تنظيم إداري مقترح للتعليم الجامعي المفتوح في مصر على ضوء خبرات بعض الدول

ناهد عزت إسماعيل إمام;

Abstract


مقـدمة
يمثل التعليم الجامعى قمة الهرم التعليمى فى جميع أنظمة التعليم فى العالم، وأحدأهمالمرتكزات الرئيسةلإحداثالتنميةالشاملةبها ،وذلكلدورهفيإعداد وتخريج الكوادر البشرية والقيادات المجتمعية القادرة على النهوض بأعباء التنمية فى مجالات الحياة المختلفة.
وفى إطارما يواجه التعليم الجامعى في الوقت المعاصر من تحديات وصعوبات قد تعيقه عن تحقيق أهدافه وتطلعاته الحالية والمستقبلية، أخذت النظم التعليمية في الدول المتقدمة والنامية علي حد سواء تتبني صيغاً وأنماطاً جديدة للتعليم من بعد، ذلك من أجل إتاحة التعليم لجميع شرائح المجتمع أينما كانوا وكيفما كانوا وتحت أية ظروف استجابة للمتغيرات العصرية المختلفة التكنولوجية والاقتصادية والمعرفية، فضلاً عن تحديات النظام العالمي الجديد ومواجهة مشكلات النظم التعليمية التقليدية.
وعليه فقد شهد تنظيم مؤسسات التعليم الجامعى في العالم تطورات ضخمة ونشأت منظمات تعليمية غير تقليدية تستخدم التقنيات الجديدة وتتبنى مفاهيم العولمة تمثلت في ظهور جامعات الفضاء التي تتعامل مع طلابها عبر القنوات الفضائية والأقمار الصناعية، والجامعات الافتراضية التي تعمل من خلال الإنترنت، وشهدت العملية التعليمية ذاتها تطويراً كبيراً من أهم ملامحه التركيز على مرونة الالتحاق بالتعليم الجامعى، وإتاحته مدى الحياة خاصة من خلال مؤسسات التعليم الجامعى المفتوحة 0
ويعد التعليم المفتوح من الأساليب التي تساعد الفرد والمجتمع على النهوض وتحقيق أهداف التقدم والرقي ومواكبة العصر، فالتعليم المفتوح لم يعد مجرد ضرورة من ضرورات مواجهة التغير المتسارع، بل إنه يسهم في حل كثير من المشكلات وتلافي جوانب القصور الناتجة عن تلبية متطلبات واحتياجات الحياة المعاصرة من التعليم والتدريب والتثقيف في ضوء الأنماط الحديثة من التعليم النظامي وغير النظامي. ولقد كانت أول جامعة غير تقليدية تعتمد صيغة التعليم المفتوح والتعليم من بعد الجامعة المفتوحة في انجلترا، والتي أصبحت مثلاً ونموذجاً لكثير من التجارب التي بدأت تظهر بعدها في غالبية دول العالم .
ولقد وضعت الجامعات المصرية نفسها في بؤرة الاهتمام بالتعليم المفتوح، خاصة بعد ظهور ما يعرف بالتعليم الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت والإكسترانت، وظهور ما يعرف بالتعليم الافتراضي، فانتشرت مراكز التعليم المفتوح في مصر اعتباراً من العام الجامعي 1990/1991 في بعض الجامعات (القاهرة – الإسكندرية – أسيوط – عين شمس)، واعتباراً من عام 2006 انتشرت هذه المراكز في معظم الجامعات المصرية التي تسعى لتوفير هذا النوع من التعليم لأبنائها .
وتعتبر عملية التنظيم الإدارى فى العصر الحالى سر نجاح المنظمات بغض النظر عن طبيعة عملها سواء أكانت خدمية أم ربحية، فالتنظيم من العناصر الأساسية للإدارة، إذ بدونه لا يمكن للمديرين القيام بعملهم، فهو الوسيلة التى تمكن الأفراد من العمل معاً بكفاية،وذلك لكونه العمود الفقرى للمنظمة والإطار الذى يتضمن إعداد الجهاز اللازم لإنجاز الأهداف المحددة بالتكامل والتنسيق مع بقية العناصر الإدارية الأخرى، حيث تؤكد الممارسات العملية أن الفرق بين المنظمات الناجحة والمتعثرة، لا تتعلق فقط فى مدى وفرة الموارد والامكانيات أو ندرتها بقدر ما تتعلق بمدى ملائمة وكفاءة التنظيم الإدارى لها.
وإذا كان التنظيم وسيلة الإدارة لتحقيق الأهداف، فإن التنظيم بذلك يكون سابقاً لنشاط الإدارة، لأنه يوضح مسار العمل والمسئولية والسلطة فى المنظمة بجميع مستوياتها الإدارية، وعليه فإن العملية التنظيمية لا تقتصر على مجرد إعداد الهيكل التنظيمى فى المنظمة وتحديد الوحدات التنظيمية الضرورية، وتوفير الموارد المادية اللازمة لها، وتعيين الأفراد الاكفاء فى كل وحدة تنظيمية، ولاتنتهى برسم الخريطة التنظيمية وتحديد المسئوليات والمناصب الإدارية، ولكنها تتضمن الأسلوب الذى يتم على أساسه ترتيب وتنسيق العلاقات المختلفة بين عناصر المنظمة (الأفراد، والموارد المالية، والأهداف، والسياسات والقواعد وغيرها)، وتحديد طبيعة العلاقات وأنماط الاتصال بين تلك العناصر، وتوضيح دور كل منها فى تحقيق الأهداف التى أنشئت من أجلها المنظمة0
