أبعاد المسئولية الاجتماعية في المسرح المصري
فاطمة مبروك مسعود إسماعيل;
Abstract
مشكلة الدراسة:
تتحدد مشكلة الدراسة من خلال الدور الحيوي الذي يلعبه المسرح في تشكيل وجدان وتفكير الجماهير، باعتباره وسيلة من وسائل الاتصال الجمعي، مما دفع الباحثة للتعرف على الدور الذي يقوم به مسرح الدولة في توعية الجمهور نحو أخطر قضاياهم الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية ومن هذا المنطلق تقوم الدراسة على تساؤل هام وهو: ما أبعاد المسئولية الاجتماعية للمسرح المصري؟ متخذه من مسرح الدولة نموذجاً تحليلياً وميدانياً، للتعرف على حدود هذه الأبعاد وكيفية تطبيقها على النصوص المقدمة على مسرح الدولة.
أهمية الدراسة:
ترجع أهمية الدراسة إلى أهمية الدور الذي يلعبه المسرح، باعتباره وسيلة الاتصال الجمعي، حيث ينبغي أن تتضمن ما يقدمه من موضوعات وقضايا معظم الأحداث الجارية على المستوى المحلي أو العالمي، وبالرغم من معالجة مسرح الدولة لهذه الأحداث الجارية في العديد من الأعمال المسرحية الجادة، إلا أنه لم يحظ في حدود معرفة الباحثة بالدراسة.
منهج الدراسة:
تعتمد هذه الدراسة على المنهج الوصفي المسحي وداخل إطار هذا المنهج تعتمد الباحثة على منهج المسح بالعينة، كما استخدمت الباحثة أيضاً المنهج التحليل للنصوص والعروض المسرحية عينة الدراسة للتعرف على أبعاد المسئولية الاجتماعية للقضايا المقدمة على مسرح الدولة.
عينة الدراسة:
وتتمثل في مجموعة النصوص المسرحية التي قدمها مسرح الدولة في الفترة من عام (2000-2007ميلادي)، وهي تتكون من 28 مسرحياً و235 مشهاً ، وقد أجرت الباحثة الدراسة الميدانية على مخرجي مسرح الغد للعروض التجريبية.
أدوات جمع البيانات:
أ- التحليل الكيفي للنصوص والعروض في فترة الدراسة.
ب- المقابلة البؤرية.
ملخص لأهم نتائج الدراسة
أولاً: نتائج الدراسة التحليلية:
1- عدم التحام معظم المسرحيات التي قدمتها الفرقة المصرية القومية بواقع هذه المرحلة التي كانت تنبض بالأحداث والتغيرات التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية، مما أوضح عدم ارتباطها بمعطيات نظرية المسئولية الاجتماعية على عكس فرقة المسرح الحديث التي كانت تدرك الدور الحيوي الذي يلعبه المسرح في المشاركة السياسية تجاه الأحداث المعاصرة.
2- وفي أعقاب عام 1952م لم يعط النظام اهتماماً ملحوظاً بالمسرح، وتعرضت البلاد بعد ذلك لفترة قلق وتوتر من جراء العدوان الثلاثي على مصر حيث أوقف المسرح القومي بروفات مسرحية (إيزيس) لتوفيق الحكيم، وقدم ثلاث مسرحيات وطنية وهي: (عفاريت الجبانة، وصوت مصر معركة بورسعيد)، وأوضحت هذه العروض قدر المسئولية الاجتماعية التي تحمّل أعباءها المسرح القومي؛ لذلك قدم هذه المسرحيات ليذكر الجماهير بتاريخ نضال المصريين.
3- وأفرزت مرحلة التحول الاشتراكي من عام (1960-1967م) العديد من التغيرات السياسية والاجتماعية حيث عاشت مصر في تلك الفترة حكماً أشبه بالحكم الفاشي، مما دفع الكتاب إلى اللجوء إلى الرمزية والإسقاط على الواقع المعيش، فكتب نجيب سرور (ياسين وبهية)، ويوسف إدريس (الفرافير)، وواكب الازدهار في الحركة المسرحية إنشاء مسرح الجيب الذي قام على احتكاك وتفاعل بين المسرح المصري، وبين نبض التجريب، ويوضح كل ذلك تفهم الكتاب المسرحيين لمقدار مسئوليتهم المسرحية نحو التعبير عن القضايا السياسية والاجتماعية التي نتجت عن تلك المرحلة.
