الغش في التحكيم

عمار طلعت زايد مروان;

Abstract


ترجع أهمية التحكيم كوسيلة لحل المنازعات إلى اعتراف الدولة به بعيداً عن القضاء الوطني حيث تعترف النظم المقارنة بإمكانية تحقيق الحماية القضائية للحقوق والمراكز القانونية بغير اللجوء لقضاء الدولة والي يعد هو الحصن الحصين لحماية الحقوق والحريات حيث تعترف تلك النظم بإمكانية لجوء الأطراف إلى التحكيم.
كما تعترف الدول لأعضاء هيئة التحكيم بسلطة الفصل في بعض المنازعات على الرغم من عدم تمتع بعض أعضاءها بصفة القاضي وترجع أهمية التحكيم إلى سهولة إجرائه وسرعتها والتي غالباً ما يلجأ إليها الأطراف تجنباً للإجراءات القضائية التي تتسم بالبطء والتعقيد. وذلك كونه يخفف العبء عن كاهل القضاء الوطني داخل الدولة في الوقت الذي زادت فيه الخصومات وتنوعت، خاصة الخصومات ذات الطابع التجاري لذا كان من المفيد أن تتفرغ الجهات القضائية الوطنية للمنازعات الهامة والتي لا يجوز التحكيم فيها بسبب ارتباطها بمصالح الدولة وسيادتها وتترك المنازعات ذات الطابع الخاص الذي هم أطراف الخصومة باللجوء إلى التحكيم في تلك المنازعات خاصة وأن عدد القضايا والخصومات في زيادة مضطردة والذي لا يقابله على الجانب الآخر زيادة في عدد القضاة ومن ثم تظهر أهمية التحكيم كعلاج ناجح لتلك الظاهرة.
كما ترجع أهمية التحكيم أيضاً إلى رغبة أطراف النزاع في عرض منازعاتهم على أشخاص ذوو خبرة فنية خاصة في مجالات اقتصادية وتجارية أو مصرفية فليس بالضرورة أن يكون المحكم ذا خبرة قانونية.
والأصل أنه يفصل التحكيم في المنازعات التجارية والمصرفية التي تثور بين الكيانات والمشروعات الاقتصادية العملاقة سواء كانت وطنية أو أجنبية حيث يفضل أصحاب تلك المشروعات والكيانات اللجوء للتحكيم نظراً لسهولة إجراءاته وإمكانية اختيار المحكمين وسلطة تحديد القانون واجب التطبيق إلى جانب طابع السرية الذي يغلب على نظام التحكيم وذلك على العكس من إجراءات التقاضي أمام القضاء الوطني التي تتسم جلساته وإجراءاته بالعلانية الأصل العام ولذا يلعب التحكيم دوراً هاماً باعتباره الحل الأمثل لمشاكل التجارة الدولية.
ويرجع هذا إلى تطور فنون وممارسات التجارة الدولية الحديثة التي أدت إلى ظهور أنواع جديدة من المعاملات والعقود والتي لم يكن للفكر القانوني سابق عهد بها فهي غالباً ما تكون عقود مركبة وغير مسماة وتتسم بأنها عقود طويلة الأجل والتي من شأنها أن تتأثر بالمتغيرات الاقتصادية الأمر الذي يبدو معه قصور القضاء التقليدي للدولة من الناحية الفنية تسوية تلك المشكلات والتي أثبت الواقع العملي أن البديل الملائم للقضاء الوطني هو التحكيم والذي عمل بعيداً عن قواعد القوانين الوطنية إلى ترسيخ مجموع من الحلول الفنية والقانونية التي تتجاوب مع تطور وخصوصية عقود التجارة الدولية.ويعد اتفاق التحكيم اتفاقا عرفيا لا يشترط شهره حيث عدد المشرع الدعاوي الواجب شهرها
