العلاقة بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب في دستور الجمهورية اليمنية دراسة مقارنة
محمود حسين علي ناجي;
Abstract
استقر الفقه الدستوري منذ أوائل القرن الثامن عشر على التمييز بين أنواع ثلاثة من وظائف الدولة القانونية هي الوظيفة التشريعية, والوظيفة التنفيذية, والوظيفة القضائية.
وحين استقر هذا التقسيم الثلاثي قام التساؤل حول ما إذا كان من الافضل لحسن سير الوظيفة الحكومية تركيز جميع هذه الوظائف في قبضة شخص واحد أو هيئة واحدة، أو توزيعها بين أكثر من شخص أو أكثر من هيئة.
ولكن الدساتير المعاصرة أرادت تخليص الشعوب من مساوئ نظام تركيز السلطة فآمنت بضرورة تعدد الهيئات العامة، مع توزيع العمل بين هذه الهيئات أخذا بقاعدة التخصص الوظيفي بمعنى أن تكون كل هيئة من هذه الهيئات متخصصة في أعمال وظيفة بعينها من وظائف الدولة الثلاث, فتتخصص هيئة في أعمال التشريع وثانية في أعمال التنفيذ وثالثة في أعمال القضاء، ولقد أصبح هذا الاتجاه يمثل قاعدة الأساس في التنظيمات الدستورية المعاصرة، وهو ما يعرف بمبدأ الفصل بين السلطات( ).
ونظراً لأهمية هذا التقسيم والتوزيع لوظائف الدولة بين سلطات ثلاث (تشريعية وتنفيذية وقضائية) رسخت معظم الدول ومنها الدول العربية مبدأ الفصل بين السلطات في دساتيرها وأجازت التعاون بين هذه السلطات، ولكن هذا التعاون والتوازن بين السلطات أكثر ما نجده في الدول التي تطبق النظام السياسي البرلماني( )، أما الدول التي تطبق النظام السياسي الرئاسي كالولايات المتحدة مثلا، فقد تبنت مبدأ الفصل الشديد بين السلطات، ومع ذلك فإنها لم تأخذ بالفصل التام، إذ إنه يعود لرئيس الجمهورية حق الاعتراض على القوانين، ومخاطبة البرلمان، والتأثير عليه عن طريق حزبه إذا كان من حزب الأغلبية في البرلمان، كما أن الكثير من أعمال السلطة التنفيذية لا تعتبر نافذة إلا بموافقة السلطة التشريعية، كتعيين كبار الموظفين، وإبرام بعض المعاهدات، والموافقة على الموازنة، بالإضافة إلى صلاحيتها في اتهام رئيس الجمهورية الذي تتم محاكمته أمام مجلس الشيوخ الذي يملك حق عزله، وذلك عندما تنسب إلى الرئيس الخيانة العظمى أو الرشوة أو غيرهما من الجنايات أو الجنح الخطيرة.
أما عند انحرافه في استعمال السلطة، أو إساءة التدبير أو الوقوع في الخطأ المضر بالمصلحة العامة، وما إلى ذلك فإنه يخرج من نطاق الاتهام والمحاكمة والإدانة والعزل.
وهكذا يمكن القول إن الدول التي تبنت مبدأ الفصل الشديد بين السلطات لم تستطع تجاهل أهمية وضرورة وجود تعاون وتوازن بين السلطة التشريعية والتنفيذية، وذلك لأجل فرض الرقابة المتبادلة بين هاتين السلطتين لمنع أي منهما من الطغيان أو الاستبداد أو الانحراف عن القانون، والمس بحقوق وحريات الأفراد التي كفلها الدستور.
وقد أقرت الدول التي تبنت مبدأ الفصل المرن بين السلطات بضرورة التعاون والتوازن بين السلطات، وهذا الأمر يطلق عليه اسم الضوابط والموازين.
والسؤال الذي يطرح هنا، هل إن العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية متوازنة، أم أن إحدى هاتين السلطتين تتمتع بصلاحيات أكثر من الأخرى؟
وهل إن الإخلال في التوازن في الصلاحيات بينهما يفسح المجال أمام هيمنة إحداهما على الأخرى؟
ونظرا لأهمية معالجة هذه الإشكالية، وتأثيرها على صعيد دور مجلس النواب اليمني في الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية ( رئيس الجمهورية )، وفاعلية هذه الرقابة، رأيت البحث في موضوع " العلاقة بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب في دستور الجمهورية اليمنية"، وذلك لمعرفة مدى التوازن في الصلاحيات الدستورية بين رئيس الجمهورية وبين مجلس النواب، ومركز كل منهما في الدولة، ومدى فاعليتها بالاستناد إلى صلاحياتهما الممنوحة بموجب احكام الدستور.
