مواجهة الجريمة العسكرية في التشريع الجنائي الفلسطيني (دراسة مقارنة)

أمين محمد عبد الله نوفل;

Abstract


لقد تناولنا في هذه الدراسة نبذة تاريخية عن الجريمة العسكرية منذ نشأتها قديماً وحتى العصر الحديث في عجالة لتكون منطلق لنا في دراستنا وذلك من خلال المقدمة حيث وجدنا أن الجريمة العسكرية ظاهرة قانونية موجودة منذ القدم وعلى مر العصور وأنها تتطور وتتنوع بتطور الدول والجيوش ولا تختلف الجريمة العسكرية عن الجريمة العادية في أنها فعل غير مشروع يعاقب عليه القانون. وبتتبعنا تاريخ الأمم والشعوب مثال الفراعنة وجدنا أن مفهوم الجريمة في العصر الفرعوني كان يرتبط بأخلاق وعقيدة المجتمع الفرعوني، "وفكرة الجريمة العسكرية لديهم كانت هي التي يرتكبها العسكري والتي تمس بصورة مباشرة النظام العسكري وأن الجيش كان له قانونه الخاص به.
وقد تناولنا في الفصل الأول من الباب الأول من القسم الأول مفهوم الجريمة العسكرية، والجريمة العسكرية في الشريعة الإسلامية، وأنواع الجريمة العسكرية وتقسيماتها حيث خلصنا إلى أن القاعدة الجنائية العسكرية تتفق مع القاعدة الجنائية العادية ولها ذات الخصائص وأن الجريمة العسكرية لا تختلف عن الجريمة العادية في أن كل منها يشكل فعل غير مشروع يعاقب عليه القانون. كما أن جُلَّ التشريعات لم تضع تعريفاً محدداً للجريمة العسكرية وتركت تعريفها للفقهاء الذين تباينت تعريفاتهم، ولكنهم اتفقوا على وجود ثلاثة معايير لتحديد مفهوم الجريمة العسكرية وهي: المعيار الشكلي، والشخصي، والموضوعي.
كما يجب الاستعانة بمعيار المصلحة لتحديد مفهوم الجريمة العسكرية وقد عرفنا الجريمة العسكرية من خلال الجمع بين المعايير الثلاثة التي وضعها الفقهاء على النحو الآتي: هي كل سلوك أو امتناع عن سلوك صادر عن شخص ذو إرادة جنائية سواء كان عسكري أم لا يشكل إضراراً أدبياً أو مادياً بالمصلحة العسكرية الخاضعة للمؤسسة العسكرية بحيث يكون هذا السلوك معاقب عليه وفقاً لإحكام القانون العسكري أو العام حال كان الشخص عسكري".
كما تبين لنا أن الشريعة الإسلامية عرفت الجرائم العسكرية، وسبقت باقي التشريعات في التمييز بينها وبين باقي الجرائم، وسيظل الإسلام المبني على الشمولية والكمال، بقوانينه، وما يحمله من مبادئ وتعاليم فريداً من نوعه، يضمن لحامليه عز الدين والدنيا والآخرة.
كما ميزنا بين الجريمة العسكرية وغيرها من الجرائم حيث وجدنا أن الجريمة العسكرية تتفق مع الجريمة العادية في عدة نقاط، وتختلف عنها في أمور أخرى وهذا راجع إلى طبيعة المصلحة التي يحميها قانون العقوبات العام وقانون العقوبات العسكري. ثم استعرضنا الفرق بين الجريمة العسكرية والجريمة التأديبية فوجدنا أن الجريمة العسكرية تقع بالمخالفة لقانون العقوبات العسكري، في حين تعاقب الجهة المختصة الموظف إذا ارتكب الجريمة التأديبية سواء كان منصوصاً عليها أو لم يكن، ما دامت تخالف مقتضيات الواجب الوظيفي، فمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وهو مبدأ الشرعية لا ينطبق على الجريمة التأديبية.
ثم فرقنا بين الجريمة العسكرية والمخالفة الانضباطية من حيث مرتكب الجريمة العسكرية والمخالفة الانضباطية فهو من يتمتع بالصفة العسكرية. كما أنهما تتفقان من حيث إجراءات التحقيق، فيجب أن يكون التحقيق قانونياً، ويتوافر فيه الضمانات المختلفة كافة لمن يتم التحقيق معه قبل توقيع العقوبة عليه فهما تتفقان في إجراءات التحقيق والإثبات. كما تخضع الجريمة العسكرية والمخالفة الانضباطية لنظام العفو.
