا أو مستبعدا "
بعد الاطلاع على رأي بعض علماء اللغة و البلاغيين العرب القدماء و المحدثين فى المبالغة من حيث المفهوم يمكن تقسيمهم في رأيى الشخصي إلى فريقين :
أ. فريق يرتضى المبالغة على ألا تخرج الزيادة في وصف المعنى عن دائرة طباع الشىء ، مع الإيمان بضرورة إطلاق العنان لخيال الشاعر أو الكاتب ، و درجة انفعاله بالتجربة الشخصية أمثال : "قدامة بن جعفر"، القاضى "الجرجانى" ، "إبن رشيق القيروانى" و" ابن سنان الخفاجى" و" يحيى بن حمزة العلوى" .
ب. والفريق الآخر أمثال "الشريف المرتضى" و الخطيب "القزوينى " يرى أنه لا يمكن التحقيق و التدقيق فى استخدام المبالغة ، بل يجب إطلاق العنان لخيال الشاعر أوالكاتب في الوصف حتى إذا خرج عن حد العقل و وصل إلى حد الاستحالة دون القياس أو الرجوع للواقع الخارجي فهذا برأيي يحد من آفاق الشاعر أو الكاتب و ليس معنى هذا الإفراط في استخدام المبالغة دون داعٍ و إنما استخدامها عندما يستدعي الأمر.
بعد الاطلاع علي ما سبق يرى الباحث أن مفهوم المبالغة يدور حول تناهي المعني و تكثيره و تفخيمه و شدته و الوصول به إلي أقصى غاية ممكنة.
و في النهاية نري أن المبالغة الزائدة و بلوغ النهاية فى الوصف بما يتطلبه الموقف و يحتاجه المعنى بدون إفراط ، و بما لا يدفع إلى الظن بأن هذه الزيادة يمكن الاستغناء عنها حتى لا تكون مذمومة . و على ذلك فهي أسلوب من أساليب التعبير الذي يتناهي أو يتجاوز فيه الصفة إلى أن يصل بالمعنى إلى أقصى غاية ممكنة ، مدحًا كان أو ذمًا ، زيادةً أو نقصانا ،سواء على جهة الإمكان أو التعذر أو الاستحالة – فهى على كل حال تسمى مبالغة فكيف يفرض عليها قيود؟!
وهي تتناول ظاهرة من أهم ظواهر اللغة و هي المبالغة . فالمبالغة ظاهرة لغوية يكثر استخدامنا لها في أحاديث الحياة اليومية منها المقبول و منها غير المقبول الذي يستفز المتلقي ، لذلك فهي ليست مجرد أداة للزينة و التحسين ، إنما هي من أصول القول كما قال الشريف المرتضى (أحد البلاغيين العرب و المتوفي عام 436هـ) بل أسلوب من أساليب التعبير لتحقيق وظيفة الكلام في إيصال المعنى .
يجرى هذا البحث على عمل دراسة تقابلية بين صيغ المبالغة و أساليبها فى اللغة العربية من ناحية ، وأساليب التعبير عن المبالغة فى اللغة الصينية من ناحية آخرى ، من خلال التطبيق على القصص المؤلفة للأطفال الذين ينتمون للمرحلة العمرية الثالثة .. و تتناول الدراسة في الجزء التطبيقي السلسلة القصصية " فرسان الحرم الجامعي الثلاثة " للكاتب الصيني "يانغ بينغ " ( yang peng ) و السلسلة القصصية " أساطير ما وراء الطبيعة " للكاتب المصري الدكتور " أحمد خالد توفيق " و هي عبارة عن روايات خيال علمي منفصلة للأطفال يجمعها نفس البطل .
أسباب اختيار الباحثة لمادة الدراسة تتلخص فيما يلى :
- يقول العالم الكبير ألبرت أينشتاين: "الخيال أهم من المعرفة ، بالخيال نستطيع رؤية المستقبل".. و لذلك ترى الباحثة أن هذا النوع من القراءات له فائدة كبيرة بالنسبة للأطفال فى هذه المرحلة العمرية ، فهى تساعدهم على توسيع أفقهم و مداركهم .و لأن الخيال هو العنصر الأهم لتكوين المبالغة ، فقد وقع اختيارها على هذه السلسلة القصصية لأنها غنية بشتى أنواع المبالغة ، و التي ترى الباحثة أنها عنصر أساسي في هذا النوع من القراءات لأنها تجذب انتباه القارئ الصغير وتثير خياله و تجعله يعيش أحداث الرواية .
