العلاقة بين مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية

عبدالقادر أحمد عبدالقادر الحسناوي;

Abstract


يعتبر مجلس الأمن طبقًا لميثاق الأمم المتحدة هو الجهاز السياسي المختص بالمحافظة على السلم والأمن الدوليين، وله أن يقرر وفقًا للمادة (39) منه وقوع تهديد أو إخلال به أو وقوع أي عمل من أعمال العدوان، ومن صلاحياته أن يتخذ أيًّا من التدابير الواردة في المادتين (40، 41) من الميثاق سواء عسكرية أو غير عسكرية.
وشهد المجتمع الدولي تطورًا ملحوظًا في الحالات التي تدخّل فيها مجلس الأمن في بعض المنازعات ذات الطابع الجنائي الدولي، بموجب ما له من اختصاصات خولها له الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحفظ السلم والأمن الدوليين.
وقد أخذ هذا التدخل مظهرين رئيسيين، تمثل الأول في التدخل المباشر بقرارات صادرة عن مجلس الأمن لفرض عقوبات دولية على الدول التي رفضت الامتثال لقراراته بتسليم بعض المشتبه بهم في ارتكابهم جرائم، ومثال ذلك القرارات التي صدرت في الأزمة الليبية الغربية (لوكربي).
أما المظهر الثاني فقد تمثل في القرارات الصادرة عن مجلس الأمن بإنشاء محاكم جنائية خاصة للنظر في محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في يوغسلافيا السابقة ورواندا.
ونظرًا لعدم كفاية الإجراءات التي اتخذها المجلس لمكافحة مرتكبي الجرائم الدولية، ولاعتباره جهازًا سياسيًّا لا علاقة له بالمسائل الجنائية، تعد المحكمة الجنائية الدولية علامة بارزة للمجتمع الدولي بإعادة تعريف العدالة الجنائية الدولية، وإحلال الاستقرار في مجال القانون الذي شهد عدم استقرار منذ مدة طويلة، ومع ذلك، فإن المحكمة التي تجاوز عمرها عشر سنوات حاليًا تواجه مجموعة تحديات في ترجمة تلك الأهداف إلى واقع، لأنها مؤسسة مركزية ثابتة، توجد في عالم، وتعمل في نظام وانضباط تفاعلي لأقصى حد، فقدرة المحكمة على النجاح والتنفيذ لتفويضها يتوقف على قدرتها على استخدام مبادئها التأسيسية للتكيف مع الظروف المختلفة، والقضايا التي تواجهها.
وبدخول النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حيز النفاذ في 1/7/2002، ساد الاعتقاد بأن القانون الدولي قد أضحى مسلحًا بجهاز قضائي دولي يكفل محاسبة كثير ممن يرتكبون بعض الجرائم الخطرة في حق الجنس البشري بالمخالفة لما تقضي به قواعد القانون الدولي منذ زمن بعيد، ولكن ما نص عليه النظام الأساسي للمحكمة قد يغير هذا الاعتقاد، فالمادة (13/ب) منه، منحت مجلس الأمن دورًا فعالًا يتمثل في الإحالة إلى المحكمة، دون غيره من أجهزة الأمم المتحدة والتي من بينها الجمعية العامة، نتيجة للطابع غير الإلزامي لتوصيات هذا الجهاز (الجمعية العامة) في مواجهة الدول الأعضاء مقارنة بقرارات مجلس الأمن الصادرة بموجب الفصل السابع التي لها الصفة الملزمة، مما أدى بطبيعة الحال إلى أن مفاوضات المؤتمر الدبلوماسي بروما كانت تدور حول حق المجلس في الإحالة دون الجمعية العامة( ).
والأكثر من ذلك منح المجلس بموجب المادة (16) من النظام الأساسي سلطة خطيرة ألا وهي تأجيل أو إيقاف تحقيق أو مقاضاة في المحكمة( )، وهذا ما يدعونا للتساؤل هل منح مثل هذه الاختصاصات يضمن استقلالية المحكمة التي تم التأكيد عليها في ديباجة النظام الأساسي بأن هذه المحكمة مستقلة ذات علاقة بمنظومة الأمم المتحدة، وما هو مستقبل المحكمة في ضوء هذه العلاقة بما يضمنه من مساس بعدالة المحكمة واستقلالها وأهدافها، ويجعلها عرضة للأهواء السياسية داخل مجلس الأمن، وما تأثير ذلك على أهداف الدول التي أنشِئَت المحكمة الجنائية الدولية المتعددة: إنشاء العدالة المثالية والقصاص، وتوفير سبل الانتصاف للضحايا، وتعزيز القيم الاجتماعية والإصلاح الفردي، وتثقيف الأجيال الحاضرة والمقبلة.


Other data

Title العلاقة بين مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية
Authors عبدالقادر أحمد عبدالقادر الحسناوي
Issue Date 2014

Attached Files

File SizeFormat
g4610.pdf217.13 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check



Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.