الشّكوى فى الأدب الأندلسى فى عصر الموحدين والعصر

Abstract

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد إن المتأمل فى الأدب الأندلسى يجد بين طياته فيضًا زاخرًا من نصوص الشّكوى التى نسمع فيها أنين المقهورين، ونشعر بآلام المظلومين ، فى عصر الموحدين والعصر الغرناطى خاصه، حيث توالت على المجتمع الأندلسى محن كثيرة تمثلت فى استيلاء الإسبان على أغلب المدن الأندلسية – لا سيما بعد موقعة العقاب سنة ( 609هـ) - وطرد أهلها منها بعد حروب طويلة ذاق خلالها الشعب الأندلسى ألوانا من صنوف العذاب و الشقاء، بالإضافة إلى التمزق الداخلى الذى شهده المجتمع الأندلسى بين صفوف أبنائه ممثلا فى الثورات والفتن، هذا فضلا عن خضوع الأندلس فى عصر الموحدين إلى حكام من غير الأندلسيين وشيوع كثير من مظاهر الفساد الاجتماعى التى ألقت بظلالها على طبيعة العلاقات الاجتماعية فى هذين العصرين، فكل ذلك أدى إلى شيوع الشّكوى على صفحات الأدب الأندلسى فى تلك الفترة ، مما شجع على اختيار هذا الجانب من الأدب موضوعًا لدراسة للبحث، إذ لم يكن تقليدًا فنيًا متبعًا ، وإنما كان نابعًا من تجربة إنسانية ومعاناة حقيقية لها أسبابها ودوافعها. ومن ثمّ فإن أدب الشكوى يعرض صورة حية صادقة معبرة عن الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع الأندلسى ، وما شابها من أحداث ووقائع ، وما عصف بها من محن ونوائب.فجاءت الدراسة بعنوان " الشكوى فى الأدب الأندلسى فى عصر الموحدين والعصر الغرناطى". من خلال تتبعى للدراسات السابقة المتصلة بهذا الموضوع ، فإننى لم أعثر – فيما اطلعت عليه – على ما يشير إلى وجود دراسة للشّكوى فى الأدب

الأندلسى فى عصر الموحدين والعصر الغرناطى( )، إذ لم أعثر إلا على دراسة واحدة تطرقت إلى هذا الجانب، وهى دراسة الدكتور/ محمد مجيد السعيد فى كتابه: " الشعر فى عهد المرابطين والموحدين بالأندلس "( ) ، حيث أفرد مبحثًا خاصًا للحديث عن الشّكوى وأهم دوافعها فى عصرى المرابطين والموحدين، ثمّ أشار إلى أبرزموضوعات الشّكوى فى هذين العصرين والتى تمثلت فى الشّكوى من الغربة ، والشّكوى من الدهر؛ ولهذا يطمح هذا البحث إلى القيام بدراسة شاملة وافية لموضوع الشّكوى فى تلك الفترة ، تبرز ظواهرها وموضوعاتها ، وأهم خصائصها الفنية التى تتسم بها . وسوف تتناول الباحثة هذا الموضوع بالدرس والتحليل من خلال الاتكاء على المنهج التحليلى التكاملى، الذى يقوم على تحليل النصوص، بهدف الكشف عما تحويه من أفكار، وما تنطوى عليه من سمات وملامح.