المصطلح الصوفى فى كتاب "كفاية العابدين" للحاخام أڨراهام بن ميمون وصلته بالمصطلح الإسلامى
حياة سعيد صالح حميدة;
Abstract
تكمن أهمية التركيز على قضية التأثير والتأثر بين الحضارت؛ فى تأصيل الواقع الحضارى الذى تلاقت فيه الحضارات؛ وهذ التأثير يحدث تبعًا لعدة أسباب منها ما يأتى لتقليد الجانب المتأثر للمناهج التى برع فيها الجانب المؤثر؛ وذلك إعجابا بها نتيجة لعدم وجود مثل هذه المناهج لدى الجانب المتأثر، مما جعله يلجأ إلى محاكاتها. كما قد يكون التأثير محاولة للتوفيق بين الجانبين (المؤثر والمتأثر) لاسيما فى وجود عوامل مشتركة بينهما مثل التقارب فى الأصل واللغة والدين والطباع. كما يمكن أن تكون الترجمة والنقل عاملاً آخر فى حودث التأثير والتأثر.
ويأتى التلاقى بين الجانبين أملا فى التطور الذاتى وسعيا للنمو الداخلى والذى عجزت فيه الحضارة الأم عن تنميته، لذا يتم اللجوء إلى الجانب الأكثر تطورا وتقدما، فالعلاقة إذن متبادلة بين الطرفين.
ولعل ذلك المناخ المتسامح الذى عاش فيه اليهود وغير اليهود من أهل الذمة فى البلدان العربية فى العصور الوسطى، هو أكثر ما أسهم فى تقدم الحضارة الإسلامية التى شارك فيها المسلم والمسيحى واليهودى مشاركة فعالة ايجابية جاءت لصالح الجميع من أبناء هذه الحضارة.
وجاء التأثير الإسلامى على اليهودية فى كل مجالات الفكر الإنسانى. لغه وديانة وفلسفة وتفسير وعقيدة وطب وكذلك تصوف (موضوع الدراسة). فجاءت أعمال اليهود فى تلك المجالات على غرار الأعمال العربية السابقة لها.
ونحن هنا بصدد الحديث عن التصوف المقارن بين اليهودية والإسلام؛ أى أثر التصوف الإسلامى على الفكر الدينى اليهودى فى العصور الوسطى، متمثلا فى كتاب "كفاية العابدين – מַסְפִּיק לְעוֹבְדֵי הַשֵּם" لأڨراهام بن ميمون.
ويدخل الكتاب ضمن الدراسة المقارنة، التى تكتسب فيها التأثيرات مكانة هامة؛ فالتأثير يسبقه عادة استيعاب الجانب المتأثر للاحتياجات الفكرية والمتطلبات الروحية لدى الجانب المؤثر ثم يحدث التأثير، وهذا ما يتضح فى عرض أڨراهام للتجربة الصوفية التى يجب على اليهودى اتباعها، ومدى تأثره فيها بالطابع الروحى الإسلامى للتجربة الصوفية.
حيث عجزت الديانة اليهودية آنذاك عن توفير المضمون الفكرى الكامل للتجربة الصوفية؛ لكونها أقل الديانات تصوفا. ومن هنا يحاول أڨراهام جاهدا رسم معالم للسلوك الصوفى عند أنبياء بنى إسرائيل القدماء. ليُمكن اليهودى من وضع صورة متكاملة مجتمعة من سلوك الأنبياء القدماء حتى يخوض هذا السلوك، تحت مفهوم السلوك الروحانى اليهودى الأصيل دون تشبه بالسلوك الصوفى الإسلامى وفق زعمه. لكن التجربة الصوفية فى قوامها لا تتجزأ، فلا نجد صوفيا يسلك الزهد دون الصبر أو التواضع دون الورع أو التوبة دون الذكر فكلها مقامات يجب أن يتدرج فيها السالك؛ أى يجب أن يتخلق بها من يرغب فى اتباع السلوك الصوفى، لا أن يتخلق بواحدة دون الأخرى.
وعند تأصيل أڨراهام لتلك الأخلاق الصوفية لأنبياء بنى إسرائيل يشير إلى تمتع كل نبى بخُلق من هذه الأخلاق. ولا يضع صورة كاملة للتصوف عند نبى أو ولى من بنى إسرائيل ليسهل على القارئ تصديق وجهة نظره الذى ينادى بها فى كتابه والقائلة أن التصوف الإسلامى أصله يهودي.