4- عكست النكسة نكسة أخرى في المسرح اتضحت ملامحها في ازدهار المسرح التجاري وظهور مسرحيات الدولة التي تعبر عن وجهة نظر السلطة، لذلك لم يقدم مسرح الدولة في تلك الفترة سوى عدد قليل من المسرحيات التي ناقشت الهزيمة وعلاقة الشعب بالسلطة مثل:
(أنت اللي قتلت الوحش، عفاريت الجبانة)، ولكنها كانت أعمالاً قليلة ومتباعدة، ولم يتأثر بها التيار الرئيسي لمسرح الدولة الذي اتجه نحو مسايرة المسرح التجاري نحو الإسفاف والابتزاز، ولم ينتبه إلى مسئوليته الاجتماعية نحو مجتمعه التي تلزمه بمراعاة عادات المجتمع وأعرافه.
5- وكل هذه العوامل أدت إلى انهيار مسرح الدولة في السبعينات، وازدهار المسرح التجاري وتألقه في الثمانينيات، حيث تحول المسرح القومي إلى مسرح كوميدي يحاول اجتذاب الجمهور إليه بأية وسيلة دون النظر إلى مسئوليته الاجتماعية نحو مجتمعه التي تلزمه بتقديم صورة صادقة عن النظام بكل ما يتسم به من نقاط ضعف وقوة، واتضح ذلك في العديد من المسرحيات مثل: (اثنين تحت الأرض، عريس لبنت السلطان).
6- ولكن ذلك لا يمنع أن مسرح الدولة قدم في فترة الثمانينيات بعض المسرحيات ذات المستوى الفني الرفيع مثل: (دماء على ستار الكعبة، الرجل الذي أكل الأوزة)، مما أوضح تفهم بعض كتاب هذه المرحلة لدورهم الاجتماعي الذي يلعبه المسرح نحو توعية المشاهدين بما يحدث حولهم، ولكن ذلك لم يمثل علامة فارقة لوجود تيار مسرحي جديد ومتكامل لآن أغلب المسرحيات التي عرضت على مسرح الدولة كتبت قبل ذلك، ولا يستثنى منها سوى نص أو نصين بالإضافة إلى أن أغلب النصوص المسرحية سقطت في أحبولة التلفزيون.
7- أما في فترة التسعينيات فقد ازدهرت رقعة المسرح التجاري، وازدهر مسرح النجم بعد حرب الخليج وهجرة العرب من أبناء الخليج إلى القاهرة، ووسط هذا المناخ غاب المسرح الجاد، وبدأ المسرحيون يدقون ناقوس الخطر، وظهر ذلك في فاعليتين هامتين تجسدت الأولى: في ملتقى القاهرة العلمي لعروض المسرح العربي الذي انتهى مع دورته الأولى، وأجهض كغيره من المحاولات الجادة (22:15/12/1994م)، أما الفاعلية الثانية: فتجسدت في مناداة المسرحيين بعقد مؤتمر عام للمسرح ثم بعد ذلك في (8/10/1997) وكان من أهم القضايا التي أثارها غياب الفروق الفردية بين المسارح، والدليل على ذلك أن المسرح القومي اتجه نحو مسايرة القطاع الخاص، وقدم مسرحية (الست هدى) ذات الطبيعة الشعرية الكلاسيكية التي حولها مخرجها إلى عرض مبتذل يتشابه مع عروض المسرح الخاص، أما مسرحية (وداعاً يا بكوات) فقد مؤلفها ركز على الجنس، وتنويعاته الذي أصبح هيكل المسرحية، وقدم المسرح الحديث مسرحية (النجدة يا هووه) التي لم يركز مؤلفها ومخرجها إلا على حشدها بالنكات، ومواقف الإضحاك المبالغ فيها ولو على حساب فكرة ورسالة المسرحية.
