ولاية المحكمة الجنائية الدولية على أفراد القوات الدولية

محمد صلاح حسين النحاس;

Abstract


أهمية الدراسة:
تثير الدارسةفيموضوعالولاية الدولية للمحكمة الجنائية الدولية لأفراد القوات الدوليةالتابعة لمنظمة الأمم المتحدة العديد من الإشكاليات القانونية، إذ تؤدي قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام دورا مهماً في العلاقات الدولية، فلم يعد دورها مقصوراعليإنجازالمهامالتقليديةالمتمثلةفيإرساءالاستقرارالدوليوفقمقتضيات الحفاظعليالسلموالأمنالدوليين،وإنماباتتتهدفإليالمشاركةبفاعليةفيتطبيق قواعدالسياسةالدولية، نظرا للطبيعة المعقدة لمجموعة العلاقات القانونية الناتجة عن عمليات السلام بأنواعها، والتي تتداخل فتشكل قواعد خاصة تحكم تلك العمليات الدولية سواء من حيث طبيعة المهام ونطاق العمل الدولي المكلفة به أومن حيث صورة المسئولية الدولية الناتجة عن الإخلال بتلك القواعد أو انتهاكها.
وتهدف عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام إلي مساعدة الدول التي مزقها الصراع من أجل صون السلم والأمن، فضلاً عن تقديم المساعدات في الجوانب السياسية وإصلاح مؤسسات القضاء والشرطة ودعم سيادة القانون وعودة المشردين واللاجئين، وتقوم العمليات بمهامها بغض النظر عن كون النزاع دولياً أو داخلياً.
فقد شهد العالم علي مر التاريخ أشد الجرائم وحشية وضراوة، التي ارتكبت بحق الإنسانية والتي أسفرت عن مآسي وكوارث يعجز أكبر المتشائمين تعبيراً عن وصفها، وقد حاول المجتمع الدولي تداركها ومنع تكرارها عن طريق إيجاد وسائل الغرض منها حماية الإنسان عبر منحه الأمن والعدالة. كما شهد المجتمع الدولي منذ القدم حتي إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة انتهاكات جسيمة للقوانين والأعراف الإنسانية، تمثلت في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية وجرائم عدوان اهتز لها ضمير الإنسانية، ومن بين هذه الانتهاكات ما ارتكب من طرف "جليوم الثاني" إمبراطور ألمانيا وكذلك ما ارتكبته دول المحور من جرائم يندي لها جبين الإنسانية، والانتهاكات والجرائم المرتكبة خلال أكبر نزاعين مسلحين اللذين حصلا في يوغسلافيا السابقة ورواندا، وجرائم القتل والإبادة الواقعة في العديد من أقاليم الدول الإفريقية والدول العربية، مما أدي بالمجتمع الدولي إلي بذل جهود مضنية لوضع الأسس الكفيلة لمعاقبة مرتكبي هذه الانتهاكات، وهو ما أقرته الدول في مؤتمر روما 1998م، بإنشاء محكمة جنائية دولية يكون لها اختصاص علي الأشخاص الطبيعيين، كما أن الشخص الذي يرتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسئولا عنها بصفته الفردية وعرضه كذلك للعقاب وفقا لنظامها الأساسي.
وقد ألقي هذا التطور علي صعيد القضاء الجنائي الدولي بمايمثلهمنطفرة قانونيةفيمجال حمايةحقوقالإنسانوقواعدالقانونالدوليالإنساني،بظلالهعليموضوعالمسئوليةالجنائيةالدولية لقوات حفظ السلام الدولية مع تزايد الاعتداءات الموجهة ضد القوات الدولية بالرغم من طبيعتها السلمية، وكان من أبرز الاعتداءات التي تعرضت لها قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام العاملة في يوغوسلافيا السابقة وبعض الدول الأفريقية من جهة، ومن جهة أخري تزايد الكشف عن ارتكاب قوات حفظ السلام لجرائم جنائية منها ما يخضع للقوانين الجنائية الوطنية مثل تجارة الأسلحة للفصائل المتصارعة وتجارة المخدرات وتهريب الذهب والألماس بطريقة غير مشروعة مخالفة بذلك لقوانين الدولة المضيفة ومنها ما يخضع للقانون الجنائي الدولي.
لذلك فموضوعالمسئوليةالجنائيةلأفراد القواتالدوليةفيحالارتكابهم لهذاالنمطالجسيممنالجرائمالدولية المنصوص عليها في نظامروماالأساسي، لايقتصرعليتحليل جوانبالمسئوليةالجنائيةالدوليةفيظلالتطوراتالقانونيةالمعاصرة، ولكنه في الحقيقة بحثا يلقي الضوء علي مدي ارتباط فكرة العدالة الجنائية الدولية بنظام حفظ السلام الدولي، وتأثر تلك العلاقة بوجود المحكمة الجنائية الدولية، التي كان إنشائها توطيد فكرة قدرة العدالة الدولية علي إقرار الحق وعقاب الجناة وإعادة النظر في العديد من القواعد الجنائية الدولية خاصة المتعلقة بقواعد المسئولية الجنائية الفردية ومبدأ الحصانات القانونية، وأوصد أبواباً من الحرية والحصانة ما كان لها أن توصد، خاصة وقد استندت إما علي قصر ذراع المجتمع الدولي في التوصل إلي المتهمين من القادة الكبار أو الرؤساء، وإما علي ما تستند عليه الدول من حقوق ثابتة في محاكمة رعاياها كأحد سلطاتها الأساسية المعبرة عن مبدأ السيادة.
وإن كانت التطورات الحاصلة علي الصعيد الدولي تكشف عم حجم التناقض وازدواج المعايير بين النظرية والتطبيق، فبدلا من أن تكون تلك القوات الأممية وسيلة لتطبيق العدالة الدولية ظلت أحد المظاهر الواضحة لفشل المحاولات القانونية والدولية في كسر سياج الحصانات الذي طالما استغل للإفلات من العقاب العادل.
ثانيا:- أهداف الدارسة
تهدف الدارسة إلي مناقشة مفهوم قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام ودورها في توطيد في فكرة العدالة الجنائية، من خلال عرض اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية الدائمة وفقا لنظامها الأساسي، وبحث إمكانية إقرار المسئولية الجنائية الدولية لأفراد قوات حفظ السلام الدولية في حال ثبوت اتهامهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وإمكانية خضوعهم لقضاء جنائي آخر غير القضاء الجنائي لدول جنسياتهم سيرسي قاعدة قانونية هامة يمكن تطبيقها من باب أولي علي جميع أفراد القوات العسكرية التي قد تقوم بمهام دولية أو إقليمية كقوات حفظ السلام الإقليمية أو القوات العسكرية التابعة لأي حلف أو ائتلاف عسكري دولي، وهو ما سيعمق الشعور العالمي بصدق وفاعلية التطورات القانونية الدولية الحديثة في المجال الجنائي، ويوطد مصداقية وشفافية الممارسة الدولية للأمم المتحدة.


Other data

Title ولاية المحكمة الجنائية الدولية على أفراد القوات الدولية
Authors محمد صلاح حسين النحاس
Issue Date 2016

Attached Files

File SizeFormat
G12866.pdf1.13 MBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 7 in Shams Scholar
downloads 1 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.