المواجهة التشريعية لجرائم الاتجار بالبشر
محمود محمد حسن منصور هلال;
Abstract
كرّمَ اللهُ عزَّ وجَلَّ الإنسانَ من بينِ جميعِ المخلوقات، وأخبرَ سبحانَه عن تشريفِ بنى آدمَ وتكريمِه إيَّاهُمْ في خَلْقِه لهم على أحسنِ الهيئاتِ وأَكْمَلِها، وقد وردتْ في هذا المعنى آياتٌ كثيرةٌ، مِنها:(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا)، ومِنها: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ).
فَخَلْقُ الإنسانِ مُختلفٌ عن خَلْقِ غيرِه، لأن اللهَ عزَّ وجَلَّ قد وَهَبَه الفهمَ والنطقَ، وميَّزَه عن غيرِه من المخلوقات، ورغمَ هذا التكريمِ والتفضيلِ منْ خالقِ الكوْن، فقد عرفتْ البشريةُ على مرِّ تاريخِها صُنوفًا من امتهانِ كرامةِ الإنسان، واستغلالِ جسدِه في أعمالٍ تُنافِي المنزلةَ التي جعلَها له الله سبحانه وتعالى، وأوضحُ ما تَمثَّلَ ذلك في تجارةِ الرقيق، وهي من أقدمِ أنواعِ التجارةِ في المجتمعِ الإنسانيِّ، وكانت تشهدُ رَواجًا بصفةٍ خاصةٍ في فتراتِ الحروبِ وإثرِها، وكانت لها سوقٌ مُنظّمةٌ للبيعِ والشراءِ تُعرفُ بسوقِ الرقيقِ أو سوقِ النِّخَاسَة، حتى جاءَ الإسلامُ ليجفّفَ منابعَ الرق، ويقرر نظامَ العتق، وجعلَه من الكفّارات، فأخذ الرقُّ يتلاشى، ثم نحمدُ اللهَ أن ثابَ المجتمعُ الإنسانيُّ إلى رُشْدِه، فحرّمَ هذهِ التجارةَ البغيضة، وإن كان المنتفعونَ وأربابُ السوءِ قد أخذَهم إليها الحنين، فراحوا ينشرونها في العصور الحديثة وراء مُسمّياتٍ وأشكالٍ ما أنزلَ اللهُ بها من سُلطان.
وغيرُ خافٍ على أحدٍ ما يشهدُه عصرنا من جرائمَ عديدةٍ ومتنوعة، تمثّل انتهاكًا صارخًا لحقوقِ الإنسان، ومساسًا فاحشًا بكرامتِه وشرفِه وصحتِه وحريتِه، واستغلالا غير مشروعٍ للأطفالِ والنساءِ بصفةٍ خاصة، فأصبحنا نرى الاتجارَ في الإنسانِ يخرجُ من ثوبِه البالي، فأصبحتْ حتى أعضاءُ جسدِه سلعةً تُباعُ وتُشتَرَى بينَ معدومِي الضميرِ والدين، مُستغلينَ في ذلكَ القوةَ والتهديدَ تارةً، والاحتيالَ والخداعَ تارةً أخرى، فما أكثرَ الجرائمَ المنتشرةَ في أيامِنا هذه من استغلالِ النساءِ في أعمالِ الدَّعَارةِ وسائرِ أشكالِ الاستغلالِ الجنسيّ، واستغلالِ الأطفالِ في ذلك وفى الموادِّ الإباحيةِ أو السُّخرةِ أو الخدمةِ قَسْرًا أو التسولِ أو استئصالِ الأعضاءِ أو الأنسجةِ البشريةِ أو جزءٍ منها، بل الأَدْهَى والأمرُّ أنْ بدأتْ تظهرُ جماعاتٌ إجراميةٌ مُنظمةٌ للاتجارِ بالبشرِ لتحقيقِ المكاسبِ الماليةِ السريعةِ، لا تتورعُ عن اقترافِ جرائمِها في أكثرَ من دولة، ومن ذلك: استغلالُ الأطفالِ في التسوّلِ وبيعِ الأبناءِ أو تركِهم فريسةً لجماعاتٍ إجراميةٍ تستغلُّهم، وغيرِ ذلكَ من الجرائمِ التى
