آثار الدعوى الجنائية أمام قاضي الإلغاء

Abstract

يسهم قضاء الحقوق والحريات بحظ وافر في تطبيق المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون الجنائي، سواء في شقه الإجرائي أو في شقه الموضوعي، ويأتي ذلك على نحو مباشر في إطار دوره في إقرار مبدأ المشروعية، وتأكيد احترام مبدأ الدولة القانونية، واستصحاب أثاره في إيجاد حلول عادلة للتنازع بين حريات الفرد وضرورات السلطة، على ضوء رسالته في التحقق من احترام مبدأ المشروعية بوجه عام، وبما يعكس في سياقه، دلالات العلاقة الوثيقة بين القانون الجنائي والقانون الإداري، فضلا عن علاقتهما معا بالقواعد الدستورية الحاكمة، والتي تتجلى نتائجها العملية في إطار تطبيقات القضاء الإداري، التي تتغيأ بدورها التحقق من مشروعية السلوك الإداري، ذلك أن المرحلة التي تلي –عادة- تطبيق قواعد القانون الجنائي، وربما واكبتها، قد تترك أثاراً فادحة على مباشرة الحقوق والحريات العامة والفردية، والتي تشكل بدورها مراكز قانونية للفرد في مواجهة السلطة العامة، بل يمكن القول أنها - في أحيان كثيرة - تستمد أساسها وضماناتها من الدستور ذاته. ومفهوم السلطة في السياق الذي ترصده الدراسة، يتمثل في السلطة الإدارية التي تملك بدورها صلاحيات واسعة للتدخل في نطاق الحقوق والحريات أو فرض قيود على مباشرتها، على نحو قد يتجاوز ما تمليه قاعدة دستورية تنظم الحقوق والحريات، أو يخترق نصا تشريعيا أو لائحيا يضبط القيود المتصورة عليها، الأمر الذي يحتمّ تدخل قاضى الحقوق والحريات لكفّ الإدارة العامة عن تجاوز اختصاصاتها في هذا الخصوص، حال ان تتذرع لقرارها بالاثار والتداعيات الناجمة عن تطبيق قواعد القانون الجنائي، وعلى ظهير من حقيقة أن المشرعّ يبدو شحيحا في رصد هذه التداعيات وترتيب اثارها، خلا بعض الحقوق والحريات المتناثرة في تشريعات شتى، كتولى الوظائف العامة أو مباشرة بعض الحقوق السياسية، مما يملى اضطلاع قضاء الحقوق والحريات بدور متعاظم في هذا الخصوص، ابرزه وضع ضوابط التدخل الإداري في هذا الشان، وفي اطار دوره في حماية الحقوق والحريات، وتأكيد مفترضات مبدأ المشروعية بوجه عام.