سياسة عبيد الله المهدى المالية في المغرب وأثرها في اندلاع الثورات الاجتماعية.

Mohammed Hassan, Amal;

Abstract


أن الخليفة المهدى كانت تراوده أحلام الانتقال بدولته – نظرًا لأهمية موقعها ومقدراتها الطبيعية والبشرية- توطئة لإسقاط الخلافة العباسية, وتحقيق المشروع الفاطمي في تكوين دولة الإسماعيلية كبرى, من أجل ذلك حرص على جمع الأموال بشتى الطرق لإعداد الجيوش لتحقيق تلك الغابة لذلك أولى الجانب المالي جل اهتمامه.

تعددت وتنوعت الضرائب والجبايات والمغارم إبان خلافة المهدى, وأنه من أجل ضمان استمرارية مواردها, استمد الكثير من النظم التي تحقق له هذا الهدف. وبالتالي أرهقت السياسة الجبائية والمالية في عهد المهدى المغاربة بسائر مذاهبهم ونحلهم, ومن ثم لم يكن هناك مناص لاندلاع ثوراتهم, التي هددت الوجود الفاطمي في المغرب, وعجلت برحيلهم إلى مصر إبان خلافة المعز لدين الله الفاطمي, وقد شملت الثورات المغايرة للمذهب الإسماعيلي, كأهل السنة بسائر فرقهم ومذاهبهم, فضلا عن الخوارج والشيعة والزيدية.

بخصوص موقف أهل السنة فكانت المسألة المالية إلى جانب المذهبية محل خلاف مع الفاطميين, وبدأت تعمل عملها في موقف بعض فقهاء السنة, الذين أقبلوا على التشريق أو التشيع لأسباب اقتصادية, بينما تشبث معظم الفقهاء بمذاهبهم, وتصدوا لقيادة الرعية في وجه المهدى ودولته, ولا غرو فقد تجاسروا وطالبوا المهدى مرارًا بالكف عن سياسته المالية الجائرة, وتخفيف المغارم عن الرعية, ولعل ذلك يفسر إقدام العامة على تعضيد الفقهاء ومؤازرتهم, حين أعلنوا العصيان والتنصل من دفع الأموال. ومن الملفت أن تدبير الثورة كان يتم سرًا في الحوانيت, حيث جرى تنظيم العصابات المسلحة. مما يدل على ارتباط الثورة الاجتماعية بزعامات الطبقة الوسطى من كبار التجار, الذين أرهقوا بالمكوس والمغارم.

أما عن رد فعل الخوارج إزاء السياسة المالية الفاطمية, فتشبث الخوارج الصفرية بحكم الأسرة المدرارية, طالما حقق ذلك الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادى, إذ
كثيرا ما ثاروا على ولاة الفاطميين, الذين أرهقوهم بالمغارم والجبايات, وليس أدل على بروز العامل الاقتصادى في ثورات المدراريين ضد الفاطميين من خفوت العامل المذهبي, أما بالنسبة لـ "الخوارج الأباضية" فتبدو كذلك فعالية العامل الاقتصادى في موقفهم من الفواطم, ومن الأمثلة الدالة على ذلك حصار طرابلس وفك الحصار بعد تقديم أهلها من الأباضية مبلغا باهظا من المال, وبالمثل قنع الفاطميون باستقلال جبل نفوسة, طالما التزم شيوخه الأباضية بدفع المغارم لولاة القيروان, الذين كانوا يغالون في تقديرها, ولم يتحرر النفوسيون من هذه المغارم والإتاوات, إلا بعد اندلاع الثورة الأباضية الكبرى بزعامة أبي يزيد مخلد بن كيداد.

وفيما يتعلق بالشيعة الزيدية, الذين عاشوا في كنف الأدارسة العلويين, لم يغفر لهم تشيعهم التعرض لويلات السياسية الفاطمية المالية الجائرة, ولإثبات فعالية الحافز الاقتصادى نجد أن الأدارسة نافحوا القطبين – الفاطمى والأندلسى- حفاظًا على استقلالهم الذاتي بالدرجة الأولى؛ نظرًا لفطنتهم للأهداف الاقتصادية الفاطمية, حيث توجهت الحملات الفاطمية نحو المراكز التجارية الهامة بالمغرب الأقصى للحيلولة دون منافسة الأمويين لهم في تجارة الشرق والغرب والشمال والجنوب, كما لعب تجار المغرب الأقصى دورًا هامًا في معارضة الأدارسة للفاطميين, وتقاربهم مع أمويي الأندلس, بحكم الصلات التجارية الوثيقة بين فاس وقرطبة.

مما يؤكد أهمية العامل الاقتصادى في اندلاع هذه الثورات, أن بعضها حوت سائر المذاهب السنية والخارجية؛ لتعرضهم للسياسة المالية الجائرة, فقد كان من السهل أن يلتئموا في ثورة كبرى لمواجهة المهدى بعد أن قمعت ثوراتهم المنفردة. ويبرز هنا العامل الاجتماعي في اتصال الثوار السنة للتنسيق مع الخوارج, الأمر الذي يبرز ضآلة الجانب الأيديولوجي.

والجدير بالذكر, أنه برغم فشل تلك الثورة فقد ترتب عليها نتائج اقتصادية واجتماعية خطيرة, منها إثارة الخراب والدمار بالمقدرات الاقتصادية, كما رافقها عمليات سلب ونهب حتى أفنت ما كان بإفريق


Other data

Title سياسة عبيد الله المهدى المالية في المغرب وأثرها في اندلاع الثورات الاجتماعية.
Authors Mohammed Hassan, Amal 
Keywords سياسة عبيد الله المهدى المالية في المغرب وأثرها في اندلاع الثورات الاجتماعية.
Issue Date 1997
Publisher مركز بحوث الشرق الأوسط- جامعة عين شمس- مسلسل 208لسنة1997م.
Journal مركز بحوث الشرق الأوسط- جامعة عين شمس- مسلسل 208لسنة1997م. 

Attached Files

File Description SizeFormat Existing users please Login
أثر-سياسة-المهدى-المالية.pdf61.37 kBAdobe PDF    Request a copy
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 109 in Shams Scholar
downloads 36 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.