لما كان التحكيم يتم بعيداً عن القضاء الوطني فإنه غش الخصوم في إجراءات التحكيم يكون أمراً وارداً ومتصوراً حيث يعد الغش في حد ذاته ظاهرة واسعة الانتشار في العلاقات القانونية بصورة عامة وفي إجراءات التقاضي بصورة خاصة بل ولا نبالغ إن قلنا أن القوانين الإجرائية والتي تهتم بإجراءات التقاضي وتنظمها أمام هيئات التحكيم هي المجال الخصب لظاهرة الغش الإجرائي.
حيث قد يعمد أطراف خصومة التحكيم إلى الغش والتلاعب بالإجراءات لإطالة أمد التقاضي أمام هيئات التحكيم أو لعرقلتها إضراراً بالطرف الآخر رغبة منهم في تحقيق منفعة أو لترتيب أوراقه للحصول على حكم يعلم أنه ليس من حقه.
وقد يصدر الغش من المحكم نفسه ويتحقق ذلك إذا خالف المحكم الالتزام بالحيدة التي يفرضها عليه
والغش في الاصطلاح القانوني هو الإخلال بواجبات الصدق والمصارحة التي يفرضها القانون أو اتفاق التحكيم كالكذب أو الكيدية في الإجراءات كاتخاذ إجراء يعلم الشخص أنه ليس من حقه أو عدم القيام بإجراء معين يقصد الإضرار بأحد الخصوم.
و يقصد بالغش الإجرائي انحراف المحكم وإخلاله بواجب الحيدة وإخلاله بمبدأ العدالة بقصد وسوء نية بتحيزه لأحد الخصوم ولذلك تعد القواعد الخاصة برد المحكمين من النظام العام ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، ولذا يعد غشاً اختيار محكم له علاقة بأحد أطراف خصومة التحكيم دون علم الطرف الآخر كما لو كان له مصالح مادية أو ارتباطات مالية مع أياً من طرفي الخصومة أو كان يباشر استشارات ومساعدات فنية لأحد أطراف النزاع أثناء سير إجراءات التحكم سواء كان ذلك بمقابل أو بدون مقابل.
الغش تصرف إرادي يقصد من وراءه الإضرار بالشخص أو تضليل للمحكمة وذلك بإساءة استعمال الطرف لحقوقه الإجرائية والغش بهذا المعنى قد يتخذ صورة طلباً أو إجراءاً أو دفعاً يكون الهدف من وراءه الإضرار بالطرف الآخر وصولاً إلى تعطيل سير العدالة أو تضليل هيئة التحكيم سعياً لإصدار حكم لصالحه.
والغش على هذا النحو قوامه عنصران العنصر الأول يتجسد في عنصر مادي والعنصر الآخر عنصر معنوي
و علية قد يتخذ الغش صورة مادية بأن يكون غشاً في الواقع كإيهام الطرف بواقعة لا أساس لها من الصحة المقصود منها دفع الطرف الواقع تحت تأثير الغش لاتخاذ إجراء ليس في صالحه.
أو قد يكون الغش بنفي واقعة موجودة أصلاً أو تشوبها وتحريفها أو تقديم معلومات كاذبة عنها كإعطاء بيانات غير حقيقية عن الواقعة أو تغير المستند أو تزويره وقد يكون الغش قولاً كاليمين الكاذبة والشهادة الزور ويجب لتوافر الغش أن يكون الإجراء الذي تم اتخاذه أو الامتناع عنه دون وجه حق مؤثراً في يقين هيئة التحكيم ومؤثراً على حكمها.
والغش بالمعنى الواسع يحتمل كل أنواع التدليس والوسائل الخداعية التي يستعملها أحد الخصوم في مواجهة الطرف الآخر بقصد إيقاعه في الخطأ أو تضليله وينسحب نفس المعنى على تضليل هيئة التحكيم وإيقاعها في الخطأ والغش كما يصدر من الخصوم يصدر من المحكم أو القاضي ويتحقق غش القاضي أو المحكم بانحرافه عن العدالة بقصد وسوء نية وذلك إما تحقيق مآرب شخص أو انحياز لأحد الخصوم.
