الاغتراب في الرواية المصرية المعاصرة (1952 – 2000م)

Abstract

إن المتتبع للأجناس الأدبية كافة، يلحظ شيوع ظاهرة الاغتراب فيها منذ القدم وحتى العصر الحاضر، سواء في الشعر أو المسرح أو الرواية، بحيث يمكن القول إن جذور الاغتراب – كظاهرة إنسانية – ممتدة في شرايين هذه الأجناس والأنواع الأدبية على مدار تطورها. فإذا نظرنا إلى بعض الروايات في حقب مبكرة من تاريخها، ألفينا شخصياتها المغتربة واضحة للعيان، وهو ما يشير إلى ملازمة الاغتراب للرواية بصورة تكاد تفوق غيرها من فنون الأدب، ويرجع ذلك إلى قدرتها الفائقة على استيعاب وتصوير التحولات المجتمعية الكبرى والتناقضات بين الإنسان وعالمه، وتحليلها أدق خلجات النفس البشرية بطريقة رحبة. ولعل هذا ما حدا بالناقد المجري جورج لوكاتش (1885-1971) إلى التأكيد على ارتباط ظاهرة الاغتراب بالرواية بصورة كبيرة، من خلال دراسته حول الاختلاف بين كل من الرواية والملحمة على أساس فكرة علاقة الإنسان بالعالم، مبينًا أنه «إذا كانت الملحمة تصور مدى التناغم والانسجام بين الفرد والجماعة الإنسانية، فإن الرواية تصور التناقض القائم بين الإنسان والعالم الذي يعيش فيه واغترابه في المجتمع الحديث»( ). ويقرر لوكاتش أن تطور الشخصية نتاج لهذا التناقض أو التعارض بين الإنسان وبيئته، وأن النماذج البطولية الكبرى للقصص لم يكن ليصنعها بهذه الطريقة إلا هذا التعارض. يقول: «إن التعارض بين إنسان وبيئته هو ما يحدد تطور شخصيته، وليس هناك بطل عظيم من أبطال القصص الخيالي – من أخيلوس عند هومير إلى أدريان ليفركون عند مان، أو جريجوري ميليكوف عند شولوخوف – لم تكن شخصيته نتاجًا لمثل هذا التعارض»( ). ومن هذا المنطلق فإن الرواية المصرية قد صورت وقائع وأحداث وتحولات المجتمع المصري – بمختلف شرائحه - في فترة الدراسة الممتدة من سنة 1952 إلى سنة 2000م؛ ولعل التشابه والتماثل بين التحول في البنية الاجتماعية والبنية الروائية دلالة على ذلك التفاعل بين الرواية والمجتمع.