موقف العراق الرسمي والشعبي من المواجهات العربية الإسرائيلية 1947 – 1979

Abstract

لقد واجهت المنطقة العربية في تاريخها الحديث والمعاصر الكثير من المشاكل والتحديات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، ولكن تظل المشكلة الكبرى والأشد خطراً على الإطلاق وهي قيام دولة إسرائيل في قلب الأمة العربية على أرض فلسطين المغتصبة، وذلك وسط حماية غربية من الدول الاستعمارية سعياً منهم نحو تحقيق أطماعهم وأحلامهم بالسيطرة على المنطقة ومن ثم الاستيلاء على كنوز الدول العربية ومواردها. وأدركت إسرائيل في ظل وجودها غير الشرعي وسط دول المنطقة أن أمنها واستمرارها مرهون باستخدام القوة والعنف، وذلك بهدف فرض حدود آمنة لها على حساب أراضي العرب، واعتمدت في ذلك على دعم الدول الاستعمارية غير المحدود، سواء سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً، وقد حظيت إسرائيل بالحماية الكاملة وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، بل أصبحت إسرائيل بمرور الوقت هي المتحكمة في صنع القرار الأمريكي وتوجيهه لصالحها، بل استطاعت توجيه السياسات الأمريكية حيثما تتواجد الأهداف والأطماع الصهيونية في الشرق الأوسط. وفي ظل هذه التحديات الجسام التي تواجه المنطقة بشكل عام وفلسطين بشكل خاص، وإزاء تلك السياسة التآمرية وتحالف الشر بين أطماع الغرب وأحلام الصهيونية، أصبح لزاماً على العرب التوحد والتكاتف والعمل المشترك من أجل الدفاع عن أراضيهم ومصالحهم، وذلك بأن ينبذوا خلافاتهم القديمة ويقوموا بتصفية الأجواء فيما بينهم، وأن يعملوا على إيجاد سياسة عربية موحدة لمواجهة هذا التحدي الخطير، ولاسيما أن العالم أصبحت تحكمه مفاهيم القوة والسيطرة والنفوذ والمصالح والاستغلال. لذا كانت المواجهات العربية الإسرائيلية من أهم الموضوعات في تاريخ العرب الحديث والمعاصر، إذ أدت نتائج تلك المواجهات في مراحلها المختلفة إلى تداعيات مؤثرة على الساحة العربية، إذ تهاوت أنظمة وتغيرت القيادة ما بين ثورات وانقلابات في الكثير من الدول العربية، كما أدت المواجهات العربية الإسرائيلية إلى تبادل وتباين في المصالح والتوازنات في منطقة الشرق الأوسط، فتشكلت جبهات وتصدعت أخرى تبعاً لنتائج الأحداث، فضلاً عن تأثير تلك المواجهات الشديد على الصراعات الدولية وخاصة القطبين الكبيرين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، إذ كان لكل منهما اهتمام كبير بما يحدث على الأرض، وحاول كلاهما فرض النفوذ في المنطقة سعياً نحو جني المكاسب. وكان العراق في مقدمة الصف العربي لمواجهة ما يحاك للأمة من مؤامرات وما يواجهها من أخطار، وشارك بفاعلية شديدة في المواجهات العربية الإسرائيلية في مراحلها المختلفة، وعلى الرغم من أنه لا يعد من دول المواجهة المباشرة مع العدو إلا أن دور العراق يظل بارزاً وبدرجة ربما تفوق بعض دول المواجهة ذاتها، فعلى الصعيد الرسمي تواجد العراق بكل قوة في كل المواقف والأحداث سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً، وكان حريصاً على وحدة الأمة العربية من أجل تحرير فلسطين والأراضي العربية، بل وجعل من تلك الأهداف واجباً قومياً عربياً مقدساً لا يمكن التخلي عنه، كما أنه لم يواجه العدو الصهيوني فحسب بل من وراءه ومن يدعمه من الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وعلى الصعيد الشعبي فيمكن بوضوح شديد إدراك مدى الارتباط القومي والعربي الذي يكنه الشعب العراقي لأمته الغالية، واستعداده التام والدائم للتضحية بكل ما يملك في سبيل وحدة الصف العربي وتحرير فلسطين ودحر العدو الصهيوني. وقد واجه الباحث مجموعة كبيرة من الصعوبات والتحديات في سبيل إعداد الدراسة الحالية، وذلك نظراً لأن فترة الدراسة قد اتسمت بطول المدة من عام 1947 إلى 1979، وأن موضوعها قد تميز بالعمق الشديد في أحداثه وتطوراته وجوانبه ما بين الموقفين العراقيين الرسمي والشعبي من المواجهات العربية الإسرائيلية في مراحلها المختلفة، بالإضافة إلى ما حاق بالباحث