حجية الدليل الرقمي في الإثبات الجنائي "دراسة مقارنة"

محمد خليفة الغفلي;

Abstract


واكب تطور المجتمعات البشرية عبر التاريخ، تطور في نوع الجرائم التي تعانيها هذه المجتمعات، فالعقود الأخيرة من عمر البشرية تعتبر عصراً فرضت فيه التكنولوجيا نفسها وبكل أشكالها على الجميع، ولقد فتحت هذه التكنولوجيا باباً جديداً لأنواع لم تكن معهودة من الجرائم، جرائم قد يغيب عن العيان مشهد مرتكبيها، بل ويغيب حتى الجاني عن مكان الضحية، جرائم عابرة للقارات، سلاح المجرم فيها خبرة تكنولوجية عالية يوظفها في خدمة أهداف غير مشروعة، بعيداً عن أي نوع من الرقابة، مستهدفاً مصالح الأفراد والمؤسسات والدول، مستغلاً قدرته على إتلاف الأدلة ليحاول الهرب من العقاب، لينتقل عبر العالم الافتراضي إلى مكان آخر في العالم يمارس فيه جرائمه الإلكترونية، ومستغلاً عدم وسمه بسمات المجرم التقليدي ليبقى مختفياً حتى عن أقرب الناس إليه( ).
فلقد وضع الفضاء السيبراني- كأحد معطيات الثورة التكنولوجية- دول العالم في حالة اتصال دائم، وأصبحت شبكة الإنترنت اليوم تشهد تعايشاَ مستمرا في جميع المجالات العلمية والبحثية والاقتصادية، بل والسياسية والاجتماعية على السواء، ولقد فرضت الثورة التكنولوجية، ووليدتها شبكة الإنترنت، تحديات قانونية جديدة، تمثلت في ظهور طائفة مستحدثة من الجرائم أطلق عليها الجرائم المعلوماتية ( ).
ويقع مليون ضحية للجرائم المعلوماتية يومياً في مختلف بقاع العالم، أو 17 ضحية في كل ثانية، وفقاً لتقرير شركة “سمانتيك”، والذي ذكر إن كلفة الجرائم المعلوماتية عام 2011 بلغت (388) مليار دولار، أي أكثر من الخسائر المتسببة من ثلاث جرائم اتجار مجتمعةً (المارجوانا، والكوكايين، والهيروين) والتي تبلغ (288) مليار دولار، ويشير التقرير نفسه - الذي أجري في 42 دولة – إلى أن شخصين على الأقل من كل عشرة أشخاص يقعان ضحية أنشطة الجريمة المعلوماتية في الدقيقة الواحدة، بفعل فيروسات وغيرها، ويفيد التقرير نفسه أن ثلثي البالغين حول العالم أي 69% كانوا ضحايا للجرائم المعلوماتية في حياتهم، وأظهرت النتائج أيضاً، أن 10% من البالغين تعرضوا لجرائم معلوماتية على هواتفهم النقالة، وإن أغلبية الضحايا لم يتقدموا ببلاغات لشكهم في إمكانية إثبات الجرائم التي تعرضوا لها على من قاموا بها(3).
لذا اهتمت هيئة الأمم المتحدة بدراسة مثل هذه الظواهر، وحاولت في مؤتمرها السابع لمنع الجريمة ومعاملة المذنبين، وضع مبادئ وتوجيهات جديدة تقدم في إطار علمي سياسة مواجهة الأبعاد الجديدة للجريمة، وخاصة ما يتعلق بالجرائم المعلوماتية وما يتعلق بها من أدلة الإثبات الجنائي الرقمية( ).
وهو ما واكبه كل من المشرعَين المصري والإماراتي، من منطلق إيمانهم أن أمن المجتمع وحمايته يتوقف على ضبط الجناة عند ارتكابهم الأعمال الإجرامية، وهذا الأمر يقتض


Other data

Title حجية الدليل الرقمي في الإثبات الجنائي "دراسة مقارنة"
Other Titles لا يوجد
Authors محمد خليفة الغفلي
Issue Date 2021

Attached Files

File SizeFormat
BB8959.pdf1.08 MBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 4 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.