وتعتمد الدراسة فيما يتعلق بالجانب الصوفى على كتاب كفاية العابدين لأڨراهام بن ميمون على الجزء التاسع من الكتاب. وقد قام بتحقيقه وترجمته إلى الإنجليزية " صمويل روزنبلاط- Samuel Rosenblatt" وأخرجه فى إصدارين القسم الأول إصدار جامعة كولومبيا ، نيويورك عام 1966 ، والقسم الثانى إصدار بلتيمور جون هوبكنز بريس عام 1938، وناقش فيه روزنبلاط حياة أڨراهام وتصوفه والمصادر التى استعان بها أڨراهام فى كتابه، كما تطرق إلى فكره الفلسفى. وجاء الكتاب تحت عنوان "The High Ways To Perfection" أى الطرق المثلى للكمال.
وهو الجزء الأساسى للدراسة، وفى هذا الجزء حاول أڨراهام – على عكس غيره من الباحثين فى أصل التصوف- رد التصوف الإسلامى إلى اليهودية، مقدما شخصيات توراتية بوصفها شخصيات تقية تنحو منحى الصوفية، وأوضح أن متصوفة الإسلام هو الورثة الحقيقيون للتقاليد الصوفية من أنبياء بنى إسرائيل. كما نسب بعض عبادات الصوفية من زهد وتواضع وحلم وخلوة إلى أنبياء بنى إسرائيل، بحجة أن اليهود قد تناسوا هذه الأخلاق الروحية أثناء محن المنفى والشتات، وأنه لابد لهم من العودة لممارسة هذه الروحنيات من جديد.
أما الجزء الثانى من الكتاب قام بتحقيقه وترجمته إلى العبرية "نسيم دانا- Nissim Dana" إصدار جامعة بر إيلان تل أبيب عام 1989، وهو القسم الثانى من الفصل الثانى من أقسام الكتاب، ويناقش مظاهر العبادة فى اليهودية وإن تجلى التأثير الإسلامى فى بعض هذه المظاهر وهو ما سنعرض له فى الفصل الثالث من الدراسة.
وقد انقسمت الدراسة إلى مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة:
اشتملت المقدمة على أهمية البحث وأهدافه والمنهج المتبع فيه والدراسات السابقة وأقسام البحث.
تناول التمهيد لظروف العصر الذى عاش فيه المؤلف، وكيف أن الطابع الروحى الصوفى لذلك العصر أثر على أڨراهام، حتى أخرج لنا كتابه الثمين "كفاية العابدين" كما يعرض لدور العائلة الميمونية فى الفكر اليهودى.
تطرق الفصل الأول وعنوانه نظرة تاريخية للتصوف فى كتاب كفاية العابدين وما سبقه. وينقسم إلى مبحثين:
المبحث الأول بعنوان لمحات من التصوف الإسلامى من سعديا الفيومى إلى موسى بن ميمون ويتناول هذا المبحث نظرة تاريخية للتصوف اليهودى قبل أڨراهام بن ميمون، والذى يرصد بعض الأعمال اليهودية الدينية والتى ناقشت جانبًا أو بعض الجوانب الخاصة بالتجربة الصوفية، سنعرض فيها لخمسة أعمال تنسب لليهودية يمكن أن تشتمل على بعض الإشارات للتصوف.
المبحث الثانى بعنوان المسائل الصوفية الرئيسة فى كتاب " كفاية العابدين" ويبحث المسائل الصوفية فى الكتاب والتى جعلها أڨراهام الأسس التى يجب إتباعها فى خوض التجربة الروحية من زهد وورع وتواضع وحلم وخلوة إلخ...
الفصل الثانى بعنوان البنية الصرفية والدلالة اللغوية للمصطلحات الصوفية الإسلامية واليهودية وينقسم إلى مبحثين:
المبحث الأول بعنوان البنية الصرفية للمصطلحات الصوفية فى الكتاب ويعرض لبنية المصطلحات الصوفية الإسلامية الواردة فى الكتاب، وأى الصيغ التى غلب استخدامها عند أڨراهام. حيث يكثر أڨراهام من استخدام صيغة اسم الفاعل للتركيز على القائم بالتجربة الصوفية، ومن أمثلة ذلك (سالك – قاصد – طالب – تابع – زاهد – ورع – واصل). كما يستخدم صيغ المصدر من المصطلحات الصوفية نحو( سلوك – قصد – طلب – تبعية – زهد – ورع – وصول)، كذلك استعان بصيغ صرفية أخرى نابعة من لغة التصوف الإسلامى؛ متنوعة بين صيغ الماضى والمضارع واسم المفعول والمصدر الميمى وأحيانا صيغة الأمر.
