جرائم الاتجار بالبشر فى الاتفاقيات الدوليه والقانون الجنائى "دراسه تاصيليه مقارنه "

غاده حلمى احمد احمد خليل;

Abstract


تكمن مشكلة الدراسة في أن جرائم الاتجار بالبشر أصبحت تمثل خطراً يهدد أمن واستقرار المجتمع والفرد وخاصة الفئات المستضعفة من النساء والأطفال في مناطق كثيرة من دول العالم، وازدياد جرائم الاتجار بالبشر وانتشارها على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، وكذا قلة الدراسات البحثية التي تناولت موضوع الدراسة، وخاصة فيما يتعلق بجهود المكافحة والاستراتيجيات الفعالة لمواجهة هذه الظاهرة، اختلاف النظم القانونية بين الدول أو نماذج تجريم الصور المختلفة للاتجار بالبشر بها، وعدم وجود قواعد موحدة للتعاون الأمني والقضائي بين الدول، حيث تستغل الجماعات الإجرامية المنظمة الثغرات القانونية للنفاذ إلى البلدان وممارسة أنشطتها الآثمة.
أما بالنسبة لمشكلة الظاهرة على المستوى الوطني فهي، حداثة القانون رقم 64 لسنة 2010 الخاص بمكافحة ومنع الاتجار بالبشر، بالإضافة إلى عدم وجود تطبيقات لقضايا الاتجار. ومما يزيد من مشكلة الدراسة أيضاً أن المعلومات الإحصائية المتوافرة عن هذه التجارة غير دقيقة، فبالنظر للأرقام والإحصائيات التي تشير لمدى انتشار هذه الظاهرة والتي ترسم صورة تثير الانزعاج لحقيقة المشكلة على أرض الواقع حيث أن 29.8مليون شخص يعيشون تحت وطأة العبودية الحديثة على مستوى العالم، والذي يقدره الخبراء بأنه ضعف ذلك، ويبقى الكثيرون لا يعرفون معنى الإتجار بالبشر .!!
كما يزيد من مشكلة هذه الدراسة قلة الأبحاث العلميَّة والقانونيَّة بشأن هذا الموضوع، على اعتبار حداثة التشريعات الصادرة بشأنها، فالمُشَرِّع الأمريكي أصدر قانون حماية ضحايا الاتِّجار بالبشر عام 2000، وذلك عندما أصدرت وكالة المُخَابرات الأميركيَّة CIA تقريرًا في ذات السنة قَدَّرت فيه أنَّ نحو45.000 إلى50.000 شخص يتم الاتِّجار بهم سنويًا في الولايات المُتَّحِدة الأميركيَّة.( )
لذا سيتم توجيه الضوء على حقيقة تلك الجرائم وأساليب مكافحتها على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، بالإضافة لآثار هذه الظاهرة على المرأة والطفل بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة. أما عن قضية نقل وزراعة والاتجار في الأعضاء البشرية فهي مشكلة معقدة، حيث تعد ذات استمرارية متشابكة في مدها وجذرها الفكري- لأن ذلك الملف تتنازعه أطراف عدة لها من الثقل الفكري ما يجعل هذا التنازع تنازعاً قوياً يجعل كل طرف يريد أن يرجح كفته على حساب الطرف الآخر، وهذه الأطراف هي الدين بشريعته وآراء فقهائه، والقانون بنصوصه واجتهادات مُشرعيه، والطب بأطبائه ورؤية أساتذته، والمريض الذي من حقه الحياة والشفاء مما يعانيه، والفقير الذي يجعل من هذه القضية إشكالية يصعب حلها..
