" المواجهة الجنائية لجرائم الممارسات الاحتكارية " "دراسة مقارنة"

بندر بن حمدان بن ساير العتيبي;

Abstract


مقدمة الدراسة
إنَّ الحمـدَ الله نحمـدُه، ونستعينُــهُ، ونستهديه, ونستغفِــرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنــا وسيئــاتِ أعمالنــا، من يهـدهِ الله فلا مضـلَّ له، ومن يضلِـلْ فلا هادٍ له.
يعد الاقتصاد في عصرنا الحالي هو أحد المعايير الهامة التي يقاس بها تقدم الأمم. وهو لا شك تعبير عن قوتها في كثير من المجالات. فالقوة الاقتصادية أصبحت أحد أهم القوى المؤثرة التي تراعيها الدول في ميزان التعاملات الدولية.
ولقد حرصت شريعتنا الإسلامية الغراء والقوانين الوضعية، على الحفاظ على مصالح أفراد المجتمع، من خلال توفير الوسائل اللازمة التي تكفل لهم الحياة الكريمة وتساعدهم على الاستقرار. ومن أجل هذه الأهداف السامية حرم الإسلام الربا، قال تعالى ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾( )، وحرم أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى ﴿يَا أيها الَّذِينَ أمنواْ لاَ تَأْكُلُواْ أموالكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أن تكون تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ﴾( ) وحرم أكل مال اليتيم، قال عز وجل ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أموال الْيَتَامَى ظُلْمًا إنما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾( ) وحرم الغش، قال رسول الله (من غش فليس مني)( )، وحرم الاحتكار لما فيه من تضييق على عباد الله بقوله صلى الله عليه وسلم (لا يحتكر إلا خاطئ)( ) وقوله صلى الله عليه وسلم (من احتكر طعامًا أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالى وبرئ الله تعالى منه)( ).
والأحاديث النبوية الواردة في الاحتكار لم تقف عند هذا الحد بل هي كثيرة وعززتها المواقف الإسلامية الرشيدة، فعن عمر بن الخطاب، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من احتكر على المسلمين طعامهم، ضربه الله بالجذام والإفلاس)( ).
ولما كان الاحتكار يشكل في بعض ممارساته جريمة لها أكبر الآثار الاقتصادية والاجتماعية على المواطنين، وتحمل تلك الممارسات في طياتها ظلماً وعنتاً وغلاء وبلاء. ولما فيه من إهدار لحرية التجارة والصناعة، وسد لمنافذ العمل وأبواب الرزق أمام الكثيرين. وهذا يتعارض ولا شك مع سياسة حفظ المقاصد في الشريعة الإسلامية، وتنظيم العمليات التجارية في الأنظمة الوضعية؛ ولهذا جرمتها الشريعة الإسلامية والقانون المصري والنظام السعودي؛ نظرا لما يترتب على تلك الجرائم من آثار على الفرد والمجتمع؛ ونظرًا لنشأة أجهزة بمقتضى تلك الأنظمة وندرة الدراسات المتعلقة بذلك الموضوع خصوصًا في المملكة العربية السعودية. وأيضًا لأهمية موضوع الاحتكار وآثاره السلبية فقد اخترت أن يكون بحثي بعنوان المواجهة الجنائية لجرائم الممارسات الاحتكارية، دراسة مقارنة بين القانون المصري والنظام السعودي. فأسأل الله تبارك وتعالى السداد والإخلاص والقبول.
مشكلة الدراسة :
جرمت كل من الشريعة الإسلامية ونظام المنافسة السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/25 وتاريخ 4/5/ 1425هـ ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار مجلس حماية المنافسة رقم (13/2006م) وتاريخ 25/11/1427هـ، وكذلك جرم الاحتكار في مصر بموجب قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري رقم 3 لسنة 2005م، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1316) لسنة 2005م.
