التماسك النصي في شعر المرض – دراسة تطبيقية في نماذج مختارة
هدى عبد المحسن عبد الهادي;
Abstract
تدور جلّ الدراسات الإنسانية إن لم يكن كلها حول خبرات الإنسان وتجاربه؛ وذلك لتقييمها وتحسينها والاستفادة منها فيما هو قابل؛ حتى إن الدراسات التي تتخذ من غير الإنسان محورًا وهدفًا لها، لا يوجهها حقيقة إلا الرغبة الإنسانية في فهم هذه المسائل واستغلالها لتصب في النهاية في صالح الإنسان ونفعه بشتى الطرق الممكنة. وربما لا أغالي حين أقول إن تجربة المرض من أهم التجارب والخبرات التي وجّه الإنسان إليها اهتمامه من قديم، حتى الآن. وكانت الروافد الأساسية التي تغذي هذه التجربة هي مجالات الدين والأدب والطب. وكان طبعيًا أن يسبق الدين والأدب الطب في معالجة التجربة وفي التعامل معها؛ ذلك أن الدراسات الطبية تبغي تقديم العلاج، في حين أن الأدب يبغي تأمل التجربة والبحث في حدودها المعرفية، فضلًا عن الإجابة - عبر المرور ببرزخ المرض - عن كثير من التساؤلات الوجودية.
وقد طالعتنا تجربة المرض فى أعمال إبداعية متناثرة من القديم إلى الحديث. ولعل أول ما يتبادر إلى الأذهان إذا ما ذكرت معاناة المرض تجربة "أيوب" عليه السلام مع الداء الذى سكت القرآن عن تسميته، متجاوزًا تلك التسمية إلى الحديث عن ردة فعل هذا الإنسان المبتلى.
وجاء امرؤ القيس ليتوجع من مرضه - الذى ألمّ به فى أرض الروم- فى قصيدته التى يقول فيها: (بحر الطويل)
وَمَا خِلْتُ تَبْرِيحَ الحَيَاةِ كَمَا أَرَى تَضِيقُ ذِرَاعِي أَنْ أَقُومَ فَأَلْبَسَا
فَلَوْ أَنَّهَا نَفْسٌ تَمُوتُ جَمِيعَةً وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تُسَّاقِطُ أَنْفُسَا
وَبُدِّلْتُ قُرْحًا دَامِيًا بَعْدَ صِحَّةٍ فَيَالَكِ مِنْ نُعْمَى تَحَوَّلْنَ أَبْؤُسَا
ثم حكى المتنبى عن الحمى - التى زارته- وما فعلت به فى قصيدته التى يقول فيها: (بحر الوافر)
وَزَائِرَتِي كَأَنَّ بِهَا حَيَاءً فَلَيْسَ تَزُورُ إِلَّا فِى الظَّلَامِ
ومن التجارب المبكرة التي عالجت تجربة المرض أبيات الجليس بن الحباب التي ذكرها د.شوقي ضيف في كتابه الفكاهة في مصر ، وهي:
طَبِيبٌ طِبُّهُ كَغُرِابِ بَيْنِ يُفَرِّقُ بَيْنَ عَافِيَتِي وَبَيْنِي
أَتَى الحُمَّى وَقَدْ شَاخَتْ وَبَاخَتْ فَرَدَّ لَهَا الشَّبَابَ بِنُسْخَتَيْنِ
وَدَبَّرَهَا بِتَدْبِيْرٍ لَطِيْفٍ حَكَاهُ عَنْ سنَانَ أَوْ حنينِ
وَكَانَتْ نَوْبَةً فِي كُلِّ يَوْمٍ فَصَيَّرَهَا بِحَذَقٍ نَوْبَتَيْنِ
ومع ذلك، فهذه النماذج التي تصوغ التجربة الذاتية للشاعر المريض أو الأديب المريض تعد نماذج محدودة في الأدب العربي- لاسيما القديم؛ ذلك أن جل الحديث عن تجربة المرض شعرًا جاء متصلًا بتجربة الموت، كما جاء على لسان آخرين ممن هم على صلة بالمريض وفي وقت لاحق للتجربة، فيما يعرف بقصائد الرثاء، كما هو الحال في رثاء ابن الرومي لابنه محمد، وقصيدة صلاح عبد الصبور "طفل" وعلاء خالد في مجموعته الشعرية "تصبحين على خير" .
