- العربية الوسيطة في زنجبار (دراسة وصفية تحليلية في لغة وثائق الوقف والوصايا) (1882- 1956م)

Abstract

1- هدف البحث: هدف هذا البحث إلى دراسة بعض ملامح العربية دراسة وصفية تحليلية في زمن هاجرت فيه من أرضها إلى الساحل الشرقي لأفريقيا؛ بفعل الهجرات العمانية؛ حيث دخلت العربية لغةً جديدة على لغة السكان الأصليين؛ لتتمازج اللغتان فيقع التأثير والتأثر، وتظهر من بعدُ عربية ذات ظواهر صوتية وتصريفية وتركيبية ودلالية متأثِّرة بالتداخل بين اللغتين، وهو ما يلمح بوضوح في صياغة النصوص العربية موضع الدراسة. يقع هذا التأثير على العربية تحت مصطلح (لحن العامة/ لحن العوام) عند اللغويين القدماء، ويدخل في مصطلح (العربية الوسيطة) في الدرس اللغوي الحديث. 2- موضوع البحث: يقوم هذا البحث على النظر في نصوص الوصايا والوقف في جزيرة زنجبار (1882م – 1956م). هذه الوثائق عدتُها مائتان وأربعٌ وثمانون وثيقة تبين واقعًا لغويًا رسميًّا ذا سمات تخالف – أحيانًا، وبدرجات متفاوتة- قواعد الفصحى؛ مما يمثل انعكاسًا لِمَا درج عليه الناس من عامية تسربت إلى لغة الكتابة الرسمية، وزاحمت الفصحى التي هي أصل هذه الكتابة. ولم يتوقف الأمر على مخالفات قواعد الفصحى في المستويات اللغوية الأربعة (الصوتي، والصرفي، والتركيبي، والدلالي)، بل تعداه إلى ظاهرة التناوب اللغوي (Code-Switching) ؛ حيث تسربت ألفاظ أخذت من لغة السكان الأصليين. 3- أسئلة البحث: يحاول هذا البحث الإجابة عن الأسئلة الآتية: - ما العربية الوسيطة؟ وهل هي لحن العامة؟ - كيف كانت نظرة القدماء لاستعمالات العربية خارج أرضها؟ وكيف كانت نظرتهم ومعالجتهم لما ورد فيها من ظواهر لغوية خالفت الفصحى؟ - ما الكيفية التي وردت عليها الظواهر اللغوية للعربية الوسيطة في النصوص موضع الدراسة؟ وكيف توصف في المستويات اللغوية؟ وخرج البحث بالنتائج الآتية: 1- ضرورة مراجعة تعريفات العربية الوسيطة؛ لا سيما تلك التي تجعل منها حلقة بين الفصحى واللهجات العربية الحديثة؛ حيث تتجاهل هذه التعريفات أثر اللهجات القديمة. 2- ترتبط العربية الوسيطة بالازدواج اللغوي، وتصارع اللغات؛ وهو ما يعني تعدد العربيات الوسيطة التي تبقى فيها سمات من الفصحى مع ما تحمله من سمات لهجية. 3- العربية الوسيطة ظاهرة قديمة قدم الفتوحات الإسلامية وانتشار العربية بين غير العرب؛ من ثم ظهرت مصنفات (لحن العامة/العوام) وقد حوت هذه المصنفات مادة صالحة لدرس أطوار العربية تاريخيًّا وجغرافيًا. 4- تُظهِرُ الدراسة التحليلية للعربية الوسيطة في جزيرة زنجبار في الفترة (1882م – 1956م) سمات لغوية تتوزع على مستويات التحليل اللغوي على النحو التالي: أ‌- في المستوى الصوتي ظهرت سمات: الإبدال غير القياسي بين الصوامت نحو: إبدال الباء ميمًا، والثاء شينًا، والجيم قافًا، والجيم غينًا، والحاء هاء، والخاء هاء، والصاد سينًا، والضاد ظاء، والظاء ضادًا، والميم نونًا. أما الهمزة فحذفت، وقُصرت، وقُلبت عينًا، وسهلت ألفا وواوًا، وياء. كما ظهر مَطْل الحركة القصيرة، وقصر الحركة الطويلة، وتبادل حروف العلة. ب‌- كانت الظواهر الصرفية أكثر وضوحًا حيث توزعت على ظواهر: (الصيغة) و(العدد) و(النوع) و(التعرف والتنكير) ففي الصيغة جاءت صيغ الفعل المجرد مكان المزيد والعكس، وصيغ المصدر صياغةَ غير ملائمة لفعله، ورصد البحث أنماطا من الخلل في قواعد التثنية والجمع، وفي انتفاء المطابقة النوعية بين الصفة والموصوف أو البدل والمبدل منه، وعاد الضمير المؤنث إلى مذكر قبله، والعكس، ووقع الخلل في تأنيث الفعل، وكذلك ظهرت حالات خلل في المطابقة والمخالفة في باب تمييز العدد، أما التعريف والتنكير فقد كثر الخروج عن قواعده في أبواب النعت والبدل، والإضافة، والعطف. ج- كان المستوى التركيبي أكثر مستويات التحليل اللغوي احتواء لظواهر مفارقة الفصحى في العربية الوسيطة بزنجبار فترة البحث؛ حيث وقع شبه الصحة اللغوي بالزيادة أو النقص؛ حيث التزيد في العلامة الإعرابية بمطلها، أو بزيادة نون المثنى وجمع المذكر السالم المضافين، أو فيما نصب أو جزم من الأفعال الخمسة، كذلك وقع التزيد في عناصر الجملة بالجمع بين فاعلين لفعل واحد، أو بالجمع بين الفاعل المضمر والاسم الظاهر على لهجة بالحارث بن كعب وأزد شنوءة. أما أخطاء الخروج عن الصحة اللغوية فكان أكثرها في علامات الإعراب كذلك ظهرت مخالفات لقواعد حروف المعاني اختيارا واستعمالا. د- ظهرت في المستوى الدلالي ألفاظ دخيلة من لغات أخرى كان من بينها اللغة المحلية، وبعضها كان من لغات المستعمر الغربي حيث دخل ذلك كله في ظاهرة التناوب اللغوي.