بنية المقدمة في المعجمات اللفظية التراثية، قراءة تحليلية

أحمد محمد علي حسن زايد;

Abstract


خطاب المقدِّمات لبنة من لبنات بناء معرفي عام عُرِفَ في الغرب بمصطلح "Le Paratexte"، الذي عرَّفه جيرار جينيت Genette Gérard بقوله: "كل ما يجعل من النص كتابا يقترح نفسه على قُرَّائه، أو بصفة عامة على جمهوره"( ). أي إن هذا المصطلح يتناول شبكة العناصر الموازية والمحيطة بمتن النص، نحو: العناوين الرئيسة والفرعية، واسم المؤلِّف، والمقدِّمات، والخواتيم، والإهداءات، والهوامش، والحواشي، والفهارس، وبيانات النشر، وكل ما من شأنه أن يقدِّم إشارات وإضاءات حول النص.
وعندما دخل مصطلح "Paratexte Le" ميدان التطبيق في اللغة العربية ترجمه الباحثون العرب المُحْدَثون ترجمات سارت في أفلاك متباينة، منها: سياجات النص، وعتبات النص أو العتبات النَّصِّيَّة، والمَابَيْن نَصِّيَّة، ومحيط النص، والمكمِّلات، والمناص، وموازي النص، والنَّصْحَبَة، والنص المحاذي، والنص المحيط، والنص المصاحب، والنص الموازي ... إلخ( ).
إن البحث في مقدِّمات مبدعي المتون اللغوية، أسلافا كانوا أم أندادا أم أخلافا، على تنوُّع قوالبها، شعرية كانت أم نثرية، له دوافع، منها:
- إثارة الانتباه إلى ما في هذه المقدِّمات من أطروحات وأفكار نظرية يسعى مبدع النص إلى تطبيقها والالتزام بها في متن مؤلَّفه، الذي قد يأتي مكافئا لما سبق وذكره، أو أن يأتي ملمًّا ببعض الجزئيات دون بعض؛ ومن ثم لا يعكس متنُ مؤلَّفه طموحه النظري في مقدِّمة إبداعه اللغوي.
- أن المقدِّمات تمثل زادا معرفيًّا يقدِّمه المبدع إلى المتلقِّي في شكل تعاقد قرائي تواصلي بينهما.
- أن قراءة المتن غالبا ما تأتي مشروطة بقراءة المقدِّمة التي من وظائفها العمل على تهيئة المتلقِّي نفسيًّا وذهنيًّا للولوج في عوالم النص واستكناه أغواره؛ ومن ثم فالمقدِّمة ضمانة لقراءة سليمة واعية للكتاب.
- أن المقدِّمة هي المرآة الكاشفة عن مرامي المبدع ومقاصده وغاياته من مؤلَّفه، فلا غِنى له عنها؛ إذ لا يحسُن بالمبدع أن يخلِّي كلامه من مقدِّمة تكون بِسَاطًا لما يريد القول فيه، ليوفّي التأليف حقّه؛ "لأن كل كلام لا بدَّ له من فَرْشٍ يفرش قبله؛ ليكون منه بمنزلة الأساس من البُنْيَان"( ). وسبيل المبدع "إلى إصابة المرمى في هذه المقدِّمات أن تجعل مشتملة على ما بعدها من المقاصد والأغراض"( ).
من منطلق هذه الدوافع تتحدَّد طبيعة هذا البحث الذي يهدف إلى دراسة واحدة من العتبات النصية، والمعروفة باسم "المقدِّمة" من خلال قراءة مقدِّمات مجموعة من المعجمات التراثية؛ بغية الوقوف على أهم معالم معماريَّة المقدِّمة المعجمية وأسسها النظرية، واستجلاء ما انطوت عليه من لمحات أو رؤى على مستوى البنية والمضمون.
ولتحقيق الغاية المنشودة من البحث اقتصر الباحث على دراسة مقدِّمات المعجمات اللفظية؛ لذيوع هذا النوع من المعجمات، واستدامة التأليف فيه، وشيوع استعماله، وفي الوقت نفسه حرص الباحث على أن تكون العينة المختارة ممثلة للتراث التأليفي في المعجمات اللفظية، ومن ثم فقد وقع الاختيار على معجمات: العين، للخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175هـ)، والتقفية، للبندنيجي (ت 284هـ)، وجمهرة اللغة، لابن دُرَيْد الأزدي (ت 321هـ)، وديوان الأدب، للفارابي (ت 350هـ)، وتهذيب اللغة، للأزهري (ت 370هـ)، وتاج اللغة وصحاح العربية، للجوهري (ت 393هـ)، ومجمل اللغة، ومقاييس اللغة، لابن فارس (ت 395هـ)، والمحكم والمحيط الأعظم، لابن سِيدَه الأندلسي (ت 458هـ)، وأساس البلاغة، لأبي القاسم الزمخشري (ت 538هـ)، وشمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، لنشوان بن سعيد الحميري (ت 573هـ)، والتَّكْمِلة والذَّيْل والصِّلَة، والعباب الزاخر واللباب الفاخر، للصغاني (ت 650هـ)، ومختار الصِّحاح، للرازي (ت 660هـ)، ولسان العرب، لابن منظور (ت 711هـ)، والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير، للفيومي (ت 770هـ)، والقاموس المحيط، للفيروزآبادي (ت 817هـ)، وتاج العروس من جواهر القاموس، والتَّكْمِلة والذَّيْل والصِّلَة لما فات صاحب القاموس من اللغة، للزَّبيدي (ت 1205هـ).
هذا، وقد اقتضت طبيعة البحث والغاية منه أن ينتظم في محورين، الأول منهما يتناول تعريف المقدمة لغة واصطلاحا، والآخر يميط النِّقاب عن معمارية المقدِّمة المعجميَّة، ثم تأتي خاتمة البحث لترصد أهم النتائج التي وُفِّق الباحث إليها.


Other data

Title بنية المقدمة في المعجمات اللفظية التراثية، قراءة تحليلية
Authors أحمد محمد علي حسن زايد 
Keywords عتبات النص - المقدمة - المعجمات اللفظية
Issue Date Jan-2018
Journal مجلة كلية الآداب جامعة بورسعيد 

Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 83 in Shams Scholar
downloads 13 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.