المشكلات الاجتماعية والفيزيقية وعلاقتها بإشباع حاجات الأطفال المعرضين للخطر بمراكز الرعاية النهارية (دراسة مقارنة في الريف والحضر بين الذكور والإناث)

إسلام أحمد عوض محمد;

Abstract


مقدمة:
تدور هذه الدراسة حول الأطفال المعرضين للخطر في المجتمع المصري، خاصة في الألفية الثالثة التي جاءت ومعها الكثير من انهيار القيم واهتزاز المثل، وهشاشة التقاليد، وغياب القدوة، وانسحاب الدولة عن أداء مهامها الأساسية؛ لتلبية حاجات الجماهير، وتعاظم ممارسة الانحرافات، وانتشار الجريمة، وضعف الإنتاج، وزيادة الاستهلاك، وإهدار قيمة التعليم، وانهيار قيم العمل المنتج في عصر العولمة، التي حملت معها أشياء لم تكن موجودة من قبل، "كالجريمة الزائفة"، والديمقراطية الغائبة، مقابل "القهر الإنساني" و"الحقد الاجتماعي"، وسيادة العنف على الصعيد العالمي والقومي والمحلي.
ولا شك أن هذه الدراسة تؤكد أن الأطفال المعرضين للخطر في الألفية الثالثة هم نتاج لكل ما يحدث من ممارسة لجميع أشكال العنف بدءًا من الدولة العظمى، ومرورًا بمجتمعات العالم الثالث ونهاية بالمجتمع المصري، الذي يساء فيه معاملة أطفاله في الأسرة، وفي المدرسة، وفي وسائل الإعلام، وفي الشوارع، وحتى في الحواري والأزقة.
شهدت السنوات الأخيرة اهتمامًا غير مسبوق بالطفولة سواء على المستوى الاجتماعي أو الإعلامي، تجسد ذلك في اهتمام المجتمع الدولي منذ أكثر من نصف قرن بالطفولة وحقوقها كجزء من حقوق الإنسان.
وتعتبر هذه المشكلة واحدة من أهمِّ الظواهر الاجتماعية السلبية الآخذة في النموِّ في مصر بشكل ملحوظ. ولقد ساعد على نموِّها العديد من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتلاحقة، التي حدثت في مصر خلال العقد الأخير من القرن العشرين، بالإضافة إلى أنَّ ظاهرة «أطفالٍ بلا مأوى» وتزايدها المطرد يمثل كارثة حقيقية تهدد بقاء المجتمع واستقراره، وأنَّ هناك العديد من العوامل التي تتفاعل مع بعضِها بعضًا بطريقة تلقائية غير مقصودة، منها ما هو مرتبط بالدولة، ومنها ما يخص المجتمع، ومنها ما يعود إلى المؤسسات، بالإضافة إلى طبيعةِ المرحلة العمرية التي يمرُّ بها الأطفال، وتؤدِّي في محصلتها إلى تزايد معدلات وأشكال لجوء الأطفال إلى الشارع بطريقة تجعل منهم عقبةً تحدُّ من إمكانات المجتمع وقدرته على البقاء والتواصل( )، ويحتاجُ هؤلاءِ الأطفالٌ إلى التأهيل الاجتماعي، ولا تتكامل هذه العملية إلا إذا سارت نحو تحقيق هدف محدد، وهو إعادة القدرة الوظيفية والإنتاجية للفرد مهنيًّا( ).
وبالرغم من الأهمية المتزايدة التي يحظى بها أطفال الشوارع في المجالات المختلفة، وفي أساليب تقديم أنماط متعددة من سلوكياتهم، وسبل توجيههم وإرشادهم، بما يعمل على دمجهم في إطار اجتماعي يمكن من استغلال طاقاتهم، ويعمل على تنشئتهم على نحو سليم، وتعتبر قضايا الطفولة ومشكلاتها من أهم القضايا التي يجب أن تحظى بالرعاية والاهتمام، ولعل من أهم المشكلات التي يمكن أن يواجهها المجتمع، وتؤثر سلبًا على الفرد والأسرة والمجتمع ظاهرة أطفال الشوارع وتعتبر مراكز الرعاية النَّهارية من أهم وأكثر الأدوات في الحد من تلك الظاهرة.