أهمية البحث:
تأتي أهمية الموضوع من ناحيتين، الأولى نظرية، والأخرى علمية.
1- الأهمية النظرية:
تبرز الأهمية النظرية لهذا البحث في شرح وتحليل مجمل النصوص الدستورية التي توضح العلاقة بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب، وفي توضيح الطريقة التي يمارس الشعب من خلالها السيادة في انتخاب هذه السلطات، وكذلك معرفة ما إذا كان المشرع اليمني موفقاً في تحديد هذه العلاقة، أم أن هناك قصوراً من قبل المشرع في هذه العلاقة، مما جعل إحدى هذه السلطات تفوق بقية السلطات الأخرى.
2- الأهمية العلمية:
يمكن استعراض الأهمية العلمية من خلال بيان الوضع الدستوري للسلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث يجري بيان ما إذا كان يتم اختيار البرلمان من قبل الشعب، أم أن لرئيس الجمهورية سلطة تعيين كل أو بعض أعضائه، وكذلك مدى سلطته في إنهاء ولايتهم عن الشعب قبل الأجل المحدد لولايتهم، وهو ما يعرف بحق الحل.
كذلك تكمن الأهمية في بيان الإجراءات التي يتبعها البرلمان في ممارسته لسلطاته، وفي بيان دور رئيس الدولة في التأثير على دورات الانعقاد وفي وقف جلسات المجلس، وطلب انعقاده في غير المكان المخصص له للانعقاد، وفي بيان سلطته في اقتراح القوانين والاعتراض عليها وإصدارها ونشرها، كذلك بيان ما سيسهم به دور كل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب في تطوير العملية الديمقراطية والعمل على تطويرها، وفي إيجاد نوع من التعايش بين جميع هذه السلطات، كل ذلك من خلال شرح وتحليل هذه العلاقة وتقديم صورة واضحة لهذه العلاقة من الواقع السياسي، من خلال السلطات الممنوحة لهما في الدستور، ومحاولة إيضاح الجوانب المهمة من هذه العلاقة في عملية البناء السياسي للدولة، أضف إلى ذلك مدى التعاون بينهما في مجريات العمل السياسي والتشريعي، وفي ترسيخ المبادئ الديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة عن طريق الاحتكام لصناديق الانتخاب.
وحين استقر هذا التقسيم الثلاثي قام التساؤل حول ما إذا كان من الافضل لحسن سير الوظيفة الحكومية تركيز جميع هذه الوظائف في قبضة شخص واحد أو هيئة واحدة، أو توزيعها بين أكثر من شخص أو أكثر من هيئة.
ولكن الدساتير المعاصرة أرادت تخليص الشعوب من مساوئ نظام تركيز السلطة فآمنت بضرورة تعدد الهيئات العامة، مع توزيع العمل بين هذه الهيئات أخذا بقاعدة التخصص الوظيفي بمعنى أن تكون كل هيئة من هذه الهيئات متخصصة في أعمال وظيفة بعينها من وظائف الدولة الثلاث, فتتخصص هيئة في أعمال التشريع وثانية في أعمال التنفيذ وثالثة في أعمال القضاء، ولقد أصبح هذا الاتجاه يمثل قاعدة الأساس في التنظيمات الدستورية المعاصرة، وهو ما يعرف بمبدأ الفصل بين السلطات( ).
ونظراً لأهمية هذا التقسيم والتوزيع لوظائف الدولة بين سلطات ثلاث (تشريعية وتنفيذية وقضائية) رسخت معظم الدول ومنها الدول العربية مبدأ الفصل بين السلطات في دساتيرها وأجازت التعاون بين هذه السلطات، ولكن هذا التعاون والتوازن بين السلطات أكثر ما نجده في الدول التي تطبق النظام السياسي البرلماني( )، أما الدول التي تطبق النظام السياسي الرئاسي كالولايات المتحدة مثلا، فقد تبنت مبدأ الفصل الشديد بين السلطات، ومع ذلك فإنها لم تأخذ بالفصل التام، إذ إنه يعود لرئيس الجمهورية حق الاعتراض على القوانين، ومخاطبة البرلمان، والتأثير عليه عن طريق حزبه إذا كان من حزب الأغلبية في البرلمان، كما أن الكثير من أعمال السلطة التنفيذية لا تعتبر نافذة إلا بموافقة السلطة التشريعية، كتعيين كبار الموظفين، وإبرام بعض المعاهدات، والموافقة على الموازنة، بالإضافة إلى صلاحيتها في اتهام رئيس الجمهورية الذي تتم محاكمته أمام مجلس الشيوخ الذي يملك حق عزله، وذلك عندما تنسب إلى الرئيس الخيانة العظمى أو الرشوة أو غيرهما من الجنايات أو الجنح الخطيرة.