8- بالرغم من كل هذه السلبيات التي انتابت مسرح الدولة في فترة التسعينات، إل أنه كان هناك بعض العروض التي قدمت عليه، واتجهت نحو إنشاء جسر بينها وبين المشكلات المختلفة للمجتمع مثل: مسرحية (يا مسافر وحدك) التي قدمها المسرح القومي عام (1998-1999م)، ومسرحية (الجنزير) التي قدمها المسرح الحديث عام (1995،1996م)، ومسرحية (احذروا) التي قدمها مسرح الطليعة عام 1995م، ومسرحية (كرسي في الكلوب) التي قدمها مسرح الغد للعروض التجريبية عام 1997م، وذلك يؤكد تفهم بعض الكتاب في تلك المرحلة لقدر مسئوليتهم الاجتماعية نحو مجتمعهم، مما دفعهم لتقديم العديد من المسرحيات التي ارتبطت بالواقع المعيش.
9- ارتباط القضايا المقدمه على مسرح الدولة بالأبعاد الاجتماعية لنظرية المسئولية الاجتماعية لتوازنها مع الظروف الآنية، وإعطائها لتقرير صادق وشامل عنها سواء على المستوى المحلي أو العربي أو العالمي، واتضح ذلك من خلال القضايا السياسية كقضايا القهر والظلم التي جسدتها العديد من المسرحيات مثل: (الناس اللي في التالت، الإسكافي ملكاً، ماكبت واللي بعده، العدو في غرفة النوم، أولاد الغضب والحب)، والقضية العراقية التي جسدتها مسرحية (الأوله في الغرام)، وقضية تسليم مقاليد الأمور للدول الكبرى كما في مسرحية (الناس النص نص)، وقضية الصراع العربي الإسرائيلي مثل مسرحيتي: (الغرباء لا يشربون القهوة، تحت الشمس).
والقضايا الاجتماعية ( كقضية انحراف الأسرة المصرية التني طرحتها مسرحية (ليالي الأزبكية)، وقضية الغربة والاغتراب التي طرحتها مسرحية ( يا عزيز عيني)، وقضية الأخذ بالثأر التي طرحتها مسرحية ( حريم الملح والسكر).
والقضايا الفكرية أو الفلسفية مثل: (قضية طغيان الحكام للمحكومين في شعوب العالم الثالث) وتناولتها العديد من المسرحيات بمحاور مختلفة مثل مسرحيات (فروطار، والملك هو الملك، والزفة الكدابة)، وقضية سيطرة النظرة المادية على كل أفعالنا تجاه الآخرين التي طرحتها مسرحية (رصاصة في القلب)، وقضية تحقيق العدالة الاجتماعية التي طرحتها مسرحية (الطعام لكل فم).
10- كما اتضح للباحثة أيضاً مدى ارتباط هذه النماذج من القضايا بالبعد الأخلاقي لنظرية المسئولية الاجتماعية نحو ضرورة أن يكون الكاتب المسرحي ناقداً بناءً، يكشف من خلال تناوله لقضايا مجتمعه عن الأعمال غير السوية، سواء على مستوى مجتمعه المحلي أو العربي أو العالمي؛ لذلك لم يتناولوا في أي نص من نصوص المسرحية تكريس الأوضاع القائمة، بل قاموا بمعارضتها، سواء من خلال استعانتهم بقصص من التاريخ أو الأساطير أو السير الذاتية للشخصيات كما في المسرحيات التالية: ( مغامرات رأس المملوك جابر، لن تسقط القدس، الإسكافي ملكاً، ماكبت واللي بعده)، أومن خلال استعانتهم بالدلالات الرمزية كما في المسرحيات التالية: (الناس اللي في التالت، الغرباء لا يشربون القهوة، تحت الشمس).
11- كما لاحظت الباحثة عدم التزام بعض مؤلفي هذه النصوص بأعراف وتقاليد المجتمع المصري، حيث تضمنت نصوصهم بعض مشاهد غير لائقة أخلاقيا مثل مسرحيتي: (ليالي الأزبكية، وبغبان سليط اللسان)، وذلك يتعارض مع الأبعاد الأخلاقية لنظرية المسئولية الاجتماعية التي تهدف إلى التزام الصحفي والإعلامي أو الكاتب بأعراف وتقاليد المجتمع.