ثالثاً : أهمية الدراسة:
تتجلى أهمية الدراسة من كونها تتصل بقضية من القضايا المستحدثة ذات الطابع الدولي الذي أضفي على جرائم الاتجار بالبشر وتنوعها وتلون مظاهرها وعبورها لدول العالم كافة، والتي شغلت الرأي العام الدولي وأثارت قلق وانتباه الجماعة الدولية وحظيت باهتمام وعناية المنظمات الحكومية وغير الحكومية، وكذا تأتي أهمية الدراسة.
ومن هنا جاءت هذه الرغبة في إجراء الدراسة لوجود دافع موضوعي يتمثل في ما تشكله جرائم الاتجار بالبشر كونها محرمة شرعاً ومجرمة قانوناً بخلاف آثارها السلبية في تدمير الثروة البشرية والمادية والمهددات الجسيمة، وذلك مع تعدد صور وأشكال الاتجار والاستغلال الجنسي وخاصة بأكثر الفئات ضعفاً (النساء والأطفال).
حيث تلقي هذه الدراسة الضوء على جرائم قديمة حديثة في آن واحد تستهدف الفئات المستضعفة في المجتمع الإنساني تعاني من الجوع والفقر والبطالة والنزوح عن أوطانها نتيجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والحروب والكوارث الطبيعية التي تواجه تلك المجتمعات، حتى باتت تلك الصور والأشكال المختلفة من هذا الإجرام تنتهك كرامة الإنسان وحقوقه وحرياته الأساسية، حتى أصبح حق الإنسان بالحياة والكرامة الإنسانية وسلامة جسده وأعضائه وحقه بالحرية والعمل محلاً للاتجار Human trafficking"" فأصبحت ظاهرة عالمية معقدة ومتداخلة تتجاوز الحدود الوطنية للدول.
كما أصبحت مثاراً للجدل خلال الآونة الأخيرة حيث بدأت الدعوات إلى مكافحة الاتجار بالبشر تزداد في جميع أنحاء العالم باعتبارها من أهم المشكلات الدولية، وذلك مع تفاقمها والتي تعد من أبرز الصور المُستحدثة التي أفرزتها الأبعاد الحديثة للجريمة، ولذلك كان من اللازم تجنيد أقلامنا وأفكارنا للتعرف على هذه الظاهرة، وهذا ما دفعني للبحث فيه ووضع أسئلة كثيرة تحيط به ومن أهمها ما هي طبيعة المجتمعات التي تنتشر فيها هذه الظاهرة ؟ ونتعرف أيضاً على النظرة التشريعية والتي من خلالها صدر القانون رقم 64 لسنة 2010م ورغم تكامله وتطرقه لأغلب الموضوعات ورغم إيجادها الحلول المناسبة للآفات الاجتماعية المتجددة إلا إنها لا تجد طريقها للتنفيذ العلمي، فالمنتظر إذن من هذا البحث أن يكون بادرة خير في البحوث المقارنة التي تبين خطورة هذه الظاهرة والحلول المناسبة على ضوء القانون الوطني والإقليمي والدولي، وتسليط الضوء على الاستراتيجيات الدولية والإقليمية لمواجهة جرائم الاتجار بالبشر.