المبحث الثانى بعنوان الدلالة اللغوية والصوفية للمصطلحات الصوفية فى الكتاب ويناقش الدلالة اللغوية وعلاقتها بالدلالة الصوفية للمصطلحات الإسلامية، وكيف استعان أڨراهام بتلك المصطلحات فى خدمة الفكر الروحى الذى وضعه فى كتابه، لوصف تجربته الصوفية اليهودية كما يزعم. كما أنه استبدل بعض المصطلحات الصوفية المعروفة قياسا على ألفاظ تنتمى للغة
ويأتى التلاقى بين الجانبين أملا فى التطور الذاتى وسعيا للنمو الداخلى والذى عجزت فيه الحضارة الأم عن تنميته، لذا يتم اللجوء إلى الجانب الأكثر تطورا وتقدما، فالعلاقة إذن متبادلة بين الطرفين.
ولعل ذلك المناخ المتسامح الذى عاش فيه اليهود وغير اليهود من أهل الذمة فى البلدان العربية فى العصور الوسطى، هو أكثر ما أسهم فى تقدم الحضارة الإسلامية التى شارك فيها المسلم والمسيحى واليهودى مشاركة فعالة ايجابية جاءت لصالح الجميع من أبناء هذه الحضارة.
وجاء التأثير الإسلامى على اليهودية فى كل مجالات الفكر الإنسانى. لغه وديانة وفلسفة وتفسير وعقيدة وطب وكذلك تصوف (موضوع الدراسة). فجاءت أعمال اليهود فى تلك المجالات على غرار الأعمال العربية السابقة لها.
ونحن هنا بصدد الحديث عن التصوف المقارن بين اليهودية والإسلام؛ أى أثر التصوف الإسلامى على الفكر الدينى اليهودى فى العصور الوسطى، متمثلا فى كتاب "كفاية العابدين – מַסְפִּיק לְעוֹבְדֵי הַשֵּם" لأڨراهام بن ميمون.
ويدخل الكتاب ضمن الدراسة المقارنة، التى تكتسب فيها التأثيرات مكانة هامة؛ فالتأثير يسبقه عادة استيعاب الجانب المتأثر للاحتياجات الفكرية والمتطلبات الروحية لدى الجانب المؤثر ثم يحدث التأثير، وهذا ما يتضح فى عرض أڨراهام للتجربة الصوفية التى يجب على اليهودى اتباعها، ومدى تأثره فيها بالطابع الروحى الإسلامى للتجربة الصوفية.
حيث عجزت الديانة اليهودية آنذاك عن توفير المضمون الفكرى الكامل للتجربة الصوفية؛ لكونها أقل الديانات تصوفا. ومن هنا يحاول أڨراهام جاهدا رسم معالم للسلوك الصوفى عند أنبياء بنى إسرائيل القدماء. ليُمكن اليهودى من وضع صورة متكاملة مجتمعة من سلوك الأنبياء القدماء حتى يخوض هذا السلوك، تحت مفهوم السلوك الروحانى اليهودى الأصيل دون تشبه بالسلوك الصوفى الإسلامى وفق زعمه. لكن التجربة الصوفية فى قوامها لا تتجزأ، فلا نجد صوفيا يسلك الزهد دون الصبر أو التواضع دون الورع أو التوبة دون الذكر فكلها مقامات يجب أن يتدرج فيها السالك؛ أى يجب أن يتخلق بها من يرغب فى اتباع السلوك الصوفى، لا أن يتخلق بواحدة دون الأخرى.
وعند تأصيل أڨراهام لتلك الأخلاق الصوفية لأنبياء بنى إسرائيل يشير إلى تمتع كل نبى بخُلق من هذه الأخلاق. ولا يضع صورة كاملة للتصوف عند نبى أو ولى من بنى إسرائيل ليسهل على القارئ تصديق وجهة نظره الذى ينادى بها فى كتابه والقائلة أن التصوف الإسلامى أصله يهودي.
وتعتمد الدراسة فيما يتعلق بالجانب الصوفى على كتاب كفاية العابدين لأڨراهام بن ميمون على الجزء التاسع من الكتاب. وقد قام بتحقيقه وترجمته إلى الإنجليزية " صمويل روزنبلاط- Samuel Rosenblatt" وأخرجه فى إصدارين القسم الأول إصدار جامعة كولومبيا ، نيويورك عام 1966 ، والقسم الثانى إصدار بلتيمور جون هوبكنز بريس عام 1938، وناقش فيه روزنبلاط حياة أڨراهام وتصوفه والمصادر التى استعان بها أڨراهام فى كتابه، كما تطرق إلى فكره الفلسفى. وجاء الكتاب تحت عنوان "The High Ways To Perfection" أى الطرق المثلى للكمال.