- كذلك وقع اختيارها على مادة التطبيق في اللغتين حيث توافرت بهما معايير المقابلة و التي تتلخص فيما يلي؛
أ- كلاهما كاتب معاصر ، كما يتوافر لديهما الكثير من الخصائص المشتركة في إسلوب الكتابة و كذلك في استخدام أساليب التعبير عن المبالغة سواء المباشرة أو غير المباشرة .
ب- المادة التطبيقية عبارة عن سلسلة قصصية في كلتا اللغتين و قد ظهرتا في نفس المرحلة الزمنية تقريبًا .
أهم المشكلات التى قابلت الباحثة أثناء الدراسة تتلخص في عدم توافر المراجع و المصادر الحديثة التي تهتم بموضوع الدراسة في اللغتين .
أهداف الدراسة تتلخص في النقاط التالية :
1- يهدف البحث إلى توضيح الأسس العامة التي يجب مراعاتها عند استخدام المبالغة حتى يصل المعنى بوضوح لأن سوء استخدامها سوف يؤدي إلى الخلط و الإلتباس عند المتلقي .
2- التوصل إلى نقاط التشابه و الاختلاف الظاهرة في اللغتين الصينية و العربية من خلال الدراسة و التحليل ، مما يترتب عليه إلقاء الضوء و توضيح الخصائص التي تنفرد بها كلًتا اللغتين الصينية و العربية .
3- عمل دراسة شاملة وافية على كل ما يدور حول المبالغة من حيث تعريفها و أنواعها و تاريخ تطورها و كذلك الأساليب المستخدمة للتعبير عنها في كلتا اللغتين الصينية و العربية من خلال دراسة تقابلية سوف تساعد دارسي اللغة الصينية لغير الناطقين بها ، و دارسي اللغة العربية من الصينين من خلال العرض المبسط للنظرية و الأمثلة المبسطة بالإضافة إلى النتائج التي توصلت إليها الدراسة من نقاط تشابه و اختلاف للاستفادة منها في الترجمة ، معرفة المصطلحات اللغوية في كلتا اللغتين ، أهم أساليب التعبير المباشر و غير المباشر عن المبالغة ، تعبيرات تحمل ثقافة اللغتين ، ما يساعد على اتقان اللغة و ثقافتها بشكل كبير .
ينقسم البحث إلى ستة مباحث : المبحث الأول يهتم بتعريف المبالغة و تطورها و أنواعها في اللغتين الصينية و العربية ، يهتم المبحث الثاني بأساليب التعبير عن المبالغة في اللغة الصينية ، و المبحث الثالث يهتم بدراسة صيغ المبالغة و أساليبها في اللغة العربية ، أما المبحث الرابع و الخامس فهما تحليل للمادة التطبيقية في اللغتين ، ثم يأتي المبحث السادس ليعرض أهم نقاط التشابه و الاختلاف بين أساليب التعبير عن المبالغة في اللغتين ، ثم خلاصة البحث و عرض أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة ثم قائمة المراجع و المصادر .
المبحث الأول : المفهوم اللغوي لمصطلح المبالغة و أنواعها في اللغتين الصينية و العربية
و هو ينقسم إلي جزئين :
الجزء الأول : يتناول نشأة البلاغة و تاريخها و مفهومها بشكل عام ، و تاريخ مصطلح "المبالغة " و مفهومها بشكل خاص في اللغة الصينية ، كما يتضمن الأسس العامة لكيفية استخدام المبالغة ثم الأنواع .
في اللغة الصينية سبقت البلاغة ظهور النحو . ففي كتاب ( اي جين ) ( yi jin )في فصل الحديث عن الأخلاق و الدراسة كان هناك حديث عن البلاغة . و على الرغم من أن البلاغة التي تحدث عنها ( اي جين ) تختلف عن البلاغة في هذا العصر و كذلك مفهومها و لكنها تتفق مع البلاغة في الوقت الحالي من حيث الممارسة اللغوية ، و هذا ما اتفق عليه الباحثون .
