(الشخصية التراثية في شعربدرشاكرالسيَّاب وعبدالوهَّاب البيَّاتي)

Abstract

 يمزج السيَّاب فنيًّا بين الدلالات التراثية القديمة للشخصيات الأسطورية والأبعاد التي تعكس تجربته المعاصرة؛وبخاصة في تلك القصائد التي تُمثل فيها الشخصية محورًا لقصيدته نجد ذلك واضحًا في قصائد:(المسيح بعد الصلب،ورحل النهار،ومدينة بلامطر).  قام السيَّاب بالتحوير في الشخصية المستدعاة بمايتلاءم وتجربته الشعرية، وذلك في قصائد كثيرة؛فأحيانًا يأتي بـ (عشتار) وهي رمز للخصب والنماء وقد أصبحت مصدرعقم وقحط وجدب،كمافي قصيدة(مدينة السندباد) مماأكسبها لونًا من الإيحاء اللانهائي.  يستقي السيَّاب من كتاب ألف ليلة وليلة شخصية(السندباد البحري)؛حيث جعله محورًا لعدد كبيرمن قصائده؛حيث يمزج فنيًّا بين شخصيته وشخصية (أوليس أوعوليس)بطل أوديسة (هوميروس) أوبمعنى أدق يستعيربعض ملامح أوليس لشخصية السندباد،فكل منهما(الشاعرأو السندباد/عوليس) له رحلاته الخاصة،ولكن أحدهما مغامراجتازالمخاطر وعاد إلى دياره،والأخريجتازالبلاد مريضًا ينشد العلاج في مصحات العالم آملًا في العودة إلى دياره موفورالحظ من كنوز الصحة؛ولكن هيهات؛فرغم الترحال وكثرة الأسفار والاغتراب لم يجن من هذا كله سوى السراب.  يأتي السيَّاب بشخصيات متعددة من التراث الأسطوري باعتبارها عنصرًا في صورة جزئية غيرمكسب إيَّاها دلالات معاصرة،ولكن اكتفى- في أغلب الأحيان- بتسجيل دلالاتها القديمة،مثل (ميدوزا، وأوديب، وجوكست، وهيلين، وفاوست،وأفروديت...)وغيرها.  لجأ السيَّاب إلى أسطورة (تموز) إله الخصب في الأسطورة البابلية وحبيبته (عشتار)،بوصفها رافدًا أساسيًا في شعره ،مصَّورًا بعث الأمل والحياة في نفسه ووطنه،فأسقط تجربته المعاصرة على ملامح تلك الشخصية الأسطورية.  استدعى السيَّاب شخصيات تراثية كثيرة ،وبخاصة تلك الشخصيات التي أخفقت في حياتها ولم يكن لها حظٌ من التوفيق والانتصارمثل(إيكاروس، وبرسفون،وديميتر،ولاة أم تموز،وأوديب،وفاوست،وهيلين...).  استقى السيَّاب من التراث التاريخي شخصية (قابيل) رمزالشروسفك الدماء الأول في بني البشر،رامزًا بها إلى صرخة الإنسانية جرَّاء مايحدث من جرائم الصهاينة اليهود بحق الشعب الفلسطيني؛فقابيل الذي قتل أخاه منذ الدهور،هوتلك الأنظمة العربية المتخاذلة التي تقتل هؤلاء اللاجئين في الخيام الهاوية،ويأتي به رمزًا للدماروالخراب الذي تُحدثه الحروب ، متمثلًا في نوع من الجنس البشري /قابيل، امتلأت عروقه بالوحشية القاتلة ،فأخذ يفتك ويدمركل شيء،فمثل هذا الجنس المدمركارثة للإنسانية،فإن لم يكف عما يفعله فإنه سيكون ضحية للعدم الآتي،مماكان له الأثر في منح تجربته الشعرية عمقًا وثراءً.  اتحد السيَّاب بشخصية النبي (أيُّوب- عليه السلام-)،اتحادًا تامًا في مرحلة من مراحل حياته وهى المرحلة التى صرعه فيها المرض في أخريات حياته القصيرة، وحاول فيها أن يتسامى بمحنته ليجعل منها صلاة صابرة فلم يجد أوفق من صوت النبيّ (أيُّوب -عليه السلام-) رمزالصبرعلى البلاء والرضا التام بقضاء الله - سبحانه- فى تراثنا الدينى، ليعبر من خلاله عن هذه المرحلة من مراحل حياته،وقداستخدم السيَّاب شخصية (أيُّوب-عليه السلام -) استخدامًا مباشرًا فى قصيدتين من ديوان (منزل الأقنان) وهما (سِفْر أيُّوب) و (قالوا لأيوب)،أما في قصيدة (أمام باب الله) فعلى الرغم من أن السيَّاب لم يستدع شخصية النبي(أيُّوب -عليه السلام -) استدعاءً مباشرًا إننا نجد أنَّ الشخصية واضحة في تلبس الشاعرلها،وحديثه من خلالها،حيث تسري في القصيدة روح النبي (أيُّوب-عليه السلام- ).