الجريمة فى الريف المصرى بين الضبط الاجتماعى والواقع دراسة أنثروبولوجية لبعض قرى محافظة الشرقية

adelkader, nadia;

Abstract


أولاً: مشكلة الدراسة
تشير أدبيات التراث السوسيولوجى الريفى إلى أن المجتمع الريفى يتسم بأنه متجانس، وبسيط ومستودع للقيم، وأن الضوابط غير الرسمية ذات فعالية، مما يقلل من حجم الجريمة فى المجتمعات الريفية، ويجعل من الجرائم التى تقترف فيها ما هى إلا جرائم بسيطة وليست خطيرة، كما تتحدد نوعيتها وتتسم بأنها جرائم تقليدية مرتبطة بخصائص تلك المجتمعات، وهذا أدى إلى عدم الاهتمام بدراسة الجريمة فى الريف، وبالتالى ندرة الدراسات الخاصة بها على المستوى المحلى والعالمى .( Steven C. Deller & Melissa A. Deller, 2010: 221 )
وترتبط الجريمة بالمجتمع الذى تنشأ فيه ارتباطاً وثيقاً؛ ولذلك فلابد من دراستها فى إطار السياق المجتمعى الذى وجدت فيه، وكذلك فى إطار الظروف المجتمعية والمتغيرات المحيطة لهذا المجتمع ( رباب رشاد، 2006: 111). وعن الجريمة فى مصر، يمكن القول أن المجتمع المصرى شهد مجموعة من التغيرات والتحولات المجتمعية التى أثرت على بنيته الاجتماعية، وأدت إلى انتشار صور مختلفة من الجريمة سواء على مستوى الأفراد أو المجتمع ككل ( ياسر السيد، 2006: 187 )، وبصفه خاصة المجتمع الريفى الذى هو جزء من المجتمع المصرى، ويأخذ حيزاً كبيراً على خريطة الواقع الاجتماعى الثقافى؛ نظراً لأن سكان الريف يمثلون أغلبية سكان المجتمع المصرى ( مروة حمدى سعد، 2002: 24 )، فضلاً عما تشهده القرية المصرية من تغيرات متلاحقة أثرت على بنيتها، وأدت إلى أن الجريمة التى كانت تقليدية، أخذت آليات جديدة فى التنفيذ والانتشار، إلى جانب ظهور أنماط حديثة من الجرائم التى من طبيعتها أنها جرائم حضرية، حيث أصبحت القرية الريفية تتسم ببعض ملامح الحياة الحضرية حتى فى ارتكاب الجريمة فيها.
ويرى "باركلى" أحد علماء نظرية الفرصة، أن القرى الريفية البسيطة تغيرت بنيتها؛ نتيجة لانفتاحها على المجتمعات المجاورة لها، وانتشار وسائل الاتصال الحديثة فيها من المحمول والأنترنت، إلى جانب التليفزيون، مما أدى إلى تطور الجريمة فى هذه القرى، ولم تعد هى الجريمة التقليدية المرتبطة بالطبيعة الريفية، والتى تدور أحداثها حول الأرض الزراعية وما يتعلق بها، بل ظهرت جرائم حديثة مرتبطة بهذا التغير والتطور ( Daniel P. Mears, et al, 2007: 158).
وتشير بيانات تقرير الأمن العام إلى تنوع الجريمة وانتشارها فى المحافظات الريفية، والدليل على ذلك اتساع النطاق الريفى فى محافظة الشرقية، فهى تعد من أولى المحافظات الريفية فى جمهورية مصر العربية ( الشرقية أون لاين: مصر فى أرقام، تقدير أعداد السكان طبقاً للمحافظات: حضر وريف، فى 1/7/2010 )، وجاء فيها أنواع من الجرائم التقليدية والمستحدثة، كما بلغ اجمالى الجرائم فيها عام 2011 ما يقدر بـ (940) جريمة بنسبة 1,9% من اجمالى الجمهورية البالغ عدده (48350) جريمة ( الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء/ النشرة السنوية لإحصاءات الخدمات الاجتماعية، 2011: 50 ).
ونظراً لأن تقارير الأمن العام لا تُفرد للجريمة فى الريف إحصاءات خاصة؛ لذلك توضح نتائج الدراسة الحالية أن الجريمة فى القرى موضوع الدراسة متنوعة ومنتشرة ما بين: جرائم القتل التى بلغ عددها 47 جريمة بنسبة 33,8% من اجمالى الجرائم البالغ عدده (139 جريمة)، وجرائم الخطف وبلغ عددها 19 جريمة بنسبة 13,7% من اجمالى الجرائم خلال الفترة من 2009 إلى 2013، وجرائم أخرى كان من الصعب حصرها – بسبب انتشارها- خلال فترة الدراسة الميدانية مثل: تعاطى المخدرات والاتجار فيها، والسرقات، فضلاً عن الجرائم المستحدثة التى برز فيها استخدام المحمول والأنترنت، وكذلك جرائم البلطجة وسرقة السيارات.
ومن خلال استقراء الببليوجرافية الشارحة للإنتاج العربى فى علم الاجتماع – خلال الفترة من عام 1924 إلى عام 2000- والخاص بدراسات الجريمة نلاحظ كثرة الدراسات الخاصة بالجريمة بشكل عام، وكذلك الجريمة فى الحضر أو الحضر والريف معاً من واقع دراسة المؤسسات العقابية، كما تركز هذه الدراسات اهتمامها على دراسة نمط واحد من الجريمة وتحليل إحصاءاته، والكشف عن كيفية وعوامل ارتكابه ( محمد الجوهرى، أحمد زايد، 2001، 2003 ).
كما أن الإنتاج العلمى لدراسة الجريمة – خلال الفترة من عام 1952 إلى عام 2002- كان يركز فى معظمه على الجانب النظرى الذى يغلب عليه الطابع القانونى، ويرتكز على النصوص القانونية وشرح أحكام القضاء، والإجراءات الجنائية والدراسات المقارنة بين الشريعة والقانون فى مجال الجريمة، أما الدراسات التطبيقية على الجريمة فقد كانت فى معظمها تحاول الإجابة عن تساؤلات خاصة بالمشكلات الاجتماعية الاقتصادية لمرتكبى الجرائم، وكذلك السمات النفسية، والمؤسسات التربوية والاجتماعية التى تعمل فى مجال إعادة التأهيل، وهى بالفعل تعد قليلة وهناك حاجة ملحة للاهتمام بتلك النوعية من الدراسات التطبيقية التى تهتم بالواقع الفعلى، الأمر الذى يؤدى بدوره إلى توفير الرؤية المتعمقة لظاهرة الجريمة ( نيفين علم الدين، 2006: 30 ).