12- أن النصوص التي تحقق فيها التوازن بين طريقة عرض قضاياها، وأجزاء حبكتها تحقق فيها التوازن أيضاً في السمات المختلفة للشخصيات الرئيسية المعبرة عنها، وأن النصوص التي لم يتحقق فيها التوازن بين طريقة عرض قضاياها، وحبكتها لم يتحقق فيها التوازن أيضاً في السمات المختلفة للشخصيات الرئيسية المعبرة عنها.
13- أما النصوص المسرحية التي لم يتحقق فيها التوازن بين طريقة عرض قضاياها، وأجزاء حبكتها لم يتحقق فيها أيضاً في السمات المختلفة للشخصيات الرئيسية المعبرة عنها، لأن عدم توفيق مخرجي هذه النصوص في نسج خيوط قضاياهم الدرامية، وبالتالي أدى أيضاً إلى عدم توازنها مع طريقة عرض القضايا التي طرحوها.
14- أن أكثر المسرحيات اختلافاً في رؤيتها الفنية والدرامية عن أبعاد المسئولية الاجتماعية (بغبان سليط اللسان)، وأكثر العروض اتفقت أحياناً وتباينت أحياناً أخرى مسرحية (بتلوموني ليه).
15- الرقيب المسرحي لم يتمتع عبر العصور المختلفة بأي قدر من الحرية على المصنف المراد إجازته بمعايير موضوعية.
16- إن حرية الرأي والتعبير لا تزالان تتم ممارستها في إطار نسبي للحرية.
17- الرقابة الذاتية أو الاجتماعية والرقابة السياسية وجهان لعملة واحدة لا يمكن أن ينفصلا.
18- ليست هناك أية معايير موضوعية يتم على أساسها إجازة النصوص المسرحية، ولكن المسألة تخضع لميول الرقيب واتجاهاته الخاصة، والدليل على ذلك أن النص المسرحي يتم الموافقة عليه مرتين مرة قبل إخراجه، مرة أخرى بعد إخراجه
تتحدد مشكلة الدراسة من خلال الدور الحيوي الذي يلعبه المسرح في تشكيل وجدان وتفكير الجماهير، باعتباره وسيلة من وسائل الاتصال الجمعي، مما دفع الباحثة للتعرف على الدور الذي يقوم به مسرح الدولة في توعية الجمهور نحو أخطر قضاياهم الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية ومن هذا المنطلق تقوم الدراسة على تساؤل هام وهو: ما أبعاد المسئولية الاجتماعية للمسرح المصري؟ متخذه من مسرح الدولة نموذجاً تحليلياً وميدانياً، للتعرف على حدود هذه الأبعاد وكيفية تطبيقها على النصوص المقدمة على مسرح الدولة.
أهمية الدراسة:
ترجع أهمية الدراسة إلى أهمية الدور الذي يلعبه المسرح، باعتباره وسيلة الاتصال الجمعي، حيث ينبغي أن تتضمن ما يقدمه من موضوعات وقضايا معظم الأحداث الجارية على المستوى المحلي أو العالمي، وبالرغم من معالجة مسرح الدولة لهذه الأحداث الجارية في العديد من الأعمال المسرحية الجادة، إلا أنه لم يحظ في حدود معرفة الباحثة بالدراسة.
منهج الدراسة:
تعتمد هذه الدراسة على المنهج الوصفي المسحي وداخل إطار هذا المنهج تعتمد الباحثة على منهج المسح بالعينة، كما استخدمت الباحثة أيضاً المنهج التحليل للنصوص والعروض المسرحية عينة الدراسة للتعرف على أبعاد المسئولية الاجتماعية للقضايا المقدمة على مسرح الدولة.
عينة الدراسة:
وتتمثل في مجموعة النصوص المسرحية التي قدمها مسرح الدولة في الفترة من عام (2000-2007ميلادي)، وهي تتكون من 28 مسرحياً و235 مشهاً ، وقد أجرت الباحثة الدراسة الميدانية على مخرجي مسرح الغد للعروض التجريبية.
أدوات جمع البيانات:
أ- التحليل الكيفي للنصوص والعروض في فترة الدراسة.
ب- المقابلة البؤرية.