رابعاً : منهج الدراسة :
يُعد المنهج الوصفي التحليلي هو المنهج الأكثر مُلاءمة في دراسة الظواهر الاجتماعية ومنها " ظاهرة الإتجار بالبشر" - وتعتمد الدراسة على مقارنة ما توصل إليه القانون المصري والقوانين المقارنة في الحد من هذه الظاهرة، بالإضافة للمنهج التاريخي الذي يظهر تتبع تاريخ الرق، وتستند أيضاً إلى خلفية مفاهيمية ومنهجية تسمح باعتماد المنهج العلمي لرصد ظاهرة الاتجار بالبشر عموماً وذلك في إطار السياقات التاريخية والمجتمعية- كونها مرتبطة بقضايا الإنسان، وكذا قواسمها المشتركة والمؤكدة بوجودها على المستوى العالمي بكونها جرائم عابرة للحدود وذلك بفضل العولمة وتكنولوجيا المعلومات، وذلك إبان صيرورتها المجتمعية وتحولها إلى ظاهرة ولابد من معالجتها والتصدي لها.
وفي تنظيمها فقد قامت بعرض جزئيات أساسية من الدراسة في القانون الوطني والدولي وتأتي العناوين متسلسلة ومترابطة ومرتبة بدأت بإيراد التعريفات وبعدها التجريم وبعدها المكافحة فكل فصل يخدم ما بعده يعتمد هذا البحث على المنهج التحليلي المقارن من خلال الإجابة على إشكالية البحث والسعي وراء تحقيق أهدافه حيث يتتبع كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة، وكذلك القوانين والتشريعات والقوانين الوطنية والدولية ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة بموضوع البحث،وكذا الاستراتيجيات الخاصة بالمكافحة والمنع.
وفي عموم الأمر أسبغ هذا البحث المنهج التحليلي الوصفي الذي يركز على دراسة الواقع الفعلي للمشكلة وتقصي أسبابها وآثارها على الضحايا بصفة خاصة وعلى المجتمع بصفة عامة واستعراض الجهود المبذولة لمواجهة تلك الجرائم وطرق مكافحتها.
خامساً : أهداف الدراسة :
تسعى الدراسة إلى هدف رئيسي وهو إثارة الاهتمام وتعزيز الوعي وإيقاظ الرأي العام وتنبيهه بخطورة تلك الظاهرة، ومعرفة مسبباتها ودوافعها ومخاطرها وضحاياها والمستفيدين منها، وكيفية مكافحتها ووسائل منعها وطرق كشفها، وتهدف أيضاً لبيان التطور التاريخي لجرائم الاتجار بالبشر، وتسلط الضوء على علاقتها بالجريمة المنظمة كصورة لها، وصورها وآثارها، والمساهمة في إيجاد مرجع يضم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والاستراتيجيات ذات الصلة بجرائم الإتجار بالبشر وبمكافحتها وبيان الالتزامات الأساسية التي يرتبها على الدول في هذا الشأن وأهمها الالتزام بالحظر والتجريم والتعاون فيما بينها للقضاء على تلك الظاهرة بالإضافة إلى الحماية، وتأكيد التقارير الدولية والإقليمية والمنتديات ذات الصلة بموضوع الدراسة، وعرض أهم الرؤى لما تم طرحه من دراسات سابقة لها اتصال مباشر أو غير مباشر بموضوع الدراسة.
كما تهدف إلى بيان الموقف القانوني وإيضاح كيفية تصدي المشرع المصري لها وفقاً للوثيقة الدستورية 2014 والقانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر والقوانين الأخرى المتعلقة بهذا الخصوص، ولما كانت ظاهرة الاتجار بالبشر تتجلى عندما تشكل إحدى صور الجريمة المنظمة المتعدية للحدود الإقليمية فإن الإلمام والإحاطة بأركان هذه الجريمة يستلزم بيان خصائص الجريمة المنظمة وعناصرها الأساسية وآثارها الوخيمة على الضحايا والمجتمع.
وتهدف الدراسة أيضاً إلى الإسهام في نشر المعرفة العامة عن طريق تسليط الضوء على تلك الجرائم والتعريف بها كسبيل من سبل المكافحة والوقاية أيضاً، بالإضافة إلى كشف حقيقة هذه التجارة والتعريف بها باعتبارها خطراً متعدد الجوانب، ولأنها آفة تتغلغل في المجتمع وتحلل كل ما يتمتع به من قيم وأخلاق وأمن لذلك لابد من معرفة الظاهرة حق المعرفة والبحث في منع تلك الجرائم ومكافحتها ثم المعاقبة عليها، وأيضاً العقبات التي تحول دون تحقيق تلك الغايات، مع دراسة عوائق التعاون الدولي للتصدي لتلك الظاهرة؛ وأرجو من الله تعالى أن يكون بحثي هذا إضافة مفيدة للجهود التي سبقتها لحل هذه الإشكالية وأن يكون ذات فائدة.


Other data

Title جرائم الاتجار بالبشر فى الاتفاقيات الدوليه والقانون الجنائى "دراسه تاصيليه مقارنه "
Authors غاده حلمى احمد احمد خليل
Issue Date 2016

Attached Files

File SizeFormat
V191.pdf593.98 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 30 in Shams Scholar
downloads 14 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.