قضايا الشباب كما تعكسها المحطات الإذاعية الحكومية والخاصة

نهاد محمد نجيب إبراهيم;

Abstract


الشباب هم رأس مال الأمة وعدتها وعتادها وحاضرها ومستقبلها وهو ثروة الأمة التي تفوق ثروتها ومواردها كلها. فإذا أدركت الأمة كيف تحافظ على أغلى ثرواتها وكيف تنميها وكيف توجهها وتستفيد منها وتغيرها استطاعت أن تؤدي رسالتها في الحياة. فهم قاعدة البناء فى استمرار مسيرة المجتماعت الحضارية عبر التاريخ والاهتمام بقضايا الشباب ومشكلاته ظاهرة عالمية حديثة, وهو ينطلق من الاعتراف بما للشباب من مكانة فى بناء المجتمع المعاصر.
ويشكل الشباب شريحة عمرية متميزة بحالة من الفاعلية والدينامية فى حياة الإنسان. وقد جذبت هذه الفئة انتباه العلوم الانسانية, وعلم الاجتماع فى النصف الثانى من القرن العشرين حيث برزت فاعلية هذه الشريحة لثلاثة اعتبارات: يتمثل الاعتبار الأول فى الدور النضالى الذى قام به الشباب فى فترات التحرير والاستقلال , ويتمثل الاعتبار الثانى فى مكانتهم ودورهم فى اطار عملية التنمية والتحديث التى تمر بها مجتماعتهم وبخاصة مجتمعات العالم الثالث. ويشير الاعتبار الثالث إلى الدور الذى لعبته الظروف المنتوعة فى بلورة هذه الشريحة العمرية, ومن هذه الظروف حالة الانكسار التى طرأت على عالمنا فى العقود الثلاثة الأخيرة للقرن العشرين. والتى كان من المتعين على الشباب مواجهتها كماً ونوعاً حيث تضافرت عدة عوامل اقتضت إعادة التفكير والنظر فى قضايا الشباب فى ظل المعطيات المستجدة, إذ تواكب الكساد العالمى مع ضعف وسوء تنظيم الموارد المحلية. وكانت لتفتيت كثير من الدول الاشتراكية السابقة بالاضافة إلى سياسات التطهير العرقى والمصادمات الدامية المقرونة بالكوارث الطبيعية, وسد أبواب أوروبا أمام شباب العالم الثالث, وتزايد نسبة السكان تحت خط الفقر, وانتشار الفساد بين كثير من النخب الحاكمة, كان لكل ذلك أثره فى توجيه ضربة نفسية قاسية فى صميم طموح الشباب ترجمها فى تزايد نسبة العنف ومعدلات الجريمة والإدمان.
ونحن عندما نبحث في قضايا وإشكاليات الشباب، فإننا نكون قد دخلنا فعلياً في بحث جوهر بنية المجتمع،لأن بنية المجتمع تتمحور في سياق تطورها الاجتماعي وتنميتها الاقتصادية على فكر وإبداع وجهد ومشاركة فئات الشباب.
وعلى هذا, فتدارس قضايا الشباب واجب على كافة الأجهزة التشريعية والتخطيطية والتنفيذية والبحثية ووسائل الاعلام المختلفة من أجل وضع الخطط الكفيلة بتنميتهم والإرتقاء بقدراتهم, و تحقيق معدلات مرتفعة من التنمية البشرية.
وقد مرت الإذاعة المصرية بتحديات كثيرة منذ نشأتها حتى اللحظة, إلا أنها كانت, وفى كل مرة, تحمل من المرونة ما يجعلها تواكب أى تطور وخير دليل على ذلك انتشار وازدياد عدد الإذاعات حيث عادت جزءاً من حياتنا اليومية – بعد فترة من الركود – فى وقت ظن الجميع أنها فى زوال ويرجع ذلك إلى الثورة التكنولوجية الحديثة التى سهلت الاستماع إليها. بعدما تجاوزت طريقة إلتقاطها من المذياع إلى كثير من التطبيقات عبر هواتفنا الذكية أو عبر ترددات من خلال أجهزة استقبال عبر التليفزيون أو من خلال شبكة الإنترنت.
وربما زاد اقبال الناس على متابعة البرامج الإذاعية لأنها لا تحتاج إلى تفرغ كامل بسبب اعتمادها على السمع فقط, وكذلك بسبب التغير الذي طرأ على مايقدم من برامج تحاكى حياة أفراد المجتمع وواقعهم مثل البرامج الخدماتية والبرامج الحوارية المجتمعية.
فالإذاعة وسيلة جماهيرية متأثرة بقضايا ومشكلات المجتمع بقدر ما تؤثر فيها, ومنعا لحدوث تزيفاً لوعى الجمهور فلابد من العمل تحت سياسة إعلامية تهدف إلى مشاركة الجماهير حياتها اليومية ومعايشة مشكلاتها والتعبير عن مطالبها وآرائها في نطاق المظلة القومية.
وعلى ذلك فإن اهتمام الإذاعة ببث قضايا المجتمع بشكل عام والشباب بشكل خاص, ساهم فى تطوير دور وتأثير الإذاعات فى حياتهم, وبالتالى أصبحت هذه القضايا أقرب إلى الحل والمتابعة.
وقد شهدت الأنظمة الإعلامية العربية العديد من التغيرات مع بداية القرن الواحد والعشرين وقد كانت هذه التغيرات بمثابة انعكاسات للعديد من الضغوط الداخلية والخارجية وبين هذه الضغوط الخارجية الإتجاه العالمى المتنامى نحو إعطاء وسائل الإعلام مزيد من الحرية نحو دخول القطاع الخاص وتشجيع العمل بنظام السوق الحرة فى مجال الأفكار والموضوعات , وذلك من خلال التحول نحو ما يسمى بالإتجاه التجارى فى وسائل الإعلام Commercialization.
