بلاغة القص لدى شعراء المهجر الشمالى " الرابطة القلمية"
مصطفى عبد الوارث السيد;
Abstract
الحمد لله على ما أفاء ، والصلاة السلام على أفصح الفصحاء، وأبلغ البلغاء، القائل:"إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة"( ).. وبعد..
فإن هذا البحث -"من بلاغة القص لدى شعراء المهجرالشمالى- الرابطةالقلمية"- معنىّ بدراسة ظاهرة القص لدى شعراء الرابطة. ومن العنوان فإن موضوع البحث هو بلاغة القصيدة القصصية لديهم .
وقد كشف استقراء النصوص عن أن القصيدة القصصية ظاهرة لافتة فى شعر هؤلاء الشعراء جميعا، وهى وإن تفاوتت نسبتها فى إبداع كل منهم، فقد حظيت باهتمام لافت لدى أغزرهم إنتاجا ؛ إيليا أبى ماضى.
أسباب اختيار الموضوع
بعد سقوط غرناطة اتجه الأدب العربى نحوالانحدار والهبوط الفنى، واستمر منحنى هبوطه أكثر من سبعة قرون، إلى أن أطل على العالم العربى مجموعة من الأدباء أدت بهم ظروفهم إلى الهجرة من أوطانهم إلى بلاد أخرى، فنالوا حظا من الحرية ساعدهم مع ما حُبوا به من مواهب فطرية على بعث الشعر العربى ونفخ روح الحياة الحقة فيه تجديدا وتأصيلا فى آن،وعرفوا باسم أدباء المهجر أو المدرسة المهجرية.
هذه المدرسة المهجرية لعبت دورا خطيرا فى تجديد الشعر وإلباسه حلل الفن والجمال والروعة البهاء، وفتحت فيه آفاقا جديدة كوسيلة للتعبيرعن الأفكار والقيم والمشاعر والأحاسيس، والكشف عن أدق خلجات النفس ... ودعت إلى أن يتجه الأدب إلى مخاطبة الإنسان، فلا يشغله عنه شاغل من الحوادث التافهة.
وكانوا ينادون بوحدة القصيدة ووحدة موضوعها ويلحون على التحرر من الصياغة التقليدية، والعمل على خلق صياغة جديدة تزيد من ثروة اللغة، حتى غدا أدب المهجر صورة مشرقة من صور الأدب العربى وحلقة جد مهمة فى مسيرته..إذ لعب دورا لا ينكر فى حركة تطوره ونهضته، وأضاف إضافات قيمة إلى مكانته وقيمته، حتى كان من بين أوصافه أنه "أدب التحريض على التحرر من أى شكل من أشكال العبودية، وعلى النضال فى سبيل الحرية"...وحق لمبدعيه أن يتيهوا بما أنجزوا من إبداع ملهم، اتسم أهم ما اتسم بالابتداع والتجديد، والثورة العارمة على الاتباع والتقليد( )،وشق طرقا جديدة فى التعبير عن الذات،وطرح الاستفهامات الفلسفية حول القضايا الكبرى التى تشغل ذهن الإنسان فى كل مكان.
ورغم أن شعر المهجر قد حظى باهتمام عدد من دارسى الأدب، وتناولته دراسات كثر، فإن ثراءه والدور الفاعل الذى لعبه، والأثر الكبير الذى كان لشعرائه فى المجايلين لهم ومن جاءوا بعدهم من الأدباء العرب، يجعل باب الاهتمام به مفتوحا أبدا، إذ كان ثورة تجديدية أثرت "فى الشعر العربى فى جميع البلاد العربية، وقادت جيلا بل أجيالا كاملة من أبناء الشرق العربى"( ) منذ مطلع القرن العشرين وإلى اليوم .
كما كان نسمة عذبة هبت على الشرق تنسمها المشرقيون عميقا، وتشربتها نفوسهم الظامئة إلى آيات الفن والجمال، الطامحة إلى الإسهام فى النهضة العربية المأمولة التى يحمل رايتها الأدب أول الحاملين، وربما تكفى الإشارة إلى أثر جبران فى أبى القاسم الشابى لإدراك إلى أى مدى كان أدب المهجر، خاصة الشمالى منه، المنار الذى ألهم بعض عظماء شعراء الشرق المحدثين أو المعاصرين طرق البعث والتمرد والثورة على كل صعيد، بل إن شعراءه فى وقتهم – كما يقول بعض النقاد– كانوا"شعراء اللغة العربية و..شعرهم هو الذى سيصيب الخلود"( ).
وخلال فترة وجيزة من ظهوره صار شعر المهجر علامة بارزة فى مسيرة الشعر والأدب العربى، وأصبح لكلمة "الأدب المهجري" صداها ورنينها في الدراسات الأدبية المعاصرة كظاهرة إيجابية نبيلة.
