التنمية الاقتصادية في مصر في ظل الاقتصاد الموجه (1956-1971)

Abstract

فالرأسمالية المحلية لم تكن قادرة بحكم نشأتها ومحدودية أفقها على قيادة عملية التنمية الاقتصادية في البلاد، بسبب قلة عدد المنظمين وأصحاب الأعمال، وخوف هذه الرأسمالية من تحمل أي قدر من المخاطرة، ومن ثم عزوفها الدائم عن ارتياد أية مجالات أو أوجه استثمار جديدة غير تلك التي اعتادت عليها والتي يتوافر لها الضمان التام لتحقيق الربح، فضلًا عن أن الثورة في حد ذاتها مثلت لهم تهديدًا سياسيًا واضحًا قوَّض مكانتهم السياسية والاجتماعية التي اكتسبوها بحكم مواقعهم الاقتصادية. أما الرأسمالية الأجنبية، والتي كانت في معظمها ممثلة لقوى استعمارية غربية، فلم ترض منذ البداية أن تقوم لمصر قائمة على الصعيد الاقتصادي، يكون من شأنها دعم استقلالها السياسي، لذا كان موقفها المضاد للإجراءات الثورية على المستويين السياسي والاقتصادي واضحًا تمامًا، فأعلنت الحرب مبكرًا –بوصفها ممثلة في نهاية الأمر للغرب الاستعماري-على كل ما تنتهجه الثورة وقيادتها من إجراءات، لذا لم يكن أمام الدولة المصرية، التي أدركت عدم جدوى الاعتماد على القوى الرأسمالية، سوى أن تلجأ إلى التدخل بشكل مباشر في توجيه الاقتصاد، والتحكم في كل مفاصله الحيوية فكان التمصير، ثم التأميم، ثم السيطرة على كل أوجه النشاط الاقتصادي عن طريق إنشاء قطاع عام قوى قادر على تحمل أعباء التنمية الاقتصادية المنشودة.