تواكب مع التحول التكنولوجى زيادة دور رجال الأعمال فى الإقتصاد المصرى فى ظل تبنى سياسة الخصخصة منذ بداية التسعينات ومنح القطاع الخاص فرصة أكبر لمشاركة الدولة فى إدارة المشروع الإقتصادى , وقد رأت بعض الرموز المعبرة من هذه النخبة ضرورة أن يكون هناك صوت إعلامى معبر عن مصالحها.
ومن هنا أصبح لدينا نمطان من الملكية لوسائل الإعلام (حكومى وخاص). ومع ظهور الإذاعات الخاصة ظهرت قوالب مستحدثة من البرامج التى تجذب الجمهور والشباب منهم بوجه خاص, ويرجع ذلك لطبيعتها الترفيهية الخفيفة وتقديمها لما يهم الشباب من موضوعات وقضايا.
فعلى الرغم من أن القنوات الحكومية انتهجت فى كثير من موادها الإعلامية نهج القطاع الخاص فيما يتعلق بتنمية الإيرادات إلا أنه مازال يعتمد على التمويل الحكومى فكان أكثر بطئاً فى فهم متطلبات السوق وأكثر تأثراً بالمؤثرات السياسية والاقتصادية من حوله.
ورغم خضوع جميع القنوات حكومية وخاصة للنظام الحكومى المصرى إلا أن هناك مساحة حرية ملحوظة فى القنوات الخاصة مقارنة بالقنوات الحكومية سواء بحكم توجهها لنوعية معينة من الجماهير أو بحكم وجود توجهات ومصالح رأسمالية توجه هذه القنوات ربما ليس فى معالجة الموضوعات فقط وإنما حتى فى منطق اختيار القضايا.
ومن كل ما سبق قد نلاحظ أن تنوع أنماط الملكية هذا لعب دور فى اختلاف تناول القضايا التى تخص الشباب من رصد وتناول وتحليل. ومن هنا نشأت فكرة هذه الدراسة وهى التعرف على طبيعة ومدى وجود علاقة بين نمط ملكية وإدارة الإذاعة المصرية، ما بين الملكية الحكومية والملكية الخاصة فيما يخص معالجة قضايا الشباب المختلفة التي تقدمها الإذاعة سواء الحكومية أو خاصة و الخروج ببيانات ومعلومات دقيقة حول طرق عرض وتناول القضايا، وذلك بهدف التقييم الموضوعي لهذه الإذاعات، والتعرف على مدى اقتراب مضمون هذه البرامج من واقع قضايا الشباب فى المجتمع المصرى من خلال استطلاع رأى الشباب ولجنة من الخبراء حول مدى أهمية هذه القضايا المطروحة.
وتقع الدراسة الراهنة في سبعة فصول، يحمل الفصل الأول عنوان الإطار المنهجي ويضم مقدمة ثم عرضا لمشكلة الدراسة تنتهي بمجموعة من التساؤلات التي تحاول الدراسة الإجابة عنها، مع بيان لأهدافها وأهميتها النظرية والتطبيقية، وإلقاء نظرة موجزة على مفاهيم الدراسة ، والإجراءات المنهجية للدراسة التحليلية والميدانية، وشمل ذلك نوع الدراسة ومنهج الدراسة ونوعها ومجتمع وعينة الدراسة، مرورا باختيار العينة، ثم وصف عينة الدراسة، وأدوات الدراسة، واختبارات الصدق والثبات.
أما الفصل الثانى فقد خصص للدراسات السابقة والتى تم تقسيمها إلى ثلاث محاور, الأول اختص بالدراسات التي تناولت معالجة وسائل الإعلام لقضايا المجتمع, والثانى اختص بالدراسات التى تناولت معالجة وسائل الإعلام لقضايا الشباب, أما المحور الثالث فقد اختص بالدراسات التى عقدت مقارنة بين الإعلام الحكومى والخاص، واختتم هذا الفصل بتعليق عام على الدراسات السابقة وأوجه الاستفادة منها.
ويتناول الفصل الثالث الإطار النظري للدراسة من خلال "نظرية الغرس الثقافي" حيث تعرض الباحثة لنشأة نظرية الغرس ومفهومها، وكيفية حدوث الغرس، كما تناول الفصل الفروض الأساسية التي قامت عليها نظرية الغرس، كما قامت الباحثة بشرح لمفاهيم الغرس، وكذلك مستويات حدوث الغرس، وخطوات تحليل الغرس، والعوامل المؤثرة في حدوث الغرس.
وناقش الفصل الرابع أهم القضايا الإجتماعية, السياسية, الإقتصادية والنفسية التي تواجه الشباب في ضوء كلا من الدراسات والبحوث وجمع المادة التحليلية والميدانية التي قامت بها الباحثة.


Other data

Title قضايا الشباب كما تعكسها المحطات الإذاعية الحكومية والخاصة
Other Titles Youth Issues as Reflected in the Government and Private Stations
Authors نهاد محمد نجيب إبراهيم
Issue Date 2016

Attached Files

File SizeFormat
G13949.pdf723.68 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 10 in Shams Scholar
downloads 8 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.