وإذا كانت الهياكل الإدارية والتنظيمية واللوائح والتعليمات المعتمدة فى الجامعات التقليدية تتصف بالجمود والبطء فى الإجراءات الإدارية، بالإضافة إلى المركزية فى صنع واتخاذ القرارات، فإن تبنى التعليم الجامعى المفتوح كمدخل تجديدى للتعليم النظامى الرسمى فى الجامعات، يتطلب مراجعة تلك الهياكل الإدارية والتنظيمية التى تحكم الممارسات والإجراءات فى هذه الجامعات، بحيث تعكس فلسفة وأهداف التعليم الجامعى المفتوح0
وهذا ما أشار إليه التقرير الختامى لأعمال الاجتماع الإقليمى للخبراء العاملين فى مجال التعليم عن بعد الذى نظمته المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع اللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم حين أوصت بضرورةوضعمعاييروأطرتنظيميةلمؤسساتالتعليمعنبعدوالجامعاتالمفتوحةلتحقيقالرقابةالعلميةوتسهيلاعتمادالمؤهلاتالصادرةعنهابمايحافظعلىجودةالتعليمومستقبلالطلاب0
وانطلاقا مما سبق فإن اختيار البنية التنظيمية يعد من أهم الإشكاليات التى تواجه نظام التعليم الجامعى المفتوح باعتباره نمطاً تعليمياً جديداً فى طبيعة نظامه وأسلوب إدارته وطرق تقييمه وأنواع برامجه ونظام قبوله لفئات متنوعة من أفراد المجتمع والتزامه بتوفير الخدمات التعليمية لهم، لذا فإنه يحتاج إلى تنظيم إدارى متميز قائم على أسس ومعايير علمية لتحديد الأعمال والأنشطة التى يلزم القيام بها لتحقيق الأهداف المطلوبة.
مشكلة الدراسة وأسئلتها
تشير الدراسات التي أجريت حول التعليم الجامعى المفتوح في مصر أن هذا النوع من التعليم يعانى من سلبيات كثيرة، والتي يمكن توضيحها فيما يلي :
1. تبعية غالبية أنشطة مركز التعليم المفتوح، سواء الإدارية أم التعليمية أم المالية للجامعات التابعة لها وبالتالي لاتتوافر الاستقلالية الكاملة لهذه المراكز في تسيير العملية التعليمية بها .
2. الافتقار إلى وجود بنود توضح نظم التعليم الجديدة كنظام التعليم المفتوح والتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد فى قانون تنظيم الجامعات.
3. تجربة التعليم المفتوح المصرية يعتريها الكثير من مظاهر القصور والخلل، وعدم مراعاة النظام المطبق حاليا لأهداف وأسس التعليم المفتوح وفلسفته وطبيعته، حيث أنه لا يخرج عن كونه صورة أخرى بمسمى جديد لنظام الانتساب المعمول به فى الوقت الراهن بالجامعات المصرية.
4. غياب اللائحة المالية والإدارية والأكاديمية الموحدة لمراكز التعليم المفتوح على مستوى الجامعات المصرية التى تقدم البرامج الأكاديمية لهذا النظام التعليمى.
5. ضعف التنسيق بين القائمين على نظام التعليم الجامعى المفتوح فى مصر مما أدى إلى اختلاف المقررات وعدد الساعات المعتمدة لكل مقرر فى البرامج المتماثلة.
6. عدم تمثيل الدارسين فى مجالس الإدارات أو الاتحادات الطلابية للتعليم الجامعى المفتوح.
7. إدارةالتعليمالمفتوحبمصرتعتمدعلىالبنيةالتنظيميةالقائمةبالجامعاتالتقليدية، حيث إن رئيس الجامعة التقليدية هو رئيس مجلس إدارة مركز التعليم المفتوح بنفس الجامعة .
8. العقلية المركزية والبيروقراطية فى ممارسة الإدارة والإشراف والتقويم.
9. العجز في كثير من الإمكانات اللازمة لنظام التعليم المفتوح، سواء من أعضاء هيئة تدريس مدربة، أم مباني مجهزة، أم وسائل ووسائط تعليمية .
10- التعليم المفتوح في مصر لا تجمعه فلسفة عامة شاملة، وإنما تركت الأهداف لتحددها كل كلية حسب اجتهادها ولذلك لا يوجد اتفاقاً إلا على خطوط عريضة .
11- غياب الرؤية الحاكمة للتعليم المفتوح لدى قطاعات كثيرة داخل المجتمع، حيث لا توجد رؤية واضحة مشتركة المضامين عن أهدافه، تستطيع من خلال مؤسساته تحديد اتجاهات المستقبل وتطوير منظومته.


Other data

Title تنظيم إداري مقترح للتعليم الجامعي المفتوح في مصر على ضوء خبرات بعض الدول
Other Titles Proposed Administrative Organization of the Open University Education in Egypt in the Light of some Countries Experiences
Authors ناهد عزت إسماعيل إمام
Issue Date 2016

Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 2 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.