وانطلاقاً مما سبق، يتبين قلة الدراسات التى اهتمت بالجريمة فى الريف من حيث: أنماطها، وحجم انتشارها، وكذلك وسائل وعوامل ارتكابها، وآليات مواجهتها، وأيضاً ارتباط كل ذلك بطبيعة المجتمع الريفى.
ومن هنا، تبرز إشكالية الدراسة لتركز على الجريمة فى الريف من منظور الثقافة الريفية التى تتسم بالتضامن الآلى، والأخلاق الجمعية، وعلاقات الوجه للوجه، وسيادة العرف، حيث تم رصد بعض الجرائم التى تم ارتكابها فى بعض القرى الريفية بمحافظة الشرقية، والتى تكشف عن أنواع الجرائم وحجم انتشارها، وعلاقة ذلك بالطبيعة الجغرافية والإيكولوجية لهذه القرى، وكذلك الكشف عن كيفية وعوامل ارتكاب هذه الجرائم، وآليات الضبط الاجتماعى الرسمية وغير الرسمية فى مواجهتها والحد من انتشارها وخطورتها فى الريف.
ثانياً: أهداف الدراسة
1- اختبار المقولة التى طرحها التراث السوسيولوجى الريفى ومؤداها أن: "المجتمع الريفى يتسم بأنه متجانس، وبسيط ومستودع للقيم، وأن الضوابط غير الرسمية ذات فعالية، مما يقلل من حجم الجريمة فى تلك المجتمعات، ويجعل من الجرائم التى تقترف فيها ما هى إلا جرائم بسيطة وليست خطيرة، كما تتحدد نوعيتها وتتسم بأنها جرائم تقليدية مرتبطة بخصائص البيئة الريفية الزراعية.
2- رصد أنواع الجريمة، وأيها أكثر انتشاراً فى مجتمعات الدراسة.
3- الكشف عن الطبيعة الجغرافية والإيكولوجية لمحافظة الشرقية وعلاقة ذلك بالجريمة فى قرى الدراسة.
4- التعرف على كيفية اقتراف الجريمة حسب خصوصية كل نوع منها، وخصائص مرتكبيها
وضحاياها فى قرى الدراسة.
5- الكشف عن عوامل ارتكاب الجريمة وعلاقتها ببنية القرى موضوع الدراسة.
6- التعرف على آليات الضبط الاجتماعى الرسمية وغير الرسمية فى مواجهة الجريمة فى قرى الدراسة.
ثالثاً: تساؤلات الدراسة
تحاول الدراسة الإجابة على تساؤل رئيس هو: ما أنواع الجرائم، وأيها أكثر انتشاراً وارتباطاً بطبيعة المجتمع الريفى؟ وينبثق من هذا التساؤل مجموعة أسئلة فرعية هى:
1- ما مدى صدق المقولة التى ترى أن الجريمة فى الريف بسيطة وتقليدية وحجم انتشارها ضئيل؟
2- ما وجهة نظر أفراد قرى مجتمعات الدراسة فى الجريمة الريفية من حيث: التعريف، والأنواع؟
3- ما أنواع الجرائم التى تُرتكب فى قرى الدراسة، وما أكثرها انتشاراً، ولماذا؟
4- ما كيفية اقتراف الجريمة وفقاً لخصوصية كل نوع منها فى قرى الدراسة؟
5- ما الخصائص الديموجرافية لمرتكبى الجريمة وضحاياها فى قرى الدراسة؟
6- ما عوامل ارتكاب الجريمة، وعلاقة هذه العوامل بطبيعة المجتمع الريفى وبنية قرى الدراسة؟
7- ما آليات الضبط الاجتماعى الرسمية وغير الرسمية فى مواجهة الجريمة فى قرى الدراسة؟
رابعاً: أهمية الدراسة
1- الأهمية النظرية والمنهجية:
تكمن الأهمية النظرية للدراسة فى اختبار أو تطويع بعض النظريات المفسرة للجريمة مثل: نظرية الصراع، ونظرية الأنومى لدى كل من "دوركايم وميرتون"، ونظرية المخالطة الفاصلة، ونظرية بناء الفرصة، والوصمة والتسمية الانحرافية، وكذلك نظرية الضبط الاجتماعى.
أما عن الأهمية المنهجية للدراسة، ففى إطار تطوير المنهج الأنثروبولوجى تم الاستعانة بأسلوب المسح، والذى ندر استخدامه فى البحوث الأنثروبولوجية. وهذا المسح لم يتم باستخدام المنهج الإحصائى، ولكن من خلال الاستعانة بدليل جمع المادة الميدانية والإخباريين والمقابلات التى لم تستغرق إقامة ومعايشة لفترات طويلة، حيث تم إجراء مسح إيكولوجى على مجموعة من القرى بلغ عددها 25 قرية موزعه جغرافياً على خريطة محافظة الشرقية.
2- الأهمية التطبيقية:
تتمثل الأهمية التطبيقية للدراسة فى كون نتائجها قد تفيد فى فهم واقع القرى الريفية، ومدى التغير الذى لحق بأوجه الحياة بها، وما أحدثه هذا التغير من ظهور أنماط من الجريمة يرتكبها بعض الأفراد أو يتعرضون إليها. وقد تفيد هذه النتائج صناع القرار والجهات المعنية بالريف وأمنه فى وضع الاستراتيجيات الخاصة بردع الجريمة وتحقيق الأمن والاستقرار فيه.
خامساً: الإطار المنهجى للدراسة
يتناول الإطار المنهجى للدراسة الخطوات والمراحل المنهجية التى وجهت الباحثة أثناء إجراء الدراسة؛ لمساعدتها فى تحقيق أهدافها، ويتم ذكر أهمها فيما يلى:
1- المفاهيم الأساسية للدراسة والتى تمثلت فى: الجريمة، والضبط الاجتماعى؛ واستعانت بالتعريف الإجرائى للجريمة الريفية من وجهة النظر الثقافية لأبناء قرى الدراسة.