ومع الاهتمام العالمى بالطفولة ، ومع تنامى الاقتصادى القائم على العولمة وظهور الأزمات الاقتصادية على مستوى العالم . وفي إطار العولمة تمت صياغة بعض الحلول للخروج من الازمة ، كان من أهمها تبنى سياسات الاصلاح الاقتصادى ، وقد أدت هذه السياسات باعتراف العالم كله ، الي عدد من الاثار السلبية خاصة على الفقراء كان من أهمها ، الاستبعاد الاجتماعى لكثير من الفئات السلبية خاصة على الفقراء كان من أهمها ، الاستبعاد الاجتماعى لكثير من الفئات الاجتماعية الفقيرة من الحصول على الحقوق والفرص الاجتماعية والاقتصادية المتاحة في المجتمع . وكان أكثر فئات الفقراء تضرر أهم النساء و الاطفال . وفي ضوء ذلك برز عدد من المشكلات الاجتماعية ، التى شملت أساساً أطفال الاسر الفقيرة والمعدمة ، ومن أهمها عمالة الاطفال دون السن القانونية ، والأطفال المعرضون للخطر( ).
ونظراً لأهمية مشكلة الأطفال المعرضين للخطر تنأول الباحث من خلال هذا الفصل مفهوم الأطفال المعرضين للخطر وخصائص هذه الظاهرة على المستوى الدولى وعلى المستوى المحلى ثم تناولت البحث عرضاً للثقافة الفرعية للأطفال المعرضين للخطر وسماتهم وقيمهم و الاسماء التى أطلقت عليهم ، ثم عرضاً للأوضاع المعيشية والممارسات الشاذة والمخاطر التى يتعرضون لها.
أولًا: مشكلة الدراسة
هناك اتجاه عالمي واسع النطاق نحو توفير الحاجات الأساسية للأطفال، بغض النظر عن الفوارق بينهم، وأهمية حصولهم عَلَى الرعاية اللازمة والإعداد السليم في سن مبكرة، وحمايتهم مِنْ الأخطار المختلفة التي يمكن أن تصيبهم أو تؤثر فيهم (United Nation, 1990, P.11 )، وتعتبر مرحلة الطفولة ذات أهمية كبرى في تكوين شخصية الفرد، ولذلك ينبغي الاهتمام بالطفل خلال هذه المرحلة عَلَى وجه الخصوص، وتوفير البيئة الصحية، وتقديم الرعاية اللازمة له، والعمل عَلَى إشباع حاجاته وتعديل سلوكياته (عبدالرحمن العيسوي، ١٩٩٣، ص ١٦٢)، والأسرة في كثير مِنْ الأحيان تتعرض لبعض الأزمات التي تؤثر عَلَى بنائها النفسي، والاجتماعي، مما يترتب عليه العديد مِنْ المشكلات، بالإضافة إلى أنها تخلق جوًا متوترًا يشيع بالأسرة، ويؤدي إلى تأثير سيئ وسلبي عَلَى الأطفال، مما قد يؤثر عَلَى سلوكياتهم، ويعرضهم للخطر، أو الانحراف.
عَلَى الرغم مِنْ الاهتمام المتزايد بقضايا الطفولة، نجد نسبة عالية مِنْ الأطفال يعيشون في ظروف صعبة، ويتعرضون للحرمان، وإلى العديد مِنْ الأوضاع السيئة غير المقبولة داخل المجتمع، حتى أصبحوا يمثلون مشكلة أطلق عليها مشكلة أطفال الشوارع، أو أطفال في خطر، وأخيرًا الأطفال المعرضين للخطر، وهي تعني أنَّ فئة كبيرة مِنْ أبناء المجتمع المصري في طريقهم إلى عالم الجريمة والانحراف، وما يترتب عَلَى ذلك مِنْ آثار في شتى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والأمنية (عبدالفتاح ابراهيم، 1994، ص15).
وتعتبر مشكلة الأطفال المعرضين للخطر واحدة مِنْ أهم المشكلات الاجتماعية الآخذة في النمو ليس عَلَى مستوى دول العالم الثالث فحسب، وإنما أيضا بين الدول الصناعية المتقدمة، ويمكن إرجاع المشكلة عالميًا إلى العديد مِنْ المشكلات والأسباب الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والأسرية، والبيئية، التي تعمل بشكل متفاعل عَلَى تهيئة المناخ العام لنمو المشكلة وتطورها.