ملخص لأهم نتائج الدراسة
أولاً: نتائج الدراسة التحليلية:
1- عدم التحام معظم المسرحيات التي قدمتها الفرقة المصرية القومية بواقع هذه المرحلة التي كانت تنبض بالأحداث والتغيرات التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية، مما أوضح عدم ارتباطها بمعطيات نظرية المسئولية الاجتماعية على عكس فرقة المسرح الحديث التي كانت تدرك الدور الحيوي الذي يلعبه المسرح في المشاركة السياسية تجاه الأحداث المعاصرة.
2- وفي أعقاب عام 1952م لم يعط النظام اهتماماً ملحوظاً بالمسرح، وتعرضت البلاد بعد ذلك لفترة قلق وتوتر من جراء العدوان الثلاثي على مصر حيث أوقف المسرح القومي بروفات مسرحية (إيزيس) لتوفيق الحكيم، وقدم ثلاث مسرحيات وطنية وهي: (عفاريت الجبانة، وصوت مصر معركة بورسعيد)، وأوضحت هذه العروض قدر المسئولية الاجتماعية التي تحمّل أعباءها المسرح القومي؛ لذلك قدم هذه المسرحيات ليذكر الجماهير بتاريخ نضال المصريين.
3- وأفرزت مرحلة التحول الاشتراكي من عام (1960-1967م) العديد من التغيرات السياسية والاجتماعية حيث عاشت مصر في تلك الفترة حكماً أشبه بالحكم الفاشي، مما دفع الكتاب إلى اللجوء إلى الرمزية والإسقاط على الواقع المعيش، فكتب نجيب سرور (ياسين وبهية)، ويوسف إدريس (الفرافير)، وواكب الازدهار في الحركة المسرحية إنشاء مسرح الجيب الذي قام على احتكاك وتفاعل بين المسرح المصري، وبين نبض التجريب، ويوضح كل ذلك تفهم الكتاب المسرحيين لمقدار مسئوليتهم المسرحية نحو التعبير عن القضايا السياسية والاجتماعية التي نتجت عن تلك المرحلة.
4- عكست النكسة نكسة أخرى في المسرح اتضحت ملامحها في ازدهار المسرح التجاري وظهور مسرحيات الدولة التي تعبر عن وجهة نظر السلطة، لذلك لم يقدم مسرح الدولة في تلك الفترة سوى عدد قليل من المسرحيات التي ناقشت الهزيمة وعلاقة الشعب بالسلطة مثل:
(أنت اللي قتلت الوحش، عفاريت الجبانة)، ولكنها كانت أعمالاً قليلة ومتباعدة، ولم يتأثر بها التيار الرئيسي لمسرح الدولة الذي اتجه نحو مسايرة المسرح التجاري نحو الإسفاف والابتزاز، ولم ينتبه إلى مسئوليته الاجتماعية نحو مجتمعه التي تلزمه بمراعاة عادات المجتمع وأعرافه.
5- وكل هذه العوامل أدت إلى انهيار مسرح الدولة في السبعينات، وازدهار المسرح التجاري وتألقه في الثمانينيات، حيث تحول المسرح القومي إلى مسرح كوميدي يحاول اجتذاب الجمهور إليه بأية وسيلة دون النظر إلى مسئوليته الاجتماعية نحو مجتمعه التي تلزمه بتقديم صورة صادقة عن النظام بكل ما يتسم به من نقاط ضعف وقوة، واتضح ذلك في العديد من المسرحيات مثل: (اثنين تحت الأرض، عريس لبنت السلطان).
6- ولكن ذلك لا يمنع أن مسرح الدولة قدم في فترة الثمانينيات بعض المسرحيات ذات المستوى الفني الرفيع مثل: (دماء على ستار الكعبة، الرجل الذي أكل الأوزة)، مما أوضح تفهم بعض كتاب هذه المرحلة لدورهم الاجتماعي الذي يلعبه المسرح نحو توعية المشاهدين بما يحدث حولهم، ولكن ذلك لم يمثل علامة فارقة لوجود تيار مسرحي جديد ومتكامل لآن أغلب المسرحيات التي عرضت على مسرح الدولة كتبت قبل ذلك، ولا يستثنى منها سوى نص أو نصين بالإضافة إلى أن أغلب النصوص المسرحية سقطت في أحبولة التلفزيون.