2- مناهج البحث: استعانت الباحثة بكل من منهج دراسة المجتمع المحلى ووضع معايير لاختيار محافظة الشرقية لإجراء الدراسة فيها. والمنهج الأنثروبولوجى وتم فى إطاره استخدام أسلوب المسح الأنثروبولوجى لاختيار قرى مجتمعات الدراسة البالغ عددها 25 قرية (بنسبة 5% من اجمالى قرى المحافظة البالغ عددها 500 قرية)، وحالات الدراسة المتعمقة (15 حالة من ثلاث قرى بواقع خمس حالات من كل قرية). وقد تم استخدام هذا الأسلوب بأدوات منها دليل الجمع الميدانى، والإخباريين، والمقابلات التى لا تستغرق الإقامة والمعايشة. ومنهج دراسة الحالة الذى راعت فيه تنوع الحالات وفقاً لأنماط الجريمة وأنماط القرى (شبه بدوية، تقليدية، شبه حضرية).
3- مصادر وأدوات جمع البيانات: تم جمع البيانات عن طريق مصادر قانونية، وكمية مسحية، وكيفية ميدانية، إلى جانب استخدام أدوات المنهج الأنثروبولوجى. واعتمدت على رسم خرائط توضيحية تم تصميمها عن طريق الاستعانة بأحد أساتذة الجغرافية فى كلية الآداب جامعة عين شمس، الذى قام برسم الخرائط على الحاسب الآلى باستخدام برنامج (GIS).
4- إجراء التحليلات البنائية، والإيكولوجية، وكذلك التحليل المقارن، والموقفى، وتحليل المضمون لأقوال الإخباريين والحالات، وأخيراً التحليل التتبعى لبعض الجرائم. إلى جانب إجراء دراسة وصفية لبعض الموضوعات المتعلقة بقرى مجتمعات الدراسة وظاهرة الجريمة فيها، وكذلك محاولة الاستفادة من الإحصاءات الرسمية الخاصة بالجريمة وقرى مجتمعات الدراسة إن أمكن توفرها.
5- الفترة الزمنية للدراسة.
6- الصعوبات التى واجهت الدراسة.
سادساً: الإطار النظرى للدراسة
ينطلق الإطار النظرى للدراسة من اختبار بعض القضايا النظرية التى أكدت عليها الاتجاهات النظرية المفسرة للجريمة مثل: الصراع، والأنومى لدى كل من "دوركايم وميرتون"، ونظرية المخالطة الفاصلة، ونظرية بناء الفرصة، والوصمة والتسمية الانحرافية، ونظرية الضبط الاجتماعى.
سابعاً: محتويات الدراسة
جاءت الدراسة فى شكلها النهائى فى: مقدمة تحتوى على: مشكلة الدراسة، وأهدافها وتساؤلاتها، وأهميتها النظرية والمنهجية والتطبيقية، وبابين يضمان إحدى عشر فصلاً: جاء الباب الأول تحت عنوان الإطار المنهجى والنظرى للدراسة، ويضم ثلاثة فصول، يقدم الفصل الأول: عرضاً للإطار المنهجى للدراسة ويتضمن: مفاهيم الدراسة، والمناهج المستخدمه فى الدراسة، ومصادر وأدوات جمع البيانات، وأساليب التحليل والتفسير، ومدة الدراسة الميدانية، وأخيراً صعوبات الدراسة. ويتناول الفصل الثانى: أهم النظريات المفسرة للجريمة منها: الصراع، والأنومى لدى كل من "دوركايم وميرتون"، ونظرية المخالطة الفاصلة، وبناء الفرصة، والوصمة والتسمية الانحرافية، وكذلك نظرية الضبط الاجتماعى. ويقدم الفصل الثالث: عرضاً لأهم الدراسات السابقة الأجنبية والعربية التى تناولت الجريمة فى الريف والتعليق عليها.
وجاء الباب الثانى: تحت عنوان الدراسة الميدانية، ويضم ثمانية فصول كالتالى: يطرح الفصل الرابع: لمجتمعات الدراسة من حيث: التعريف بمحافظة الشرقية تاريخياً وجغرافياً وسكانياً، ثم قرى الدراسة بدءاً من: النشأة التاريخية لقرى مجتمعات الدراسة، وكذلك النطاق الجغرافى، وصولاً إلى التعرف على خصائص السكان، والمرافق والخدمات، وبعض ملامح الثقافة الشعبية فى القرى. ويركز الفصل الخامس: على الملامح الجغرافية والإيكولوجية لمحافظة الشرقية وانعكاساتها على الجريمة فى قرى الدراسة، من حيث: تناول الحدود الجغرافية لمحافظة الشرقية وأنماط الجريمة، ثم الخصائص الإيكولوجية لقرى الدراسة وعلاقة ذلك بأنواع الجرائم التى تُرتكب فيها. ويعرض الفصل السادس: الجريمة فى مجتمعات الدراسة: التصنيف والانتشار، من حيث: تصنيف الجريمة فى القانون وتقارير الأمن العام، وانتشار الجريمة فى محافظة الشرقية من واقع إحصاءات الأمن العام، وكذلك الدراسة الميدانية، والجريمة فى الريف بين التقليدية والمستحدثة.
ويتناول الفصل السابع: جرائم القتل: الأنواع والعوامل، حيث التعرف على الأركان الأساسية لها من الناحية القانونية، وكذلك أنواع هذه الجرائم والإحصائيات المتاحة عنها، وخصائصها وفقاً: للمكان، والوقت، والأدوات المستخدمه فى ارتكابها، إلى جانب التعرف على خصائص مرتكبيها وضحاياها؛ بغرض الكشف عن نوعية العلاقة بين طرفى الجريمة، وعوامل ارتكابها فى قرى الدراسة، وأخيراً رد الفعل المجتمعى تجاه هذه الجرائم والتصدى لمرتكبيها، والتى تتراوح ما بين أساليب الضبط الاجتماعى الرسمية وغير الرسمية.
ويعرض الفصل الثامن: جرائم المخدرات: الأنواع والعوامل، حيث التعرف على كيفية اقتراف جرائم تعاطى المخدرات والاتجار فيها، وعوامل كل منها، وكذلك آليات مواجهتها ما بين الضبط الرسمى وغير الرسمى. ويتناول الفصل التاسع: جرائم العرض: العوامل والآليات، من حيث: أنواع جرائم العرض، وكيفية اقترافها فى قرى الدراسة، وعوامل ارتكابها، وكذلك آليات مواجهة جرائم العرض بين الضوابط الرسمية وغير الرسمية. ويقدم الفصل العاشر: جرائم الخطف والسرقات: الأنواع والعوامل، من حيث: أنواعهما، وكيفية اقترافهما فى قرى الدراسة، وعوامل ارتكابهما، وكذلك آليات مواجهتهما ما بين الضوابط الرسمية وغير الرسمية. وفى نهاية الدراسة يأتى الفصل الحادى عشر: ليتناول نتائج الدراسة والرؤية المستقبلية والتوصيات. ثم تأتى بعد ذلك المراجع "العربية والإنجليزية"، يليها ملاحق الدراسة، ثم ملخص الدراسة "العربى والإنجليزى".
