الآثار البيئية لنمط استثمار الأرض وانعكاساته على نوعية حياة الإنسان بالأراضي المستصلحة الجديدة (دراسة ميدانية على بعض مناطق صعيد مصر)

Abstract

يتناول هذا البحث موضوع "الآثار البيئية لنمط استثمار الأرض وانعكاساته على نوعية حياة الإنسان بالأراضي المستصلحة الجديدة "دراسة ميدانية على بعض مناطق صعيد مصر"، وتهدف الدراسة إلى تحديد العلاقة بين النمط الحالي المتبع في استخدام واستثمار الأرض بقرى الاستصلاح بصعيد مصر والآثار البيئية الناتجة عنه، وكذلك العلاقة بين ذات النمط المتبع في استخدام واستثمار الأرض وتحقق نوعية الحياة للإنسان المقيم بقرى الاستصلاح. فالإنسان في سعيه لتلبية متطلبات الحياة له ولأسرته يستخدم الأرض ويستثمرها في الزراعة والرعي والسكن والخدمات دون وعى من قبل البعض بأن الأرض مورد بيئي يتأثر بطبيعة الاستخدام والاستثمار له، وإن لم يراع الإنسان ضرورة الاستخدام الأمثل والاستثمار الجيد للأرض بما لا يؤثر سلبًا عليها كمورد بيئي ستتأثر وينخفض عطاؤها، وبالتالي لا يستطيع الاستفادة منها في تلبية احتياجاتها المختلفة وتحقيق دخل يضمن له مستوى معيشة جيد، الأمر الذي لن يتحقق معه الرضا عن الذات، وانعدام نوعية الحياة بالنسبة له. وقد تم تحديد المجال الجغرافي لمجتمع البحث في القرى المستصلحة الجديدة على ضفاف بحيرة السد العالي بمحافظة أسوان، حيث تم اختيار قريتي كلابشة الجديدة وبشاير الخير استنادا لمعيار رئيسي هو حداثة الإنشاء لكلا القريتين ضمن قرى الاستصلاح حيث تم إنشاؤهما في عام 2005 وإطلالتهما بالقرب من بحيرة السد العالي حيث البيئة الجغرافية والموقع البعيد عن مصادر التلوث البيئي، وتوفر كل مقومات الطبيعة من مياه ورياح وطاقة شمسية وتربة رملية صالحة للزراعة، وبما يُمَكَّن الإنسان من الاستخدام الأمثل للأرض. وقد تم إنشاؤهما في إطار سياسة التوسع الزراعي من خلال استصلاح الأراضي الصحراوية. وتم تحديد وحدة عينة البحث كمجال بشرى في الأسر المقيمة بمجتمع البحث، وتم تحديد الإطار للعينة المختارة من خلال الرجوع إلى كشوف المقيمين بتلك القرى والمتوفرة لدى إدارة مشروع توطين وتنمية قرى بحيرة السد العالي ومشروع برنامج الغذاء العالمي. حيث تم تحديد عينة طبقية بلغ حجمها عدد (75) أسرة بإجمالي عدد إفراد (375) تقريبًا من إجمالي (250) أسرة تقيم بالقريتين، وقد روعي عند اختيار العينة مجموعة من المعايير منها أن تكون ممثلة لجميع أفراد المجتمع، وأن يكون أفرادها من المقيمين إقامة دائمة بمجتمع البحث منذ بداية الإنشاء، ويكون جميعهم من ملاك الأراضي الذين يستخدمون الأرض للزراعة والرعي والسكن والخدمات، وتم عقد مقابلات منظمة مع أفراد العينة التي تم اختيارها، وذلك ضمن المجال الزمني للدراسة في خلال عامي 2013، 2014 أثناء بداية وخلال الموسم الزراعي الشتوي والصيفي وفى نهاية كل منهما مع الاعتماد على منهج المسح الاجتماعي واستخدام أدوات المقابلة من خلال تصميم واستخدام استمارة الاستبيان وأداة الملاحظة، ثم تحليل البيانات لتحديد نتائج الدراسة. وتضمنت استمارة الاستبيان ستة بنود أساسية هي: - الآثار البيئية الناتجة عن طبيعة استخدام الأرض. - أنماط استثمار واستخدام الأرض من قبل الإنسان في المجتمعات المستصلحة الجديدة. - قدرة الإنسان على تلبية احتياجاته واحتياجات أسرته. - درجة الرضا عن الذات لدى أفراد عينة البحث لتحديد مستوى نوعية الحياة للإنسان بتلك المجتمعات. - العادات والتقاليد التي يتم إتباعها عند استثمار الأرض للزراعة والرعي. وبتحليل نتائج البحث