العلاقة بين مصر وبلاد الشام (1400 – 945 ق.م)

ميساء محمد مرتكوش;

Abstract


لعبت حضارتا مصر وبلاد الشام دوراً هاماً ومؤثراً في تاريخ الحضارة الإنسانية، لموقعهما الجغرافي في قلب العالم القديم، وفي الوقت التي نجحت فيه مصر في إقامة أقدم حكومة مركزية لم تنجح بلاد الشام في ذلك نظراً للطبيعة الطبوغرافية للبلاد.
واتسمت العلاقات بين مصر وبلاد الشام بالطابع التجاري السلمي حتى بداية الألف الثاني قبل الميلاد، ولكن بعد وقوع منطقة الشرق الأدنى القديم تحت ضغط الهجرات الهندو أوربية، تلك الهجرات التي نجحت في الاستقرار في مناطق عدة ومنها احتلال مصر عسكرياً من قبل جماعات أطلق عليها الهكسوس(حقاو خاسوت)ودخول مصر عصر أطلق عليه عصر الانتقال أو الاضمحلال الثاني، وبعد حروب التحرير التي خاضها البيت الطيبي وتأسيس عصر الدولة الحديثة تغيرت فكرة الأمن الإستراتيجي لمصر وأصبح للحفاظ على حدود مصر الشمالية الشرقية لابد من التواجد العسكري المصري في قلب منطقة الشام لضبط ومراقبة الهجرات التي يمكن أن تهدد الأمن القومي المصري.
ونتيجة لبروز قوة الحثيين بشبه جزيرة الأناضول ودخولها فيما يعرف بعصر الإمبراطورية الحيثية وبداية الصدام مع النفوذ المصري والسيطرة المصرية على منطقة بلاد الشام، والصراع الذي دار بين الملك أمنحوتب الرابع(أخناتون) من جهة وكهنة المعبود آمون رع من جهة أخرى فقدت مصر الكثير من نفوذها بالمنطقة، وزاد من تدهور الأوضاع في المنطقة بأسرها تعرضها لهجرات عرفت باسم شعوب البحر، تلك الجماعات التي نجحت في إنهاء عصر الإمبراطورية الحيثية ومحاولة دخول مصر واحتلالها ولكنها فشلت تحت ضربات ومواجهة الملك رعمسيس الثالث/ ومع هذا ونتيجة لإعتلاء عرش مصر ملوك ضعاف بعد الملك رعمسيس الثالث انتهى عصر الإمبراطورية المصرية الذي دام مايقارب خمسة قرون ودخلت عصر أطلق عليه اصطلاحاً بالعصر المتأخر، فقدت مصر خلاله نفوذها بمنطقة بلاد الشام بل ووصل لعرشها ملوكاً غير مصري الأصل بل وتم احتلالها عسكرياً من قبل الأشوريين والفرس على التوالي.
يتناول البحث العلاقة بين مصر وبلاد الشام خلال الفترة مابين (1400-945ق.م) والأسباب التي أدت إلى تردي العلاقة بين البلدين، بل وتدهور وضياع النفوذ المصري هناك، يتكون البحث من مقدمة وخمسة فصول مقسمة لعدة أجزاء .الفصل الأول من البحث يتحدث عن جغرافية البلدين والبيئة الطبيعية لكل منهما، وأثر هذه البيئة في حياة سكان مصر القديمة وبلاد الشام.
أما الفصل الثاني يتناول الأحوال السياسية التي سادت مصر وبلاد الشام خلال النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد، ففي تلك الفترة احُتلت مصر من قبل جماعات عرفت باسم الهكسوس(حكام البلاد الأجنبية)، ودخلت مصر عصراً جديداً عرف باسم عصر الإنتقال الثاني وتعرضت الباحثة لتسميتهم والموطن الأصلي لهم، وحروب التحرير التي قادتها الأسرة السابعة عشرة الطيبية بقيادة( سقنن رع) ومن بعده ولده كامس وأخيراً أحمس الذي استطاع طرد الهكسوس من مصر. ثم ناقشت الباحثة أحوال مصر بعد التحرير ودخولها في عصر جديد عرف باسم عصر الدولة الحديثة أو عصر الإمبراطورية المصرية. والحملات التي قام بها ملوك هذه الدولة والصراع مع الدولة الميتانية للسيطرة على بلاد الشام، وبذلك وصل حدود هذه الدولة بفضل جهود ملوكها إلى أعالي نهر الفرات، أما في بلاد الشام فقد بدأت هجرات جماعات من شبه الجزيرة العربية إلى بلاد الشام والعراق، وأول هذه الهجرات هم العموريون والكنعانيون، واستطاعت هذه الشعوب من تأسيس عدد من الممالك ودويلات المدن في بلاد الشام وبلاد الرافدين. ولعبت هذه الدويلات دوراً كبيراً في التكوين السياسي والحضاري لبلاد الشام القديمة. إضافة إلى أنها تعرضت لهجرات الشعوب الجبلية التي عرفت باسم (الهندو أوربية) كالحوريون الميتانيون والحثيون، وتناولت الباحثة كل واحدة منهم على حدا أصلهم وتأسيس الدولة واستطاعت هذه الشعوب أن تقوم ببناء كيانات سياسية ودولاً هامة نافست الدول الكبرى في مصر والعراق.