كما وجدنا أن الجرائم العسكرية كثيرة ومتنوعة، فقد اختلفت التشريعات العسكرية في تقسيماتها، وتصنيفاتها وأنواعها، لذا أوردنا أهم هذه التقسيمات وهي: من حيث جسامتها، ومصدرها فالجرائم العسكرية تنقسم من حيث جسامتها إلى: جنايات، وجنح، ومخالفات، وهذا التقسيم الثلاثي نؤيده، ومن حيث مصدرها إلى: جرائم عسكرية بحتة، وجرائم عسكرية مختلطة، وجرائم القانون العام، ورأينا أن تخضع هذه الجرائم للمحاكم العسكرية بناءً على ضابط المصلحة وهو مصلحة المؤسسة العسكرية.
أما في الفصل الثاني من الباب الأول استعرضنا أركان الجريمة العسكرية شأنها شأن الجريمة العادية- تتكون من ثلاثة أركان وهي: الركن المادي، والمعنوي، والشرعي. وتخضع لمبدأ الشرعية وتقوم على فكرة الخطأ والاعتداء على مصلحة يحميها القانون وذكرنا ما يهدم كل ركن من هذه الأركان والتي تتمثل في موانع المسؤولية وهي الإكراه المعنوي- حالة الضرورة - السكر والتسمم بالمخدرات. وأسباب التبرير.
أما الركن المادي فيتكون من ثلاثة عناصر كما هو في الجرائم العادية فهي السلوك أو النشاط والنتيجة ورابطة السببية بينهما هي العناصر التي تشكل الركن المادي للجريمة العسكرية؛ لكن من الملاحظ أنه "في الجرائم العسكرية البحتة فلا تشترط التشريعات الجزائية تحقق نتائج محددة لأي نشاط أو سلوك يشكل جريمة عسكرية لأن الجرائم العسكرية البحتة يكفي فيها النشاط المجرد لتحقق الضرر في النظام العسكري ولا يشترط أن تكون النتيجة محسوسة أو ظاهرة مثل جريمة الغياب، وعدم إطاعة الأوامر.
وقد استعرضنا الشروع كصورة من صور الجريمة العسكرية فهو لا يختلف عن الجريمة العادية سواء تعلق الأمر بالعقوبة ولا يحاسب القانون العسكري الفلسطيني على العدول الاختياري، كما استعرضنا المساهمة الجنائية كصورة ثانية تبين لنا من خلال دراستنا للجريمة المساهمة الجنائية في القانون العسكري الفلسطيني أن المشرع تناول أحكام هذه الجريمة بالتفصيل، ولم يحل هذا الموضوع إلى قانون العقوبات العام بعكس ما ذهبت إليه التشريعات العسكرية المقارنة مثل القانون المصري الذي أحال أحكامها إلى القانون العام. كما أنه لا اختلاف بين عقوبة الفاعل الأصلي أو الشريك حيث فرضَّ المشرع الفلسطيني العسكري في المساهمة الجنائية على المحرض بنفسه عقوبة الفاعل الأصلي وكذلك على المتدخل والمخبئ.
ثم استعرضنا الركن الثالث وهو الركن المعنوي تبين لنا أن الركن المعنوي يتخذ إحدى صورتين، وهما: القصد الجنائي والخطأ غير العمدي، والقصد الجنائي: هو صورة الركن المعنوي في الجرائم العمدية، أما الخطأ فهو صورة الركن المعنوي التي يتطلبها القانون في الجرائم غير العمدية، والأصل في الجرائم أن تكون عمدية والاستثناء أن تكون غير عمدية. ولذلك استقرت في قانون العقوبات القاعدة التي تقضي بأنه إذا سكت المشرع عن بيان صورة الركن المعنوي في جريمة من الجرائم، كان معنى ذلك أنه يتطلب القصد الجنائي فيها، أما إذا رأى الاكتفاء بالخطأ غير العمدي فيجب عليه أن ينص على ذلك صراحة، فإتباع الأصل لا يحتاج إلى تصريح ولكن الخروج عليه هو الذي يحتاج إلى ذلك.
