التنظيم المدرسي والمشاركة المجتمعية بالمدارس الفلسطينية الثانوية الحكومية:"دراسة تحليلية"

Abstract

نمر الآن في زمن أصدق ما يوصف به أنه زمن المتغيرات، إذ أنه لا يكاد ينتهي تغير إلا وجاء تغير ثانٍ وثالث، على شكل قفزات نوعية غير متتابعة، تزيد من التحديات الملقاة على المجتمعات المختلفة:أفراد ومؤسسات، وذلك لمواكبة هذه التغيرات، وتطويعها؛ لخدمة أهدافها، والإفادة منها بأقصى درجة ممكنة، وهذا يقتضي، بالضرورة زيادة الاهتمام بالوسائل والأدوات والطرق الموصلة إلى تحقيق أهداف هذه المجتمعات، التي منها التنظيمات المختلفة، وكذلك الاهتمام بالعنصر البشري؛ الذي سيقود عملية مواكبة التغيرات والإفادة منها. ويعد التنظيم العملية الحيوية والنشاط الأساسي للإدارة؛ حيث يُعتَمد عليه لمواجهة الصعوبات والمعوقات التي تواجه المنظمات الإدارية، حيث يؤدي إلى توحيد الجهود؛ بغية تحقيق الأهداف، كما يسمح بتحديد نوعية النشاطات المطلوب تأديتها، وطبيعة العلاقات المطلوبة، والسبل والمنافذ الكفيلة بالاتصال بين مختلف المستويات. وتعثره يعني صعوبة تحقيق الأهداف، وفقدان التنظيم الذي يعني الضياع والتشتت. وتعد عملية استمرار التنظيم ضرورية ومهمة أيضاً؛ لأن المنظمة تحتاج على مدى حياتها المستقبلية إلى وظيفة التنظيم لكي تبقى في نفس مستوى أدائها، أو ربما تطمح إلى الارتقاء به حسب الإمكانيات المتوفرة لديها، وهذا يتطلب مواكبة التغييرات التي تحصل عادة في البيئة الخارجية والبيئة الداخلية للمنظمة، ويتطلب ذلك المرونة والقدرة على تفهم واستيعاب تلك التغيرات، ومحاولة إجراء التعديلات على التنظيم؛ لكي يواكب ما يطرأ من تغيرات، وعليه فإن أي جهد تنظيمي، مهما كانت كفايته لا يصل إلى مستوى التنبؤ بالظروف والمتغيرات كلها التي تواجه المنظمة، وخصوصا أن هذه الظروف تتغير وتتبدل باستمرار. ويكاد يكون التنظيم المدرسي أهم التنظيمات الإدارية، من حيث حاجته إلى متابعة التطورات الحادثة في البيئة الداخلية والخارجية، لتأثيره المباشر في إعداد الجيل، وبالتالي التأثير على باقي التنظيمات بطريقه غير مباشره، وعليه فإن دراسة التنظيم المدرسي وهياكله عملية ضرورية وملحة، لإعطائه المرونة الكافية للتعامل مع التغيرات المحيطة به، للوصول بمخرجات العملية التعليمية إلى الكفاية والجودة المرجوة، لاسيما تنظيم موضوع المشاركة المجتمعية في التعليم، لما لها من أثر واضح على تحصيل الطلبة ونمو شخصياتهم. والمشاركة المجتمعية في التعليم تعد هدفاً تسعى المدرسة إلى تحقيقه، وهي بذلك بحاجة إلى وجود التنظيم المناسب لتحقيق هذا الهدف، والتنظيم يحكم عليه بالنجاح أو الفشل من خلال مخرجاته، فعندما تكون مخرجات التنظيم غير مرضية، ولا تصل إلى المستوى المطلوب؛ فإن ذلك يستدعي وقفة ونظرة تحليلية لهذا التنظيم للوقوف على نقاط الضعف فيه، والتي حالت دون تحقيقه لأهدافه. وتعد عملية المشاركة المجتمعية في التعليم عملية معقدة تأخذ وقتاً كبيراً حتى تتحقق بالصورة المرغوبة، وهذا يقتضي وجود التنظيم المناسب للقيام بهذه الوظيفة، وتشكيل البناء التنظيمي الفعال الذي يحكم برنامج المشاركة، حتى يسير العمل بين الشركاء نحو تحقيق الأهداف المرجوة، ويشجع مؤسسات المجتمع المحلي، وأفراده ، وأولياء الأمور فيه على المشاركة في أمور التعليم، بما يسهم في تنمية تعلم الطلاب.

مشكلة البحث وأسئلته تم صياغة مشكلة البحث بالسؤال التالي: " كيف يمكن تطوير التنظيم المدرسي لتفعيل المشاركة المجتمعية بالمدارس الثانوية الحكومية الفلسطينية"؟ وانبثق عن هذا السؤال الرئيس الأسئلة الفرعية الآتية: 1. ما الأسس النظرية للعلاقة بين التنظيم المدرسي والمشاركة المجتمعية بالمدارس الثانوية في الفكر الإداري المعاصر؟ 2. ما واقع التنظيم المدرسي، والمشاركة المجتمعية بالمدارس الثانوية الحكومية الفلسطينية ؟ 3. ما أهم آراء الخبراء وتوجهاتهم لتطوير التنظيم المدرسي لتفعيل المشاركة المجتمعية بالمدارس الثانوية الحكومية الفلسطينية؟ 4. ما التصوّر المقترح لتطوير التنظيم المدرسي لتفعيل المشاركة المجتمعية بالمدارس الثانوية الحكومية الفلسطينية ؟ حدود البحث اقتصر هذا البحث على الحدود التالية: فيما يخص التنظيم المدرسي اقتصر البحث على ( الهياكل التنظيمية للمدرسة والتغيير فيها من حيث: توصيف الوظائف، استحداث وظائف جديدة، وأيضا على بعض العمليات التنظيمية: الاتصال، تقويم الأداء، صنع القرار) وفيما يخص المشاركة المجتمعية اقتصر البحث على (دعم البيئة المدرسية مادياً ومعنوياً، دعم تنفيذ الأنشطة المدرسية، الرقابة على العملية التعليمية وتقويمها). كما تم تطبيق الدراسة الميدانية على مديري المدارس الفلسطينية الثانوية العامة الحكومية، وعلى أعضاء مجالس الآباء والمعلمين في هذه المدارس. أهداف البحث