لقد خلق علم البلاغة من ضلع النقد الأدبي ، و قد كانت بدائية و غير واضحة المعالم ثم أصبحت تدريجيًا علمًا مستقلًا بذاته .
ينقسم تاريخ البلاغة إلى مرحلتين :
• قديما ( من قبل عصر أسرة تشين - 1905 م) و كانت تعني " تعديل الكلمات "
• حديثا ( من 1905 م – وقتنا هذا ) و هي تعني "طرق و تقنيات التكوين "و "طرق وتقنيات استخدام الكلمة "و "طرق و تقنيات تعديل الأسلوب ".
المبالغة في اللغة الصينية هي التجاوز فى صفة من صفات الشيء عمدًاً بالزيادة أو النقصان – دون الخروج عن دائرة طباع الشيء - للكشف عن جوهره وذلك لتوضيح المعنى و تعميقه عند المتلقي . ترتكز المبالغة على المجاز و تسجيل المشاعر ، وليس الغرض منها تسجيل الوقائع . وقد تعددت مسمياتها على مدار التاريخ و لكن اتفق الأغلبية على مسميين هم “夸饰” و “夸张” تفضل الدراسة ثانيهما "夸张" بعد البحث في أصل الرموز المكونة له ، و معناهم و هذا ما نستقر عليه الآن .
إن أول ظهور للمبالغة في اللغة الصينية يرجع لفترة الخريف و الربيع من عام ( 770ق م – 476 ق م ) على لسان المفكر الصيني العظيم كونفوشيوس في كتابه الشهير (( الشعائر ))
جاء بعد ذلك ( مانغز) ( meng zi ) تلميذ المدرسة الكونفوشية و طور المعرفة بالمبالغة بوصفها أسلوبا في التعبير . وقد أكد على أثر استخدام المبالغة في التعبير و كان لكلامه الأثر الكبير على الأجيال اللاحقة.
على مر التاريخ ظهر كثير من العلماء الذين رفضوا المبالغة ؛ منهم " وانغ تشونغ " ( wang chong )من عصر أسرة خان الشرقية و كانت له آراء سلبية تجاه المبالغة من حيث كونها أسلوبًا في التعبير بشكل عام ، فهو لم يستطع الفصل بين المبالغة و الادعاء أو الكذب ، و منهم من يعترف بالظاهرة مثل" ليوشوي" فهو يري أن المبالغة توظف في التعبير منذ بدء الخليقة و أنه يجب كسر القواعد حتي يمكننا الحصول علي لآلىء المبالغة المكنونة على حد قوله ، و أكد على أهمية استخدام المبالغة في التعبير، لكنه أكد كذلك على ضرورة ارتباطها بالواقع و أهمية الفصل بين المبالغة و فقدان المصداقية.
في العصر الحديث ظهرت بعض المراجع التي كان لها الأثر الكبير على تاريخ المبالغة منها كتاب " تانغ يو( tang yu )" (( البلاغة ))عرف فيه المبالغة و كيفية التفرقة بينها وبين الكذب و كذلك أهمية اقتراب المبالغة من الواقع حتي لا تتسبب في نفور المتلقي .. و كتاب " تشنغ وانج داو ( chengwangdao الذي أصبح من أهم مراجع العصر الحديث التى تحدثت عن البلاغة .. و قد وضح فيه تعريف المبالغة و حدد أنواعها التي تتلخص عنده في المبالغة البسيطة و الغلو .. و قد صنفت المبالغة عند وانغ تشونغ ( wang chong ) و ليوشوى ( liuxue)تحت المبالغة البسيطة ..