من أخطار شديدة أثناء تواجده بالعراق خلال جمعه للوثائق المختلفة والمادة العلمية الخاصة بالدراسة، وذلك نظراً للظروف الأمنية المتردية في البلاد خلال ذلك الوقت. واعتمدت الدراسة على مجموعة قيمة ومتنوعة من المصادر، واتساقاً مع كون موضوع الدراسة يتعلق بالعراق فتأتي في المقدمة وثائق دار الكتب والوثائق الوطنية العراقية التي أبرزت الكثير من الأحداث والأسرار في العهدين الملكي والجمهوري، ثم تأتي وثائق دار الكتب والوثائق المصرية سواء الميكروفيلم أو الأرشيف السري الجديد وخاصة تلك المراسلات والتقارير المرسلة من المفوضية (السفارة) المصرية إلى وزارة الخارجية بالقاهرة، بالإضافة إلى وثائق جامعة الدول العربية التي كشفت الكثير عن مؤتمرات وقمم الجامعة العربية من خلال مضابط جلسات مجلس الجامعة واجتماعات اللجنة السياسية بها، فضلاً عن الوثائق الفلسطينية وخاصة المجموعة الثانية منها والتي احتوت على الكثير من الملابسات والأحداث حول موضوع الدراسة. كما استعان الباحث بمجموعة من الوثائق العربية المنشورة، ومن أهمها: تقرير لجنة التحقيق النيابية في قضية فلسطين، وقرارات جامعة الدول العربية، والوثائق العربية للجامعة الأمريكية في بيروت 1963-1979، والكتاب السنوي للقضية الفلسطينية، وسجل الآراء حول الوقائع والأحداث السياسية في الوطن العربي، وسجل العالم العربي، واليوميات الفلسطينية، وهذه الوثائق متوافرة في مكتبة جامعة الدول العربية ومكتبة مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة عين شمس. أما عن المصادر الأجنبية فيأتي على رأسها الوثائق الأمريكية المنشورة والمعروفة باسم Foreign Relations of the United States (FRUS)، بالإضافة إلى مجموعة من المراجع الأجنبية الأخرى. بالإضافة إلى مجموعة من مذكرات السياسيين الذي عاصروا فترة الدراسة، ومن أهمهم: عبد السلام عارف: "مذكرات الرئيس الراحل عبد السلام عارف"، محمود رياض: "مذكرات محمود رياض – البحث عن السلام والصراع في الشرق الأوسط 1948-1978"، سعد الدين الشاذلي: "مذكرات حرب أكتوبر"، توفيق السويدي: "مذكراتي – نصف قرن من تاريخ العراق والقضية العربية". كما اعتمد الباحث على مجموعة قيمة ومتنوعة من المراجع، ومن أهمها: محمد فاضل الجمالي: "ذكريات وعبر من العدوان الصهيوني وأثره في الواقع العربي" ، وعبد الرزاق الحسني: "تاريخ الوزارات العراقية في العهد الملكي 1921-1958"، وجعفر عباس حميدي ونوري عبد الحميد العاني: "تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري 1958-1968"، والمركز العربي للدراسات الإستراتيجية: "دور الجيش العراقي في حرب تشرين 1973"، ومحمد حسنين هيكل: "المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل – عواصف الحرب وعواصف السلام"، وسيف الدين الدوري: "نوري باشا السعيد 50 عاماً على مصرعه وسقوط النظام الملكي في العراق عام 1958"، وحنا بطاطو: "العراق – الشيوعيون والبعثيون والضباط الأحرار". كما استعان الباحث بمجموعة من الرسائل العلمية التي تطرقت إلى بعض الأحداث داخل فترة الدراسة، ومن أهمها: كتاب غالي الجبوري: "سعد الدين الشاذلي ودوره العسكري والسياسي في مصر حتى عام 1992"، ممدوح الروسان: "العراق وسياسته الخارجية 1921-1941"، سمير عبد الوهاب التكريتي: "العراق والقضية الفلسطينية 1948-1958"، جهاد مجيد محيي الدين: "العراق والسياسة العربية 1941-1958"، علي حسين العلواني: "القضية الفلسطينية في جامعة الدول العربية 1965-1973". فضلاً عن مجموعة من الصحف والدوريات العربية، وبعض المقالات من شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت). علماً بأن الباحث قد اتبع ترتيباً موضوعياً في ذكر المصادر والمراجع في كل هامش من هوامش الدراسة، بحيث تأتي المصادر أولاً ومن ثم المراجع ثانياً، على أن تبدأ المصادر بالوثائق العراقية، وتليها الوثائق المصرية، ثم وثائق جامعة الدول العربية، ثم مذكرات السياسيين، أما المراجع فقد تم ترتيبها أيضاً حسب الأولوية لقيمة ووزن المرجع.