تطور مضمون نظرية الخطأ غير العمدى فى القانون الجنائى (دراســة مقارنــة)

Abstract

لقد اصبحت الجرائم غير العمدية فى نهاية القرن العشرين , الشكل الاكثر خطورة للإجرام . ويرجع السبب الاساسى فى ذلك الى التطور العلمى والتقدم التكنولوجى الهائل فى جميع مجالات الحياه فى العصر الحديث . والممعن للنظر فى الاونة الاخيرة يرى كثرة الحوادث واضطرادها وارتفاع نسبة تطورها بشكل مفزع وخطير . والدليل على ذلك ما شهده العالم اليوم من تزايد حوادث السفن والطائرات والقطارات والسيارات , وما اسفرت عنه من كثرة عدد الضحايا من قتلى وجرحى , وواقعة قطار الصعيد ليست منا ببعيد حيث دفع المئات ارواحهم وسلامتهم الجسدية بسبب عدم توافر وسائل الامان اللازمة عند نشوب الخطر. واستجابة لمتطلبات الحياه الاجتماعية التى تطورت بفعل التقدم التكنولوجى , ذهب جانب من الفقه الى القول بأن الفكرة التقليدية للخطأ غير العمدى اظهرت عدم كفايتها لتمييز الحالات الخطيرة التى يكون الفاعل فيها على وعى وادراك بالخطر الذى قد يتعرض له الغير . ولعل هذا ما دعا المشرعيين الدوليين فى المؤتمر الدولى العاشر لقانون العقوبات الذى عقد فى روما عام 1969 الى اتساع نطاق التجريم غير العمدى من خلال خلق صور جديدة للتجريم تحت مسمى تعريض الغير للخطر , يقوم على تجريم السلوك الخطر بغض النظر عن تحقيق اى نتيجة ضارة , فهذا التجريم يقتضى العقاب على السلوكيات الخطرة حتى ولو لم يترتب عليها اى ضرر , بغرض الحماية المتقدمة للمصالح والممتلكات الجديرة بالحماية . وقد حرصت على أن أتناول كافة الموضوعات التي يثيرها البحث في هذا الموضوع سواء على مستوى النظرية التقليدية للخطأ غير العمدى ، أم على مستوى النظرية الحديثة للخطأ وفق أحدث التعديلات التي طرأت على هذه النظرية بداية من قانون العقوبات الفرنسى الصادر في 1992 والذي دخل حيز التنفيذ في مارس 1994 ، وانتهاءا بالقانون الصادر في 10 يوليو 2000.