فَخَلْقُ الإنسانِ مُختلفٌ عن خَلْقِ غيرِه، لأن اللهَ عزَّ وجَلَّ قد وَهَبَه الفهمَ والنطقَ، وميَّزَه عن غيرِه من المخلوقات، ورغمَ هذا التكريمِ والتفضيلِ منْ خالقِ الكوْن، فقد عرفتْ البشريةُ على مرِّ تاريخِها صُنوفًا من امتهانِ كرامةِ الإنسان، واستغلالِ جسدِه في أعمالٍ تُنافِي المنزلةَ التي جعلَها له الله سبحانه وتعالى، وأوضحُ ما تَمثَّلَ ذلك في تجارةِ الرقيق، وهي من أقدمِ أنواعِ التجارةِ في المجتمعِ الإنسانيِّ، وكانت تشهدُ رَواجًا بصفةٍ خاصةٍ في فتراتِ الحروبِ وإثرِها، وكانت لها سوقٌ مُنظّمةٌ للبيعِ والشراءِ تُعرفُ بسوقِ الرقيقِ أو سوقِ النِّخَاسَة، حتى جاءَ الإسلامُ ليجفّفَ منابعَ الرق، ويقرر نظامَ العتق، وجعلَه من الكفّارات، فأخذ الرقُّ يتلاشى، ثم نحمدُ اللهَ أن ثابَ المجتمعُ الإنسانيُّ إلى رُشْدِه، فحرّمَ هذهِ التجارةَ البغيضة، وإن كان المنتفعونَ وأربابُ السوءِ قد أخذَهم إليها الحنين، فراحوا ينشرونها في العصور الحديثة وراء مُسمّياتٍ وأشكالٍ ما أنزلَ اللهُ بها من سُلطان.
وغيرُ خافٍ على أحدٍ ما يشهدُه عصرنا من جرائمَ عديدةٍ ومتنوعة، تمثّل انتهاكًا صارخًا لحقوقِ الإنسان، ومساسًا فاحشًا بكرامتِه وشرفِه وصحتِه وحريتِه، واستغلالا غير مشروعٍ للأطفالِ والنساءِ بصفةٍ خاصة، فأصبحنا نرى الاتجارَ في الإنسانِ يخرجُ من ثوبِه البالي، فأصبحتْ حتى أعضاءُ جسدِه سلعةً تُباعُ وتُشتَرَى بينَ معدومِي الضميرِ والدين، مُستغلينَ في ذلكَ القوةَ والتهديدَ تارةً، والاحتيالَ والخداعَ تارةً أخرى، فما أكثرَ الجرائمَ المنتشرةَ في أيامِنا هذه من استغلالِ النساءِ في أعمالِ الدَّعَارةِ وسائرِ أشكالِ الاستغلالِ الجنسيّ، واستغلالِ الأطفالِ في ذلك وفى الموادِّ الإباحيةِ أو السُّخرةِ أو الخدمةِ قَسْرًا أو التسولِ أو استئصالِ الأعضاءِ أو الأنسجةِ البشريةِ أو جزءٍ منها، بل الأَدْهَى والأمرُّ أنْ بدأتْ تظهرُ جماعاتٌ إجراميةٌ مُنظمةٌ للاتجارِ بالبشرِ لتحقيقِ المكاسبِ الماليةِ السريعةِ، لا تتورعُ عن اقترافِ جرائمِها في أكثرَ من دولة، ومن ذلك: استغلالُ الأطفالِ في التسوّلِ وبيعِ الأبناءِ أو تركِهم فريسةً لجماعاتٍ إجراميةٍ تستغلُّهم، وغيرِ ذلكَ من الجرائمِ التى
Other data
| Title | المواجهة التشريعية لجرائم الاتجار بالبشر | Other Titles | لايوجد | Authors | محمود محمد حسن منصور هلال | Issue Date | 2020 |
Attached Files
| File | Size | Format | |
|---|---|---|---|
| BB7320.pdf | 798.06 kB | Adobe PDF | View/Open |
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.