أثر الاعتبار الشخصي على تنفيذ شرط التحكيم في علاقة جهة الإدارة بالمقاول من الباطن

Abstract

لم يكن من المتصوّر حال وضع القوانين وسنّها في بداية القرن التاسع عشر مع هيمنة الدولة على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية الوطنية، أن تدخل الدولة والهيئات العامة التابعة لها في تحكيم بينها وبين غيرها من أشخاص القانون الخاص، التابعين لها أو لغيرها من الدول. فالدولة وهيئاتها توجد في مركز السيادة، وأشخاص القانون الخاص في مركز الخضوع. ودخول الدولة في التحكيم معناه تخليها عن مركزها السيادي والوقوف أمام المحكم على قدم المساواة مع غيرها من الأشخاص( ). واختلفت التشريعات العربية تجاه جواز التحكيم بين مؤسسات الدولة وبين أشخاص القانون الخاص سيما في العلاقات الدولية، ففي مصر لم يتضمن القانون المدني أو قانون المرافعات نصاً يمنع التجاء الدولة أو الأشخاص العامة للتحكيم. وقد رجح الفقه المصري الرأى القائل بأن شرط التحكيم في عقود البترول التي تبرمها الحكومة أو المؤسسة العامة للبترول ليس فيه مساس بسيادة الدولة. وانحصر الخلاف الفقهي فيما إذا كان يجوز اشتراط إتمام التحكيم في الخارج أم لا. وقد جاء قانون التحكيم التجاري الجديد رقم 27 لسنة 1994 بالتوجّه المبكر نحو تحرير القابلية للتحكيم من آثار فكرة سيادة الدولة فنصّ في المادة الأولى منه على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيّاً كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع إذا كان هذا التحكيم يجري في مصر، أو كان تحكيماً تجارياً دولياً يجري في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لنظام هذا القانون". وأمام عمومية النصّ حصل خلاف في الفقه على جواز التحكيم في العقود الإدارية وكان الأفضل حسم هذا الخلاف بنصّ صريح وعلى أي حال فقد رأى المشرّع أن يحسم هذا الخلاف فأصدر القانون رقم 9 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية مضيفاً فقرة ثانية إلى المادة الأولى منه تقضي بأنه: "بالنسبة إلى المنازعات الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختصّ أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة ولا يجوز التفويض في ذلك".