فالغش هو تغير الحقيقة أو إخفائها بأي وسيلة تدليسية يقصد تحقيق مصلحة خاصة تتعارض مع القانون وقد يتم الغش خلال إجراءات التحكيم بإثارة النزاع حول مسألة أولية تخرج عن ولاية المحكمين فالتحكيم طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية و سلبا لاختصاص جهات القضاء وتقتصر ولاية هيئة التحكيم على نظر موضوع النزاع الذي تنصرف إليه إرادة المحتكمين، فإذا فصلت في مسألة لا يشملها هذا الموضوع أو تجاوزت نطاقه فإن قضائها بشأنه يضحى وارداً على غير محل من خصومة التحكيم وصادرا من جهة لا و لأيه لها بالفصل فيه لدخول في اختصاص جهة القضاء صاحبة الولاية العامة في نظره.أو طعن أحد الخصوم بالتزوير في ورقة معروضة على المحكمين وذلك بقصد إطالة أمد التحكيم إضراراً بالطرف الآخر بل ويتحقق الغش من المحكمين ومن ثم يجوز ردهم إذا حكم المحكم بغير وثيقة تحكيم أو بناءاً على وثيقة باطلة أو إذا كان الحكم قد خرج عن حدود الوثيقة.... أو إذا صدر الحكم من محكمين لم يعينوا طبقاً للقانون أو صادرة من بعضهم دون أن يكون مأذونين بالحكم في غيبة الآخرين أيضا الغش الذي يقع من أحد الخصوم ضد الطرف الآخر قد ينصب على الوقائع ويكون ذلك بالسكوت أو الكتمان عنها أو إخفائها أو باحتجاز أحد المستندات أو باصطناعها، وقد ينصب على القانون بالتحايل على القانون.كما قد ينصب على الإجراءات فقد يتفق الخصوم جميعاً على اللجوء إلى هيئة التحكيم للحصول على حكم في دعوي معينة وذلك بهدف تقديمه لهيئة التحكيم كدليل للحصول علي حكم تحكيم لصالح احد الخصوم أضرارا بالغير أي ما يسمى الأحكام الاتفاقية وذلك إضراراً بالغير.وقد يتم اتفاق بعض الخصوم مع الغير على استلام الإعلان إضراراً ببقية الخصوم.
لذلك من المتصور أن يحدث الغش من ممثل الطرف إضراراً بخصمه الآخر وذلك في الحالة التي يبلغ فيها القاصر سن الرشد ولم يقم الوصي بإبلاغ هيئة التحكيم بهذا التغيير حتي يتم رفع اوصاية متفادياً بذلك انقطاع الخصومة ثم يعلم الطرف الآخر بهذا التغيير بعد ذلك.
ولما كان من المتصور أن المحكم الذي يفصل في النزاع قد يرتكب غشاً إضراراً بأحد الخصوم أو إضراراً بالعدالة. لذلك قرر المشرع ضمانات معينة للخصوم ضد انحياز المحكم وتكفل بالتالي حيادة ومن صور غش المحكم انسحابة من هيئة التحكيم دون ابداء اسباب وذلك بقصد تعطيل الخصومة اضرارا بمصلحة أحد الخصوم ولمصلحة الطرف الاخر ولذلك إذا كان أحد أعضاء هيئة التحكيم قد إنسحب من العمل قبل إصدار الحكم فإستحال على الهيئة مواصلة السير في نظر الطلب وأصدرت قرار بوقف إجراءات التحكيم فإن الميعاد المحدد لإصدار الحكم يقف سريانه،حتى تعيين محكم بدلا من المحكم المعتزل... وذلك بحسبان هذه المسألة مسألة عارضة تخرج عن ولاية المحكمين ويستحيل عليهم قبل الفصل فيها مواصلة السير في التحكيم المنوط بهم


Other data

Title الغش في التحكيم
Authors عمار طلعت زايد مروان
Issue Date 2016

Attached Files

File SizeFormat
G13166.pdf200.74 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 20 in Shams Scholar
downloads 8 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.