الحرف والصناعات في خراسان من الفتح إلى قيام الدولة الطاهرية (22هـ-205هـ/643م-826م)

Abstract

تميز إقليم خراسان بموقع جغرافي فريد وباتساع كبير جعل الجغرافيين العرب يطلقون اسم "خراسان" على جميع الأقاليم الإسلامية من شرق المفازة (الصحراء الكبرى) حتى جبال الهند، وهذا ما جعل الإقليم يشتمل على العديد من المدن والقرى بالإضافة إلى مدن بلاد ما وراء النهر التي كانت تدخل ضمن إقليم خراسان من الناحية الإدارية وهذا ما اعتمدنا عليه فى الدراسة مستشهدين براوية البلاذرى فى ضمه لبلاد ما وراء النهر لأقليم خراسان ولكن من الناحية الإدارية فقط. بدأ المسلمون فتح إقليم خراسان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب واستمر الفتح من بعده في عهد الدولة الأموية، واستقر الوضع السياسي في الإقليم حتى قرب نهايتها، فلما انقلبت الأوضاع السياسية في أواخرها كان انطلاق الثورة العباسية من الإقليم، فأصبح له شأن كبير في نفوس خلفاء بني العباس، بل إن الإقليم تحول إلى مركز للحكم الإسلامي خلال فترة الصراع بين الأمين والمأمون ولدي هارون الرشيد. انتقل الإقليم بعد هذا الصراع واستقرار الأمر للمأمون إلى مرحلة سياسية جديدة هي مرحلة الحكم الذاتي أو مرحلة الاستقلال عن الخلافة في بغداد بتأسيس الطاهريين لدولتهم سنة 205هـ/826م، وطوال فترة ما قبل الحكم الذاتي- كما سيتبين من هذه الدراسة- لم يتوقف النشاط الصناعي في إقليم خراسان. تتناول هذه الدراسة "الحرف والصناعات في إقليم خراسان من الفتح الإسلامي إلى قيام الدولة الطاهرية (22هـ-205هـ/643م-826م) دراسة حضارية"، ودفعنا إلى دراسة هذا الموضوع هو قلة الدراسات التي اعتنت بالجانب الحضاري في إقليم خراسان فيما قبل قيام الدولة الطاهرية، إذ اعتنت أغلب هذه الدراسات بالجانب السياسي، في الوقت الذي أغفلت فيه الحديث عن الجانب الحضاري، ناهيك عن دراسة الصناعة والصُناع ومستوى معيشتهم. هدفت الدراسة إلى إبراز الدور الاقتصادي للصناعات في إقليم خراسان ومدى استفادة الإقليم من موارده الطبيعية وتطويعها لخدمة الصناعات المختلفة، إلى جانب إلقاء الضوء على مدى تأثير صناعة الإقليم على الحركة التجارية فيه سواء أكانت تجارة داخلية في أسواق الإقليم أو خارجية ممثلة في صادرات الإقليم ووارداته، بالإضافة إلى التعرف على أهم المهن ودلالة كثرتها في الإقليم، والتعرف على الحياة الاجتماعية للحرفيين ودورهم السياسي فيه.