بعد البحث و الدراسة لأنواع المبالغة في المراجع الصينية و تحليل مادة التطبيق الصينية توصلت الدراسة إلي أنه يمكن تقسيم أنواع المبالغة إلي النقاط الآتية :
1. المبالغة من حيث الشكل : ( انظر ص 10 )
أ- المبالغة المباشرة
ب- المبالغة غير المباشرة
2. المبالغة من حيث المضمون : ( انظر ص 10 )
أ- المبالغة في الزيادة
ب- المبالغة في النقصان
ت- الغلو
3. المبالغة من حيث الهدف : ( انظر ص 11 )
أ- المبالغة للذم
ب- المبالغة للمدح
ت- المبالغة للإقناع
ث- المبالغة للتفاخر بالذات
الجزءالثاني من المبحث الأول يهتم بشرح و تحليل بعض المفاهيم الأساسية حول المبالغة في اللغة العربية و علاقتها بعلمى البلاغة و البديع ، و يهتم أيضا بتفسير مفهوم المبالغة عند القدماء و اختلاط هذا المفهوم ببعض المفاهيم و المصطلحات اللغوية الاخري عند بعضهم مرورًا بتعريف المبالغة في بعض المصادر الحديثة و المعاجم العربية ، حيث تندرج المبالغة تحت ما يسمي بعلم البديع ، و هو أحد فروع علم البلاغة التابع للقسم الأدبي و أحد علوم اللغة العربية ....
البلاغة في اللغة العربية هي "كل ما تبلغ به المعني لقلب السامع "كما قال " أبو هلال العسكري" ( ت بعد 359 هـ ) في كتابه "كتاب الصناعتين ". و كما قال " الرماني" (ت 384هـ ) صاحب كتاب ( النكت في القران الكريم )"إنما البلاغة إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ ".
إن علوم البلاغة لم توجد كاملة كما نراها الآن وإنما مرت بالأطوار التي مر بها كل علم وسنوجز هنا المراحل التي مرت بها.
لقد كانت البلاغة في العصور القديمة لا تخرج عن كونها مجرد مهارات للإبانة و الإفصاح عما يجيش في نفس المتكلم من معانٍ بحيث يتم توصيلها إلى نفس السامع على نحو محكم يبرهن على ذكاء المتكلم و إدراكه لمتطلبات الموقف بالإضافة إلى مؤثرات شخصية أخرى تتعلق بشمائل المتكلم .
عندما نزل القرآن الكريم عكف العلماء على دراسته و بيان اسراره و إعجازه ، و لا شك أنه كان له دور عظيم في نشأة البلاغة و تطورها.
في العصر الأموي بدأت الحياة الأدبية تزدهر مما أدى إلى ظهور دروس في البلاغة .
وفي العصر العباسي تطور النثر و الشعر تطورًا كبيرًا فبدأت الملاحظات البلاغية تزدهر بدورها إزدهارًا عظيمًا و بدأت تأخذ الصبغة العلمية . و ظهر العديد من العلماء الذين كان لهم دورهام في تطور هذا العلم منهم " سيبويه " (ت 180 هـ). كما ظهرت الكثير من المؤلفات الهامة مثل ( كتاب الفصاحة ) "لأبي حاتم السجستاني" (ت 200هـ).
ثم أخذت بعد ذلك المؤلفات تميل إلي التخصص فوضع "عبد الله بن المعتز" (ت 296هـ) كتابه ( البديع ) و كان لهذا الكتاب قيمة كبيرة في تاريخ البلاغة و خاصة في علم البديع فقد استقل بذكر ثمانية عشر لونًا من البديع مثل الاستعارة و الكناية و التشبيه و المطابقة و الجناس.
ثم تلاه طائفة من النقاد الذين أثاروا الكثير من بحوث البلاغة مثل "قدامة بن جعفر" (ت 337هـ) الذي ألف كتاب ( نقد الشعر) الذي تحدث فيه عن المبالغة بشكل مفصل و وضع لها تعريفًا بلاغيًا .
تهتم هذه الدراسة بتعريف المبالغة عند القدماء و عند المحدثين ، و كذلك في بعض المعجمات .. يقول المعجم الوسيط فى مادة "بلغ" : بلغ الشىء بلوغا : وصل إليه / بَلُغَ بلاغة : فصح و حسن بيانه فهو بليغ / بَالَغَ فيه مبالغة و بِلاغا : اجتهد فيه و استقصى و غالى فى الشىء / تَبَالَغَ فيه المرض و الهم : تناهى / تَبَلَّغَ بكذا : اكتفى به / المَبٌلَغُ : المنتهى .