أما عند انحرافه في استعمال السلطة، أو إساءة التدبير أو الوقوع في الخطأ المضر بالمصلحة العامة، وما إلى ذلك فإنه يخرج من نطاق الاتهام والمحاكمة والإدانة والعزل.
وهكذا يمكن القول إن الدول التي تبنت مبدأ الفصل الشديد بين السلطات لم تستطع تجاهل أهمية وضرورة وجود تعاون وتوازن بين السلطة التشريعية والتنفيذية، وذلك لأجل فرض الرقابة المتبادلة بين هاتين السلطتين لمنع أي منهما من الطغيان أو الاستبداد أو الانحراف عن القانون، والمس بحقوق وحريات الأفراد التي كفلها الدستور.
وقد أقرت الدول التي تبنت مبدأ الفصل المرن بين السلطات بضرورة التعاون والتوازن بين السلطات، وهذا الأمر يطلق عليه اسم الضوابط والموازين.
والسؤال الذي يطرح هنا، هل إن العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية متوازنة، أم أن إحدى هاتين السلطتين تتمتع بصلاحيات أكثر من الأخرى؟
وهل إن الإخلال في التوازن في الصلاحيات بينهما يفسح المجال أمام هيمنة إحداهما على الأخرى؟
ونظرا لأهمية معالجة هذه الإشكالية، وتأثيرها على صعيد دور مجلس النواب اليمني في الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية ( رئيس الجمهورية )، وفاعلية هذه الرقابة، رأيت البحث في موضوع " العلاقة بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب في دستور الجمهورية اليمنية"، وذلك لمعرفة مدى التوازن في الصلاحيات الدستورية بين رئيس الجمهورية وبين مجلس النواب، ومركز كل منهما في الدولة، ومدى فاعليتها بالاستناد إلى صلاحياتهما الممنوحة بموجب احكام الدستور.
أهمية البحث:
تأتي أهمية الموضوع من ناحيتين، الأولى نظرية، والأخرى علمية.
1- الأهمية النظرية:
تبرز الأهمية النظرية لهذا البحث في شرح وتحليل مجمل النصوص الدستورية التي توضح العلاقة بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب، وفي توضيح الطريقة التي يمارس الشعب من خلالها السيادة في انتخاب هذه السلطات، وكذلك معرفة ما إذا كان المشرع اليمني موفقاً في تحديد هذه العلاقة، أم أن هناك قصوراً من قبل المشرع في هذه العلاقة، مما جعل إحدى هذه السلطات تفوق بقية السلطات الأخرى.
2- الأهمية العلمية:
يمكن استعراض الأهمية العلمية من خلال بيان الوضع الدستوري للسلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث يجري بيان ما إذا كان يتم اختيار البرلمان من قبل الشعب، أم أن لرئيس الجمهورية سلطة تعيين كل أو بعض أعضائه، وكذلك مدى سلطته في إنهاء ولايتهم عن الشعب قبل الأجل المحدد لولايتهم، وهو ما يعرف بحق الحل.
كذلك تكمن الأهمية في بيان الإجراءات التي يتبعها البرلمان في ممارسته لسلطاته، وفي بيان دور رئيس الدولة في التأثير على دورات الانعقاد وفي وقف جلسات المجلس، وطلب انعقاده في غير المكان المخصص له للانعقاد، وفي بيان سلطته في اقتراح القوانين والاعتراض عليها وإصدارها ونشرها، كذلك بيان ما سيسهم به دور كل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب في تطوير العملية الديمقراطية والعمل على تطويرها، وفي إيجاد نوع من التعايش بين جميع هذه السلطات، كل ذلك من خلال شرح وتحليل هذه العلاقة وتقديم صورة واضحة لهذه العلاقة من الواقع السياسي، من خلال السلطات الممنوحة لهما في الدستور، ومحاولة إيضاح الجوانب المهمة من هذه العلاقة في عملية البناء السياسي للدولة، أضف إلى ذلك مدى التعاون بينهما في مجريات العمل السياسي والتشريعي، وفي ترسيخ المبادئ الديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة عن طريق الاحتكام لصناديق الانتخاب.
Other data
| Title | العلاقة بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب في دستور الجمهورية اليمنية دراسة مقارنة | Authors | محمود حسين علي ناجي | Issue Date | 2014 |
Recommend this item
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.