ثامناً: أهم النتائج التى توصلت إليها الدراسة
أسفرت الدراسة الراهنة عن العديد من النتائج التى تتعلق بكل من: أنواع الجريمة وحجم انتشارها فى محافظة الشرقية، والطبيعة الجغرافية والإيكولوجية لمحافظة الشرقية والجريمة فى قرى الدراسة، وأهم النتائج الخاصة بكيفية اقتراف الجريمة، وأهم النتائج الخاصة بعوامل ارتكاب الجريمة فى قرى الدراسة، وأخيراً أهم النتائج الخاصة بآليات مواجهة الجريمة بين الضبط الرسمى وغير الرسمى، وكانت النتائج المستخلصة التى اندرجت تحت هذه الموضوعات على النحو التالى:
1- تتميز الحدود الجغرافية لمحافظة الشرقية بموقعها المتاخم لبعض المحافظات التى تضم بؤر إجرامية، كما تطل على مناطق متباينة جغرافياً (جبلية، وصحراوية، وساحلية) سواء داخل المحافظة أم خارجها؛ ولذا فإن هذه الحدود لا تقتصر فى علاقتها بالجريمة على البؤر الإجرامية الموجودة فى المحافظات القريبة منها، بل توجد بداخلها بؤر إجرامية تجمع بين كونها مأوى لإختباء المجرمين وأيضاً ارتكاب الجريمة فيها. كما تؤكد نتائج الدراسة الميدانية على أن ثمة علاقة مباشرة بين الخصائص الجغرافية والإيكولوجية لمحافظة الشرقية وحجم ونمط الجريمة فيها.
2- تختلف أنماط الجريمة وحجمها وفقاً لخصائص الحدود الجغرافية للقرى موضوع الدراسة، حيث تنتشر جرائم المخدرات والسلاح والبلطجة فى القرى الواقعة على الحدود الشمالية الشرقية والغربية، وتنتشر جرائم التهريب والنشل فى القرى الواقعة على الحدود الجنوبية الشرقية والغربية.
3- ثمة علاقة بين أنماط البيئة الريفية بقرى الدراسة، وحجم ونمط الجريمة فيها: فالقرى التى تتسم ببيئة ريفية تقليدية، يرتبط بها جرائم السرقة وبيع وتعاطى المخدرات. والقرى التى تتميز ببيئة ريفية شبه بدوية، يرتبط بها جرائم الأثار، وتهريب المخدرات والسلاح والمساجين، وكذلك بعض جرائم البلطجة من سطو مسلح وخطف. وبالنسبة للقرى الريفية شبه الحضرية فينتشر فيها جرائم السطو المسلح، والنشل، والخطف، والسرقة.
4- كشفت نتائج الدراسة الميدانية أن ثمة علاقة بين أنماط المساكن والجريمة فى قرى الدراسة، حيث تتنوع هذه المساكن ما بين الحديثة ويرتبط بها جرائم الخطف وطلب فدية، والمساكن التقليدية القديمة ويرتبط بها جرائم السرقة، وكذلك المساكن الملحق بها "مزارع دواجن أو مخازن خردة أو حظائر ماشية"، وأيضاً نماذج "العشش"، و"المقابر"، ويرتبط بكل منها جرائم القتل، والسرقة، والمخدرات، ولعب القمار، والزنا والدعارة، إلى جانب إخفاء جثث أو أثار أو مسروقات فيها.
5- تؤكد نتائج الدراسة الميدانية على أن طرق النقل والمواصلات، سواء طرق رئيسية سريعة أم قضيب السكك الحديدية الذى يقع موازياً للطريق السريع، فضلاً عن وجود الطرق المنعزلة والجانبية، وكذلك وجود الكبارى التى تربط القرى ببعضها وبالمدينة، فإن هذه الطرق والكبارى تلعب دوراً كبيراً فى تواجد المجرمين عليها وارتكاب الجرائم، مثل السرقة والمخدرات فى قرى الدراسة.
6- تنوعت خصائص الجرائم وفقاً لأنواعها، فتنوعت أماكن ارتكاب الجريمة، ووقت حدوثها، والأدوات المستخدمة فى ارتكابها، وكذلك تنوع التشكيلات العصابية المرتكبه للجريمة بتنوع الجريمة نفسها، وإن كانت هذه الخصائص تتفق فى النهاية مع الخصائص الجغرافية والإيكولوجية والاقتصادية والاجتماعية لقرى الدراسة.
7- تنوعت خصائص مرتكبى هذه الجرائم وضحاياها من حيث: النوع، والخصائص العمرية، والحالة الزواجية، والتعليمية، والمهنية، والطبقية، وكذلك نوعية العلاقة بين طرفى الجريمة، وأخيراً النشأة الاجتماعية والخصائص الشخصية لمرتكبى الجرائم فى قرى الدراسة.
8- تؤكد نتائج الدراسة الميدانية على أن الجرائم التى تخص المرأة كجانيه هى: تجارة المخدرات، والسرقة، والزنا، والدعارة، فى حين كانت المرأة ضحية فى جرائم الاغتصاب والخطف وزواج القاصرات. إلى جانب ما أظهرته الدراسة الميدانية من ارتكاب جرائم السرقة وترويج المخدرات وتعاطيها من قِبل بعض الأطفال (الأحداث).
9- تشير نتائج الدراسة الميدانية إلى تنوع عوامل ارتكاب الجريمة من واقع الجرائم الخاصة بحالات الدراسة سواء جناة أم ضحايا، وارتبطت هذه العوامل بالظروف الاقتصادية، والسياسية، والجغرافية والإيكولوجية، والاجتماعية والثقافية لمحافظة الشرقية عامة وقرى الدراسة بصفة خاصة.
10- كشفت نتائج الدراسة الميدانية عن تنوع آليات التصدى للجريمة ومواجهة المجرم ما بين الآليات الرسمية وإبلاغ الشرطة، والآليات غير الرسمية من حيث: اللجوء إلى العمد والمشايخ والمحامين فى قرى الدراسة لعقد جلسات عرفية معهم.


