العوامل الثقافية والاجتماعية المرتبطة بإدمان المخدرات لدى عينة من الشباب في بيئات مختلفة

Abstract

تعد مشكلة المخدرات من المشاكل العالمية، التي لها أصول تاريخية سواء بالنسبة إلى الإنتاج أو التعاطي، فهي من أهم وأخطر المشكلات التي تواجه كلا من المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء، فلم تعد مشكلة المخدرات ظاهرة إنسانية ضارة تقف آثارها عند حدود الحياة الفردية الخاصة، وإنما امتد تأثيرها إلى المجتمع ككل، فهي من الظواهر الأكثر تعقيدا والأكثر خطورة على الإنسان والمجتمع، وتعتبر ظاهرة انتشار المخدرات؛ إحدى مشكلات العصر، حيث تعاني منها الدول الغنية والدول الفقيرة على السواء. وتعاطي المخدرات هو خطر يزداد ويتعاظم في بيئة الشباب في كثير من المجتمعات وخاصة في المجتمع المصري، فالشباب في المجتمع المصري يواجهون الكثير من الأزمات المتلاحقة والمستحدثة التي تشعرهم بفقدان الأمن الاجتماعي وعدم وضوح ملامح للمستقبل، ويرجع ذلك إلى التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والأيديولوجية التي شهدها المجتمع المصري –وما يزال- بصورة سريعة مما جعله ينصاع لقيم مستحدثة، ومغايرة ليتعايش في إطارها، وينفصل بها عن قضايا مجتمعه ويغترب عن واقعه وعن ذاته لعدم قدرته على مواجهة هذه التغيرات؛ لذلك نالت ظاهرة انتشار المخدرات اهتماما كبيرا من جانب المتخصصين في العلوم الإنسانية عامة وعلم الاجتماع بصفة خاصة، لذا فإننا بحاجة ماسة إلى فهم تلك الظاهرة في إطار الثقافة العالمية والمحلية، فما يحدث في المجتمع المصري لا ينفصل عن السياق الرأسمالي العالمي بتحولاته وتغيراته المتسارعة –شأنه في ذلك شأن معظم المجتمعات المحيطة التابعة- فما يطرأ على هذا العالم من متغيرات عالمية تؤثر بالضرورة في تشكيل عوامل تساهم في حركة تطور المخدرات وانتشارها، فالعلاقة غير المتكافئة بين الداخل والخارج لها تأثيرها البالغ في ظهور العديد من المشكلات الاجتماعية التي أدت بالتراكم إلى انتشار العديد من الظواهر السلبية كالعنف، والتطرف، وانتشار المخدرات... الخ. وكانت ظاهرة انتشار المخدرات من أخطر ما واجهته مصر من المشاكل الاجتماعية في السنوات الأخيرة. وفي ضوء ما تقدم فإن مشكلة الدراسة الراهنة تدور حول محاولة الوقوف على طبيعة ظاهرة انتشار المخدرات، وتاريخ تطورها، والتعرف على أهم العوامل المؤدية إلى انتشارها في المجتمع المصري من خلال التركيز على قطاع الشباب والتعرف على مدى وعيه وإدراكه لتلك الظاهرة وعوامل تشكيلها وانتشارها في المجتمع والآثار المترتبة عليها. ووفقا لهذا التصور، ولتحقيق أهداف الدراسة والإجابة على تساؤلاتها جاءت الدراسة متضمنة ستة فصول وهي كالتالي: جاء الفصل الأول تحت عنوان الإطار النظري للدراسة؛ وفيه تم عرض وتحليل أهمية التوجه النظري، ومبررات اختيار مقولات مدرسة التبعية وأهم قضايا الدراسة في ضوء الإطار النظري، وتم عرض موجز لبعض الدراسات السابقة... وجاء الفصل الثاني بعنوان الإطار المنهجي للدراسة وفيه تم عرض مشكلة الدراسة، وأهميتها وأهدافها وتساؤلاتها والمفاهيم الأساسية للدراسة، والإجراءات المنهجية التي استعانت بها الدراسة لتحليل ومناقشة قضاياها.