7- أما في فترة التسعينيات فقد ازدهرت رقعة المسرح التجاري، وازدهر مسرح النجم بعد حرب الخليج وهجرة العرب من أبناء الخليج إلى القاهرة، ووسط هذا المناخ غاب المسرح الجاد، وبدأ المسرحيون يدقون ناقوس الخطر، وظهر ذلك في فاعليتين هامتين تجسدت الأولى: في ملتقى القاهرة العلمي لعروض المسرح العربي الذي انتهى مع دورته الأولى، وأجهض كغيره من المحاولات الجادة (22:15/12/1994م)، أما الفاعلية الثانية: فتجسدت في مناداة المسرحيين بعقد مؤتمر عام للمسرح ثم بعد ذلك في (8/10/1997) وكان من أهم القضايا التي أثارها غياب الفروق الفردية بين المسارح، والدليل على ذلك أن المسرح القومي اتجه نحو مسايرة القطاع الخاص، وقدم مسرحية (الست هدى) ذات الطبيعة الشعرية الكلاسيكية التي حولها مخرجها إلى عرض مبتذل يتشابه مع عروض المسرح الخاص، أما مسرحية (وداعاً يا بكوات) فقد مؤلفها ركز على الجنس، وتنويعاته الذي أصبح هيكل المسرحية، وقدم المسرح الحديث مسرحية (النجدة يا هووه) التي لم يركز مؤلفها ومخرجها إلا على حشدها بالنكات، ومواقف الإضحاك المبالغ فيها ولو على حساب فكرة ورسالة المسرحية.
8- بالرغم من كل هذه السلبيات التي انتابت مسرح الدولة في فترة التسعينات، إل أنه كان هناك بعض العروض التي قدمت عليه، واتجهت نحو إنشاء جسر بينها وبين المشكلات المختلفة للمجتمع مثل: مسرحية (يا مسافر وحدك) التي قدمها المسرح القومي عام (1998-1999م)، ومسرحية (الجنزير) التي قدمها المسرح الحديث عام (1995،1996م)، ومسرحية (احذروا) التي قدمها مسرح الطليعة عام 1995م، ومسرحية (كرسي في الكلوب) التي قدمها مسرح الغد للعروض التجريبية عام 1997م، وذلك يؤكد تفهم بعض الكتاب في تلك المرحلة لقدر مسئوليتهم الاجتماعية نحو مجتمعهم، مما دفعهم لتقديم العديد من المسرحيات التي ارتبطت بالواقع المعيش.
9- ارتباط القضايا المقدمه على مسرح الدولة بالأبعاد الاجتماعية لنظرية المسئولية الاجتماعية لتوازنها مع الظروف الآنية، وإعطائها لتقرير صادق وشامل عنها سواء على المستوى المحلي أو العربي أو العالمي، واتضح ذلك من خلال القضايا السياسية كقضايا القهر والظلم التي جسدتها العديد من المسرحيات مثل: (الناس اللي في التالت، الإسكافي ملكاً، ماكبت واللي بعده، العدو في غرفة النوم، أولاد الغضب والحب)، والقضية العراقية التي جسدتها مسرحية (الأوله في الغرام)، وقضية تسليم مقاليد الأمور للدول الكبرى كما في مسرحية (الناس النص نص)، وقضية الصراع العربي الإسرائيلي مثل مسرحيتي: (الغرباء لا يشربون القهوة، تحت الشمس).
والقضايا الاجتماعية ( كقضية انحراف الأسرة المصرية التني طرحتها مسرحية (ليالي الأزبكية)، وقضية الغربة والاغتراب التي طرحتها مسرحية ( يا عزيز عيني)، وقضية الأخذ بالثأر التي طرحتها مسرحية ( حريم الملح والسكر).
والقضايا الفكرية أو الفلسفية مثل: (قضية طغيان الحكام للمحكومين في شعوب العالم الثالث) وتناولتها العديد من المسرحيات بمحاور مختلفة مثل مسرحيات (فروطار، والملك هو الملك، والزفة الكدابة)، وقضية سيطرة النظرة المادية على كل أفعالنا تجاه الآخرين التي طرحتها مسرحية (رصاصة في القلب)، وقضية تحقيق العدالة الاجتماعية التي طرحتها مسرحية (الطعام لكل فم).