إلا أنَّ التشريعات الوضعية لم تضع من القواعد ما يمكن معه القول بأنها تستطيع القضاء على ظاهرة الممارسات الاحتكارية، وذلك لما فيها من ثغرات تسمح للمحتكر بأن يتهرب من العقاب. وفي نفس الوقت يكون بها غموض ويؤدي بالقضاء إلى الحكم بالبراءة بدعوى أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، أو أن الشك يُفسر لمصلحة المتهم( ). وهنا تكون التضحية بالمصلحة العامة وتصبح قوانين منع الممارسات الاحتكارية عديمة الجدوى، مما يكون له من الآثار الاقتصادية ما لا تحمد عقباه. وفي ضوء هذه المشكلات أرى أهمية بحث المواجهة الجنائية لجرائم الممارسات الاحتكارية في الشريعة الإسلامية والنظام السعودي والقانون المصري. الأمر الذي يثير التساؤل الرئيسي التالي: ما مدى فاعلية التشريعات المقارنة في مواجهة جرائم الممارسات الاحتكارية؟.
تساؤلات الدراسة:
1. ما مفهوم وأسباب وآثار جرائم الممارسات الاحتكارية؟
2. ما هو الأساس القانوني لتجريم الممارسات الاحتكارية في القانون المصري والنظام السعودي؟
3. ما هي أركان جرائم الممارسات الاحتكارية؟
4. ما هي سياسة تجريم الممارسات الاحتكارية في القانون المصري والنظام السعودي؟
5. ما هي كيفية المواجهة الجنائية الموضوعية لجرائم الممارسات الاحتكارية من خلال التعاون الدولي والمواثيق الدولية؟
6. ما الإجراءات الوقائية التي يمكن للدولة اتخاذها منعًا لحدوث جرائم الممارسات الاحتكارية؟
7. ما هي إجراءات تحريك الدعوى الجنائية ضد مرتكبي جرائم الممارسات الاحتكارية؟
8. ما هي الكيفية التي تتم بها تنفيذ عقوبات مرتكبي جرائم الممارسات الاحتكارية؟
أهداف الدراسة:
1. معرفة مفهوم وأسباب وآثار جرائم الممارسات الاحتكارية.
2. تحديد الأساس القانوني لتجريم الممارسات الاحتكارية في القانون المصري والنظام السعودي.
3. معرفة أركان جرائم الممارسات الاحتكارية.
4. تحديد سياسة تجريم الممارسات الاحتكارية في القانون المصري والنظام السعودي.
5. تحديد طرق المواجهة الجنائية الموضوعية لجرائم الممارسات الاحتكارية من خلال التعاون الدولي والمواثيق الدولية.
6. معرفة الإجراءات الوقائية التي يمكن للدولة اتخاذها منعًا لحدوث جرائم الممارسات الاحتكارية.
7. إلقاء الضوء على إجراءات تحريك الدعوى الجنائية ضد مرتكبي جرائم الممارسات الاحتكارية.
8. معرفة كيفية تنفيذ عقوبات مرتكبي جرائم الممارسات الاحتكارية.
أهمية الدراسة :
أ‌. الأهمية العلمية
سوف نحاول أن تكون هذه الدراسة بمثابة إضافة للباحثين في المجال الجنائي لمعرفة أسس تجريم الممارسات الاحتكارية والعلة من ذلك، والسبل الموضوعية للمكافحة من حيث التجريم والعقاب، والإجراءات التي قد تواجه المتهم بالممارسات الاحتكارية. كما أنها إضافة للباحثين أيضًا في المجال الاقتصادي لمعرفة الآثار الجنائية للممارسات الاحتكارية.
ب‌. الأهمية العملية :
توضيح خطورة الممارسات الاحتكارية وسبل مواجهتها سواء على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي وتحديد ذلك من خلال الشقين الموضوعي والإجرائي. وستسهم هذه الدراسة في معرفة سبل الوقاية من جرائم الممارسات الاحتكارية، وأهمية ذلك لا تقف عند حد الفرد وإنما تهم المجتمع وأمنه؛ حيث تعتبر الممارسات الاحتكارية أحد مهددات ذلك الأمن. كما أن هذه الدراسة من الممكن أن تسهم في وضع خطط ونماذج وآليات عملية لمواجهة الممارسات الاحتكارية.


Other data

Title " المواجهة الجنائية لجرائم الممارسات الاحتكارية " "دراسة مقارنة"
Authors بندر بن حمدان بن ساير العتيبي
Issue Date 2016

Attached Files

File SizeFormat
V158.pdf707.83 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 231 in Shams Scholar
downloads 147 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.