قراءة ثقافيّة لديوان "الأعشى الكبير"

فاطمة صالح محمد مصطفى جبر;

Abstract


تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن المرجعية الثقافيّةلديوان الأعشى الكبير من خلال القراءة الثقافيّة؛ إذ إن الثقافة هي التمثيل الفكري للمجتمع الذي ينطلق منه العقل الإنساني في خلق إبداعاته.
وبما أن القصيدة الجاهلية تحوي في بنيتها العميقة مضمرات سياقية متعلقة بنظرة الشاعر الجاهلي للوجود الإنساني، فإن دراسة هذه السياقات والأنساق من حيث هي مكونات ثقافية للمجتمع الجاهلي جديرة بالاهتمام؛لإبراز طبيعة الموضوعات التي يمكن أن تنتجها هذه السياقات.
وقد حاولت الدراسة من خلال شعر الأعشى الكبير كشف أغوار النصوص الأدبية من الناحية الثقافيّة، والبحث عن السياقاتوالأنساق المتأصلة في جذور الثقافة الجاهلية، وبخاصة أن شعر الأعشى ثري بالموروث الجاهلي من حيث المعتقدات والأساطير والعادات والتقاليد التي تضرب بجذورها في عمق اللاوعي الجمعي للعرب، وانتقلت إلىأشعارهم، وهذا هو هدف القراءة الثقافيّة؛ إذ تتجه إلى النص تتأمله بهدف رده إلى السياقاتالثقافيّة التي تدخلت في إنتاج خطوط الدلالة.