بالرغم مِنْ سلامة وجدوى الطرق التقليدية للخدمة الاجتماعية والتي استخدمت العديد مِنْ الأساليب المختلفة في التعامل مع الأطفال المعرضين للخطر، فإنه بالنظر إلى تعقد تلك المشكلة عمومًا، وتعدد العوامل المرتبطة بها، يبدو مِنْ الملائم التعامل معها بأسلوب يكون بدوره عَلَى درجة مِنْ الشمول والإحاطة يتناسب مع طبيعة هذه المشكلة، وتعدد متغيراتها، وقد يكون الأسلوب، أو الاتجاه الملائم لهذا الغرض تمامًا هو تفعيل وتطوير دور مراكز الرعاية النَّهارية في رعاية، وإشباع حاجات الأطفال المعرضين للخطر (احمد فاروق محمد صالح، 2005، ص291).
وقد تمت الاستفادة من الدراسات السابقة ، حيث انها اتفقت مع الدراسة الحالية في دراسة الأطفال المعرضين للخطر وهي:- دراسة بعنوان (أهمية التعليم للأطفال المعرضين للخطر 2008) وهدفت هذه الدراسة إلى بناء مدارس مخصصة للأطفال المعرضين للخطر، تضمن لهم الحماية والوقاية من الانحراف.
ثانيًا: أهمية الدراسة
أما عن أهمية الدراسة؛ فيمكن القول بأن لكل دراسة أكاديمية أهميتها التي تدفع الباحث إلى سبر أغوارها، ومحاولة التوصل إلى نتائج تجيب عن تساؤلاته، ويكون طريقه في ذلك الأدوات المختلفة للبحث العلمي ومناهجه، مع استخدامها بطريقة علمية موضوعية منهجية، والبحث العلمي في علم الاجتماع يسعى إلى تحقيق هدفين رئيسين: أولهما نظري، والثاني عملي، أما الهدف النظري: فيتم من خلاله التعرف على طبيعة الحقائق والعلاقات الاجتماعية، والنظم الاجتماعية، وأما الهدف العملي: فيمكن الاستفادة منه في وضع خطة للإصلاح على أساس سليم، وفق ما يرتضيه التطور الطبيعي للمجتمع( ).
وتتحدد أهمية الدراسة الحالية في الآتي:
1. هناك اهتمام عالمي بقضايا الطفولة، خاصة رعاية أطفال بلا مأوى، حيثُ يتضمن الإعلان العالمي لحقوق الطفل تأكيد أهمية أن يعيش الطفل حياة سعيدة، وأن يتمتع بالحرية والأمن الاجتماعي، وأن تتم حمايته من القسوة والإهمال.
2. مواصلة الاهتمام المتزايد من قِبل الدولة بقضايا الطفولة ورعاية أطفال بلا مأوى، لصدور قانون حماية الطفل رقم (12) لسنة 1996( )، وتنشئة الطفل تنشئة اجتماعية وصحية ونفسية سليمة.
3. يمثل موضوع أطفال بلا مأوى، ظاهرة خطيرة تؤثر في المجتمع وبنائه، لأنهم يمثلون تهديدًا واقعيًا للمجتمع ويعرضونه للتدمير في أي لحظة من اللحظات، وهذه الدراسة تدق ناقوس الخطر لاحتواء هذه الظاهرة قبل أن تخرج عن السيطرة، فلابد من مواجهتها قبل فوات الأوان.
4. تلعب الخدمة الاجتماعية دورًا مهمًا في مجال الطفولة بصفة عامة، ورعاية أطفال بلا مأوى بصفة خاصة، وذلك من خلال برامجها، وخدماتها، وطرقها المختلفة لتعديل سلوكياتهم لتكون إيجابية؛ ليصبحوا مواطنين صالحين يشاركون في بناء المجتمع.
وتعود أسباب اختيار موضوع الدراسة الحالية؛ إلى أن الباحثُ خلص -من خلال الاطلاع على الدراسات السابقة التي تناولت مشكلة أطفال الشوارع، أو أطفال بلا مأوى، أو الأطفال المعرضين للخطر- إلى أنه بالرغم من وجود دراسات كثيرة تناولت تلك الظاهرة، فإنها مازالت في انتشار وازدياد يومًا بعد يوم، مما يهدد أمن وسلامة المجتمع، فأطفال الشوارع يعدون قنابل موقوتة، جاهزة للانفجار في أي وقت، ويمكن استغلالهم في هدم مؤسسات الدولة، كما حرقوا المجمع العلمي؛ في