المجتمعي تم التوصل إلى مجموعة من النتائج من أهمها:  تتضمن أنماط الاستثمار للأرض بقرى الاستصلاح استثمارها في الزراعة حيث يتم الاهتمام بزراعة محاصيل دون أخرى كالبصل يليه البرسيم ثم القمح ثم الطماطم والفول، وأن المعيار الرئيس لاختيار المحصول من المزارعين هو القدرة على التسويق والعائد المادي له دون النظر بعين الاعتبار لمدى ملاءمته لطبيعة التربة والمناخ. كما يتم استثمار الأرض في رعى الماشية والذي يتم داخل الحيازة الزراعية، وتستثمر الأرض بجانب الزراعة والرعي في بناء المسكن، وتوفير بعض الخدمات مثل إنشاء الطرق وقد لوحظ أن غالبية طرق القرية ترابية غير مرصوفة.  تم رصد الاستخدام الجائر للأرض بقرى الاستصلاح من قبل الإنسان أثناء زراعتها، وذلك من خلال إتباع ممارسات زراعية مثل الري بالغمر في ظل عدم وجود نظام للصرف الزراعي بمجتمع البحث، أيضًا تسوية باستخدام الميكنة الزراعية دون حرثها دوريًا مما سيؤدى إلى تجريف الطبقة السطحية للتربة وتيبسها، بالإضافة إلى استخدام الأسمدة الكيماوية والعضوية بدون معالجة ودون إرشاد زراعي بالكميات المناسبة لطبيعة التربة، كذلك يتم التخلص من المخلفات الزراعية بحرقها داخل الأرض، والتخلص من المخلفات الحيوانية بإضافتها كسماد دون معالجة، مما سيتسبب في التأثير سلبًا في قدرة الأرض على العطاء.  تم رصد الاستخدام غير الأمثل للأرض أثناء الرعي للماشية من خلال طول فترة الرعاية لها داخل الأرض لفترة تبلغ ست ساعات يوميًا، والاعتماد في تغذية الماشية على الحشائش والنباتات المزروعة بها، مما يؤثر بالسلب على طبيعة الطبقة العليا من الأرض ويساعد على اتساع رقعة التصحر والجفاف، وضعف مستوى الإنتاجية للتربة على المدى البعيد.  تم التعرف من خلال الدراسة على الآثار السلبية البيئية المنتشرة والتي تم رصدها من خلال استجابات أفراد عينة البحث والملاحظة مثل انتشار الجفاف والملوحة والتصحر ببعض المساحات بالأراضي الزراعية بمجتمع البحث، كذلك انتشار بعض أمراض التربة مثل النيماتودا، أيضًا لوحظ جفاف أوراق النباتات وقلة عددها وانخفاض عدد الثمار عن معدلاتها الطبيعية، وإصابة بعض النباتات بالتقزم وتباطؤ معدلات النمو وارتفاع نسبة التلف ببعض المحاصيل. أيضًا انتشار إصابة الإنسان ببعض الأمراض ذات الصلة باستخدام مبيدات الحشائش والأسمدة الكيماوية وتلوث مياه الشرب والري مثل الحكة الجلدية، وأمراض المعدة والعيون بنسب ملحوظة.  كَبر مساحة المسكن (150-200م2) وتجهيزه بفتحات التهوية الكافية وتخصيص أماكن للأغراض المختلفة مثل تخزين المحاصيل وتربية الماشية والطيور وكذلك استقبال الضيوف ... إلخ، بما يمكن الإنسان من تلبية الاحتياجات المختلفة له ولأسرته، ويوفر لديه الشعور بالرضا عن الذات، ويتوافق وتحقق نوعية الحياة بالنسبة له.  عدم توفر بعض الخدمات الأساسية بالقرية مثل الكهرباء ومياه الشرب، والاعتماد على المشاريع المنفذة بمجتمع البحث في توفير مولدات للكهرباء تعمل لبعض الوقت، ونقل مياه الشرب بصهاريج معدنية في ظل عدم وجود محطة لمياه الشرب، على الرغم من موقع مجتمع البحث القريب من ضفاف بحيرة السد حيث وفرة المياه القابلة للتنقية، وعدم توفر الطرق الممهدة والمجهزة لنقل المحاصيل وتسويقها خارج القرية، وعدم توفر بعض الخدمات الضرورية الأخرى مثل الخدمات البيطرية والزراعية، وخدمة الاتصالات، يعكس الاستخدام غير الأمثل للأرض في توفير خدمات ضرورية تساهم في تلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان، مما ينعكس سلبًا على نوعية الحياة لديه.