فلا جرم أن تكون متابعة أدب المهجر بالدرس والاهتمام، خاصة من الزوايا التى لم تنل الاهتمام أو لم توف حقها منه، وهى كثير أيضا، بل لا بأس من معاودة النظر في ما تمت دراسته من قضايا وإشكاليات، خاصة بعد ما أدركه حقل النقد الأدبى من تطور فى العقود الماضية على مستوى التطبيق والتنظير، فكيف إذا كانت القراءات النقدية لا تعرف الكلمة الفصل، وأن أى قراءة أدبية ليست نهائية؛ ذلك أنه إذا كان ثم من ثبات للدلالة أو المعنى "فهو ثبات مؤقت لقراءة ما حتى تأتى قراءة أخرى بدلالة جديدة مخالفة فتقوضها"( ) أومختلفة فى زاوية النظر والتناول فتضيف إليها وتثريها.
وانطلاقا من هذا التصور كان اتجاه الباحث إلى اختيار أدب المهجر- وخاصة الشعر- بما يتمتع به من ثراء وتفرد، واكتناز وتنوع، موضوعا لدراسة جديدة، تتناوله من زاوية لم يسبق تناولها فى دراسة أكاديمية، تضيف ، ولو يسيرا، عن قيمته ومكانته، وتضيء،ولو قليلا، من أثره وتأثيره وأهميته، وقد اخترت موضوع "بلاغة القص لدى شعراء المهجر الشمالى - الرابطة القلمية"، فبلاغة القص لدى شعراء الرابطة لم تفرد من قبل ببحث أكاديمى، كما أن دراسة مزج الشاعر فن الشعر بفن القصة أو استعانته بهذا الفن الذى يتوهم بعده عن فن القول الأول فى إبداع قصائده أمر يستثير رغبة الدارس فى استبانة مدى توفيق الشاعر فى توظيف فن القصة فى إبداعه الشعرى وقدرته على المزج بين الفنين...
كما أن لفكرة دراسة القصة الشعرية من منظور بلاغى فنى جاذبية وتشويقا، إذ تقتضى تقصى مدى نجاح الشاعر فى بناء قصة شعرية تامة متكاملة، أو شبه تامة، متضمنة كل أو بعض عناصر القص الفنى التى اعتدها النقاد ويتلمسونها فى القصة القصيرة، أو القصة الطويلة، أو حتى الرواية إذا اعتبرنا مقاربة القصائد الطويلة "الملاحم" لفن الرواية من حيث سمتا الطول والتنوع الموضوعى..عسى أن يكون فيها ما يفيد الباحثين والدارسين فى حقل الدراسات البلاغية والنقدية، والله من وراء القصد.
فإن هذا البحث -"من بلاغة القص لدى شعراء المهجرالشمالى- الرابطةالقلمية"- معنىّ بدراسة ظاهرة القص لدى شعراء الرابطة. ومن العنوان فإن موضوع البحث هو بلاغة القصيدة القصصية لديهم .
وقد كشف استقراء النصوص عن أن القصيدة القصصية ظاهرة لافتة فى شعر هؤلاء الشعراء جميعا، وهى وإن تفاوتت نسبتها فى إبداع كل منهم، فقد حظيت باهتمام لافت لدى أغزرهم إنتاجا ؛ إيليا أبى ماضى.
أسباب اختيار الموضوع
بعد سقوط غرناطة اتجه الأدب العربى نحوالانحدار والهبوط الفنى، واستمر منحنى هبوطه أكثر من سبعة قرون، إلى أن أطل على العالم العربى مجموعة من الأدباء أدت بهم ظروفهم إلى الهجرة من أوطانهم إلى بلاد أخرى، فنالوا حظا من الحرية ساعدهم مع ما حُبوا به من مواهب فطرية على بعث الشعر العربى ونفخ روح الحياة الحقة فيه تجديدا وتأصيلا فى آن،وعرفوا باسم أدباء المهجر أو المدرسة المهجرية.
هذه المدرسة المهجرية لعبت دورا خطيرا فى تجديد الشعر وإلباسه حلل الفن والجمال والروعة البهاء، وفتحت فيه آفاقا جديدة كوسيلة للتعبيرعن الأفكار والقيم والمشاعر والأحاسيس، والكشف عن أدق خلجات النفس ... ودعت إلى أن يتجه الأدب إلى مخاطبة الإنسان، فلا يشغله عنه شاغل من الحوادث التافهة.
وكانوا ينادون بوحدة القصيدة ووحدة موضوعها ويلحون على التحرر من الصياغة التقليدية، والعمل على خلق صياغة جديدة تزيد من ثروة اللغة، حتى غدا أدب المهجر صورة مشرقة من صور الأدب العربى وحلقة جد مهمة فى مسيرته..إذ لعب دورا لا ينكر فى حركة تطوره ونهضته، وأضاف إضافات قيمة إلى مكانته وقيمته، حتى كان من بين أوصافه أنه "أدب التحريض على التحرر من أى شكل من أشكال العبودية، وعلى النضال فى سبيل الحرية"...وحق لمبدعيه أن يتيهوا بما أنجزوا من إبداع ملهم، اتسم أهم ما اتسم بالابتداع والتجديد، والثورة العارمة على الاتباع والتقليد( )،وشق طرقا جديدة فى التعبير عن الذات،وطرح الاستفهامات الفلسفية حول القضايا الكبرى التى تشغل ذهن الإنسان فى كل مكان.