الأحداث التي تلت ثورة 25 يناير، وكل هذا يؤكد أن تلك الظاهرة مازالت تحتاج إلى دراسة وبحث، مما يعطي مبررًا قويًا لإجراء هذه الدراسة، بالإضافة إلى أهمية حماية ورعاية هذه الفئة في المجتمع، قبل أن يتحولوا إلى أطفال شوارع، والتي يجب على جميع مؤسسات الدولة حماية الأطفال المعرضين للخطر من الانحراف، وإلا ستتحول هذه الفئة إلى مؤثر سلبي شديد على المجتمع، حيث ستجد هذه الفئة نفسها تتخبط في العديد من المشكلات فتتحول دون تكيفها واندماجها في المجتمع إلى الإجرام، وذاك أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت الباحث لدراسة المشكلات الاجتماعية والفيزيقية وعلاقتها بإشباع حاجات الأطفال المعرضين للخطر، في مراكز الرعاية النَّهارية في كل من الريف والحضر، كما أن هناك أسبابًا أخرى دفعت الباحث إلى اختيار هذا الموضوع، نلخصُها فيما يلي:
أ‌. التعرف على مستوى الخدمة الاجتماعية الموجودة في مراكز الرعاية النَّهارية، ومدى إسهامها في علاج وتنمية قدرات الأطفال المعرضين للخطر، وإدماجهم في المجتمع.
ب‌. التعرف على كيفية سير عملية الرعاية الاجتماعية لهذه الفئة.
ج. معرفة كيفية مساهمة الخدمة الاجتماعية في التأهيل المهني والاجتماعي لهذه الفئة، وكذا معرفة العوامل التي تحول دون الاستفادة من الخدمات الاجتماعية المقدمة.
المؤسسات علي تأهيل الطفل وحل مشكلاته ليتم دمجه في أسرته بعد ذلك.
ثالثًا: أهداف الدراسة
البحث العلمي هو ذلك البحث الذي يسعى إلى تحقيق أهداف عامة غير شخصية، ذات قيمة ودلالة علمية، وبناء على ذلك فان الهدف الرئيسي هو دراسة المشكلات الاجتماعية والفيزيقية وعلاقتها بإشباع حاجات الأطفال المعرضين للخطر بمراكز الرعاية النَّهارية في الريف والحضر، وينبثق من هذا الهدف الرئيسي عدة أهداف فرعية:
1. دراسة أهم المشكلات الاجتماعية للأطفال المعرضين للخطر بمراكز الرعاية النَّهارية بالريف والحضر.
2. دراسة أهم المشكلات الفيزيقية للأطفال المعرضين للخطر بمراكز الرعاية النَّهارية بالريف والحضر.
3. دراسة مدى إشباع مراكز الرعاية النَّهارية لحاجات الأطفال المعرضين للخطر في الريف والحضر.
4. دراسة العلاقات بين المشكلات الفيزيقية والمشكلات الاجتماعية ودراسة مدى إشباع مراكز الرعاية النَّهارية لحاجات الأطفال المعرضين للخطر في الريف والحضر.
5. الوصول الى مقترحات محدده تسهم في تدعيم فاعلية مراكز الرعاية النَّهارية في حل مشكلات الأطفال المعرضين للخطر وإشباع حاجتهم في الريف و الحضر.


Other data

Title المشكلات الاجتماعية والفيزيقية وعلاقتها بإشباع حاجات الأطفال المعرضين للخطر بمراكز الرعاية النهارية (دراسة مقارنة في الريف والحضر بين الذكور والإناث)
Other Titles SOCIAL AND PHYSICAL PROBLEMS AND THEIR RELATIONSHIP TO THE SATIATION OF THE NEEDS OF CHILDREN AT RISK OF DAY-CARE CENTERS (COMPARATIVE STUDY IN URBAN AND COUNTRYSIDE AREAS BETWEEN MALE AND FEMALE)
Authors إسلام أحمد عوض محمد
Issue Date 2016

Attached Files

File SizeFormat
G13383.pdf569.83 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 1,023 in Shams Scholar
downloads 313 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.