تصور مقترح لتوظيف حدائق التكنولوجيا في تطوير التعليم الجامعي لتحقيق متطلبات اقتصاد المعرفة

Abstract

مر الإنسان منذ وجوده على وجه الأرض بالعديد من الثورات، منها الثورة الزراعية ثم الثورات الصناعية، فشهد العالم الثورة الصناعية الأولى في أواخر القرن الثامن عشر، والثورة الصناعية الثانية في ستينيات القرن التاسع عشر، إلى أن وصلنا للثورة الصناعية الثالثة أو تلك التي يطلق عليها الكثيرون "الثورة التكنولوجية"، والتي أحدثت ثورة جديدة في مجال التعليم والبحث العلمي وكذلك زادت من سرعة التغير الاقتصادي والاجتماعي. وكان من أهم التداعيات التي رافقت بزوغ مجتمع المعرفة، تنامي دور المعرفة كعنصر مهم لمصادر الثروة ومولد رئيسي للقيم المضافة، وظهور مفهوم رأس المال الفكري، وزيادة أعداد العلماء وفروع الجامعات ومراكز البحوث واستخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة التي توفر الوقت والمجهود، وتنامي دور الابتكار التكنولوجي كمحرك للتنمية وأداة للمنافسة، وظهور الاقتصاد المبني على المعرفة وتطبيقها كاقتصاد جديد بديل للاقتصاد التقليدي. وتأسيساً على هذا، فقد زاد التنافس بين المجتمعات على جميع المستويات العالمية والإقليمية والمحلية من أجل الحصول على المعرفة ولم يكن هذا نهاية المطاف، حيث لم تعد اقتصاديات العالم أجمع قائمة على الوصول إلى المعرفة فحسب، بل تعدتها إلى إنتاج المعرفة وتطبيقها وتسويقها على هيئة منتجات وابتكارات تقنية وتكنولوجية. وهذا بدوره يتطلب تطوير الجامعات من أجل خلق جيل قادر على تحويل المعلومات إلى معرفة وتنظيمها وإدارتها وتطبيقها، وبناء قاعدة علمية معرفية تكنولوجية تستطيع خدمة أهداف الاقتصاد الحالي وتحقيقها، وتوفير البنية التحتية لاقتصاد المعرفة. وقد أشار تقرير البنك الدولي إلى ضعف منظومة التعليم الجامعي المصري حيث رصد وجود مستوى متدنٍ للنشاط البحثي داخل الجامعات المصرية مقارنة بالجامعات الكبرى في البلدان الأخرى، بالإضافة إلى وجود زيادة مفرطة في عدد خريجي الجامعات وعدم ملائمتهم لسوق العمل ، كما أشار إلى الانخفاض النسبي للإنفاق على التعليم الجامعي ، مما يقيد قدرة الجامعات على الاضطلاع بدور مهم في توليد المعرفة ونشرها. وبالتالي يتطلب هذا الواقع المؤسف للجامعات المصرية تبني نماذج وصيغ جديدة تعمل على تطوير منظومة التعليم الجامعي من خلال وجود آلية تربط وتدعم الشراكة مابين الجامعات والمؤسسات الإنتاجية تكون قادرة على نقل التكنولوجيا وتطبيقها وتلبية احتياجات سوق العمل. ومن هذه النماذج والصيغ الجديدة حدائق التكنولوجيا بوصفها آلية لتطبيق ونقل التكنولوجيا بين الأوساط الصناعية والأكاديمية، حي