Other data

Title الجريمة فى الريف المصرى بين الضبط الاجتماعى والواقع دراسة أنثروبولوجية لبعض قرى محافظة الشرقية
Other Titles الجريمة في الريف
Authors adelkader, nadia 
Keywords الجريمة- الضبط الاجتماعي
Issue Date 2015
Publisher الجريمة فى الريف المصرى بين الضبط الاجتماعى والواقع دراسة أنثروبولوجية لبعض قرى محافظة الشرقية
Source كلية البنات جامعة عين شمس
Journal مجلة البحث العلمي في الآداب و العلوم و التربيه ( كلية البنات جامعة عين شمس ) - مصر 
Conference مجلة علمية 
Description 
ملخص الدراسة

أولاً: مشكلة الدراسة
تشير أدبيات التراث السوسيولوجى الريفى إلى أن المجتمع الريفى يتسم بأنه متجانس، وبسيط ومستودع للقيم، وأن الضوابط غير الرسمية ذات فعالية، مما يقلل من حجم الجريمة فى المجتمعات الريفية، ويجعل من الجرائم التى تقترف فيها ما هى إلا جرائم بسيطة وليست خطيرة، كما تتحدد نوعيتها وتتسم بأنها جرائم تقليدية مرتبطة بخصائص تلك المجتمعات، وهذا أدى إلى عدم الاهتمام بدراسة الجريمة فى الريف، وبالتالى ندرة الدراسات الخاصة بها على المستوى المحلى والعالمى .( Steven C. Deller & Melissa A. Deller, 2010: 221 )
وترتبط الجريمة بالمجتمع الذى تنشأ فيه ارتباطاً وثيقاً؛ ولذلك فلابد من دراستها فى إطار السياق المجتمعى الذى وجدت فيه، وكذلك فى إطار الظروف المجتمعية والمتغيرات المحيطة لهذا المجتمع ( رباب رشاد، 2006: 111). وعن الجريمة فى مصر، يمكن القول أن المجتمع المصرى شهد مجموعة من التغيرات والتحولات المجتمعية التى أثرت على بنيته الاجتماعية، وأدت إلى انتشار صور مختلفة من الجريمة سواء على مستوى الأفراد أو المجتمع ككل ( ياسر السيد، 2006: 187 )، وبصفه خاصة المجتمع الريفى الذى هو جزء من المجتمع المصرى، ويأخذ حيزاً كبيراً على خريطة الواقع الاجتماعى الثقافى؛ نظراً لأن سكان الريف يمثلون أغلبية سكان المجتمع المصرى ( مروة حمدى سعد، 2002: 24 )، فضلاً عما تشهده القرية المصرية من تغيرات متلاحقة أثرت على بنيتها، وأدت إلى أن الجريمة التى كانت تقليدية، أخذت آليات جديدة فى التنفيذ والانتشار، إلى جانب ظهور أنماط حديثة من الجرائم التى من طبيعتها أنها جرائم حضرية، حيث أصبحت القرية الريفية تتسم ببعض ملامح الحياة الحضرية حتى فى ارتكاب الجريمة فيها.
ويرى "باركلى" أحد علماء نظرية الفرصة، أن القرى الريفية البسيطة تغيرت بنيتها؛ نتيجة لانفتاحها على المجتمعات المجاورة لها، وانتشار وسائل الاتصال الحديثة فيها من المحمول والأنترنت، إلى جانب التليفزيون، مما أدى إلى تطور الجريمة فى هذه القرى، ولم تعد هى الجريمة التقليدية المرتبطة بالطبيعة الريفية، والتى تدور أحداثها حول الأرض الزراعية وما يتعلق بها، بل ظهرت جرائم حديثة مرتبطة بهذا التغير والتطور ( Daniel P. Mears, et al, 2007: 158).
وتشير بيانات تقرير الأمن العام إلى تنوع الجريمة وانتشارها فى المحافظات الريفية، والدليل على ذلك اتساع النطاق الريفى فى محافظة الشرقية، فهى تعد من أولى المحافظات الريفية فى جمهورية مصر العربية ( الشرقية أون لاين: مصر فى أرقام، تقدير أعداد السكان طبقاً للمحافظات: حضر وريف، فى 1/7/2010 )، وجاء فيها أنواع من الجرائم التقليدية والمستحدثة، كما بلغ اجمالى الجرائم فيها عام 2011 ما يقدر بـ (940) جريمة بنسبة 1,9% من اجمالى الجمهورية البالغ عدده (48350) جريمة ( الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء/ النشرة السنوية لإحصاءات الخدمات الاجتماعية، 2011: 50 ).
ونظراً لأن تقارير الأمن العام لا تُفرد للجريمة فى الريف إحصاءات خاصة؛ لذلك توضح نتائج الدراسة الحالية أن الجريمة فى القرى موضوع الدراسة متنوعة ومنتشرة ما بين: جرائم القتل التى بلغ عددها 47 جريمة بنسبة 33,8% من اجمالى الجرائم البالغ عدده (139 جريمة)، وجرائم الخطف وبلغ عددها 19 جريمة بنسبة 13,7% من اجمالى الجرائم خلال الفترة من 2009 إلى 2013، وجرائم أخرى كان من الصعب حصرها – بسبب انتشارها- خلال فترة الدراسة الميدانية مثل: تعاطى المخدرات والاتجار فيها، والسرقات، فضلاً عن الجرائم المستحدثة التى برز فيها استخدام المحمول والأنترنت، وكذلك جرائم البلطجة وسرقة السيارات.
ومن خلال استقراء الببليوجرافية الشارحة للإنتاج العربى فى علم الاجتماع – خلال الفترة من عام 1924 إلى عام 2000- والخاص بدراسات الجريمة نلاحظ كثرة الدراسات الخاصة بالجريمة بشكل عام، وكذلك الجريمة فى الحضر أو الحضر والريف معاً من واقع دراسة المؤسسات العقابية، كما تركز هذه الدراسات اهتمامها على دراسة نمط واحد من الجريمة وتحليل إحصاءاته، والكشف عن كيفية وعوامل ارتكابه ( محمد الجوهرى، أحمد زايد، 2001، 2003 ).
كما أن الإنتاج العلمى لدراسة الجريمة – خلال الفترة من عام 1952 إلى عام 2002- كان يركز فى معظمه على الجانب النظرى الذى يغلب عليه الطابع القانونى، ويرتكز على النصوص القانونية وشرح أحكام القضاء، والإجراءات الجنائية والدراسات المقارنة بين الشريعة والقانون فى مجال الجريمة، أما الدراسات التطبيقية على الجريمة فقد كانت فى معظمها تحاول الإجابة عن تساؤلات خاصة بالمشكلات الاجتماعية الاقتصادية لمرتكبى الجرائم، وكذلك السمات النفسية، والمؤسسات التربوية والاجتماعية التى تعمل فى مجال إعادة التأهيل، وهى بالفعل تعد قليلة وهناك حاجة ملحة للاهتمام بتلك النوعية من الدراسات التطبيقية التى تهتم بالواقع الفعلى، الأمر الذى يؤدى بدوره إلى توفير الرؤية المتعمقة لظاهرة الجريمة ( نيفين علم الدين، 2006: 30 ).
