نظرية المباريات وسد النهضة الإثيوبي

جهاد محمد أحمد عودة;

Abstract


حيث قامت الحياة على ضفتي النيل، فهو بمثابة شريان الحياة لمصر لذلك دائماً ما تُذكر عبارة " مصر هبة النيل ". ولكن مصر تواجه حاليا تحديا وجوديا بسبب سد النهضة الإثيوبي الذى أعلنت إثيوبيا عن إنشائه عام 2011 وتبين الدراسة الحالية الآثار السلبية لسد النهضة على مصر وعلى أمنها المائي والغذائي لأن مياه النيل تمثل نحو 72.62% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر. هذا و يستهلك قطاع الزراعة نحو 81.5% من إجمالي الموارد المائية في مصر. ولقد وصلت مصر للندرة المائية منذ عام 1996 حيث انخفض نصيب الفرد إلى نحو 860 متر مكعب. ومن المتوقع أن يصل نصيب الفرد إلى نحو 582 متر مكعب في عام 2025 ونحو 294 م3 في عام 2050. ومن المتوقع أن تزداد حدة الأزمة المائية فى مصر بسبب سد النهضة الاثيوبى واحتمالات انخفاض تدفق مياه النيل الى مصر.
هذا وتبين الدراسة الوضع الحرج للأمن الغذائى فى مصر بوجة عام وفى محاصيل الحبوب والزيوت بوجة خاص حيث تبين أن معدل الاكتفاء الذاتي لمحصول القمح قُدر بنحو 51.8% كمتوسط للفترة 2007-2018 وتبين أن المتوسط السنوى لقيمة الواردات من محصول القمح خلال نفس الفترة بلغ نحو مليارى دولار. كما قدر معدل الاكتفاء الذاتي لمحصول الذرة الشامية بنحو 57% بينما بلغ معدل الاكتفاء الذاتي لمجموعة الزيوت نحو 18.3% كمتوسط لنفس الفترة. وبدراسة العلاقة الانحدارية بين قيمة الواردات المصرية من الغذاء ونصيب الفرد من مياه النيل تبين أنه بانخفاض نصيب الفرد من مياه النيل بمقدار متر مكعب واحد تزداد قيمة الواردات المصرية من الغذاء بنحو 68.7 مليون دولار سنوياً خلال فترة الدراسة.
وتشير الدراسة الى أن أزمة حوض النيل بدأت فى التفاقم منذ توقيع اتفاقية عنتيبي عام 2010 والتى لا تعترف بحصة مصر والسودان التاريخية في مياة النهر، وتقترح تخفيض حصة مصر من 55.5 مليار متر مكعب إلى 40 مليار متر مكعب. كما نصت تلك الاتفاقية على إلغاء بند الإخطار المسبق عند بناء أية مشروعات على ضفاف النهر. ومنذ إعلان الدولة الإثيوبية عن انشاء سد النهضة عام 2011 ولدى مصر مخاوف كبيرة بشأن نقص حصتها من مياه النيل وعدم القدرة على تلبية الطلب المتزايد على الموارد المائية، لذلك قررت الحكومة المصرية أن تخفض المساحة المزروعة من المحاصيل التي تتسم بشراهة استهلاكها للمياة مثل الأرز وتعمل مصر أيضا على الاهتمام بمشاريع تحلية مياة البحر و تدوير مياة الصرف الزراعى و الصرف الصحى و العمل على خفض الفاقد فى المياة فى المجارى المائية وتطوير اصناف للمحاصيل تتحمل ظروف الجفاف.
ولقد اهتمت الدراسة الحالية بتحليل العلاقات المتشابكة بين مصرو السودان وإثيوبيا في ملف مياه النيل باستخدام نظرية المباريات . ويشير التحليل إلى أن سيادة ظروف الجفاف و الإجهاد المائي قد يؤدي إلى صِدام مباشر بين دول حوض النيل على الرغم من أن التوصل إلى حل سلمي للمشكلة من الممكن أن يؤدي إلى زيادة المنافع المشتركة لكل الدول . وبدراسة السيناريوهات المختلفة لملء خزان سد النهضة تبين أن مصر من الممكن أن تفقد حوالي 28.6% من أراضيها الزراعية اذا تم الملء فى خلال 3 سنوات ونحو 13.2% اذا تم الملء على مدار خمس سنوات .
وتستعرض الرسالة الإستراتيجيات المتاحة أمام دول حوض النيل كلاعبين للمباراة، حيث تمثل مصر والسودان جانب واحد أو لاعب واحد نظراً للتقارب الشديد بين موقف البلدين بينما تمثل إثيوبيا الجانب أو اللاعب الآخر. وتتلخص الإستراتيجية الاولى لاثيوبيا المعروفة باستراتيجية التحكيم في الدخول في مفاوضات مع مصر و السودان فى ظل وساطة دولية لحل مشكلة المياه سلمياً . بينما تتمثل الإستراتيجية الثانية لاثيوبيا فى تنفيذ مبدأ السيادة الإقليمية غير المحدودة أى عدم الالتفات لشواغل كل من مصر و السودان أى " تشغيل السد بدون اتفاق". فى المقابل فان دولتى المصب لديها ثلاث استراجيات منها استراتيجية التفاوض و قبول التحكيم الدولى واستراتيجية الصدام ورد الفعل الخشن من جانب كل من مصر و السودان .
وتبين الدراسة أن توازن ناش ينحصر فى إستراتيجيتين للتوازن. الاولى هي (التحكيم، التحكيم) أي يلجأ كل اللاعبون إلى التفاوض و التحكيم الدولى لايجاد حل سلمى لمشكلة سد النهضة و ذلك انطلاقا من مفاهيم التعاون و بناء الثقة و التعاون المشترك التى أكدعليها اتفاق المبادىء لعام 2015 . أما استراتيجية التوازن الثانية فتتمثل فى تشغيل السد بدون اتفاق من جانب اثيوبيا والصِدام من جانب كل من مصر و السودان. وهنا الصدام يمكن أن يشمل كل عناصر التأثير الدبلوماسى و الاقتصادى وحتى العسكرى اذا لزم الأمر. وفى النهاية توصى الدراسة بضرورة التوصل لاتفاق قانونى ملزم بين كل من مصر و السودان وإثيوبيا من شأنه زيادة سنوات الملء لضمان حد أدنى من الضرر لأى من الأطراف الثلاثة بالإضافة إلى الإدارة المشتركة للسد تأكيداً لمبدأ حسن النية كما
نصت عليه اتفاقية إعلان المبادئ.
تعتبر المياه هي المصدر الأساسي للحياة عموماً وفي مصر خصوصاً


Other data

Title نظرية المباريات وسد النهضة الإثيوبي
Other Titles GAME THEORY AND THE ETHIOPIAN RENAISSANCE DAM
Authors جهاد محمد أحمد عودة
Issue Date 2021

Attached Files

File SizeFormat
BB8434.pdf1.55 MBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check



Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.