كما يتناول الفصل الثالث العلاقة بين مصر وبلاد الشام خلال عصر العمارنة، حيث تعاملت الباحثة مع أوضاع مصر الداخلية في عهد أمنحوتب الثالث الذي ورث عن أسلافه إمبراطورية قوية موطدة الأركان لذلك لم يكن هناك حاجة للقيام بأي حملات في عهده ، لذلك سعى كل ملوك الشرق وأمرائه يخطبون ودها وكان الفرعون ميالاً للبذخ والترف غير محب للحرب بطبيعته، وقد سار على سياسه أبيه (تحوتمس الرابع) في توثيق عرى المودة بينه وبين ملوك أسيا الغربية عن طريق المصاهرات، لذلك جمع في بلاطه نساء من كل لون وجنس،
أما في عهد أخناتون الذي ورث عرش أبيه في هذه الظروف القاسية التي كانت تمر بها مصر في غربي أسيا، وقام بتحدي كهنة أمون رع ودخل في صراع مرير معهم واعتنق المذهب الديني الجديد وانشغل بدعوته ودينه الجديد ونقل عاصمته إلى (أخت أتون) (العمارنة). وأهمل شؤون بلا الشام إهمالاً ذريعاً، مما شجع الدولة الحثية بقيادة ملكها شوبوليوما إلى السيطرة على أطراف سورية.
ثم استعرضت الباحثة تردي نفوذ مصر في بلاد الشام من خلال رسائل العمارنة التي أرسلت إلى الفرعونين أمنحوتب الثالث والرابع من قبل الولاة التابعين للدولة المصرية في سوريا يطلبون فيها المساعدة والاستنجاد بهما عندما بدأ الحثيون بالعبث في الحدود السورية وتأليب الولاة ضد مصر وشق عصا الطاعة عنها ويغرون ضعاف النفوس للعمل معهم:، وقد استجاب لهم بعض هؤلاء الولاة وفي أخريات عهده انهار النفوذ المصري في سورية الشمالية والوسطى وفي جنوبي بلاد الشام .
وفي الفصل الرابع تناولت الباحثة العلاقات المتردية بين مصر وبلاد الشام خلال عصر رعمسيس الثالث وتقلص النفوذ المصري في الشام، نتيجة تعرضها لهجمات شعوب البحر التي اجتاحت منطقة الشرق الأدنى في عصر سلفه مرنبتاح واستطاع رعمسيس الثالث هزيمتهم من خلال الحروب التي خاضها في الشرق والشمال الشرقي والغرب والجنوب. كما تعرضت الباحثة إلى الحالة الاقتصادية والسياسية في أواخر عهد رعمسيس، على الرغم من انتعاش سمعة مصر الدولية بنجاحها في هزيمة شعوب البحر على يد رعمسيس، فلم يمنع الانهيار السريع للامبرطورية المصرية، فقد تعرضت مصر في أواخر عهده لأزمة اقتصادية نتيجة الإسراف والبذخ والحروب المتكررة ومشاريع البناء فضلاً عن الهبات التي أغدقها الفرعون على معابد الآلهة المختلفة، وهذه الأزمة سببت ارتفاعاً في أسعار الحبوب ، وبالتالي إضراب عمال الجبانة الملكية في طيبة الغربية بسبب عدم دفع مخصصاتهم . وازدياد عدد الأجانب في القصور ووصولهم إلى مناصب قيادية، وتعرضه في أواخر حياته لمؤامرة من قبل أحد زوجاته كادت أن تودي بحياته من أجل تنصيب ابنها مكانه على العرش.
أما الفصل الخامس تناولت فيه الباحثة العلاقات المتردية خلال عصر الأسرة الواحدة والعشرين، فلقد تعاملت الباحثة مع ملوك فترة الضعف أواخر الأسرة العشرين وهم خلفاء رعمسيس الثالث بدءاً من رعمسيس الرابع حتى الحادي عشر فقد كانوا جميعاً متشابهين بضعفهم وفي خضوعهم لسلطان الكهنة وفي عجزهم على التغلب على الأزمة الاقتصادية التي بدأت تطحن البلاد وعدم استطاعتهم الاحتفاظ بمكانة مصر الدولية ومجدها العريق في الخارج وبالتالي انهيار الامبرطورية المصرية، وانتشار سرقة المقابر الملكية في عهدهم، وازدياد نفوذ كهنة أمون الذين استغلوا الأحداث التي تمر بها مصر وضعف هؤلاء الملوك ، فقاموا بثورة ضد الملك رعمسيس الحادي عشر لكن الملك استطاع القضاء على الثورة بعد الاستعانة بنائبه في كوش، ولكن في أواخر أيامه ازدادت سلطة الكهنة وبعد وفاته سيطروا على الحكم في طيبة.


Other data

Title العلاقة بين مصر وبلاد الشام (1400 – 945 ق.م)
Other Titles The Relationship Between Egypt and Syria (1400- 945 B.C)
Authors ميساء محمد مرتكوش
Issue Date 2015

Attached Files

File SizeFormat
G4154.pdf231.86 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 39 in Shams Scholar
downloads 11 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.