فكرة الخطأ المهني أساس المسؤولية المهنية لأرباب المهن الحرة "الطبيب"

سامي هارون سامي الزارع;

Abstract


أدى التقدم الطبي إلى الاهتمام بالوضع القانوني لجسم الإنسان بعد أن ظهرت العديد من الأمراض والتي لم تكن معروفة من قبل وبعد أن أصبح الجسم البشري محلاً لإجراء التجارب الطبية ومصدراً للأعضاء الحيوية وقد صاحب هذا التقدم الطبي ذيوع الأخطاء الطبية الواقعة من الأطباء وذلك أثناء ممارستهم لمهنة الطب مما أدى إلى الاهتمام بالوضع القانوني لجسم الإنسان وتدخل المشرع الوضعي لتنظيم تلك المسألة الهامة من الناحية المدنية والجنائية وحظر المساس بجسم الإنسان والتصرف في أعضائه إلا وفقاً لضوابط معينة، وهكذا أصبح جسد الإنسان من الموضوعات التي ينظمها القانون المدني بنصوص خاصة وليس مجرد قواعد عامة تتناول بعض المبادئ المنظمة للكيان المادي والمعنوي للإنسان.
وهكذا فإن الأصل هو عدم المساس بجسم الإنسان إلا أن هذا الأصل لا يؤخذ على إطلاقه حيث يجيز القانون المساس بجسم الإنسان لأغراض علاجية أو طبية فيحق للطبيب المساس بجسم الإنسان إذا كان الهدف هو ممارسة الأعمال الطبية بقصد العلاج.
ويما يتعلق بماهية الأعمال الطبية فنجد أنها تشمل التشخيص والعلاج والمتابعة والوقاية من الأمراض، ولذا يمكن لنا تعريف الأعمال الطبية بأنها "تلك الأعمال التي تقتضي المساس بجسم الإنسان لأغراض علاجية ويعهد بها لأهل الخبرة في مجال الطب وفقاً للأصول والقواعد الطبية المهنية المتعارف عليها ويقصد بالأغراض العلاجية تحقيق مصلحة مرجوة للمحافظة على حياة شخص مريض أو المحافظة على منفعة عضو من أعضاء الجسم البشري."
ويجب أن يؤخذ معنى الأغراض العلاجية بمفهوم واسع ليشمل العلاج البدني والنفسي والعقلي.
ويشترط القانون لمزاولة الأعمال الطبية عدداً من الضوابط والتي تعد في ذاتها أساساً لمشروعية الأعمال الطبية والتي نجد سندها في نصوص القانون، حيث اعتبر القانون ممارسة الأعمال الطبية سبباً موضوعياً من أسباب الإباحة إذا مورست وفقاً لضوابط محددة تتمثل في توافر صفة معينة فيمن يمارس هذا الحق فيجب أن يكون طبيباً حاصلاً على الإجازة العلمية التي تؤهله لمزاولة الأعمال الطبية، كما يجب الالتزام بالقواعد والأصول التي تفرضها مهنة الطب ويقصد بذلك توافر قصد العلاج دون غيره، كما يجب الحصول على الرضاء المستنير للمريض بعد تبصيره بأبعاد ومراحل العلاج وإذا لم يتم الحصول على رضاء المريض فيجب الحصول على موافقة من يمثله قانوناً وذلك باستثناء حالات الضرورة ويشترط في رضاء المريض أن يكون مكتوباً وصريحاً خاصة في علاج الأمراض المزمنة والعمليات الجراحية.
ولقد اختلف الفقه والقضاء حول تأصيل مسؤولية الطبيب وهل هي مسؤولية تقصيرية أم مسؤولية عقدية؟
فذهب الفقه والقضاء في أول الأمر إلى اعتبار مسؤولية الطبيب مسؤولية تقصيرية أساسها الإخلال بواجب قانوني عام هو الإضرار بالغير كما أن خطأ الطبيب يؤدي غالباً إما إلى إصابة المريض بعاهة مستديمة أو قد يؤدي إلى وفاة المريض، وهذا ما يؤدي بنا على أن خطأ الطبيب له طابع جنائي يقتضي تطبيق أحكام المسؤولية التقصيرية على أخطاء الطبيب.
وعلى العكس من ذلك الاتجاه ذهب جانب كبير من الفقه وأحكام القضاء ـ وبحق ـ إلى أن مسؤولية الطبيب هي مسؤولية عقدية تستند إلى وجود عقد علاج بين الطبيب أو المؤسسة العلاجية من جهة والمريض أو من يمثله من جهة أخرى، ويرتب هذا العقد الطبي التزامات متبادلة على عاتق كل من الطبيب والذي يلتزم بالعلاج وفقاً للأصول العلمية والطبية والمريض الذي يلتزم باتباع تعليمات طبيبه ودفع مقابل العلاج.
ولا تشترط صيغة معينة أو شكلاً معيناً للعقد الطبي فقد يكون شفوياً وقد يكون كتابياً، ولقد اختلف الفقه في تكييف العقد الطبي أو عقد العلاج، فمنهم من ذهب إلى أن العقد الطبي عقد وكالة على أساس أن عمل الطبيب تغلب عليه الصفة العقلية أو الذهنية، وذهب البعض الآخر إلى اعتبار العقد الطبي عقد عمل وذلك من توافر علاقة التبعية، ويذهب الرأي الراجح ـ وبحق ـ إلى أن العقد الطبي أو عقد العلاج هو عقد مقاولة على أساس أن الطبيب يلتزم بالقيام بعمل معين وهو بذل العناية اللازمة بقصد علاج المريض دون رقابة وإشراف ويلتزم المريض بدفع المقابل.
والأصل في التزام الطبيب أنه التزام ببذل العناية اللازمة لعلاج المريض وليس التزام بتحقيق نتيجة معينة هي شفاء المريض، ذلك أن الطبيب عند قيامه بالعلاج لا يلتزم بشفاء المريض ولا يضمنه بل يلتزم ببذل العناية اللازمة والكافية في علاج المريض مع مراعاة المبادئ الأساسية المستقرة في العلوم الطبية والتي تتفق مع أصول مهنة الطب ويقاس سلوك الطبيب وفقاً لمعيار المهني الحريص.
ومع ذلك توجد حالات استثنائية يكون فيها محل التزام الطبيب بتحقيق نتيجة كما في حالات عمليات نقل الدم والقسطرة وتركيب صمامات القلب وزرع الأعضاء وبعض عمليات التجميل وأيضاً التزام طبيب الأسنان وطبيب الأشعة وطبيب التحاليل.


Other data

Title فكرة الخطأ المهني أساس المسؤولية المهنية لأرباب المهن الحرة "الطبيب"
Authors سامي هارون سامي الزارع
Issue Date 2016

Attached Files

File SizeFormat
G11148.pdf1.56 MBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 10 in Shams Scholar
downloads 9 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.