• الدراسات السابقة:
بعد تتابع المناهج النقديةمنذ مرحلة ما قبل الحداثة، مرا بمرحلة الحداثة، ومرحلة ما بعد الحداثة، وصولا إلى مرحلة بعد ما بعد الحداثة، ظهرمنهجا جديدايدعى النقد الثقافي، الذي ينظر إلىالنصفيضوءالثقافةالتيأنتجته، وقد حاول كثير من النقاد والباحثين التنظير له من خلال دراسات عدة، منها الغذامي في كتابه "النقد الثقافي"، وحفناويبعليفي كتابه" مدخلفينظريةالنقدالثقافيالمقارن"، ووفاء إبراهيم، ورمضان بسطاويسيفي ترجمتهما لكتابآرثرآیزابرجر" النقد الثقافي، تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية".
أما عن الجانب التطبيقيفقد ظهرت آثاره في بعض الدراسات والرسائل الجامعية الحديثة، مثل:
- يوسف عليمات في كتابه" جماليات التحليل الثقافي، الشعر الجاهلي نموذجا".
- رسالة ديانا حسني النجار "الأنساق الثقافيّة في شعر أحمد سويلم"،إشراف د" محمد عبدالمطلب"، رسالة ماجستير، جامعة عين شمس، كلية الآداب، 2013.
- رسالة هيثم ابراهيم عبدالرؤوف، المعتمد بن عباد" دراسة في الخطاب الثقافي"، إشراف محمد صلاح الدين فضل، رسالة ماجستير، جامعة عين شمس، كلية الآداب، 2013.
ومن جانب آخر، فقدتناولتبعض الدراسات والأبحاث العلمية إبداع الأعشىالشعري بالدراسة والتحليل من وجهات متنوعة، مثل:
- رسالة درية عبدالحميد صديقحجازي،أثر البيئة في الصورة الفنية في شعر الأعشى، إشراف محمد مصطفى هدارة،رسالة دكتوراه، جامعة المنوفية، 1995.
- عائشة محمد عيسى، تشكيلالصورةالشعريةفيشعرالأعشى، إشراف عبد الحميد المعيني، رسالة دكتوراه، كليةالآداب، جامعةاليرموك، 1430ه-2009م، وقد اتبعت الباحثة المنهج الشمولي التكاملي في تحليل اللوحات الشعرية للأعشى، مثل التشبيه والاستعارة والكناية.
- رسالة وسام عبدالسلام عبدالرحمن، توظيف الموروث في شعر الأعشى، إشراف إحسان الديك، ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، كلية الدراسات العليا، فلسطين، 2011، وتهدف هذه الرسالة إلى قراءة شعر الأعشى قراءة ميثولوجية، وإثبات أن شعر الأعشى ليس إلا نموذجا متوارثا، نابعا من منابع أسطورية، لذلك اتجهت هذه الدراسة إلي المنهج الأسطوري في تناولها هذا الشعر.
ونلاحظ من خلال عناوين هذه الرسائل أنها قد تناولت شعر الأعشى من خلال جزئيات معينة بمناهج التحليل الفني، ولم تحاول أية دراسة تطبيق آليات منهج النقد الثقافي على ديوان الأعشى، ومتابعة السياقات الثقافيّة التي أنتجته، لذلك آثرتالباحثة أن تقرأ شعر الأعشى برؤية جديدة، من خلال منهج جديدأطلّ على عالم النقد،ومنثم كانت أهمية هذا البحث، لكشف هذا الجانب الجديد في شعر الأعشى.
• خطة الدراسة:
اقتضتالدراسةتقسيمهاإلىمقدمةوتمهيدوأربعةفصولوخاتمة:
أما التمهيد، فقدعالجتالباحثة مفهوم القراءة الثقافيّة، وعدلت عن استخدام مصطلح النقد الثقافي الذي شاع استخدامه بين الباحثين، والذي تطرق إلى مفهوم النقد الثقافي ومراحل تطوره إلى مفهوم القراءة الثقافية، كما استطاعتالباحثة أن تلفت الانتباه إلى بعض مواطن الوهن التي سقط فيها الغذامى في كتابه "النقد الثقافي"، ورصدتالباحثة آليات القراءة الثقافيّة وتطوراتها المنهجية، كما أشارت إشارة موجزة إلى واقع الجزيرة العربية السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني، فضلا عن بعض معارف العرب ومعتقداتهم، وأشارت أيضا إلى نشأة الأعشى، ومكانته الشعرية في عصره، ومصادر ثقافته التاريخية.
أما الفصل الأول: المرجعية الثقافيّةللمقدمات الشعرية، فقسمته الباحثة إلى ثلاثة مباحث؛ تناول في المبحث الأول: ثقافة الطلل وتحولاته الشعرية، وانعكاس تلك التحولات في شعر الأعشى، وفي شعر شعراء المعلقات؛ ليؤكد التراكم الثقافي، ثم تناول في المبحث الثاني: طقس الغزلومرجعيته الثقافيّة،شعر الأعشى الغزلي، ومرجعيته الثقافيّة، وتفسير ازدواجية صورة المرأة في شعره، كما سلطت الباحثة الضوء في المبحث الثالث: ثقافة المقدمة الخمرية، والخروج الثقافي في غياب المقدمة، علىخضوعالأعشى في البدء بالمقدمة الخمرية للسلطة الثقافيّة في المجتمع الجاهلي، برغم ما اشتهر به من شعر الخمر.
أما الفصل الثاني: المرجعية الثقافيّة لغرض المديح في ديوان الأعشى، فقسمته إلى ثلاثة مباحث؛ ففي المبحث الأول: تناولتثقافة المديح في العصر الجاهلي، وعلاقته بمكانة الشاعر اجتماعيًا، كما ناقش الأسباب التي أدت إلى تغير ثقافة المديح، ولجوء الشعراء إلى التكسب به، ثم عالجتالمبحث الثاني: السياقات الثقافيّة للممدوح، باعتبار تلك الصفات تمثل سياقات ثقافية في العصر الجاهلي، وهي قسمان؛ صفات البطولة الحربية، مثل الفروسية والشجاعة، وصفات البطولة الاجتماعية، مثل الكرم والجوار والوفاء والحلم وفك الأسرى، والصفات المقدسة التي أضفاها الشاعر على ممدوحيه، باعتباره جزءا من ثقافة المجتمع الأسطورية، كما تناولت فيالمبحث الثالث: الأنساقالثقافيّة للمديح، تلك الأنساق الصياغية التي تحوي في طياتها دلالات ثقافية عميقة، تضرب بجذورها في اللاوعي الجمعي للشعراء، منها نسق الأسد والشمس والقمر والغيث والنار والسيف.
أما الفصل الثالث: ثقافة الهجاء في ديوان الأعشى، ففيالمبحث الأول: عالجتالباحثة ثقافة الهجاء في العصر الجاهلي ودوافعهفي شعر الأعشى، وسلطت الضوء على العلاقة المترسخة في وجدان المجتمع بين الهجاء والسحر، وأثر ذلك عند الأعشى وغيره من الشعراء، كما تناولت في المبحث الثاني: السياقات الثقافيّة للمهجو، مثل البخل والجبن واللؤم والفرار من القتال والعبودية والضعف، ثم تناولت في المبحث الثالث: الأنساقالثقافيّة للهجاء، مثل نسق الكلب والجمل، ونسق النار، ونسق الهجاء بالأم، والهجاء بالخنثى.
أما الفصل الرابع: تجليّات الثقافة الدينية في ديوانالأعشى، فقد رصدتالباحثة في المبحث الأول:طقوس الثقافة الدينية (الوثنية، النصرانية، اليهودية) في شعر الأعشى، وكيفية إفادته من هذه الديانات والثقافات الدينية المتنوعة، وتناولت في المبحث الثاني: الأنساق الدينية في الديوان، من خلال التراكم الثقافي لشعراء المجتمع الجاهلي، مثل نسق القصص الدينية كقصة نوح وداوود وسليمان، ونسق القسم، والأنساق الخاصة بالديانة النصرانية في الشعر الجاهلي؛ مثل نسق الراهب والصليب والناقوس وأعياد النصارى، أما في المبحث الثالث: المعتقدات الثقافيّة في الديوان، فقد عالجتالباحثة توظيف الأعشى للموروث الثقافي في المعتقدات المختلفة التي سادت في مجتمعه، مثل إيمان المجتمع الجاهلي بالجن وارتباطه بالصحراء، واعتقادهم بشياطين الشعراء، وكذلك بعض المعتقدات في حياتهم اليومية مثل تعليق التمائم دفعًا للحسد، وضرب الثور عند امتناع البقر عن ورود الماء.
أما الخاتمة: فقد حددتالباحثة فيها أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث، ثم يعقب تلك الخاتمة ثبت المصادر والمراجع التي استعانت بها الباحثةفي هذا البحث، وقد تناول: الدواوين، والمعاجم، والمصادر والمراجع، والمجلات والدوريات العلمية، وأعقبها الرسائل العلمية.
وأخيرًا هذا مبلغي من العلم،فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.


Other data

Title قراءة ثقافيّة لديوان "الأعشى الكبير"
Other Titles A Culture Reading of Diwan Al-Asha Al-Kabir
Authors فاطمة صالح محمد مصطفى جبر
Issue Date 2016

Attached Files

File SizeFormat
G13229.pdf546.53 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 345 in Shams Scholar
downloads 328 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.