التأثيرات الاجتماعية والثقافية الناجمة عن ظاهرة الأخذ بالثأر في المجتمع الليبي دراسة ميدانية في مدينة بنغازي نموذجًا

Abstract

لوحظ من خلال ما تم عرضه من دراسات سابقة أن هناك نوع من الاتفاق النسبي بين أغلب الدراسات السابقة والدراسة الراهنة بمحاورها من خلال دورها في تفسير نتائج الدراسة الميدانية الراهنة؛ وتظهر أوجه الاتفاق من خلال ما تضمنته الدراسات السابقة من محاور خاصة فيما يتعلق بالعوامل المسببة لظاهرة الأخذ بالثأر وتأثيرها في المجتمع، وتكاد تُجمع الدراسات المعروضة في هذا المحور بأن المماطلةُ في تنفيذ الأحكام ضد الجناة، تعد من أهم الأسباب الدافعة للأخذ بالثأر، وعدم سرعة البث في جرائم القتل العمد، والنزاع على حدود الأراضي والميراث، والدفاع عن الشرف والعرض، كما تُسهم العادات والتقاليد والعرف في انتشار ظاهرة الأخذ بالثأر وسيطرة القيم الثأرية على الحياة الاجتماعية في مجتمع الدراسة، وتعدد مسببات الأخذ بالثأر منها ما يتعلق بشخصية الفرد ودوافعه الذاتية، وتكاد تُجمع الدراسات السابقة بأن الاعتماد على الجماعة القرابية في المعيشة والظروف الطارئة تزيد من الإقبال على الفعل الثأري، وتُعاني المجتمعات الإنسانية عامةً، والمجتمع الليبي على وجه الخصوص من الخوف الدائم من شبح الثأر المفاجئ بين أطراف النزاع، ويسهم انخفاض الوعي الديني وقلة البرامج الدينية، وضعف دور وسائل الإعلام، في ترسيخ الفكر الثأري والثقافة الثأرية، وفي هذا الموضع تُعد الثقافة الثأرية في حالة ثبات واستمرار وهناك آثارًا وتداعيات ناجمة عن ظاهرة الأخذ بالثأر تتمثل في ميل اقارب المجني عليه للثأر من الجاني واقاربه، وهناك اعمال عنف انتقامية لا تستهدف القتل المباشر، وإنما تستهدف التخريب والحرق وقطع الصلة بمكان الاقامة الاعتيادي، وتضامن الجماعة القرابية في تبني المواجهات الثأرية قصد الثأر للقريب، هناك اتفاق يوصف بالجيد أحيانًا وبالمتذبذب أحيانًا آخرى بين الدراسة الراهنة مع الدراسات السابقة. في الطرف الأخر هناك اتفاق بين ما توصلت له نتائج الدراسة الميدانية الراهنة والدراسات السابقة عن العرف الاجتماعي والقضاء العرفي؛ من حيث اعتبار أن الجزاء العقابي يستهدف تحقيق التراضي المتعادل والمتوازن في مختلف مواقف النزاع، ويستوجب اللجوء إلى القبيلة بوصفها اساس التنظيم القبلي، ويندر التضامن مع الجاني في المجتمع الليبي على الأقل في مدينة بنغازي كمركز حضري، عكس بعض الدراسات العربية والغربية المتناولة في هذا المحور؛ قد يكون هناك تضامن في بعض الأحيان مع المجني عليه مما يزيد من طلب اتساع دائرة النزاع، ويستدعي ذلك تدخل جهات الضبط الرسمي وغير الرسمي لمواجهة الظاهرة والحد من اتساعها.