ورغم أن شعر المهجر قد حظى باهتمام عدد من دارسى الأدب، وتناولته دراسات كثر، فإن ثراءه والدور الفاعل الذى لعبه، والأثر الكبير الذى كان لشعرائه فى المجايلين لهم ومن جاءوا بعدهم من الأدباء العرب، يجعل باب الاهتمام به مفتوحا أبدا، إذ كان ثورة تجديدية أثرت "فى الشعر العربى فى جميع البلاد العربية، وقادت جيلا بل أجيالا كاملة من أبناء الشرق العربى"( ) منذ مطلع القرن العشرين وإلى اليوم .
كما كان نسمة عذبة هبت على الشرق تنسمها المشرقيون عميقا، وتشربتها نفوسهم الظامئة إلى آيات الفن والجمال، الطامحة إلى الإسهام فى النهضة العربية المأمولة التى يحمل رايتها الأدب أول الحاملين، وربما تكفى الإشارة إلى أثر جبران فى أبى القاسم الشابى لإدراك إلى أى مدى كان أدب المهجر، خاصة الشمالى منه، المنار الذى ألهم بعض عظماء شعراء الشرق المحدثين أو المعاصرين طرق البعث والتمرد والثورة على كل صعيد، بل إن شعراءه فى وقتهم – كما يقول بعض النقاد– كانوا"شعراء اللغة العربية و..شعرهم هو الذى سيصيب الخلود"( ).
وخلال فترة وجيزة من ظهوره صار شعر المهجر علامة بارزة فى مسيرة الشعر والأدب العربى، وأصبح لكلمة "الأدب المهجري" صداها ورنينها في الدراسات الأدبية المعاصرة كظاهرة إيجابية نبيلة.
فلا جرم أن تكون متابعة أدب المهجر بالدرس والاهتمام، خاصة من الزوايا التى لم تنل الاهتمام أو لم توف حقها منه، وهى كثير أيضا، بل لا بأس من معاودة النظر في ما تمت دراسته من قضايا وإشكاليات، خاصة بعد ما أدركه حقل النقد الأدبى من تطور فى العقود الماضية على مستوى التطبيق والتنظير، فكيف إذا كانت القراءات النقدية لا تعرف الكلمة الفصل، وأن أى قراءة أدبية ليست نهائية؛ ذلك أنه إذا كان ثم من ثبات للدلالة أو المعنى "فهو ثبات مؤقت لقراءة ما حتى تأتى قراءة أخرى بدلالة جديدة مخالفة فتقوضها"( ) أومختلفة فى زاوية النظر والتناول فتضيف إليها وتثريها.
وانطلاقا من هذا التصور كان اتجاه الباحث إلى اختيار أدب المهجر- وخاصة الشعر- بما يتمتع به من ثراء وتفرد، واكتناز وتنوع، موضوعا لدراسة جديدة، تتناوله من زاوية لم يسبق تناولها فى دراسة أكاديمية، تضيف ، ولو يسيرا، عن قيمته ومكانته، وتضيء،ولو قليلا، من أثره وتأثيره وأهميته، وقد اخترت موضوع "بلاغة القص لدى شعراء المهجر الشمالى - الرابطة القلمية"، فبلاغة القص لدى شعراء الرابطة لم تفرد من قبل ببحث أكاديمى، كما أن دراسة مزج الشاعر فن الشعر بفن القصة أو استعانته بهذا الفن الذى يتوهم بعده عن فن القول الأول فى إبداع قصائده أمر يستثير رغبة الدارس فى استبانة مدى توفيق الشاعر فى توظيف فن القصة فى إبداعه الشعرى وقدرته على المزج بين الفنين...
كما أن لفكرة دراسة القصة الشعرية من منظور بلاغى فنى جاذبية وتشويقا، إذ تقتضى تقصى مدى نجاح الشاعر فى بناء قصة شعرية تامة متكاملة، أو شبه تامة، متضمنة كل أو بعض عناصر القص الفنى التى اعتدها النقاد ويتلمسونها فى القصة القصيرة، أو القصة الطويلة، أو حتى الرواية إذا اعتبرنا مقاربة القصائد الطويلة "الملاحم" لفن الرواية من حيث سمتا الطول والتنوع الموضوعى..عسى أن يكون فيها ما يفيد الباحثين والدارسين فى حقل الدراسات البلاغية والنقدية، والله من وراء القصد.
Other data
| Title | بلاغة القص لدى شعراء المهجر الشمالى " الرابطة القلمية" | Authors | مصطفى عبد الوارث السيد | Issue Date | 2016 |
Attached Files
| File | Size | Format | |
|---|---|---|---|
| G12734.pdf | 671.5 kB | Adobe PDF | View/Open |
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.