وهو الجزء الأساسى للدراسة، وفى هذا الجزء حاول أڨراهام – على عكس غيره من الباحثين فى أصل التصوف- رد التصوف الإسلامى إلى اليهودية، مقدما شخصيات توراتية بوصفها شخصيات تقية تنحو منحى الصوفية، وأوضح أن متصوفة الإسلام هو الورثة الحقيقيون للتقاليد الصوفية من أنبياء بنى إسرائيل. كما نسب بعض عبادات الصوفية من زهد وتواضع وحلم وخلوة إلى أنبياء بنى إسرائيل، بحجة أن اليهود قد تناسوا هذه الأخلاق الروحية أثناء محن المنفى والشتات، وأنه لابد لهم من العودة لممارسة هذه الروحنيات من جديد.
أما الجزء الثانى من الكتاب قام بتحقيقه وترجمته إلى العبرية "نسيم دانا- Nissim Dana" إصدار جامعة بر إيلان تل أبيب عام 1989، وهو القسم الثانى من الفصل الثانى من أقسام الكتاب، ويناقش مظاهر العبادة فى اليهودية وإن تجلى التأثير الإسلامى فى بعض هذه المظاهر وهو ما سنعرض له فى الفصل الثالث من الدراسة.
وقد انقسمت الدراسة إلى مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة:
اشتملت المقدمة على أهمية البحث وأهدافه والمنهج المتبع فيه والدراسات السابقة وأقسام البحث.
تناول التمهيد لظروف العصر الذى عاش فيه المؤلف، وكيف أن الطابع الروحى الصوفى لذلك العصر أثر على أڨراهام، حتى أخرج لنا كتابه الثمين "كفاية العابدين" كما يعرض لدور العائلة الميمونية فى الفكر اليهودى.
تطرق الفصل الأول وعنوانه نظرة تاريخية للتصوف فى كتاب كفاية العابدين وما سبقه. وينقسم إلى مبحثين:
المبحث الأول بعنوان لمحات من التصوف الإسلامى من سعديا الفيومى إلى موسى بن ميمون ويتناول هذا المبحث نظرة تاريخية للتصوف اليهودى قبل أڨراهام بن ميمون، والذى يرصد بعض الأعمال اليهودية الدينية والتى ناقشت جانبًا أو بعض الجوانب الخاصة بالتجربة الصوفية، سنعرض فيها لخمسة أعمال تنسب لليهودية يمكن أن تشتمل على بعض الإشارات للتصوف.
المبحث الثانى بعنوان المسائل الصوفية الرئيسة فى كتاب " كفاية العابدين" ويبحث المسائل الصوفية فى الكتاب والتى جعلها أڨراهام الأسس التى يجب إتباعها فى خوض التجربة الروحية من زهد وورع وتواضع وحلم وخلوة إلخ...
الفصل الثانى بعنوان البنية الصرفية والدلالة اللغوية للمصطلحات الصوفية الإسلامية واليهودية وينقسم إلى مبحثين:
المبحث الأول بعنوان البنية الصرفية للمصطلحات الصوفية فى الكتاب ويعرض لبنية المصطلحات الصوفية الإسلامية الواردة فى الكتاب، وأى الصيغ التى غلب استخدامها عند أڨراهام. حيث يكثر أڨراهام من استخدام صيغة اسم الفاعل للتركيز على القائم بالتجربة الصوفية، ومن أمثلة ذلك (سالك – قاصد – طالب – تابع – زاهد – ورع – واصل). كما يستخدم صيغ المصدر من المصطلحات الصوفية نحو( سلوك – قصد – طلب – تبعية – زهد – ورع – وصول)، كذلك استعان بصيغ صرفية أخرى نابعة من لغة التصوف الإسلامى؛ متنوعة بين صيغ الماضى والمضارع واسم المفعول والمصدر الميمى وأحيانا صيغة الأمر.
المبحث الثانى بعنوان الدلالة اللغوية والصوفية للمصطلحات الصوفية فى الكتاب ويناقش الدلالة اللغوية وعلاقتها بالدلالة الصوفية للمصطلحات الإسلامية، وكيف استعان أڨراهام بتلك المصطلحات فى خدمة الفكر الروحى الذى وضعه فى كتابه، لوصف تجربته الصوفية اليهودية كما يزعم. كما أنه استبدل بعض المصطلحات الصوفية المعروفة قياسا على ألفاظ تنتمى للغة
Other data
| Title | المصطلح الصوفى فى كتاب "كفاية العابدين" للحاخام أڨراهام بن ميمون وصلته بالمصطلح الإسلامى | Authors | حياة سعيد صالح حميدة | Issue Date | 2015 |
Attached Files
| File | Size | Format | |
|---|---|---|---|
| G10884.pdf | 553.84 kB | Adobe PDF | View/Open |
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.