وانطلاقاً مما سبق، يتبين قلة الدراسات التى اهتمت بالجريمة فى الريف من حيث: أنماطها، وحجم انتشارها، وكذلك وسائل وعوامل ارتكابها، وآليات مواجهتها، وأيضاً ارتباط كل ذلك بطبيعة المجتمع الريفى.
ومن هنا، تبرز إشكالية الدراسة لتركز على الجريمة فى الريف من منظور الثقافة الريفية التى تتسم بالتضامن الآلى، والأخلاق الجمعية، وعلاقات الوجه للوجه، وسيادة العرف، حيث تم رصد بعض الجرائم التى تم ارتكابها فى بعض القرى الريفية بمحافظة الشرقية، والتى تكشف عن أنواع الجرائم وحجم انتشارها، وعلاقة ذلك بالطبيعة الجغرافية والإيكولوجية لهذه القرى، وكذلك الكشف عن كيفية وعوامل ارتكاب هذه الجرائم، وآليات الضبط الاجتماعى الرسمية وغير الرسمية فى مواجهتها والحد من انتشارها وخطورتها فى الريف.
ثانياً: أهداف الدراسة
1- اختبار المقولة التى طرحها التراث السوسيولوجى الريفى ومؤداها أن: "المجتمع الريفى يتسم بأنه متجانس، وبسيط ومستودع للقيم، وأن الضوابط غير الرسمية ذات فعالية، مما يقلل من حجم الجريمة فى تلك المجتمعات، ويجعل من الجرائم التى تقترف فيها ما هى إلا جرائم بسيطة وليست خطيرة، كما تتحدد نوعيتها وتتسم بأنها جرائم تقليدية مرتبطة بخصائص البيئة الريفية الزراعية.
2- رصد أنواع الجريمة، وأيها أكثر انتشاراً فى مجتمعات الدراسة.
3- الكشف عن الطبيعة الجغرافية والإيكولوجية لمحافظة الشرقية وعلاقة ذلك بالجريمة فى قرى الدراسة.
4- التعرف على كيفية اقتراف الجريمة حسب خصوصية كل نوع منها، وخصائص مرتكبيها
وضحاياها فى قرى الدراسة.
5- الكشف عن عوامل ارتكاب الجريمة وعلاقتها ببنية القرى موضوع الدراسة.
6- التعرف على آليات الضبط الاجتماعى الرسمية وغير الرسمية فى مواجهة الجريمة فى قرى الدراسة.
ثالثاً: تساؤلات الدراسة
تحاول الدراسة الإجابة على تساؤل رئيس هو: ما أنواع الجرائم، وأيها أكثر انتشاراً وارتباطاً بطبيعة المجتمع الريفى؟ وينبثق من هذا التساؤل مجموعة أسئلة فرعية هى:
1- ما مدى صدق المقولة التى ترى أن الجريمة فى الريف بسيطة وتقليدية وحجم انتشارها ضئيل؟
2- ما وجهة نظر أفراد قرى مجتمعات الدراسة فى الجريمة الريفية من حيث: التعريف، والأنواع؟
3- ما أنواع الجرائم التى تُرتكب فى قرى الدراسة، وما أكثرها انتشاراً، ولماذا؟
4- ما كيفية اقتراف الجريمة وفقاً لخصوصية كل نوع منها فى قرى الدراسة؟
5- ما الخصائص الديموجرافية لمرتكبى الجريمة وضحاياها فى قرى الدراسة؟
6- ما عوامل ارتكاب الجريمة، وعلاقة هذه العوامل بطبيعة المجتمع الريفى وبنية قرى الدراسة؟
7- ما آليات الضبط الاجتماعى الرسمية وغير الرسمية فى مواجهة الجريمة فى قرى الدراسة؟
رابعاً: أهمية الدراسة
1- الأهمية النظرية والمنهجية:
تكمن الأهمية النظرية للدراسة فى اختبار أو تطويع بعض النظريات المفسرة للجريمة مثل: نظرية الصراع، ونظرية الأنومى لدى كل من "دوركايم وميرتون"، ونظرية المخالطة الفاصلة، ونظرية بناء الفرصة، والوصمة والتسمية الانحرافية، وكذلك نظرية الضبط الاجتماعى.
أما عن الأهمية المنهجية للدراسة، ففى إطار تطوير المنهج الأنثروبولوجى تم الاستعانة بأسلوب المسح، والذى ندر استخدامه فى البحوث الأنثروبولوجية. وهذا المسح لم يتم باستخدام المنهج الإحصائى، ولكن من خلال الاستعانة بدليل جمع المادة الميدانية والإخباريين والمقابلات التى لم تستغرق إقامة ومعايشة لفترات طويلة، حيث تم إجراء مسح إيكولوجى على مجموعة من القرى بلغ عددها 25 قرية موزعه جغرافياً على خريطة محافظة الشرقية.
2- الأهمية التطبيقية:
تتمثل الأهمية التطبيقية للدراسة فى كون نتائجها قد تفيد فى فهم واقع القرى الريفية، ومدى التغير الذى لحق بأوجه الحياة بها، وما أحدثه هذا التغير من ظهور أنماط من الجريمة يرتكبها بعض الأفراد أو يتعرضون إليها. وقد تفيد هذه النتائج صناع القرار والجهات المعنية بالريف وأمنه فى وضع الاستراتيجيات الخاصة بردع الجريمة وتحقيق الأمن والاستقرار فيه.
خامساً: الإطار المنهجى للدراسة
يتناول الإطار المنهجى للدراسة الخطوات والمراحل المنهجية التى وجهت الباحثة أثناء إجراء الدراسة؛ لمساعدتها فى تحقيق أهدافها، ويتم ذكر أهمها فيما يلى:
1- المفاهيم الأساسية للدراسة والتى تمثلت فى: الجريمة، والضبط الاجتماعى؛ واستعانت بالتعريف الإجرائى للجريمة الريفية من وجهة النظر الثقافية لأبناء قرى الدراسة.