ثم انتقلت إلى الباب الثاني من القسم الأول موضحاً النظرية العامة للعقوبة العسكرية فتكلمت في الفصل الأول عن ماهية العقوبة العسكرية من حيث المفهوم والخصائص والأغراض ومقارنتها بالعقوبات الأخرى والتدابير وبينت أنواعها وأوضحت أن العقوبة العسكرية لابد من التصديق عليها كي يتم تطبيقها وتطرقت إلى أنواع العقوبة من حيث جسامتها ومن حيث مدتها والحق التي تمس به وبينت أهداف العقوبة وهي الردع العام والردع الخاص وغيرها من الأهداف. كما تنقسم العقوبة العسكرية من حيث جسامتها إلى: عقوبة جنايات، وجنح، ومخالفات. ومن حيث طبيعتها إلى: أصلية، وتكميلية، ومن حيث مدتها إلى: عقوبات مؤقتة، ومؤبدة. ومن حيث الحق الذي تَمس به إلى: عقوبة بدنية، وماسة بالحرية، وماسة بالاعتبار كما تميزت العقوبة العسكرية بالقسوة كي تحقق غرضها وهو حُسن سير العمل في المؤسسة العسكرية، وهذا الأمر من ضمن سُبل مواجهة المشرع للجريمة العسكرية.
أما في الفصل الثاني فقد تحدثت عن تطبيق الجزاء العسكري وعن السلطة التقديرية للقاضي في تطبيق العقوبة من حيث تشديدها أو تخفيفها أو إلغائها وتحدثت عن أسباب سقوط العقوبة، وهي العفو الخاص, أو صفح الفريق المتضرر, أو التقادم.
ثم انتقلت إلى القسم الثاني تكلمنا عن الأحكام الإجرائية للجريمة العسكرية فتناولت في الباب الأول التنظيم القضائي الفلسطيني في مواجهة الجريمة العسكرية حيث وضحت الإجراءات التي حددها المشرع لمواجه الجريمة العسكرية وماهية قانون العقوبات العسكري، فإن التشريع الجنائي العسكري هو تشريع جنائي خاص يتعلق بطائفة معينة هي أفراد القوات المسلحة، ويحكم الأفعال الغير مشروعة التي تصدر من أفرادها سواء كانت تندرج تحت نصوص قانون العقوبات أم أنها تندرج تحت نصوص عقابية بحتة ثم تكلمت عن نطاق سريان قانون العقوبات العسكري من حيث الزمان والمكان، والأشخاص. ثم تحدثت عن الاختصاص القضائي في نظر الجريمة العسكرية من خلال طبيعة المحاكم العسكرية وهل محاكم خاصة أم محاكم استثنائية وبينت أنها محاكم خاصة ثم تكلمت عن تشكيل واختصاصات هذه المحاكم.
أما في الباب الثاني والأخير في خطة البحث وهو قواعد وإجراءات المحاكمة العسكرية، تحدثت عن الدعوى الجزائية العسكرية حيث تناولت مراحلها وهي التحقيق الابتدائي والمحاكمة بالطرق العادية والموجزة كل ذلك في الفصل الأول أما الفصل الثاني فتحدثت عن التصديق على الأحكام العسكرية كنظام قانوني يسبق إنفاذ العقوبة. بحيث لا تُنَفذ العقوبة إلا بعد التصديق عليها من القائد الأعلى، أو رئيس الهيئة القضائية. أو من الجهة المختصة.
ثم ختمت بطرق الطعن سواء العادية أو غير العادية في القانون العسكري الفلسطيني والقوانين المقارنة وخاصة القانون العسكري المصري. حيث أخذ المشرع العسكري الفلسطيني بطرق الطعن العادية وهي الاعتراض، والاستئناف، وكذلك طرق الطعن غير العادية وهي: النقض، وإعادة المحاكمة. وهذا يُعد للمشرع العسكري الفلسطيني.


Other data

Title مواجهة الجريمة العسكرية في التشريع الجنائي الفلسطيني (دراسة مقارنة)
Authors أمين محمد عبد الله نوفل
Issue Date 2016

Attached Files

File SizeFormat
V91.pdf883.39 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 322 in Shams Scholar
downloads 155 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.