10- كما اتضح للباحثة أيضاً مدى ارتباط هذه النماذج من القضايا بالبعد الأخلاقي لنظرية المسئولية الاجتماعية نحو ضرورة أن يكون الكاتب المسرحي ناقداً بناءً، يكشف من خلال تناوله لقضايا مجتمعه عن الأعمال غير السوية، سواء على مستوى مجتمعه المحلي أو العربي أو العالمي؛ لذلك لم يتناولوا في أي نص من نصوص المسرحية تكريس الأوضاع القائمة، بل قاموا بمعارضتها، سواء من خلال استعانتهم بقصص من التاريخ أو الأساطير أو السير الذاتية للشخصيات كما في المسرحيات التالية: ( مغامرات رأس المملوك جابر، لن تسقط القدس، الإسكافي ملكاً، ماكبت واللي بعده)، أومن خلال استعانتهم بالدلالات الرمزية كما في المسرحيات التالية: (الناس اللي في التالت، الغرباء لا يشربون القهوة، تحت الشمس).
11- كما لاحظت الباحثة عدم التزام بعض مؤلفي هذه النصوص بأعراف وتقاليد المجتمع المصري، حيث تضمنت نصوصهم بعض مشاهد غير لائقة أخلاقيا مثل مسرحيتي: (ليالي الأزبكية، وبغبان سليط اللسان)، وذلك يتعارض مع الأبعاد الأخلاقية لنظرية المسئولية الاجتماعية التي تهدف إلى التزام الصحفي والإعلامي أو الكاتب بأعراف وتقاليد المجتمع.
12- أن النصوص التي تحقق فيها التوازن بين طريقة عرض قضاياها، وأجزاء حبكتها تحقق فيها التوازن أيضاً في السمات المختلفة للشخصيات الرئيسية المعبرة عنها، وأن النصوص التي لم يتحقق فيها التوازن بين طريقة عرض قضاياها، وحبكتها لم يتحقق فيها التوازن أيضاً في السمات المختلفة للشخصيات الرئيسية المعبرة عنها.
13- أما النصوص المسرحية التي لم يتحقق فيها التوازن بين طريقة عرض قضاياها، وأجزاء حبكتها لم يتحقق فيها أيضاً في السمات المختلفة للشخصيات الرئيسية المعبرة عنها، لأن عدم توفيق مخرجي هذه النصوص في نسج خيوط قضاياهم الدرامية، وبالتالي أدى أيضاً إلى عدم توازنها مع طريقة عرض القضايا التي طرحوها.
14- أن أكثر المسرحيات اختلافاً في رؤيتها الفنية والدرامية عن أبعاد المسئولية الاجتماعية (بغبان سليط اللسان)، وأكثر العروض اتفقت أحياناً وتباينت أحياناً أخرى مسرحية (بتلوموني ليه).
15- الرقيب المسرحي لم يتمتع عبر العصور المختلفة بأي قدر من الحرية على المصنف المراد إجازته بمعايير موضوعية.
16- إن حرية الرأي والتعبير لا تزالان تتم ممارستها في إطار نسبي للحرية.
17- الرقابة الذاتية أو الاجتماعية والرقابة السياسية وجهان لعملة واحدة لا يمكن أن ينفصلا.
18- ليست هناك أية معايير موضوعية يتم على أساسها إجازة النصوص المسرحية، ولكن المسألة تخضع لميول الرقيب واتجاهاته الخاصة، والدليل على ذلك أن النص المسرحي يتم الموافقة عليه مرتين مرة قبل إخراجه، مرة أخرى بعد إخراجه
Other data
| Title | أبعاد المسئولية الاجتماعية في المسرح المصري | Other Titles | Dimensions of social Responsibility in the Egyptian Theatre | Authors | فاطمة مبروك مسعود إسماعيل | Issue Date | 2009 |
Attached Files
| File | Size | Format | |
|---|---|---|---|
| B11086.pdf | 315.94 kB | Adobe PDF | View/Open |
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.