2- مناهج البحث: استعانت الباحثة بكل من منهج دراسة المجتمع المحلى ووضع معايير لاختيار محافظة الشرقية لإجراء الدراسة فيها. والمنهج الأنثروبولوجى وتم فى إطاره استخدام أسلوب المسح الأنثروبولوجى لاختيار قرى مجتمعات الدراسة البالغ عددها 25 قرية (بنسبة 5% من اجمالى قرى المحافظة البالغ عددها 500 قرية)، وحالات الدراسة المتعمقة (15 حالة من ثلاث قرى بواقع خمس حالات من كل قرية). وقد تم استخدام هذا الأسلوب بأدوات منها دليل الجمع الميدانى، والإخباريين، والمقابلات التى لا تستغرق الإقامة والمعايشة. ومنهج دراسة الحالة الذى راعت فيه تنوع الحالات وفقاً لأنماط الجريمة وأنماط القرى (شبه بدوية، تقليدية، شبه حضرية).
3- مصادر وأدوات جمع البيانات: تم جمع البيانات عن طريق مصادر قانونية، وكمية مسحية، وكيفية ميدانية، إلى جانب استخدام أدوات المنهج الأنثروبولوجى. واعتمدت على رسم خرائط توضيحية تم تصميمها عن طريق الاستعانة بأحد أساتذة الجغرافية فى كلية الآداب جامعة عين شمس، الذى قام برسم الخرائط على الحاسب الآلى باستخدام برنامج (GIS).
4- إجراء التحليلات البنائية، والإيكولوجية، وكذلك التحليل المقارن، والموقفى، وتحليل المضمون لأقوال الإخباريين والحالات، وأخيراً التحليل التتبعى لبعض الجرائم. إلى جانب إجراء دراسة وصفية لبعض الموضوعات المتعلقة بقرى مجتمعات الدراسة وظاهرة الجريمة فيها، وكذلك محاولة الاستفادة من الإحصاءات الرسمية الخاصة بالجريمة وقرى مجتمعات الدراسة إن أمكن توفرها.
5- الفترة الزمنية للدراسة.
6- الصعوبات التى واجهت الدراسة.
سادساً: الإطار النظرى للدراسة
ينطلق الإطار النظرى للدراسة من اختبار بعض القضايا النظرية التى أكدت عليها الاتجاهات النظرية المفسرة للجريمة مثل: الصراع، والأنومى لدى كل من "دوركايم وميرتون"، ونظرية المخالطة الفاصلة، ونظرية بناء الفرصة، والوصمة والتسمية الانحرافية، ونظرية الضبط الاجتماعى.
سابعاً: محتويات الدراسة
جاءت الدراسة فى شكلها النهائى فى: مقدمة تحتوى على: مشكلة الدراسة، وأهدافها وتساؤلاتها، وأهميتها النظرية والمنهجية والتطبيقية، وبابين يضمان إحدى عشر فصلاً: جاء الباب الأول تحت عنوان الإطار المنهجى والنظرى للدراسة، ويضم ثلاثة فصول، يقدم الفصل الأول: عرضاً للإطار المنهجى للدراسة ويتضمن: مفاهيم الدراسة، والمناهج المستخدمه فى الدراسة، ومصادر وأدوات جمع البيانات، وأساليب التحليل والتفسير، ومدة الدراسة الميدانية، وأخيراً صعوبات الدراسة. ويتناول الفصل الثانى: أهم النظريات المفسرة للجريمة منها: الصراع، والأنومى لدى كل من "دوركايم وميرتون"، ونظرية المخالطة الفاصلة، وبناء الفرصة، والوصمة والتسمية الانحرافية، وكذلك نظرية الضبط الاجتماعى. ويقدم الفصل الثالث: عرضاً لأهم الدراسات السابقة الأجنبية والعربية التى تناولت الجريمة فى الريف والتعليق عليها.
وجاء الباب الثانى: تحت عنوان الدراسة الميدانية، ويضم ثمانية فصول كالتالى: يطرح الفصل الرابع: لمجتمعات الدراسة من حيث: التعريف بمحافظة الشرقية تاريخياً وجغرافياً وسكانياً، ثم قرى الدراسة بدءاً من: النشأة التاريخية لقرى مجتمعات الدراسة، وكذلك النطاق الجغرافى، وصولاً إلى التعرف على خصائص السكان، والمرافق والخدمات، وبعض ملامح الثقافة الشعبية فى القرى. ويركز الفصل الخامس: على الملامح الجغرافية والإيكولوجية لمحافظة الشرقية وانعكاساتها على الجريمة فى قرى الدراسة، من حيث: تناول الحدود الجغرافية لمحافظة الشرقية وأنماط الجريمة، ثم الخصائص الإيكولوجية لقرى الدراسة وعلاقة ذلك بأنواع الجرائم التى تُرتكب فيها. ويعرض الفصل السادس: الجريمة فى مجتمعات الدراسة: التصنيف والانتشار، من حيث: تصنيف الجريمة فى القانون وتقارير الأمن العام، وانتشار الجريمة فى محافظة الشرقية من واقع إحصاءات الأمن العام، وكذلك الدراسة الميدانية، والجريمة فى الريف بين التقليدية والمستحدثة.
ويتناول الفصل السابع: جرائم القتل: الأنواع والعوامل، حيث التعرف على الأركان الأساسية لها من الناحية القانونية، وكذلك أنواع هذه الجرائم والإحصائيات المتاحة عنها، وخصائصها وفقاً: للمكان، والوقت، والأدوات المستخدمه فى ارتكابها، إلى جانب التعرف على خصائص مرتكبيها وضحاياها؛ بغرض الكشف عن نوعية العلاقة بين طرفى الجريمة، وعوامل ارتكابها فى قرى الدراسة، وأخيراً رد الفعل المجتمعى تجاه هذه الجرائم والتصدى لمرتكبيها، والتى تتراوح ما بين أساليب الضبط الاجتماعى الرسمية وغير الرسمية.
ويعرض الفصل الثامن: جرائم المخدرات: الأنواع والعوامل، حيث التعرف على كيفية اقتراف جرائم تعاطى المخدرات والاتجار فيها، وعوامل كل منها، وكذلك آليات مواجهتها ما بين الضبط الرسمى وغير الرسمى. ويتناول الفصل التاسع: جرائم العرض: العوامل والآليات، من حيث: أنواع جرائم العرض، وكيفية اقترافها فى قرى الدراسة، وعوامل ارتكابها، وكذلك آليات مواجهة جرائم العرض بين الضوابط الرسمية وغير الرسمية. ويقدم الفصل العاشر: جرائم الخطف والسرقات: الأنواع والعوامل، من حيث: أنواعهما، وكيفية اقترافهما فى قرى الدراسة، وعوامل ارتكابهما، وكذلك آليات مواجهتهما ما بين الضوابط الرسمية وغير الرسمية. وفى نهاية الدراسة يأتى الفصل الحادى عشر: ليتناول نتائج الدراسة والرؤية المستقبلية والتوصيات. ثم تأتى بعد ذلك المراجع "العربية والإنجليزية"، يليها ملاحق الدراسة، ثم ملخص الدراسة "العربى والإنجليزى".