كذلك تطرق بعض النقاد و البلاغيين و اللغويين إلى دراسة المبالغة ، فقد عنوا بالمصطلح واهتموا بمدلوله أمثال "سيبويه "(180هـ) و" ابن قتيبة "( 276هـ) و "المبرد "( 286هـ ) و "قدامة بن جعفر" ( 337هـ ) و القاضي "الجرجاني" ( 392هـ ) و" ابن رشيق القيرواني" ( 456هـ) و غيرهم الذين تناولوا معنى المبالغة و تحدثوا عنه على أنه الإفراط و تجاوز المقدار و تكثير المعنى والزيادة فيه .فقد كان الإفراط و المبالغة مذهبا عاما في المحدثين و الأوائل و الناس فيه مختلفون ؛ فمنهم من يفضلها و يراها الغاية القصوى فى الجودة و منهم من ينكرها و يراها عيبا فى الكلام لأنها ربما تتسبب فى التباس المعنى على السامع ، فليست لذلك من أفضل أساليب التعبير .
و قد جاء السيد / أحمد الهاشمي (ت 1362 هـ) للتعبير عن رأي المحدثين في المبالغة ، و وضع تعريفا لها و لكنه لم يختلف عمن سبقوه فقد قال أن المبالغة : " أن يدعي المتكلم لوصف بلوغه فى الشدة أو الضعف حدا مستحيلا أو مستبعدا "
بعد الاطلاع على رأي بعض علماء اللغة و البلاغيين العرب القدماء و المحدثين فى المبالغة من حيث المفهوم يمكن تقسيمهم في رأيى الشخصي إلى فريقين :
أ. فريق يرتضى المبالغة على ألا تخرج الزيادة في وصف المعنى عن دائرة طباع الشىء ، مع الإيمان بضرورة إطلاق العنان لخيال الشاعر أو الكاتب ، و درجة انفعاله بالتجربة الشخصية أمثال : "قدامة بن جعفر"، القاضى "الجرجانى" ، "إبن رشيق القيروانى" و" ابن سنان الخفاجى" و" يحيى بن حمزة العلوى" .
ب. والفريق الآخر أمثال "الشريف المرتضى" و الخطيب "القزوينى " يرى أنه لا يمكن التحقيق و التدقيق فى استخدام المبالغة ، بل يجب إطلاق العنان لخيال الشاعر أوالكاتب في الوصف حتى إذا خرج عن حد العقل و وصل إلى حد الاستحالة دون القياس أو الرجوع للواقع الخارجي فهذا برأيي يحد من آفاق الشاعر أو الكاتب و ليس معنى هذا الإفراط في استخدام المبالغة دون داعٍ و إنما استخدامها عندما يستدعي الأمر.
بعد الاطلاع علي ما سبق يرى الباحث أن مفهوم المبالغة يدور حول تناهي المعني و تكثيره و تفخيمه و شدته و الوصول به إلي أقصى غاية ممكنة.
و في النهاية نري أن المبالغة الزائدة و بلوغ النهاية فى الوصف بما يتطلبه الموقف و يحتاجه المعنى بدون إفراط ، و بما لا يدفع إلى الظن بأن هذه الزيادة يمكن الاستغناء عنها حتى لا تكون مذمومة . و على ذلك فهي أسلوب من أساليب التعبير الذي يتناهي أو يتجاوز فيه الصفة إلى أن يصل بالمعنى إلى أقصى غاية ممكنة ، مدحًا كان أو ذمًا ، زيادةً أو نقصانا ،سواء على جهة الإمكان أو التعذر أو الاستحالة – فهى على كل حال تسمى مبالغة فكيف يفرض عليها قيود؟!
Other data
| Title | " صيغ المبالغة في اللغتين الصينية و العربية – دراسة تقابلية " (و تطبيقها علي قصص الأطفال الصينية و العربية فى المرحلة العمرية الثالثة ) | Authors | إنجي عادل صلاح الدين محمد | Issue Date | 2017 |
Recommend this item
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.