ومع ذلك، فقد لوحظ أن شعراء من شعراء العصر الحديث قد أفردوا للمرض قصائد؛ فاستحق هؤلاء أن يعاد النظر فى نتاجهم الشعرى الذى أفرزته تلك المعاناة من هذه الزاوية المحددة. أذكر من هؤلاء إجمالًا: أبي القاسم الشابى ، ومطران ، ومعروف الرصافى ، وعدنان الصائغ ومحمد عدنانى .
واستغرقت تجربة المرض جماعة من الشعراء؛ فخصصوا لها دواوين كاملة، منهم بحسب الترتيب الزمني: بدر شاكر السياب ، وأمل دنقل وحلمى سالم .
وقد طالعتنا تجربة المرض فى أعمال إبداعية متناثرة من القديم إلى الحديث. ولعل أول ما يتبادر إلى الأذهان إذا ما ذكرت معاناة المرض تجربة "أيوب" عليه السلام مع الداء الذى سكت القرآن عن تسميته، متجاوزًا تلك التسمية إلى الحديث عن ردة فعل هذا الإنسان المبتلى.
وجاء امرؤ القيس ليتوجع من مرضه - الذى ألمّ به فى أرض الروم- فى قصيدته التى يقول فيها: (بحر الطويل)
وَمَا خِلْتُ تَبْرِيحَ الحَيَاةِ كَمَا أَرَى تَضِيقُ ذِرَاعِي أَنْ أَقُومَ فَأَلْبَسَا
فَلَوْ أَنَّهَا نَفْسٌ تَمُوتُ جَمِيعَةً وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تُسَّاقِطُ أَنْفُسَا
وَبُدِّلْتُ قُرْحًا دَامِيًا بَعْدَ صِحَّةٍ فَيَالَكِ مِنْ نُعْمَى تَحَوَّلْنَ أَبْؤُسَا
ثم حكى المتنبى عن الحمى - التى زارته- وما فعلت به فى قصيدته التى يقول فيها: (بحر الوافر)
وَزَائِرَتِي كَأَنَّ بِهَا حَيَاءً فَلَيْسَ تَزُورُ إِلَّا فِى الظَّلَامِ
ومن التجارب المبكرة التي عالجت تجربة المرض أبيات الجليس بن الحباب التي ذكرها د.شوقي ضيف في كتابه الفكاهة في مصر ، وهي:
طَبِيبٌ طِبُّهُ كَغُرِابِ بَيْنِ يُفَرِّقُ بَيْنَ عَافِيَتِي وَبَيْنِي
أَتَى الحُمَّى وَقَدْ شَاخَتْ وَبَاخَتْ فَرَدَّ لَهَا الشَّبَابَ بِنُسْخَتَيْنِ
وَدَبَّرَهَا بِتَدْبِيْرٍ لَطِيْفٍ حَكَاهُ عَنْ سنَانَ أَوْ حنينِ
وَكَانَتْ نَوْبَةً فِي كُلِّ يَوْمٍ فَصَيَّرَهَا بِحَذَقٍ نَوْبَتَيْنِ
ومع ذلك، فهذه النماذج التي تصوغ التجربة الذاتية للشاعر المريض أو الأديب المريض تعد نماذج محدودة في الأدب العربي- لاسيما القديم؛ ذلك أن جل الحديث عن تجربة المرض شعرًا جاء متصلًا بتجربة الموت، كما جاء على لسان آخرين ممن هم على صلة بالمريض وفي وقت لاحق للتجربة، فيما يعرف بقصائد الرثاء، كما هو الحال في رثاء ابن الرومي لابنه محمد، وقصيدة صلاح عبد الصبور "طفل" وعلاء خالد في مجموعته الشعرية "تصبحين على خير" .
ومع ذلك، فقد لوحظ أن شعراء من شعراء العصر الحديث قد أفردوا للمرض قصائد؛ فاستحق هؤلاء أن يعاد النظر فى نتاجهم الشعرى الذى أفرزته تلك المعاناة من هذه الزاوية المحددة. أذكر من هؤلاء إجمالًا: أبي القاسم الشابى ، ومطران ، ومعروف الرصافى ، وعدنان الصائغ ومحمد عدنانى .
واستغرقت تجربة المرض جماعة من الشعراء؛ فخصصوا لها دواوين كاملة، منهم بحسب الترتيب الزمني: بدر شاكر السياب ، وأمل دنقل وحلمى سالم .
Other data
| Title | التماسك النصي في شعر المرض – دراسة تطبيقية في نماذج مختارة | Other Titles | Cohesion and Coherence in Illness Poetry – Practical Study In selected Poetical Works | Authors | هدى عبد المحسن عبد الهادي | Issue Date | 2017 |
Recommend this item
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.