ثامناً: أهم النتائج التى توصلت إليها الدراسة
أسفرت الدراسة الراهنة عن العديد من النتائج التى تتعلق بكل من: أنواع الجريمة وحجم انتشارها فى محافظة الشرقية، والطبيعة الجغرافية والإيكولوجية لمحافظة الشرقية والجريمة فى قرى الدراسة، وأهم النتائج الخاصة بكيفية اقتراف الجريمة، وأهم النتائج الخاصة بعوامل ارتكاب الجريمة فى قرى الدراسة، وأخيراً أهم النتائج الخاصة بآليات مواجهة الجريمة بين الضبط الرسمى وغير الرسمى، وكانت النتائج المستخلصة التى اندرجت تحت هذه الموضوعات على النحو التالى:
1- تتميز الحدود الجغرافية لمحافظة الشرقية بموقعها المتاخم لبعض المحافظات التى تضم بؤر إجرامية، كما تطل على مناطق متباينة جغرافياً (جبلية، وصحراوية، وساحلية) سواء داخل المحافظة أم خارجها؛ ولذا فإن هذه الحدود لا تقتصر فى علاقتها بالجريمة على البؤر الإجرامية الموجودة فى المحافظات القريبة منها، بل توجد بداخلها بؤر إجرامية تجمع بين كونها مأوى لإختباء المجرمين وأيضاً ارتكاب الجريمة فيها. كما تؤكد نتائج الدراسة الميدانية على أن ثمة علاقة مباشرة بين الخصائص الجغرافية والإيكولوجية لمحافظة الشرقية وحجم ونمط الجريمة فيها.
2- تختلف أنماط الجريمة وحجمها وفقاً لخصائص الحدود الجغرافية للقرى موضوع الدراسة، حيث تنتشر جرائم المخدرات والسلاح والبلطجة فى القرى الواقعة على الحدود الشمالية الشرقية والغربية، وتنتشر جرائم التهريب والنشل فى القرى الواقعة على الحدود الجنوبية الشرقية والغربية.
3- ثمة علاقة بين أنماط البيئة الريفية بقرى الدراسة، وحجم ونمط الجريمة فيها: فالقرى التى تتسم ببيئة ريفية تقليدية، يرتبط بها جرائم السرقة وبيع وتعاطى المخدرات. والقرى التى تتميز ببيئة ريفية شبه بدوية، يرتبط بها جرائم الأثار، وتهريب المخدرات والسلاح والمساجين، وكذلك بعض جرائم البلطجة من سطو مسلح وخطف. وبالنسبة للقرى الريفية شبه الحضرية فينتشر فيها جرائم السطو المسلح، والنشل، والخطف، والسرقة.
4- كشفت نتائج الدراسة الميدانية أن ثمة علاقة بين أنماط المساكن والجريمة فى قرى الدراسة، حيث تتنوع هذه المساكن ما بين الحديثة ويرتبط بها جرائم الخطف وطلب فدية، والمساكن التقليدية القديمة ويرتبط بها جرائم السرقة، وكذلك المساكن الملحق بها "مزارع دواجن أو مخازن خردة أو حظائر ماشية"، وأيضاً نماذج "العشش"، و"المقابر"، ويرتبط بكل منها جرائم القتل، والسرقة، والمخدرات، ولعب القمار، والزنا والدعارة، إلى جانب إخفاء جثث أو أثار أو مسروقات فيها.
5- تؤكد نتائج الدراسة الميدانية على أن طرق النقل والمواصلات، سواء طرق رئيسية سريعة أم قضيب السكك الحديدية الذى يقع موازياً للطريق السريع، فضلاً عن وجود الطرق المنعزلة والجانبية، وكذلك وجود الكبارى التى تربط القرى ببعضها وبالمدينة، فإن هذه الطرق والكبارى تلعب دوراً كبيراً فى تواجد المجرمين عليها وارتكاب الجرائم، مثل السرقة والمخدرات فى قرى الدراسة.
6- تنوعت خصائص الجرائم وفقاً لأنواعها، فتنوعت أماكن ارتكاب الجريمة، ووقت حدوثها، والأدوات المستخدمة فى ارتكابها، وكذلك تنوع التشكيلات العصابية المرتكبه للجريمة بتنوع الجريمة نفسها، وإن كانت هذه الخصائص تتفق فى النهاية مع الخصائص الجغرافية والإيكولوجية والاقتصادية والاجتماعية لقرى الدراسة.
7- تنوعت خصائص مرتكبى هذه الجرائم وضحاياها من حيث: النوع، والخصائص العمرية، والحالة الزواجية، والتعليمية، والمهنية، والطبقية، وكذلك نوعية العلاقة بين طرفى الجريمة، وأخيراً النشأة الاجتماعية والخصائص الشخصية لمرتكبى الجرائم فى قرى الدراسة.
8- تؤكد نتائج الدراسة الميدانية على أن الجرائم التى تخص المرأة كجانيه هى: تجارة المخدرات، والسرقة، والزنا، والدعارة، فى حين كانت المرأة ضحية فى جرائم الاغتصاب والخطف وزواج القاصرات. إلى جانب ما أظهرته الدراسة الميدانية من ارتكاب جرائم السرقة وترويج المخدرات وتعاطيها من قِبل بعض الأطفال (الأحداث).
9- تشير نتائج الدراسة الميدانية إلى تنوع عوامل ارتكاب الجريمة من واقع الجرائم الخاصة بحالات الدراسة سواء جناة أم ضحايا، وارتبطت هذه العوامل بالظروف الاقتصادية، والسياسية، والجغرافية والإيكولوجية، والاجتماعية والثقافية لمحافظة الشرقية عامة وقرى الدراسة بصفة خاصة.
10- كشفت نتائج الدراسة الميدانية عن تنوع آليات التصدى للجريمة ومواجهة المجرم ما بين الآليات الرسمية وإبلاغ الشرطة، والآليات غير الرسمية من حيث: اللجوء إلى العمد والمشايخ والمحامين فى قرى الدراسة لعقد جلسات عرفية معهم.

Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 68 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.